- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

في إجابة على أسئلة صحيفة «نيوز دوتشلاند» الالمانية – حواتمة : حل الدولتين لن يحدث

حاورته: كارين ليوكيفيلد
س1: عندما ألّفت كتابك عن اليسار العربي؛ هل كنت تتوقع التطورات الأخيرة في بعض البلدان العربية ؟
بالتأكيد؛ بل إن بعض القراءات المتخصصة في الصحف العربية، ومنذ صدوره بالطبعة الأولى نهاية عام 2009 (الأهالي للطباعة والنشر ـ دمشق) و(بيسان للطباعة والنشر ـ بيروت)، خرجت بعنوان عام يقول “حواتمة يستمطر غيوم العرب الملبدة بلا انهمار المطر: الديمقراطية والمواطنة والحداثة في مواجهة التصحر وزحف الرمال”، أي أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العربية تطورت إلى معضلات محتدمة، تناولت ذلك بالأسلوب المفاهيمي، وبالعودة إلى التاريخ، الأسلوب المفاهيمي في استعراض الأزمة التاريخية للمجتمعات العربية، والوضعية التاريخية لهذا الحقل الشائك والمعقّد، المشبع بالمولدات ربطاً بالواقع وانظمة الاستبداد والفساد العربية في تطورها، واستعارات انساقها في التكوين الثقافي العربي ومؤثراتها على العقل العربي الراهن، وحركة الاضرابات والانتفاضات الشعبية الواسعة منذ سبعينيات القرن العشرين حتى يومنا، وقد وصلت إصدارات الكتاب لتغطي 12 بلداً عربياً في عام واحد، فضلاً عن طباعته باللغة الإسبانية في أمريكا اللاتينية.
كما تناولتُ المضمون كثيراً في الحوارات والمحاضرات، ومنحها أسئلة وأجوبة إزاء القضايا الراهنة المختلفة، وبالتنظير البرنامجي الملموس للواقع الملموس، نحو رؤية بنية عربية مختلفة في تناول مختلف القضايا التي تثيرها المرحلة الراهنة، مرة أخرى في الحوارات المفتوحة، ومنها الأسئلة المباشرة، جرى التوثيق عبر مواقع الإنترنت، وعبر الإغناء عليها وتفصيلها، أي أن القراءة والإغناء وصلت حدود التفصيل عليها من قبل الناشطين والمهتمين بحسب الهموم في الأقطار العربية ومكوناتها، لدرجة أن البعض علق على الكتاب بعد الحوارات “الكتاب هو بيان أولي لمشروع التنوير العربي”؛ “مشروع نقدي متكامل بين فصله النقدي الأول وتطبيقاته العملية بالفصول الأخرى”.
مرة أخرى نعم كنت أتوقع ذلك، كما فصلته أعلاه؛ فقد كان الأمر متوقعاً، وعلى سبيل المثال؛ سبق وأن صنفت الأمم المتحدة المنطقة العربية على أنها الأولى في العالم من حيث قلة فرص العمل، وهناك 350 مليون عربي، 60% منهم تقل أعمارهم عن 25 عاماً، أي أن غالبية الشعوب العربية تتكون من الشباب، وسيحتاج هؤلاء ملايين الوظائف حتى لو سرنا ببرنامج متقدم حتى عام 2020، ذلك وفق أرقام البنك الدولي، وإذا الحال على هذا الوضع فماذا ستكون التطورات، وهذا كما قلت على سبيل المثال. لكن هناك العديد من الأزمات والمعضلات وغيرها التي دخلت بالحساب والتأمل والتمعن والاستشراف والتحليل، ناهيك أن هذا الأسلوب مضطر له بحكم موقعي الحزبي لمخاطبة كافة المستويات في سياقات الأدلة والبراهين والبرامج.
س2: الطريقة التي حصلت فيها هذه التطورات توحي أن هناك جيل جديد يريد الديمقراطية والحرية على الطريقة الغربية. بعد سنتين من هذه التطورات في كل من تونس، مصر، ليبيا، سوريا … هل تعتقد أن هذه الانتفاضات قد مهدت الطريق للتحرير ؟
هناك فوارق كبيرة بين بلد عربي وآخر من حيث الظروف الذاتية والموضوعية والواقع، ينبغي رؤية الخصوصية، وكيف تشكلت السلطة والظروف المحيطة بها، وجوهر النظام، وأقصد هنا البناء التحتي، ثم هناك تدخلات خارجية. وكما ذكرت يعد صدور الكتاب بالتاريخ “المفترق” العام السابق للانتفاضات كما يسميها المؤرخون بـ “اللحظة التاريخية المستمرة”، بيد أن المعضلات الكبرى جديرة بالمعالجة الموضوعية، فالأسلوب المفاهيمي يتعاطى مع مناهج البحث المعرفي العلمي والنقدي، بمعنى آخر “الإبستمولوجيا” التي تسم البحوث السياسية والاجتماعية بالعلم والعقل.
شخصياً وجهت كتبي وأهديتها إلى “قوى التحرر والديمقراطية العربية”، تقدمت وأهديته بالنص إلى “قوى التغيير والحداثة والقوى اليسارية والليبرالية، قوى التحرر والتقدم العربية .. نحو عالم عربي جديد، عالم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية”.
قمت بذلك بحسابات علمية، حينها لم يكن هناك انتفاضات وثورات عربية، وعليه لا أعتقد أن التغيير الشكلي الذي وقع في بعض البلدان؛ هو بمثابة حل وتحقيق للأهداف، وعليه فإن هذه الثورات لم تحقق أهدافها حتى الآن، وأنظر لها بأنها تسعى لذلك، بعد وقوع صفقات مع قوى قطبية وتدخلات مباشرة.
إن الأزمات المتراكمة بدت لي كالأورام في الجسد، بالتأكيد فهي في المجتمع تحتمل ثلاثة سيناريوهات: الأول أن تقوم السلطة ذاتها بالإصلاح والعلاج تداركاً للنتائج، والثاني حسب المَثَل الشعبي الذي يقول: “دَعْ الورم يفش لوحده”، هنا غير معلومة النتائج، قد تذهب بحراكات ونتائج غير مرغوبة، والثالث أن يتدخل أصحاب الخبرة والحكمة وذوات كاريزمية للتحكم بمسارها نحو العلاج والإصلاح العاقل، ولهذا وجهت إهداءاتي إلى قوى اليسار والليبرالية، لضبط التدخل الخارجي، ومن الواضح أنك تستخلصين أن السيناريو الثاني قد أفلت من عقاله هنا أو هناك، مع تدخلات مباشرة خارجية طاغية.
س3: تتحدث في كتابك عن “تحرر الفكر والديمقراطية”؛ هل هذه هي العصا السحرية في أيدي قوى التغيير والإصلاح ؟
مرةً أخرى؛ إن مشروع النهضة هذا ـ كما ذكرت ـ موجه إلى قوى الحداثة والتغيير والتقدم، مع التركيز على التقدم، باعتباره مشروعاً سياسياً تاريخياً حديثاً، يفتح على الحراك والتفاعل المجتمعي، بترسيخ قيَّم المواطنة والمساواة والفصل بين السلطات باستقلال القضاء، وأضيف مع التشديد على ذلك عبارة: “والعلم الحديث”، وسنجد حينها استجابة مجتمعية عامة لمتواليات آليات التطور، بروح وثقافة إنسانية عقلانية منفتحة على العالم وعلى العلوم الإنسانية، يضع المجتمعات في النسق البنيوي العام للثقافة والسياسة الاجتماعية، وفي الإنتاج الثقافي والمعرفي والجمالي متعدد المصادر، في منظومة الهوية المعبرة عن الاجتماع والاجتماعي، هذا هو مشروع النهضة الذي نطالب وننادي؛ لا شي آخر …
ويضاف “العدالة الاجتماعية” لثنائية “تحرير الفكر والديمقراطية” التي وردت بالسؤال وهي ليست “عصا سحرية” بقدر ما هي العلاج الفعّال للشعوب وشرائحها الاجتماعية الواسعة وطبقات عديدة، تعاني منذ سبعينيات القرن الماضي من توحش الكومبرادور المحلي التابع للنيولبرالية المتوحشة القطبية، على أرزاقها وحياتها، ثم أليست هذه هي في عمق الأزمات العربية.
س4: من هي قوى التغيير والإصلاح في العالم العربي ؟ كيف يطورون “تحرير العقل والديمقراطية” ؟ ما هو دور اليسار ؟ ما دور الإسلام والحركات الإسلامية ؟ أين دور المجتمع المدني ؟
ثمة أدوات قياس عامة وأدوات قياس خاصة لكل بلد عربي، وسمات عامة للمجتمعات العربية والإسلامية، فالمطلوب أولاً خلاصها من التخلف والطغيان الايديولوجي مهما كان انتماؤه، وسطوة (التابو) وسياطه اللاهبة، وتجاهل المعايير الإنسانية العامة الشاملة. إن أداة القياس هذه هي مرجعية في تحديد أدوات التقدم والتخلف، تقوم على أساس النسبة الثلاثية القائمة عربياً “الأمية والجهل، الفقر والمرض”، “ويدرج تحت جدولها درجة التنمية وحال المرأة، وحقوق الإنسان”، فضلاً عن مدى “التسامح السياسي والاجتماعي والاعتقادي وحرية الرأي”. علينا أن ننبذ مفردات ذرائعية تقوم على؛ وتدعي “خصوصيات ثقافية ـ ايديولوجية”، فهي عبارة عن عراقيل كأداء صماء لسطوة التخلف والطغيان، وانظمة الاستبداد والفساد في البلاد العربية والعالم المسلم على امتداد اكثر من الف عام حتى يومنا على حساب تقدير العلم واحترامه وترسيخه في الفكر العربي، فالغائب الأوحد هو إطلاق البحث والمعرفة على اختلاف المذاهب الحاكمة سابقاً والجديدة، فهي تنبذ التأسيس العلمي المعرفي، وفي التاريخ نسميها “ذوات النقل على العقل”، فالعقل في إجازة مديدة منذ أن بدأ العرب يودعون قرناً ويستقبلون آخر، وضعت السلطات المتعاقبة جدراناً على العقل الجمعي والفردي، مما سبب في عاهات الإعاقة المديدة منذ قرون عديدة، عاهات التضخم الديني الايديولوجي والسيكولوجي الجمعي، تسييس الدين وتديين السياسة، وما الآن تشهده مصر، تونس، ليبيا، سوريا دليل صارخ، والمطلوب تثوير العقل والفكر العربي، أليس هذا ما يحصل في مصر وتونس على سبيل المثال؛ حين يعلن كلا الشعبين بأن “الثورة متواصلة حتى تحقيق أهدافها”، حيث هناك مَنْ ركب على صهوتها – الثورة – بعد أن انتصرت، وقد كان من النظّارة والمتفرجين (احزاب الاسلام لسياسي)، الدعوة هنا موجهة إلى قوى التغيير من صف اليسار والقوى الليبرالية، وبقدر ما تُمثل من شرائح لدى الشعوب والمشاركة الشعبية الواسعة.
في هذا الخِضم يحسن بنا أن نقف متعمقين إزاء الأهداف وأولها كما ذكرت سابقاً هو إقامة مجتمعات مدنية حديثة متحررة من الذهنية الإقطاعية الإقصائية وقيودها، متحررة من سطوة الايديولوجيا والتراث، مجتمع القاعدة المادية الاجتماعية والسياسية لفكرة المواطنة والديمقراطية، ربطاً العلم والعقل والتنوير الثقافي، هو ما يمنع أن ترتطم عربة التغيير بصخرة واقع تخلف المجتمعات العربية، نحن نريد أن نحقق معاني نبيلة في حياة هذه المجتمعات، في وجدانها وعقولها، كضرورة للعمران الديمقراطي والاجتماعي لدى الشعب الواحد، وبين الدول والأمم في الإطار الإنساني والعالمي الكبير، هذا هو التغيير وهو ما يحقق المستقبل.
اعتقد انني اجبت السؤال بتفريعاته (أ، ب، ج، د).
س7: تقول في كتابك: “إن الثورة الصناعية والإلكترونية قد فتحت الطريق أمام المجتمعات الإنسانية للحصول على قيم مشتركة” ما هي هذه القيم ؟ ألا نرى أن هذه المجتمعات قد أصبحت أكثر وحشية ؟ الحروب زادت وكذلك العنف، نقص في الاحترام والتسامح كما يحدث أيضاً في انتفاضات العالم العربي؟
العولمة حمالة أوجه، لأن الثورة المعلوماتية، يمكن لها أن تقيم تعميم ثقافي يستبق التغيير، فالثقافة والتقدم العلمي استبق النهضة الأوروبية، ومقدمة للتغيير، وهي تستطيع أن تفتح على ثقافات حداثية ضد التخلف المجتمعي، وأن تفتح على تواصل، وثمة حداثة عالمية تحيط اليوم بنا وتحاصرنا، ومعها كافة التطورات العالمية لحظة وقوعها، وبإمكان الأقمار الصناعية وعبر “كبسة الريموت” أن تمكننا من رؤية الحضارة الألمانية المتقدمة، والأخبار لحظة وقوعها في برلين مثلاً، ويمكن ذات المشاهدة أن يراها العربي الذي يقطن في واحة صغيرة قريبة من صحراء الربع الخالي، هذه هي حركة التاريخ الصاهرة، عملية ديمقراطية لا يوجد بها مهيمنات قاهرة، بل في حواضنها السلمية، إذا أحسنا استخدامها، وإذا لم تترافق مع مهيمنات قاهرة واستعمارية، بل على أساس تبادل المصالح، وكما قلت؛ لأوروبا سوابق تاريخية تبدأ بقضية فلسطين، هنا الفرق بين فتح ملفات التاريخ والتراث الأوروبي وهو جار قريب لنا، وبين مهيمنات قاهرة معيقة تتمثل بأبعاد استعمارية أمبريالية تناقض فلاسفة ومفكري أوروبا وتاريخها الليبرالي الديمقراطي والتقدمي التطوري.
أما بشأن أن هذه المجتمعات العربية قد أصبحت أكثر وحشية بعد التغيير … الخ، وسؤال ما هي القيَّم ؟ أجيب أن الغرب ما زالت مصالحه أولاً، وها هو اليوم يعقد الاتفاقات مع “الإسلام هو الحل” باعتباره وصفة سحرية للعودة إلى التخلف وتغييب مبدأ المواطنة الأساس الأول للديمقراطية وحقوق الإنسان، خلل ستمتد آثاره إلى عموم النسيج الوطني باعتباره لا يملك برنامجاً سياسياً أو اقتصادياً أو تنموياً، ويغيب الأساس الجوهري في التكوين الحداثي للدولة.
إن العلاقات العربية مع الغرب الأوروبي في التاريخ الحديث؛ هو تاريخ وعلاقة مهيمنات، والمطلوب رؤية جديدة لا تقوم على المهيمنات، بل على تبادل المصالح، والتبادل الثقافي، والخروج من إشكالية هذا التاريخ، بما فيه تاريخ العلاقات الداعمة للمهيمنات بـ “ايديولوجياتها النقية” الحاكمة عربياً؛ الخالية من الدولة المدنية، والخالية من تاريخ الدولة المدنية، ودعمها بقوة في مواجهة ليس الفكر اليساري والحداثي فقط، بل الليبرالي العام الذي يتجاوز القديم نحو النهضة العربية، عكس ما ينطق به الغرب، ويصدح به انشاداً يومياً، حيث تتعرض عمليات التغيير الحقيقي لعمليات القهر لإخافة الشعوب، بدلاً من إنقاذ هذه المجتمعات من معضلات وأمراض تغلغلت بها هذه (الفوبيا)، وبدلاً من العلاج نحو اتجاه حضاري وإنساني معاصر يسهم في ترميم تاريخ طويل ومديد وتاريخي من الخرابات في واقع متأسن في أصعدته السياسية والاقتصادية والسسيولوجية وبين بُناه التقدمية والمعرفية والليبرالية والديمقراطية، وترسيخ ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان آلية العقد الاجتماعي، بدلاً من واقع هشّ ومتخلف وسلطات مأسورة لهيمنة الغرب وتوجيهاته، رغم أنه لم يخرج من إسار شرانق التاريخ القروسطي مقروناً بتخطيطات سايكس ـ بيكو وقبلهم بلفور من القوى الإمبريالية، وكان يجري ذلك باسم “محاربة قوى الإلحاد والإرهاب”.
س8: بخصوص فلسطين تشدد على أن الإجماع الوطني الفلسطيني هو الطريق للتحرر من الاحتلال وسياسة الاستيطان الكولونيالي. أعتقد أنك تشير إلى الانقسام الحاصل بين فتح وحماس، بين الضفة الغربية وقطاع غزة في الانتخابات الأخيرة التي جرت في أكتوبر كان هناك مقاطعة من حماس، وبتقدم الإخوان المسلمين في المنطقة فإن حماس تبدو غير مهتمة بالمصالحة الوطنية … هل أصبح الإجماع الوطني أكثر صعوبة بين الفلسطيني الآن ؟
حول أزمة الانقسام؛ انطلقنا وننطلق من أن فلسطين هي قوة الحزب والحركة والفصيل، فالخلاف ليس على الوطن أو مع الوطن، لأنه لا يخضع لأهواء فصيل يرى ذاته “فوق الوطن”، كما لا يمكن لأحد أن يكبل قداسة حقوق هذه القضية بمصالحه وصفاته وايديولوجيته، مصالح طبقية داخل أوساط في حماس وفتح تقف وراء الانقسام، وكذلك “سياسة انتظار على ماذا سترسو امور الاسلام السياسي في مصر، تونس، سوريا..”، فضلاً عن ضغوط اخرى اقليمية اسرائيلية ودولية لمنع استعادة الاجماع الوطني الفلسطيني.
نختلف في أمور كثيرة، إلا في قضية الوطن فلسطين، فلا تستطيع قوة أو فصيل أن تشخصنها لأنه سيفشل في النهاية، تماماً مثلما أي عدوان خارجي على وطن ما؛ فإن الجميع بما فيه المعارضة، حينذاك تكون مع الوطن، وهو في فلسطين يؤدي إلى ضياع الحقوق، والتجربة الفلسطينية ماثلة أمامنا جميعاً، إن أي تساهل في هذا الجانب مرفوض وغير مقبول ونحن على أبواب انتفاضة ثالثة.
س9: لا زلت ولا تزال تؤمن أن حل الدولتين هو السبيل للحصول على حل سلمي للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. بعض الحكماء ومنهم جيمي كاتر زادوا الضفة الغربية وعادوا بانطباع أن هذا الحل لن يحدث لأن إسرائيل تنشط لإفشاله، هل فشل اليسار العربي والفلسطيني ؟
نعم وبكل تأكيد على الصعيد الراهن والمباشر، ويرد في السؤال استنتاج الرئيس الأسبق للولايات المتحدة جيمي كارتر بأن حل الدولتين لن يحدث “لأن إسرائيل تنشط لإفشاله”، لقد بدأ هذا الأمر مع اليوم الثاني لاحتلال حزيران عام 1967.
إن حل الدولتين هو المتاح راهناً بالاستناد إلى قرارات الشرعية، وهذا الحل يُنجز بالقوة؛ وأقصد بمراكمات النقاط وصولاً إلى التأييد، فما معنى قرار الجمعية العامة 491 بدولة فلسطين والعضوية المراقبة، حيث استند ذلك إلى جملة من القرارات الدولية التاريخية بهذه القضية، إن حل الدولتين يؤخذ أخذاً ولا يمنح من “إسرائيل”، وهو الهدف الأقرب والمرحلي الآن.
س10: ما هي رؤيتك الآن لمستقبل العالم العربي وفلسطين ؟
انطلاقاً من مصر وهي قاطرة عربية بحكم دورها التاريخي وإن غابت لمدة. أرى أن المرحلة القادمة عنوانها: “التحولات الديمقراطية الليبرالية واليسارية دُرْ” انطلاقاً من انفتاح القوى الليبرالية واليسارية الديمقراطية في مصر على رؤية النهوض … أي على فضاءات النهوض، ثم لا أستثني تونس؛ فهذين البلدين بمميزات تاريخية ليبرالية، تفتح على فضاء النهوض التاريخي، وبغض النظر عما يجري راهناً من احتدام الصراع بين قوى الاسلام السياسي وبين قوى الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية.
ان مشروع الاسلام السياسي يدفع الى الارتداد إلى الخلف، إلى الماضي المتخلف التاريخي والراهن، ان طريق الدكتاتورية الدينية مسدود، يصطدم باليومي بكل قوى تحرير العقل والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، لأن استكمال مهمة التغيير والثورة متواصل في البلدين، وهو ما يتجسد في قلب مجرى الحياة، وفي تجذير أنساقها، والتحدي الأخير هي الحداثة، ومصر ذات خبرة وخبرات في استيلاد أفكار عملية وحيّة من أرض الواقع، هذا هو الضوء الكاشف للحقيقة والكذب.
حول فلسطين إن امتلاك مفاتيح التطور قد بدأت مع القرار الأممي 491، بما ينبغي العودة إلى الفكر السياسي المتطور والوحدوي الديمقراطي، العودة إلى المشروع الوطني السياسي – الثقافي والنقدي، وعدم الارتكاز على القطيعة باعتماد جماعة محددة بديلاً عن المشروع الوطني، فلا احتكار … ولا إقصاء بطرياركي متخلف وأصوليات شُعبوية ومصادرة العقل، ونحن على أبواب انتفاضة ثالثة اكتملت أسبابها ومظاهرها… بما فيها من نقد للرؤى الاحادية.