| نشر في أبريل 2, 2014 12:42 م | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
لم تفلح قمة الكويت في تحقيق خطوة واحدة باتجاه الخروج من الأزمات الحادة التي يعيشها النظام العربي، والتي أوصلت الوطن العربي لما هو أسوأ وأخطر مرحلة في تاريخ الأمة، والسبب في ذلك أن النظام العربي الذي يقرر مصير الأمة بحكم سلطاته، لا يستمد هذه السلطات من الأمة. وهناك عدد من الأقطار العربية متورطة بأجندات خارجية، أسهمت بتفتيت النسيج الاجتماعي، وانتشار المظاهر الطائفية والمذهبية، وحالة الانهيار العربي الذي نعيشه في هذه المرحلة. ويغلب على العلاقات العربية- العربية حالة التصادم، واحتدام الصراع، وتشكيل المحاور والانقسام، والتمحور في داخل المحور الواحد، وقد جاءت القمة العربية بعد سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر، مما أسهم بتوسيع الهوة بين أطراف النظام العربي، وظهور الخلاف القطري- السعودي إلى العلن. ورغم حجم الخلافات العربية والاحتقانات، سادت أجواء دبلوماسية هادئة في القمة قادتها الكويت، لتجنيب القمة من الانهيار. لكن هذا لا يعني أنّ القمة نجحت، بل على العكس من ذلك، فقد حاولت الهروب من مواجهة الملفات الرئيسية، واختزلت القضية الفلسطينية برفض يهودية الدولة، على الرغم من استحضار عبارات الماضي، «القضيّة الفلسطينية قضية العرب الأولى»، إلا أنّ التداولات والبيان الختامي لا يعبر عن جدية الموقف العربي، فقد اكتفى البيان باستخدام عبارات فضفاضة مثل «دعوة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين بحدود 1967». إنّ دعوة العرب لمجلس الأمن، لا تختلف عن دعوة تتعلق بالتضامن مع شعب دولة في إحدى القارات، وليست قضية العرب الأولى. أقامت أمريكا الدنيا ولم تقعدها ضد روسيا حول استفتاء القرم، ومخالفة روسيا للقانون الدولي، في حين تكتفي القمة العربية بمناشدة مجلس الأمن في الطلب من «دولة» مارقة «إسرائيل» التي أدارت ظهرها لقرارات الأمم المتحدة كافة وتمارس القتل والاضطهاد يوميا للشعب الفلسطيني، وتبتلع الأراضي في بناء المستوطنات والجدار، وتهويد المقدسات.
بينما تضع الدول التي تحترم أمنها القومي، قدراتها الاقتصادية خدمة لمصالحها الوطنية، والوطن العربي يملك قدرات اقتصادية لا يستهان بها، في حال تسخيرها لصالح موقف عربي متوازن يسهم في صيانة الأمن القومي العربي، وصولا لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية. لكن النظام العربي ليس مقصرًا في استخدام قدرات الأمة لحماية الأوطان فحسب، بل هناك من يستثمر قدراته الاقتصادية للدعم المادي واللوجستي لاختراق الأمن القومي العربي. كما لوحظ أنّ بلاغ القمة العربية أغفل موضوع إنهاء الحصار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتقديم الدعم في مواجهة الاعتداءات المتكررة على القطاع، فالخلاف بين حركة حماس والإخوان المسلمين وبين بعض الأقطار العربية ينبغي ألا يكون سببًا في حرمان الشعب الفلسطيني في القطاع من الدعم والمساندة وإنهاء الحصار.
أمّا القضايا الخلافية بين الأقطار العربية، فاكتفى البلاغ الصادر عن القمة باستخدام عبارات إنشائية فضفاضة أقرب للأمنيات مثل «تضافر الجهود لتجاوز الصعوبات» أو «نبذ الخلافات المتزايدة بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية «. دون توفير آليات مناسبة لمعالجة القضايا الخلافية، وعلى الرغم من إجماع القمة على الحل السياسي لإنهاء النزاع السوري، إلا أنّ الممارسات العملية لا تعبر عن ذلك، فاستخدام المعابرالحدودية لإدخال المسلحين المتطرفين القادمين من مختلف أصقاع الأرض، وتقديم الدعم المادي واللوجستي لهم يكشف بوضوح عن النوايا الحقيقية تجاه الأزمة السورية، أكثر من ذلك، هناك إعلان صريح لأحداث تغيير في موازين القوى على الأرض قبل الوصول إلى حل سياسي، ما يعني مزيدًا من القتل والتدمير والتهجير، لتمرير أهداف سياسية.
وفي الجانب الاقتصادي فإنّ معدّلات التجارة البينية العربية لا تتناسب بشكل من الأشكال مع ما يتمتع به الوطن العربي من إمكانيات وطاقات بشرية وثروات باطنية، وقد أظهر التقرير الاقتصادي العربي الصادر عام 2013 أنّ حجم التجارة البينِيّة لا يتجاوز 10% من إجمالي حجم التجارة؛ الأمر الذي يتطلب تفعيل النشاط الاقتصادي العربي بخطوات ملموسة نحو استكمال إجراءات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والانتهاء من قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية، ووضع التعرفة الجمركية الموحدة للدول العربية إلى حيز الوجود، وإطلاق الاتحاد الجمركي العربي، وتسهيل انسياب السلع والخدمات بين الأقطار العربية، تمهيدًا لوحدة اقتصادية عربية، تستثمر الطاقات العربية المعطلة، وتوفر مناخات سياسية إيجابية بين الإقطار العربية مبنية على المصالح المشتركة.
إنّ غياب المشروع العربي المتمثل بتحقيق الاستقلال السياسي الناجز، وفك التبعية السياسية والاقتصادية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتكامل الاقتصادي العربي، وضمان حق الشعوب العربية بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل تحقيق أهدافه بتحرير الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولته على أرض وطنه وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة، يبقى العنوان الأبرز للتصدي للأخطار الحقيقية التي تواجه الوطن العربي المتمثلة بالمشروع الصهيوني التوسعي الإمبريالي.
مايو 14, 2024 0
مايو 14, 2024 0
مايو 14, 2024 0
مايو 14, 2024 0
مايو 14, 2024 0
مايو 14, 2024 0
Sorry. No data so far.