- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

زخم شق الطرق في القدس يحبط تقسيم المدينة في المستقبل… بقلم – نير حسون

يوم الأحد من هذا الاسبوع جاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس بلدية القدس نير بركات لتدشين طريق 20 الذي يربط بين بسغت زئيف وطريق 443 والتحويلة التي تسمى على اسم والد رئيس الوزراء في نهاية هذا الطريق. “نحن نعمل باستمرار، بمنهاجية، لربط القدس بنفسها”، صرح نتنياهو الابن. قد يكون هذا هو الارث الاهم لعائلة نتنياهو بجيليها. يحتمل جدا أن يكون هذا الطريق، كجزء من شبكة طرق تحيط بالعاصمة – هو القشة التي ستقسم ظهر حل الدولتين.
يقول العقيد شاؤول اريئيلي من مجلس “السلام والامن” ان شق طريق 20 يحطم تقاليد طويلة السنين، في اطارها حافظت حكومات اسرائيل وبلدية القدس على امكانية تقسيم المدينة في المستقبل، وان لم يكن بشكل معلن.
ويقول اريئيلي انه “حتى اليوم كانت تنمية الاستيطان الاسرائيلي في شرقي القدس على أساس الحفاظ على الفصل والتواصل اليهودي والفلسطيني. في القدس توجد مدينتان منفصلتان لكل واحدة منهما تواصلها الاقليمي. كانت هذه لوحة فسيفساء أعدها تيدي كوليك – بحيث تكون الاحياء اليهودية والفلسطينية محاذية، ولكن ليس الواحد داخل الاخر. هذا المبدأ حطمته شبكة المواصلات الاسرائيلية التي ستجعل الفصل صعبا جدا”.
طريق 20 هو طريق قصير يجتاز حي بيت حنينا ليربط الاحياء اليهودية الشمالية – بسغات زئيف ونفيه يعقوب بطريق 443. وحتى مستوطنو السامرة سيتمتعون بالربط السريع بطريق 443 ومن هناك الى طريق بيغن نحو مركز القدس.
طريق 20 سيساعد في حل مشكل أزمة السير التي لا تنتهي في مفترق التلة الفرنسية، ولكنه ينضم الى مشاريع اخرى جعلت مهمة تقسيم المدينة متعذر. أبرزها شق طريق 4 الذي يجتاز حي بيت صفافا ويأتي لخدمة سكان غيلو ومستوطني غوش عصيون.
في الاشهر القريبة القادمة يبدأ ايضا شق طريق 21، الذي سيربط بين حي رمات شلومو وطريق 20 و 443، وهذا الطريق سيمر أيضا عبر بيت حنينا. فحص قريب لخريطة طرق القدس يؤكد أقوال اريئيلي. فباستثناء الطرق الجديدة من الصعب ايجاد شرايين حركة هامة تربط بين حيين يهوديين وتجتاز حي فلسطيني.
الطرق الجديدة هي كسر حقيقي لمبدأ الفصل المقدسي الذي تضرر مؤخرا أيضا مع اقامة القطار الخفيف الذي يجتاز أحياء فلسطينية (ويخدمها). وهذه تواصل القضم للفصل، الذي بدأ في التسعينيات. في حينه بدأت اقامة مستوطنات خاصة في قلب الاحياء الفلسطينية في القدس وهي اليوم مغروسة عميقا في سلوان، راس العامود، جبل المكبر وأماكن اخرى.
وعلى حد قول اريئيلي، من الصعب التقليل  من اهمية هذه الطرق لالغاء امكانية تقسيم المدينة والبلاد. فكل خطة سلام اعدت في العقود الاخيرة – في جنيف، في كامب ديفيد وفي انابوليس – تضمنت نقل الاحياء الفلسطينية الى سيطرة الدولة الفلسطينية. وقد استند هذا التقسيم الى المبدأ الذي وضعه الرئيس كلينتون – ما هو يهودي لاسرائيل وما هو عربي لفلسطين. غير أن زخم بناء الطرق جعل تطبيق المبدأ متعذرا.
وينضم الى نظرية اريئيلي ايضا المحامي داني زيدمان، الخبير في شؤون القدس، والذي يتابع منذ سنوات عديدة ما يجري في المدينة. “اعتقد أن هدف هذه الطرق هو الدمج بشكل واضح للكتل الاستيطانية في شبكة الطرق القطرية لاسرائيل وهكذا ادخال شرقي القدس والكتل الاستيطانية في حدود اسرائيل بحكم الامر الواقع “دي فاكتو”. فمعنى طريق 20 هو أن الشخص الذي يخرج من وسط تل أبيب يصل الى معاليه أدوميم أسرع مما يصل الى حيه، ارنونا”.
وخلافا لطريق 4، الذي بالكاد يمكن لسكان بيت صفافا ان يتمتعوا به، فان طريق 20 سيخدم أيضا سكان بيت حنينا في طريقهم الى وسط القدس. ولكن شيري كارونيش، المعمارية من جمعية “بنكوم” تشرح بانه حتى لو كان ربط بين الحي والطريق فانه واضح انه لم يخطط من أجل الفلسطينيين. وتقول ان “الطريق لا يخرج من مركز تجاري فلسطيني وينتهي بحي فلسطيني”.
وتتعاكس السياسة الجديدة نسبيا في القدس تماما مع سياسة اسرائيل في الضفة. فهناك استثمرت اسرائيل ملياري شيكل كي تشق طرق نسيج الحياة للسكان الفلسطينيين. وتستهدف هذه الطرق خلق فصل بين المجموعتين السكانيتين. اما في القدس فالوضع معاكس. ويقول اريئيلي ان “هذا اكثر دراماتيكية من منزل آخر وحتى حي آخر. عندما توجه حركة 80 ألف نسمة في بسغات زئيف ونفيه يعقوب عبر بيت حنينا، فان هذا ليس شيئا يمكنك ان تغيره. فكر ماذا سيحصل في التصعيد الاصغر. حتى اليوم عندما كان توتر في القدس كانوا ينصبون الحواجز وهذا ما كان يزعج أحدا. اما اليوم فالطريق هو بؤرة لرشق الحجارة، إذن إما أن نضطر الى ثلاث سرايا من حرس الحدود لحمايته أو نتخلى عن الطريق ونعود لنسافر عبر التلة الفرنسية”.
ويرى زايدمان بالذات في المستوطنات خطوة غير قابلة للتراجع. أما الطريق، على حد قوله، فهو انبوب اكسجينها”. وهو يلاحظ جهدا استراتيجيا من اسرائيل يتضمن اقامة جدار الفصل، انشاء البنى التحتية وتكثيف المستوطنات، بهدف رسم حدود بشكل احادي الجانب بينها وبين فلسطين. هذه الحدود لا يمكنها أن تنسجم مع حل الدولتين. ويسأل اريئيلي: “هل يوجد أحد ما يؤمن حقا بتسوية دائمة دون عاصمة فلسطينية في شرقي القدس؟ ربما باستثناء الناس المنقطعين عن الواقع ممن لا يميزون بين غزة ومنطقة يهودا والسامرة. يمكن اللعب ويمكن لنا أن نكون اناسا جديين”.