| نشر في يناير 8, 2020 11:56 ص | القسم: آخر الأخبار, شؤون الحزب, قضايا ساخنة | نسخة للطباعة :
الاهالي يتضمن التقرير العناصر الرئيسية التالية:
1 – الاوضاع السياسية وتشمل:
– الحريات العامة
– الباقورة والغمر
– صفقة القرن
2 – الموازنة العامة 2020
3 – استخلاصات ومهام
1-استمرار تراجع الحريات العامة: وغياب شامل لملف الاصلاح
غاب ملف الاصلاح السياسي منذ تولي الحكومة الحالية مقاليد السلطة التنفيذية، فالعلاقة مع الاحزاب السياسية في أدنى مستوياتها، والتصريحات الرسمية تؤكد باستمرار ان لا تغيير على قانوني الاحزاب السياسية والانتخابات النيابية، اضافة لذلك فقد صدر نظام جديد لتمويل الاحزاب السياسية، بعيدا عن آراء الاحزاب ومواقفها، الهدف الرئيسي منه هو محاصرة الاحزاب ماليا، بعد ان حاصرتها التشريعات والانظمة جماهيريا ومنعتها من التواصل المباشر مع التجمعات الطلابية في الجامعات والعمالية في أماكن العمل، كما تكررت اجراءات منع تشغيل الاشخاص المنتسبين هم او ذويهم لأحزاب سياسية.
لم تتوقف بل تضاعفت سياسة الاعتقالات والاستدعاءات للنشطاء السياسيين، وتكاد لا تنجو مؤسسة شعبية جغرافية كانت ام قطاعية من التدخلات التفصيلية في سير أعمالها وانتخاباتها ومواقفها السياسية. الامر الذي يهمّش دور هذه المؤسسات في ادارة الشأن العام، بما في ذلك مؤسسة البرلمان والنقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية.
من اللافت للانتباه في التقريرين الصادرين عن مؤسستين رسميتين “ تقرير ديوان المحاسبة 2018 وتقرير المركز الوطني لحقوق الانسان”، حجم المخالفات والانتهاكات وانتشار ظاهرتي الفساد الاداري والمالي والتعدي على الحريات العامة وكل ذلك يجري في المؤسسات الرسمية المعنية بإدارة الشأن العام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. ان من يطالع التقريرين، لا بد وان يلحظ تصاعدا في وجود هذه الظواهر عن الاعوام التي سبقت، مع تسجيل تحفظاتنا على عدم ايراد عشرات الوقائع المتعلقة بقمع الحريات والاعتداء على المال العام, وهي من اختصاص المؤسستين اللتين اصدرتا التقريرين.
وقد لوحظ في الأزمات المتلاحقة الاقتصادية والسياسية التي تمر بالبلاد ان دور المؤسسات الوطنية المنتخبة: “مجلس النواب، مجالس اللامركزية، ومجالس البلديات والنقابات العمالية المسجلة الرسمية”، يكاد يكون معدوما، هذه الظاهرة ليست مفاجئة، لأن جميع هذه المؤسسات يجري انتخابها على أساس قوانين ليست ديمقراطية، بل تنحاز تماما لفئات اجتماعية بعينها: القوى الرأسمالية الكبرى، والعشائر المتنفذة، وهذه الفئات هي فقط التي تشارك في ادارة شؤون البلاد بالتحالف جنبا الى جنب مع السلطة التنفيذية.
قانون الانتخابات النيابية تحديدا والذي جرت على أساسه انتخابات المجلس 18 الحالي هو الأسوأ، وهناك مطالب واسعة بتعديله الا ان موقف الحكومة ثابت في الاصرار على عدم التعديل. قدمت احزاب الائتلاف الستة مذكرات في أكثر من مناسبة تضمنت موقفها الداعي الى اعتماد القائمة الوطنية المغلقة والتمثيل النسبي الشامل، ولا يبدو ان هناك نيّة حتى للاقتراب من تعديلات ايجابية.
ان اقرار الموازنات العامة والقوانين الناظمة للشأن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، مرهون بهذا التحالف القائم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والذي يتم تأمينه والحفاظ عليه بوجود قانون اقصائي مثل القانون المعمول به.
ان استمرار احتكار القرار ضمن دائرة تضيق يوما بعد يوم من شأنه تعريض البلاد لمخاطر كبيرة، كما ان حرمان الشعب الاردني وحركته الجماهيرية من حقه في الدفاع عن وطنه في ظرف تبدو فيه هذه المخاطر ماثلة وقريبة أكثر من اي وقت مضى. هو ضرب من الاستهتار إذ تستدعي هذه المخاطر الافراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وعن انشطة الحركة الجماهيرية والحريات النقابية واعتماد استراتيجية دفاعية جديدة تقوم على توحيد كل الجهود الوطنية في سبيل حماية البلاد.
2-الباقورة والغمر: ومعركة استكمال السيادة الوطنية على الاراضي الاردنية
استعاد الاردن سيادته على معظم أراضي الباقورة والغمر بعد مرور 25 عاما على ما سمي بحق الانتفاع بها “من قبل دولة الاحتلال زراعيا ومائيا وسياحيا، وذلك وفق نظام خاص ملحق بمعاهدة وادي عربة 1994م”
لقي القرار الرسمي ترحيبا شاملا لدى المجتمع الاردني وقواه الوطنية ومؤسساته الشعبية التي لم تتوقف عن المطالبة بإلغاء معاهدة وادي عربة وملحقاتها واستعادة اراضي المنطقتين الواقعتين شمالا “الباقورة” وجنوبا “الغمر”.
المعركة يجب ان لا تتوقف عند هذا الحد، لأن هناك أراضي اردنية كانت قد استولت عليها قوات الاحتلال بالقوة في فترات زمنية متفاوتة، خلافا لكل المعاهدات والمواثيق الدولية، ولا زالت تستثمرها لأغراض سياحية وتجارية وزراعية دون اي سند سياسي او قانوني:
1 – 830 دونما في منطقة الباقورة، لا زالت تحت سيطرة الاحتلال ولم يشملها قرار الاستعادة. وقد تداخلت الحجج القانونية والتاريخية التي تعود الى أوائل القرن العشرين عندما تصرف الانتداب البريطاني بهذه الارض وباعها “لروتنبرغ” لغايات انشاء شركة كهرباء فلسطين.
وقد اثيرت هذه القضية من قبل وفد العدو في المفاوضات التي جرت قبيل توقيع المعاهدة، على أساس المطالبة باعتبارها (أملاك اسرائيلية خاصة)، دون ان تقدم اسرائيل وثيقة واحدة تثبت هذه الملكية. في نفس الوقت فان دائرة اراضي اربد نفت نفيا قاطعا وجود اية عقود بيع لغرباء في هذه الارض، كما اصدرت نقابة المحامين وعدد من القانونيين من ذوي الاختصاص مذكرات تتضمن حججا قانونية وتاريخية وسياسية تنفي ملكية اسرائيلية لهذه الارض وتؤكد على أحقية الدولة الاردنية في بسط السيادة عليها.
في المقابلة التي اجراها وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي حول هذا الموضوع وذك بعد اعلان استعادة اراضي الباقورة والغمر قال:
“ اتفاقية السلام اعترفت بوجود حقوق ملكية للإسرائيليين وحقوق الملكية هذه تعود إلى عام 1928, عندما منح الانتداب البريطاني امتيازاً لشركة كهرباء فلسطين محدودة الضمان المملوكة لبنحاس روتنبرغ وآلت بعد ذلك الملكية إلى جهات اسرائيلية وهذا ما اعترفت به اتفاقية السلام, وهذا ما نحترمه”.
لقد اثارت هذه التصريحات غضب الرأي العام الاردني, وفتحت على مناقشات واسعة أدانت في مضامينها معاهدة وادي عربه وملحقاتها ونتائجها.
2 – مدينة ام الرشراش – جنوب الاردن – قامت قوات الاحتلال باختراق خط الهدنة عام 1949 واحتلت مدينة الرشراش بمساحة تقدر بسبعة كيلو مترات مربعة، وأنشأت عليها فيما بعد مطار “ايلات” على البحر الاحمر.
ويؤكد أطلس المركز الجغرافي الاردني تحت عنوان: خريطة منطقة الاحتلال في خليج العقبة ان “اسرائيل احتلت الموقع الحالي والمبيّن في الخارطة بحجة ان الفاصل بين فلسطين وشرق الاردن في عهد الانتداب كان يمثله هذا الخط”.
منذ احتلال المدينة عام 1949م لم يتوقف أصحاب الارض الاردنيون عن المطالبة بحقوقهم والتي تعود ملكيتها الى عهد امارة شرق الاردن، كما انها مثبتة في السجل الاميري في عهد الامارة ومثبتة في الوقائع العثمانية ايضا. ولدى اصحاب الارض من الوثائق ما يكفي لاثبات هذه الملكية، اضافة لوجود حوالي 350 دونما في المدينة مسجلة باسم خزينة الدولة الاردنية وكلها تقع تحت السيطرة الاسرائيلية.
3- مدينة البتراء: ما وقع قبل شهرين في مدينة البتراء، تعيد الى الأذهان الادّعاءات الاسرائيلية بملكية اراضي في البتراء ومواقع جغرافية اخرى في الاردن (مدينة السلط)، وقد تصدت القوى الشعبية على نطاق واسع لهذه الادعاءات في ظل صمت رسمي وتراخي غير مبرر في مواجهتها.
4 – انشاء مطار “تمناع” أنشأت دولة الاحتلال هذا المطار عام 2013م ويبعد حوالي 20 كيلو مترا عن مدينة ام الرشراش المحاذية لحدود مدينة العقبة. في ضوء الشكوى التي وجهتها الحكومة الاردنية – وزارة النقل -، الى منظمة الطيران الدولي، نظرا للخطورة التي يشكلها على حركة الطيران المدني وأمور تتعلق بالسلامة الجوية والسيادة الوطنية، فقد تم مؤخرا سحب اعتماد مطار “تمناع” من قبل منظمة الطيران الدولي التابع للأمم المتحدة.
5 – عن ضم اراضي غور الاردن وشمال البحر الميت، منذ الاحتلال الثاني عام 1967 لم تتوقف دولة الاحتلال عن العمل من أجل ضم هذه المنطقة التي تشكل ما نسبته 30% من أراضي الضفة الفلسطينية، وأقامت فيها 37 مستوطنة واستثمرتها في الزراعة نظرا لجودة التربة وتوفر المياه، فهي تتربع فوق أهم حوض مائي في فلسطين!.
كما انشأت 90 موقعا عسكريا على مساحة 400 الف دونم بحجة استعمالها لأغراض أمنية، وهي تهدد الآن بضمها رسميا الى دولة الاحتلال، مستفيدة من الوضع السياسي المتردي على جميع الصعد فلسطينيا وعربيا ودوليا، والدعم المطلق للإدارة الامريكية.
واجهت تصريحات قادة الاحتلال بالضم استنكارا اردنيا وعربيا ودوليا وهددت الامم المتحدة، بعدم اضفاء اي شرعية على هذا الضم.
ان مثل هذا الاتجاه العدواني من جانب قوات الاحتلال فيما لو تحقق، فسيكون له تأثير سلبي بالغ مع الجوار الاردني المحاذي لمناطق الغور شمال البحر الميت في الضفة الغربية، اضافة الى الحاق ضرر سياسي كبير يتمثل في وجود قوات للاحتلال فاصلة بين اي كيان فلسطيني يمكن ان ينشأ مستقبلا وبين الاردن.
في الخلاصة نؤكد على ان اراضي الباقورة بكامل مساحتها بما فيها الـ 820 دونماً + مدينة ام الرشراش بمساحتها وقدرها سبعة كيلومترات مربعة هي جزء لا يتجزأ من الدولة الوطنية الاردنية، وعلى الجهات الرسمية استكمال جهودها على جميع المستويات القانونية الدولية، والسياسية من أجل استعادتها للسيادة الوطنية واعتبارها في وضعها الراهن اراض محتلة بالقوة، كما ان واجب الحركة الوطنية الاردنية بجميع قواها وإمكانياتها ان تضع هذه المهمة في صدارة برامجها ومهامها الوطنية الملحّة. ويشكل القرار الاسرائيلي الخاص بضم منطقة الاغوار وشمال البحر الميت وهي أراضي فلسطينية محتله, خطراً سياسياً واستراتيجياً على المصالح الوطنية والقومية المشتركة الاردنية – الفلسطينية.
3-صفقة القرن: تطبيقاتها على الارض عربيا وفلسطينيا
تؤكد الوقائع السياسية الجارية ان صفقة القرن التي ولدت في مؤتمر الرياض عام 2017، اثناء زيارة الرئيس الامريكي وبحضور أكثر من خمسين دولة عربية واسلامية، تسير وفق خطوطها الرئيسية في الاتجاهين الفلسطيني والاقليمي وليس صحيحا الادعاء التضليلي بأن: “صفقة القرن انتهت في سياق المشكلات الداخلية التي تواجه اصحابها من القيادتين الامريكية والاسرائيلية”.
على الصعيد العربي تصاعدت عمليات التطبيع العربي والخليجي على وجه الخصوص مع العدو الصهيوني، عبر المشاريع الاقتصادية الكبرى تحديدا العابرة للحدود الوطنية، وذلك من أجل توفير المناخ الاقليمي والتمهيد للحل التصفوي الشامل للقضية الوطنية الفلسطينية وتشكيل ما يسمى بالحلف الاقليمي واعادة ترتيب أوضاع المنطقة العربية بما يتوافق ومصالح الحلف الثنائي الامريكي الصهيوني.
وقائع تطبيع متسارعة
ــ يترافق مع سياسات التطبيع الاقتصادي حملات اعلامية واسعة تستهدف إعادة صياغة المفاهيم والقيم الوطنية والقومية، بادعاء وجود مصالح مشتركة مع دولة الاحتلال والدول العربية، في مواجهة عدو مزعوم بديل للعدو الصهيوني يتمثل بالخطر الايراني، والقبول بدمج دولة الاحتلال في الحلف الاقليمي الجديد كقوة مركزية.
ــ في أوائل كانون الأول 2019 قال وزير الخارجية الاسرائيلي “ان وفدا اسرائيليا وصل الى واشنطن لبحث إمكانية التوصل الى اتفاق عدم اعتداء مع دول الخليج”، وأوضح ان هذه المبادرة التاريخية تهدف الى انهاء النزاع مع دول الخليج واستغلال المصلحة المشتركة ضد ايران من أجل تطبيع العلاقات في مجالي الاقتصاد ومحاربة الارهاب”.
ــ كما أعلنت وزارة الخارجية الاسرائيلية في 1/12/2019 عن ان وفدا رسميا اسرائيليا يزور دبي لحضور اجتماع تحضيري للمشاركين الدوليين في معرض اكسبو 2020 المقرر اقامته في نهاية العام القادم.
ــ أما رئيس الوزراء الاسرائيلي فقد صرح بتاريخ 10/11/2019 بأن وتيرة التطبيع مع ست دول عربية تتقدم وتأخذ منحى تصاعديا.
ــ استضافت البحرين خلال يومي 21 – 22/10/2019 مؤتمرا بعنوان “الدفاع عن حرية الملاحة في الخليج” بحضور وفد من دولة الاحتلال. ويأتي هذا المؤتمر متابعة لمؤتمر وارسو الذي عقدته الادارة الامريكية قبل أشهر وشاركت فيه حوالي 60 دولة بينها تسع دول عربية اضافة لدولة الاحتلال.
نذكرّ هنا بمؤتمر المنامة الذي اسس لسياسة التطبيع الاقتصادي وعقد في حزيران عام 2019 حيث استقبلت البحرين لأول مرة في تاريخها وسائل اعلام اسرائيلية كما أعلنت الخارجية الاسرائيلية في أوائل كانون أول 2019 عن زيارة الحاخام الأكبر للقدس دولة البحرين بدعوة من ملكها.
ثم زيارة نتنياهو لسلطنة عمان في تشرين الاول 2019، وزيارة وزير خارجية الاحتلال للأمارات في حزيران 2019، وشواهد اخرى على التطبيع العلني مثل سماح دول خليجية لوفود رياضية بدخول اراضيها. نعيد التذكير ايضا بتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بمصر الذي ضم سبع دول من بينها دولة الاحتلال اضافة الى: فلسطين وقبرص واليونان وايطاليا والاردن ومصر. ويستهدف هذا المنتدى انشاء سوق غاز اقليمية تضمن تأمين العرض والطلب للدول الاعضاء بما يعني تأمين وصول الغاز الاسرائيلي للعرب والاوروبيين دون اي اعتبار لإرادة الشعوب الرافضة للتطبيع ولمشروعية هذه الصفقات مع دولة الاحتلال الصهيوني.
ــ في الاردن: بدأ التنفيذ الفعلي لاتفاقية الغاز مع الاحتلال بتاريخ 1 / 1 / 2020, حيث اعلنت شركة الكهرباء الوطنية الخبر في تحدً صارخ للرأي العام وبعد ان انتهى العمل من مد الانابيب عبر الاراضي الاردنية – في الشمال -، وفي ظل معارضة شعبية وبرلمانية واسعة ومتواصلة ضد الاتفاقية نظرا لمخاطرها الجمّة السياسية والاقتصادية.
ان مثل هذا الاستسلام الرسمي لتفعيل هذه الاتفاقية على حساب السيادة الوطنية الاردنية، سيقود حتما الى مزيد من الاعتداءات الاسرائيلية والسياسات العدوانية التي لا تقيم وزنا لسيادة الاردن ومصالحه القومية.
ــ نشير هنا الى انه وعلى الرغم من المطالبات النيابية المتكررة لاستيضاح حجم التبادل التجاري بين الاردن ودولة الاحتلال، الا ان الحكومة لا تفصح عن هذا الموضوع. ولا توجد اية توضيحات في التقارير الاقتصادية الرسمية.
في مواجهة هذه السياسات الاسرائيلية العدوانية، فإن لا يكفي مطلقا الموقف الرسمي الرافض لسياسات ضم اراضي الغور وشمال البحر الميت، ورفض السياسات الامريكية المتعلقة بوكالة الغوث واللاجئين والتصريحات الاسرائيلية المتكررة بأن الاردن وطن بديل للفلسطينيين. بل ان الرد على المشروع الصهيوني الاحلالي الذي يسعى الآن الى استكمال مشروع اسرائيل الكبرى، حيث يشكل الاردن جزءا رئيسيا من هذا المشروع، يستوجب بالضرورة الاعداد لاستراتيجية جديدة دفاعية تقوم أساسا على حماية الوطن ومقدراته ووقف هذا الزحف الاحتلالي المتواصل الذي يهدد كيانيته وفقا لما يلي:
ــ مراجعة معاهدة وادي عربة باتجاه الغائها، ووقف العمل بكل ملحقاتها الاقتصادية والثقافية والامنية والسياحية.
ــ الافراج الفوري عن حرية عمل ونشاط الحركة الجماهيرية الاردنية، واتاحة الفرصة لمشاركة أوسع القطاعات الاجتماعية في الدفاع عن المصالح الوطنية للبلاد. ووقف كل الاجراءات والتعليمات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف.
ــ اعتماد مشروع اصلاحي ديمقراطي شامل سياسي واقتصادي للقوانين والتشريعات السياسية والاقتصادية وتوفير المناخات الداخلية من أجل ترميم التصدعات الداخلية واعادة الاعتبار للثقة بدور المؤسسات الرسمية المنتخبة منها بشكل خاص.
4-موازنة 2020: فشل السياسات الرسمية في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
على مشارف العقد الرابع من تطبيق السياسات الاقتصادية والمالية لصندوق النقد الدولي والمسماة برامج التصحيح الاقتصادي واعادة الهيكلة، طرحت الحكومة مشروع قانون موازنة 2020، لتؤكد في مضامينها الاقتصادية والاجتماعية على الحصيلة المرّة لثلاثة عقود من التخريب المنهجي لمقومات الاقتصاد الوطني المستقل، وفشل الحكومات في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الحادّة والمتفاقمة عاما بعد آخر، بسبب اعتماد استراتيجية جديدة تقوم على تخلي الدولة عن مسؤوليتها في تنمية وتطوير الاقتصاد الوطني وادارة الشأن الاقتصادي وفق برامج صندوق النقد الدولي والانصياع لتكييف التشريعات الناظمة وفق شروطه بغض النظر عن النتائج الاجتماعية والمعيشية المترتبة على هذه السياسات.
أدّت سياسات التبعية والتفريط بمقدرات البلاد واخضاع القطاع العام للخصخصة الى الاخلال بمنظومة الأمن الاجتماعي والسياسي، وتدهور متواصل في الاركان الرئيسية للاقتصاد الوطني “الزراعة والصناعة”، وانعكس كل ذلك على تردي الأوضاع المعيشية لفئات واسعة من المجتمع الاردني وتصاعد غير مسبوق في ارتفاع نسب الفقر والبطالة وتوسع ظاهرة الفوارق الطبقية بصورة هائلة بين قلة من فاحشي الثراء وكثرة من الفقراء والمعوزين.
كان الأجدر بالحكومة ان تقف لتراجع ليس فقط نتائج موازنة 2019 – وهي لم تقم بذلك على أية حال -، بل يقع في صلب مهامها واجب مراجعة المرحلة السابقة برمّتها والممتدة الى ثلاثين عاما خلت في ضوء النتائج المدمّرة التي أدت اليها سياسات التبعية للصندوق والمؤسسات المالية الدولية على تدهور الاقتصاد الوطني وتفكك المنظومة الاجتماعية والاخلاقية وانتشار الفساد على نطاق شبه شامل في المفاصل الرئيسية لإدارة الدولة.
المؤشرات الأساسية لموازنة 2020:
1 – التوسع في النفقات الجارية وعدم وضوح مصادر الايرادات.
2 – تخفيض هائل للنفقات الرأسمالية التشغيلية.
3 – ارتفاع مؤشر المديونية العامة.
رفعت الحكومة من حجم الانفاق العام في موازنتها الحالية لتصل الى 9.8 مليار دينار اردني وبزيادة نسبتها 5.2% عن موازنة عام 2019 التي بلغت 9 مليار دينار، وبالمقابل فقد زادت تقديراتها للإيرادات العامة الى 8.5 مليار دينار اي بزيادة قدرها 9.5% عن موازنة عام 2019 دون تحديد او ضبط مصادر هذه الايرادات المتوقعة باستثناء ايرادات معروفه من ضريبة المبيعات وضريبة الدخل، الامر الذي يعيدنا الى مراجعة ما تم تنفيذه وفق موازنة العام السابق حيث تقلصت الايرادات المحققة من نحو مليار دينار متوقع الى 76 مليون دينار فقط!! بسبب فشل النظام الضريبي كما جاء في تصريحات سابقة للحكومة. وبإجراء مقارنة سريعة بين التوسع في النفقات وحجم الايرادات فان النتائج المتوقعة غير مأمونة اطلاقا في ظل تعثر المشاريع الاستثمارية، وحالة الركود الشديد التي تشهدها الاسواق وشحّ المنح والمساعدات العربية والدولية.
لذلك فان التخوفات من تكرار سيناريو 2019 مشروعة تماما، طالما ان الحكومة لم تعتمد خارطة طريق تنموية وطنية مستقلة بعيدا عن برامج صندوق النقد الدولي، وفي ظلّ تقليص المخصصات المحددة للمشاريع الرأسمالية التشغيلية وغياب خطة منهجية لاستثمار الثروات الوطنية: “الصخر الزيتي مثالاً”، تؤكد ان النهج الاقتصادي لا زال بعيدا عن طريق التنمية الوطنية المستقلة.
عند تقييم الموازنة العامة التي تشكل في أهميتها العصب الرئيسي في ادارة شؤون الدولة، لا بد من اعتماد المعايير التالية:
ــ النتائج المتوقعة لتطبيق محاورها وبنودها على الأوضاع المعيشية للمواطنين ودرجة التزامها بمبادئ العدالة والمساواة وقدرتها على التصدي لظاهرتي اشتداد الفقر، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب.
ــ نتائج تطبيق الموازنة على استقلالية وتنمية الاقتصاد الوطني ومبدأ الاعتماد على الذات.
ــ رصد حركة المديونية الخارجية وأثرها على استقلالية القرار السياسي، ثم رصد مصادر تسديدها، التي غالبا ما تعتمد على جيوب المواطنين الفقراء او الاقتراض لإطفاء خدمة الديون.
فقد رصدت الموازنة العامة مبلغا وقدره مليار و400 مليون دينار للانفاق الرأسمالي، إلا ان معظم هذا المبلغ يشمل مشاريع قائمة قيد التنفيذ “مليار و100 مليون”، ويتضح بعد المقارنة والتدقيق ان المبلغ المرصود للنفقات الرأسمالية في موازنة 2020 هو فقط 300 مليون دينار اردني، وهذا رقم لا يمكن التعويل عليه في تحقيق نمو اقتصادي وطني تنموي، الاستنتاج هنا هو ان هناك تخفيض هائل للنفقات الرأسمالية التي من شأنها زيادة نسبة النمو وايجاد فرص تشغيل واسعة للعاطلين عن العمل، بينما ازدادت النفقات الجارية بصورة واسعة كما يتضح من الارقام أعلاه. في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى موازنة تقشف.
ان أكثر ما يقلقنا ويقلق جميع المتابعين من القوى الوطنية واصحاب الاختصاص في الشأن الاقتصادي هو حجم المديونية القائم، والمتوقع.. فقد بلغ اجمالي الدين العام ثلاثين مليارا (30) مليار دينار اردني في نهاية أيلول 2019، وبنسبة ارتفعت الى 96.7% من الناتج المحلي الاجمالي، ومن المتوقع ان يرتفع اجمالي الدين العام القادم الى ما نسبته 100% من الناتج المحلي!!! اي ان المديونية قد تتجاوز 31 مليار دينار اردني. وتدل هذه المؤشرات الرقمية القائمة والمتوقعة الى استفحال الأزمة الاقتصادية التي يمكن تلخيصها بأنها خطرة وتنذر بالأسوأ. خصوصا وان من يتحمل دفع خدمة الدين العام هم المواطنون الفقراء والفئات الوسطى في المجتمع من خلال الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات والارتفاع المتواصل للأسعار.
الحزم الاقتصادية ودمج الهيئات المستقلة
تقدمت الحكومة خلال الشهرين الماضيين بإجراءات اقتصادية جديدة: “دمج 8 هيئات مستقلة، وطرح خمس حزم اقتصادية” الا ان أثر هذه الاجراءات لم يتضح في الموازنات العامة، اذ بلغت مخصصات الهيئات المستقلة قبل الدمج مليار و578 مليون وبعد الدمج اصبحت مليارا و563، اي ان التقليص بلغ 15 مليون فقط، ولم تمتد يد الحكومة الى الرواتب الخيالية لصف واسع في ادارات هذه الهيئات، كما ان الفرق الكبير في الرواتب بين موظفي الهيئات المستقلة ونظيراتها في القطاع العام بقي على حاله, في الوقت الذي تحجم فيه الحكومة عن رفع الحدّ الادنى للأجور وتخفيض ضريبة المبيعات المباشرة وغير المباشرة.
أما دفعات التحفيز الاقتصادي فلن تسهم في زيادة نسبة النمو بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والمحروقات والضرائب على مدخلات الانتاج، للقطاع الصناعي, وفي ظل عجز الحكومة عن مواجهة الضغوطات الامريكية فيما يخص استعادة العلاقة التجارية الطبيعية مع سوريا الشقيقة.
في محصلة هذه القراءة السريعة للاتجاهات الرئيسية في موازنة 2020 فان نتائجها المتوقعة ستكون مؤلمة وشديدة التأثير على الاوضاع المعيشية للمواطنين. كما ستوجه ضربات قاصمة جديدة لقطاعات الزراعة والصناعة بسبب الارتفاعات المتواصلة للضرائب المباشرة وغير المباشرة، وارتفاع كلفة الطاقة، فالحكومات ومنذ اعتمدت تطبيق سياسات صندوق النقد الدولي ليس أمامها سوى أداتين لتوفير الايرادات: الضرائب أو الاستدانة.
ان مقاومة النهج الاقتصادي السائد والسياسات الرسمية القائمة هي مهمة وطنية كبرى، تتصدر أولويات الحركة الوطنية الاردنية ومؤسساتها من اجل حماية القرار الوطني المستقل من مخاطر التبعية كما ان مهمة الدفاع عن المتضررين من هذه السياسات على قاعدة العدالة والمساواة والكرامة الانسانية والوطنية، انما تقع في سلم أولوياتنا النضالية اليومية.
ملاحظة: أصدرت الأهالي قراءات عديدة تفصيلية للموازنة العامة 2020 بما فيها الصادرة عن كتلة الوحدة العمالية، وذلك في الاعداد الأربعة الاخيرة.
على الصعيد الفلسطيني
يواصل الحلف الثنائي الامريكي الصهيوني ما بدأ بتنفيذه على الارض من صفقة القرن:
ــ نقل سفارة الولايات المتحدة الى القدس باعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال حسب الادارة الامريكية.
ــ تصريحات وزير الخارجية الامريكي ان المستوطنات ليست مخالفة للقانون الدولي وأصبح بإمكان دولة الاحتلال توسيع مشاريعها الاستيطانية في انحاء الضفة الغربية بما فيها القدس.
ــ يجري العمل على تفكيك قضية اللاجئين بغض النظر عن نجاح او فشل هذه المساعي: مثل إعادة تعريف اللاجئ لأسقاط الصفة القانونية عن ملايين اللاجئين وفرض الحصار المالي على وكالة الغوث والتشهير بها.
ــ وتذهب كل السياسات الرسمية الاسرائيلية على الارض الفلسطينية باتجاه تجاوز اتفاق اوسلو سيء الذكر من خلال الحركة الواسعة للاستيطان وعمليات الهدم التي طالت مناطق السلطة الفلسطينية المسماة –أ- “هدم حوالي مائة بيت في صور باهر بتاريخ (29/6/2019).
وتصب هذه السياسات جميعها باتجاه تقليص ومحاصرة الكيان السياسي “المحدود اصلا وفاقد السيادة” للشعب الفلسطيني الذي لن يتعدى حكما ذاتيا محدودا تحت الهيمنة الكاملة لدولة الاحتلال.
الا ان عدالة القضية الفلسطينية تفرض حضورها رغما عن كل العقبات التي تعترضها وشراسة الهجمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني:
ــ فقد صوتت الأمم المتحدة في أوائل كانون أول 2019 على 11 قرار لصالح القضية الفلسطينية وشملت القرارات: تقرير المصير، الاستقلال، وقيام الدولة الوطنية وحق اللاجئين في العودة وتجديد ولاية وكالة الغوث. واعتبار القدس جزء لا يتجزأ من الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وبطلان الاستيطان وعدم شرعيته والتأكيد على الحقوق الانسانية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وادانة الانتهاكات الاسرائيلية، وقرار لصالح الجولان العربي المحتل وبطلان قرار الضم الاسرائيلي.
إن القرارات الدولية الصادرة مؤخراً, وتلك الصادرة على فترات زمنية مختلفة لصالح القضية الوطنية الفلسطينية يمكن استثمارها بقوة من اجل إلغاء اتفاق اوسلو وتبعاته المدمرة على الاوضاع الفلسطينية, وتجاوز الواقع المرير الذي فرضه الاحتلال: مصادرة الارض وإقامة المستوطنات والاستيلاء على منابع المياه وعزل مدينة القدس وتهويدها…الخ. وإلحاق الضفة الفلسطينية اقتصاديا وأمنياً بدولة الاحتلال.
ــ هذا اضافة الى وقوف العالم في مواجهة تصريحات وزير الخارجية الامريكي حول شرعية الاستيطان واعتبارها تتعارض مع القانون الدولي.
القوى الديمقراطية الفلسطينية أكدت وتؤكد في سياساتها نظريا وعمليا على ضرورة بناء استراتيجية مواجهة ومراكمة موازين قوى وطنية داخلية واستنهاض المقاومة بكل اشكالها والتحرر من اتفاق اوسلو وتبعاته وملحقاته الاقتصادية والأمنية. وترميم الوضع الداخلي واعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية على اساس انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الكفاحية على الارض في مواجهة الاحتلال، خصوصا وان استمرار اعمال المقاومة تحت الاحتلال بصور مختلفة تشكل قوة دفع اخرى لمثل هذه الاستراتيجية النضالية.
كما ان اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، تعد مهمة وطنية كبرى من أجل استعادة الدور الائتلافي في الحركة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها.
وعليه فقد حددت القوى الديمقراطية في موقفها من قرار اجراء الانتخابات الفلسطينية البرلمانية والرئاسية على اساس قانون انتخابات ديمقراطي يعتمد التمثيل النسبي الشامل، على أن تشمل الانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني وليس فقط المجلس التشريعي. وذلك من أجل ضمان مشاركة الشعب الفلسطيني بكل تجمعاته تحت الاحتلال وفي الشتات، ومن أجل الابقاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين حية على يد ابنائها وليس فقط في قرارات الشرعية الدولية.
استخلاصات ومهام:-
1 ــ فرضت صفقة القرن – ما تم تطبيقه من شروطها والاخرى قيد التطبيق، واقعا سياسيا جديدا على الاردن والقضية الفلسطينية وعلى المنطقة العربية بشكل عام، يقوم على اساس توفير الشروط السياسية والاقتصادية والثقافية لتطبيق هذا المشروع الاستعماري التصفوي. في هذا السياق فقد أصبحت القضايا الصراعية الكبرى المتداخلة مطروحة بقوة على أجندة الحكومات، وعلى مهام الحركتين الوطنيتين الاردنية والفلسطينية.
ان مواجهة شروط صفقة القرن تحتاج الى استراتيجية وطنية بديلة تقوم على اساس تبني برنامج انقاذ وطني وتوحيد جميع الجهود لمقاومتها ومواجهة القوى التي تتبناها في مجالات عديدة وتبني برامج نهوض وطنية على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية، بما في ذلك سياسات التوطين والوطن البديل وحق اللاجئين في العودة الى وطنهم وديارهم باعتبارها القضية الجوهرية الأهم في الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
كما تقع على الحركة الجماهيرية الاردنية مهمات كبرى على هذا الصعيد بدءا من توحيد قواها واعتماد استراتيجية كفاحية طويلة المدى ومتعددة المحاور، دون ان تطغى احداها على الاخرى:
فالدفاع عن الديمقراطية السياسية ليس بديلا عن التصدي لغياب الحقوق المعيشية والثقافية والتعليمية، والهم الوطني بكل محاوره وأركانه السياسية والاقتصادية هو جزء لا يتجزأ من الهم القومي العام.
2 – ان تعديل قانون الانتخابات النيابية واصلاحه على قاعدة اعتماد القائمة الوطنية والتمثيل النسبي الشامل، وتعديل قانون الاحزاب السياسية وكذلك الانظمة والتعليمات الخاصة بها: هي عناوين أساسية لدمقرطة الحياة السياسية والخروج من الأزمات السياسية المتلاحقة بسبب التهميش واحتكار القرار الوطني، كما ان الازمة الاقتصادية المتفاقمة والمرشحة لمزيد من الاستعصاءات لا يمكن حلها بالالتفاف عليها، ولا بد من مواجهة مباشرة مع استحقاقاتها الضرورية.
لذلك فان التحرر من تبعية الاقتصاد وانتهاج سياسات تقوم على الاقتصاد الانتاجي هو الحل ولا حل بديلا عنه.
الاردن وبعد بدء تنفيذ اتفاقية الغاز، سيصبح مرهونا لدولة الاحتلال من خلال الماء والكهرباء!!! بسبب الاتفاقات الخاصة بالمياه (معاهدة وادي عربة) واتفاقية الغاز التي بدأ تنفيذها مطلع العام 2020م، ان التحرر من قيود معاهدة وادي عربة وملحقاتها والاتفاقات المرتبطة بها، هو العنوان السياسي الرئيسي الذي يجب بناء عليه اشتقاق المهام الوطنية للحركة الجماهيرية الاردنية.
3 – الضغوطات الاقتصادية والسياسية التي تضمنتها برامج الحكومة “كما أوضحت الموازنة العامة والسياسات المتعلقة بالحريات” ستلقي باعبائها الثقيلة على الفئات الاجتماعية الوسطى والفقيرة، وهي الفئات التي يتبنى حزبنا في برنامجه مهمة الدفاع عن حقوقها المعيشية والديمقراطية الهامة.
أ – ولعل فئة الشباب – وهي الأكثر عددا والأوسع انتشارا ، وهي الأشد تأثرا بمجمل السياسات والتوجهات الرسمية:- فقد زادت نسبة البطالة بين الشباب القادرين على العمل من 18.7% عام 2018 الى 19.2 عام 2019، وبنسبة عالية جدا بين النساء وبالنظر الى أعداد الخريجين من الجامعات الاردنية سنويا ((61.649 الف خريج عام 2017). فان حجم مشكلة البطالة مرشح للتفاقم بصورة خطيرة اذا لم تكن هناك مشاريع انتاجية واستثمارية تسهم في استيعابهم.
هذا الى جانب التهميش السياسي والاصرار على انتهاج سياسة احتكار سلطة القرار وتغييب مبدأ المشاركة التمثيلية الواسعة لمعظم الفئات الاجتماعية في السلطات الثلاث.
ــ من جهة اخرى فان اختلال منظومة التعليم في جميع مراحلها ومقاومة الجهود الوطنية المخلصة من أجل تصويبها، لها تأثير سلبي واسع على مستوى الوعي العام للأجيال الشابة والناشئة في ظل خلوّ المناهج من مواد التربية الوطنية والقومية واعتمادها على التلقين بدلا من التفكير النقدي المنتج، وتشجيع القيم الفردية بدلا من القيم الانسانية القائمة على المواطنة والعمل الجماعي.
ب – الطبقة العاملة: تزداد اوضاعها تدهورا بالتلازم مع التدهور المنهجي لقطاعات الانتاج: الصناعة والزراعة تحديدا. فقد أغلقت مئات المنشآت والمصانع منذ بدأ تطبيق سياسات الخصخصة، والالتحاق بمنظمة التجارة الحرة، وتعرضت اعداد كبيرة من العمال للفصل من العمل او الخضوع لشروط عمل قاسية وجاءت التعديلات الاخيرة لقانوني العمل والضمان الاجتماعي لتضيف مزيدا من القيود على الحركة النقابية العمالية، وتغلق الأبواب أمام إمكانية تشكيل نقابات جديدة لقطاعات عمالية اخرى مضطهدة تاريخيا “العمال الزراعيين”، او ناشئة حديثا.
وعلى الرغم من ان قانون العمل شمل عمال الزراعة في مظلة حمايته عام 2009، الا انه رهن توفير هذه الحماية بصدور نظام خاص لعمال الزراعة ولم يصدر حتى الآن هذا النظام!! كما ان نقابة عمال الزراعة تقدمت بطلب للتسجيل الرسمي عام 2018 الا ان هذا الطلب قوبل بالتجاهل والرفض.
جـ – قطاع المعلمين: على أبواب العام القادم 2020م، سيكون هناك استحقاق تاريخي على الحكومة أن تفي به، بعد الاضراب الشهير الذي قادته نقابة المعلمين. الحقوق الواردة في الاتفاقية بين الحكومة والنقابة تشمل كثيرا من المطالب المتعلقة بزيادة الرواتب ورفع مستوى التدريب المهني والتأمين الصحي والمشاركة في وضع المنهاج الدراسي، وجملة واسعة من الالتزامات التي يتوجب على الحكومة الوفاء بها دون مماطلة او تأخير.
ليكن عام 2020 عاما للنهوض الشعبي من أجل حماية الوطن، عاما للوعي الشامل بالحقوق الديمقراطية السياسية والمعيشية ورفع سويّة النضال من أجلها.
ليكن عام 2020 عام التلاحم الكفاحي الاردني الفلسطيني في مواجهة صفقة القرن الاستعمارية والتصفوية.
مايو 14, 2024 0
مايو 14, 2024 0
مايو 14, 2024 0
مايو 14, 2024 0
Sorry. No data so far.