| نشر في مايو 29, 2013 1:03 م | القسم: الهم الوطني | نسخة للطباعة :
عمان نت – أعلنت الحكومة الأردنية خلال السنوات الأخيرة، التي واكبت تحولات الربيع العربي، عن فتح عدد من التحقيقات عن أحداث، اتهم رجال أمن بارتكاب انتهاكات خلالها بحق نشطاء وصحفيين، لكن معظم هذه التحقيقات لم تلبث أن تبخرت!.
تلجأ الحكومة عادة إلى الإعلان عن تلك التحقيقات، كإجراء غايته امتصاص الاحتقان وتهدئة الرأي العام، كما يؤكد مراقبون.
لكن هيكلية لجان التحقيق، التي تتشكل، والأنظمة التي تحكم مسار التحقيقات، تكرس على الدوام واقع أن المتهم هو من يحقق مع نفسه، الأمر الذي يجعل إفلاته من العقاب نتيجة حتمية في معظم الحالات.
وفي الأردن، كما جاء في تحقيق صحافي للزميل احمد أبو احمد، نشرته وكالة “عمان نت”، يقوم الادعاء الخاص بمديرية الأمن العام، وقضاة تحقيق المديرية، بمقاضاة زملائهم الضباط والأفراد، جراء إهمال أداء الواجب، وإساءة استخدام السلطة، وإهانة السجناء، والتعذيب.
وبحسب ما تؤكده منظمات حقوقية دولية، فإن عدم شفافية التحقيقات في ظل هذه المنظومة القضائية، تؤدي إلى الحفاظ على هامش واسع، يمكن للمتهمين ضمنه الإفلات من العقاب.
ولا يقتصر الأمر على رجال الأمن، الذين يرتكبون الانتهاكات ضد الناشطين خلال الاحتجاجات، ذات الطابع السياسي، بل يشمل أيضاً العاملين منهم في مراكز الشرطة والسجون، الذين نادراً ما يدانون في جرائم سوء المعاملة والتعذيب.
ويؤدي غياب التعريف الواضح لتجريم التعذيب في القوانين الأردنية إلى جانب تعذر إثبات الحالات إلى نجاة حراس السجون وإداراتها بأفعالهم التي يقترفونها ضد المحتجزين.
ويحجم المحتجزون والسجناء عادة عن الشكوى خشية تعرضهم لإجراءات انتقامية، ومع ذلك، يقول المركز الوطني لحقوق الإنسان انه تلقى عام 2011 نحو 75 شكوى من سوء المعاملة والتعذيب في مراكز الشرطة.
لكن العديد من الشكاوى يتم إغلاق التحقيق فيها بسبب عدم كفاية الأدلة، أو تنتهي بإجراءات تأديبية بحق المتهمين، وحتى من يحالون إلى محكمة الشرطة على قلة أعدادهم فإنهم يواجهون أحكاماً مخففة، كما يذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
أحداث الدوار الرابع
تشكل ما تعرف بأحداث الدوار الرابع في آذار 2012، التي قمع الأمن خلالها محتجين تجمعوا أمام مقر الحكومة للمطالبة بالإفراج عن نشطاء محتجزين، نموذجاً للحالات التي تعهدت الحكومة بالتحقيق فيها، ودون أن يسفر ذلك عن قصاص عادل.
خلال تلك الأحداث اعتقلت قوات الأمن عدداً من المحتجين، ثم عادت وأفرجت عن بعضهم لاحقاً.
المحتجون، الذين أفرج عنهم، أفادوا بتعرضهم للتعذيب أثناء عملية الاعتقال وداخل المراكز الأمنية.
وعلى الأثر باشرت عدّة منظمات تعنى بحقوق الإنسان التحقيق في هذه الإفادات، ومن بينها منظمة هيومن رايتس ووتش، التي دعت إلى تحقيق مستقل ونزيه وعلني في الاعتداءات والانتهاكات التي اتهم رجال الأمن بارتكابها.
وطالبت المنظمة بضمان محاسبة أي مسؤول أمن يثبت تواطؤه، إلى جانب وقفه عن العمل أثناء التحقيق معه في حال كانت هناك أدلة قابلة للتصديق بأنه ارتكب أعمال تعذيب أو سوء معاملة.
الناشط عبدالله محادين كان من بين من أفادوا بتعرضهم للتعذيب، وهو يقول انه أقام مع عدد ممن كانوا معه دعوى قضائية ضد ثلاثة ضباط هم مدير الأمن العام حينها ومدير شرطة أقليم العاصمة والعقيد الذي جرت عمليات التعذيب تحت إمرته.
ويضيف محادين أن بينات الدعوى ضمت تسجيلات فيديو لعملية الاعتقال وشهادات لناشطين أمضوا بعضاً من ليلتهم في الحجز، كما أجري طابور تشخيص للضباط تم خلاله التعرف على عدد من الذين شاركوا في التعذيب.
لكن هذا الناشط يقول انه “بعد أسابيع، وأثناء مراجعتي محكمة الشرطة تم تبليغي بأن القضية قد أغلقت، أو ما وصف بمنع المحاكمة بسبب عدم كفاية الأدلة”.
أحداث ساحة النخيل
لم يكن النشطاء السياسيون وحدهم من تعرضوا إلى الانتهاكات على يد قوات الأمن خلال التظاهرات والاحتجاجات، بل شمل ذلك الصحافيين، الذين يغطونها.
وبينما تبدو الاعتداءات على الصحافيين فردية، ومعزولة في معظم الأحيان، إلا أنها اتخذت عام 2011 طابعا جماعيا، بدا فيه أن رجال الصحافة كانوا مستهدفين من قبل الأمن، وبنية مبيتة، كما يقولون.
ففي تموز من ذلك العام، توجّه الصحافيون إلى ما يعرف بساحة النخيل في وسط العاصمة عمان لتغطية تظاهرة احتجاجية كان يتوقع لها أن تكون ضخمة.
ارتدى الصحافيون خلال ذلك سترات مميزة اتفق عليها بين نقابة الصحفيين ومركز حماية وحرية الصحفيين، وبعلم الأمن العام، وذلك لضمان عدم الاعتداء عليهم من رجال الشرطة الذين طالما تذرعوا بانهم لا يستهدفونهم وان ما يحصل هو بسبب الخلط بينهم وبين المتظاهرين.
بعد وصول المتظاهرين إلى ساحة النخيل قمعتهم قوات الأمن بعنف، ولم يسلم من ذلك الصحافيون، فقد أصيبب عدد منهم، فستراتهم المميزة لم تشفع لهم.
عقب الاعتداء على الصحفيين، توجه وفد حكومي إلى نقابتهم، حاملاً اعتذاراً ووعداً بتشكيل لجنة تحقيق.
لم تلبث أن أوصت اللجنة في تقريرها مدير الأمن العام بأن يحيل إلى المحاكمة ضباط وأفراد الشرطة الذين يثبت تورطهم في ضرب المعتصمين والصحافيين أو تقصيرهم أو مخالفتهم للأوامر والتعليمات.
ويقول الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور أن توصيات قد دفنت، ولم يتم متابعتها وكذلك لم يتعرض المتهمون لأية مساءلة قانونية.
ويضيف منصور بأن الإفلات من العقاب، وعدم إنصاف الضحايا من الصحفيين عن طريق التعويض المادي والمعنوي وملاحقة المعتدين في تلك الحادثة زاد من حجم الاعتداء على الصحفيين وشجّع على استمرار هذا النهج.
ومن جهته، يقول الصحفي رائد العورتاني، وهو أحد المصابين في تلك الحادثة، أن جهاز الأمن العام عوّضه عن ضرره، و قدّم له اعتذاراً، لكنّه يعتبر أن الاعتذار لا يكفي ويجب أن ينال المخطئ عقابه.
أحداث ملعب القويسمة
لا تسلم ساحات الرياضة كملاعب كرة القدم من انتهاكات رجال الأمن ومن التحقيقات الاستعراضية، التي تزيد المرارة في نفوس الضحايا ودون أن تقتص لهم.
ولا تزال ذاكرة الكثيرين حية بالمشاهد التي بثتها قنوات التلفزة العالمية لحادثة ملعب القويسمة الشهيرة عام 2010، التي أصيب خلالها العشرات من مشجعي فريق الوحدات بعد انتهاء مباراة أقيمت بينه وفريق الفيصلي.
عقب صافرة النهاية في المباراة التي فاز فيها الوحدات، انهالت هراوات رجال الأمن والزجاجات والحجارة من فوق الأسوار على مشجعي هذا الفريق، ففر قسم منهم ناحية سياج المدرج، لكنه لم يلبث أن انهار بهم.
خلّفت الحادثة ما يزيد على 170 مصابا من المشجعين، و25 من الدرك بحسب ما أعلنته قيادة هذا الجهاز الأمني، وأعلنت الحكومة بعدها تشكيل لجنة تحقيق.
يقول خليل أبو جميل، وهو أحد الذين أصيبوا يومها: “بدلاً من أن يخرج رجال الدرك الجمهور من المدرج قاموا بالاعتداء عليهم وحصروهم في جهة السياج، الأمر الذي أدى إلى سقوطه بسبب ضغط الجمهور عليه”.
من جهته، قال النائب طارق خوري الذي كان رئيسا لنادي الوحدات حينها إن عدداً من الإجراءات العقابية تم اتخاذها من قبل الدرك بحق بعض مرتباته، إلا أن هذه الإجراءات لم تضمن سوى جزء من حق الجمهور.
نظرة قانونية
يؤكد أستاذ القانون الدولي محمد الموسى، ان من شأن الإفلات من العقاب، أن يقصي الكثير من الحقوق، والواجبات الأساسية التي يجب أن تضمن لكل فرد، فاللاعقاب يشمل مجالات مضاعفة، معنوية، سياسية، قانونية.
ويعتبر الموسى الإفلات من العقاب انتهاكا مضاعفا لحقوق الإنسان، من حيث انه يحرم الضحايا من الحق في إقرار الحقيقة والاعتراف بها، والحق في إقرار العدالة، والحق في الإنصاف الفعال والتعويض.
كما انه يطيل أمد الأذى الأصلي الذي لحق بالضحية من خلال السعي لإنكار وقوعه، وفي هذا انتهاك آخر لكرامة الضحية وإنسانيته على حد تعبير الموسى.
ويشير أستاذ القانون الدولي إلى أن المساءلة تعطي إحساسا بالأمان للضحايا، وتوجه تحذيرا لمن يفكرون في ارتكاب انتهاكات في المستقبل، وتعطي قدرا من الإنصاف لمعاناة الضحايا، وتساعد على كبح الميل إلى ممارسة العدالة الأهلية (أن يقتص الناس لأنفسهم بأنفسهم)، كما تتيح فرصة هامة لتوطيد مصداقية النظام القضائي.
ويجدر بالذكر أن ميثاق الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والمذلة (المهينة)، أو العقاب، يشترط تحقيقا سريعا وحياديا أينما كان هناك أساس معقول للاعتقاد بوجود فعل أو تعذيب.
كما أن الميثاق يوضح أن هذا الواجب لا يعتمد على شكوى مقدمة رسميا من قبل الضحية، و أنه يشترط أن للضحايا الحق بالشكوى، وأن تفحص قضاياهم بسرية وحيادية.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
مارس 20, 2024 0
فبراير 28, 2024 0
فبراير 13, 2024 0
Sorry. No data so far.