| نشر في ديسمبر 9, 2015 4:33 م | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
البرنامج السياسي أساس وجود الحزب، وفعليا لا وجود للحزب دون وجود برنامجه السياسي ونظامه الداخلي، وبعد الانتهاء من المقدمة التاريخية للبرنامج، نتناول القوى الاجتماعية المحركة للنضال، فقد استندت الحركة الوطنية الأردنية في مسيرتها الكفاحية الطويلة منذ بداية القرن العشرين، إلى الدور الحيوي والفعال إلى طبقات وفئات الشعب الأردني، التي دافعت وحملت برنامج التحرر والاستقلال الوطني وأسهمت بدرجات متفاوتة في النهوض بمقومات الدولة الوطنية الأردنية.
كان لشرائح البرجوازية الوطنية دور فاعل في مرحلة الاستقلال وبناء الدولة والنضال ضد الهيمنة الاستعمارية والمشاريع الصهيونية، إلا أن دورها تراجع على صعيد الاستحقاقات الديمقراطية نتيجة افتقارها إلى مقومات التطور المستقل وتأثير السياسات الرسمية الرأسمالية على تكوينها وثباتها، خصوصا بعد إخضاع قطاعات الزراعة، المياه، الكهرباء، الاتصالات، الفوسفات، البوتاس والاسمنت إلى الخصخصة.
سجلت الطبقة العاملة وشرائح واسعة من الفئات الوسطى، دورا بارزا في قيادة برنامج التغيير الديمقراطي على امتداد أكثر من نصف قرن، فشكلت هذه الفئات قوة اجتماعية متماسكة للدفاع عن الديمقراطية السياسية والاجتماعية، وتصدت لتحديات متداخلة ومركبة على الصعيدين السياسي والمعيشي، وشكات الطبقة العاملة الأردنية والفئات الاجتماعية الوسطى الحاضنة الرئيسية والقاعدة الأكثر تماسكا للأحزاب السياسية التقدمية، ولبرنامج النقابات العمالية والمهنية والموئسات الثقافية والمدنية دفاعا عن الحريات العامة والمساواة والعدالة الاجتماعية، وشكلت المصدر الأول لقيادات وكوادر المؤسسات الجماهيرية بمختلف قطاعاتها، والتي كان لها دور تاريخي في الدفاع عن القضايا الوطنية والديمقراطية، في مراحل صعبة سادت فيها الأحكام العرفية وتضييق الخناق على الحريات العامة لفترة طويلة.
أدت الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الأردني إلى اختلالات في الهياكل والبنى الاجتماعية، بسبب السياسات الاقتصادية وضمور القاعدة الإنتاجية والاعتماد على المساعدات والمنح والقروض بدلا من تنمية الاقتصاد الوطني .
ارتفاع نسبة البطالة وغياب الضمانات الاجتماعية والمهنية والضغوط المعيشية وتفشي مظاهر البؤس والفقر، أدى إلى تشتيت القوى العاملة المحلية وتوزعها بين السوق الداخلي والأسواق الخارجية، وتدنت نسبة الطبقة العاملة إلى مجموع السكان، وتحول الأردن إلى بلد مصدر ومستقبل للعمالة في آن واحد0
طالت الأضرار الناجمة عن السياسات الاقتصادية شرائح واسعة من الفئات الوسطى، وبدأت تظهر آثار هذه الاختلالات من خلال اتساع نسبة البطالة وانخفاض الدخل وتسارع معدلات الهجرة، كما أدت وتائر النمو الرأسمالي الطفيلي إلى تعميق التمايز الطبقي، وانهيار شامل في الأوضاع المعيشية للفئات المتوسطة، في الوقت التي تعاظمت فيه أرباح البرجوازية الكمبرادورية والطفيلية والبيروقراطية، وكان لهذا الاقتصاد المشوه أبعاد مست بنية ومصالح الطبقة العاملة والفئات الوسطى، كما تعرض الدور التاريخي لهذه الطبقات والفئات الاجتماعية إلى الانحسار، خصوصا بعد محاصرة مؤسساتها التمثيلية والهيمنة عليها أو منع إنشائها حتى بعد إلغاء الأحكام العرفية، ونتيجة لكل هذه السياسات سادت بين صفوفها ظواهر الإحباط والاستنكاف والتطرف، ورغم هذه السياسات الضارة بالبلاد والعباد، فقد أدت من جانب إلى الانخراط مجددا في النضال دفاعا عن مصالحها واستئناف دورها الوطني والديمقراطي.
انحسار دور الطبقة العاملة والفئات الوسطى لا يمكن أن يلغي الخصائص اليسارية التي تتمتع بها والمزايا العديدة المكتسبة، ما يؤهلها لقيادة حركة التغيير وبرنامج التحول الديمقراطي مع الفئات والطبقات الاجتماعية المتنورة، أن تحالف الطبقات والفئات الاجتماعية ذات المصلحة بالتحول الديمقراطي تفتح الطريق لتوفير الشروط والمقدمات المادية والحضارية للارتقاء بالمجتمع والبلاد إلى مجتمع اقتصاد إنتاجي مستقل، وفتح الآفاق نحو مرحلة اجتماعية تقدمية جديدة، إذ تؤكد التجربة أن الاشتراكية هدف تاريخي لا يمكن انجازه إلا على قاعدة أوسع تحالف شعبي، على أساس حق التعددية الحزبية والسياسية والفكرية واحترام الحقوق الديمقراطية المتكافئة لجميع أطراف التحالف الطبقي في ممارسة كافة أشكال التنظيم والنشاط، وأرقى درجات التطور والنمو في قوى الإنتاج ومنجزات العلم والتقدم الحضاري، وعلى أساس ديمقراطي عميق يكفل تحرر الإنسان من الاضطهاد وينهي التمييز والاحتكار والفوارق الطبقية الظالمة، بما ينهي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان .
مايو 01, 2024 0
مايو 01, 2024 0
مايو 01, 2024 0
Sorry. No data so far.