| نشر في مارس 15, 2023 12:50 ص | القسم: آخر الأخبار, شؤون فلسطينية | نسخة للطباعة :
معتصم حمادة
عضو المكتب السياسي
للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
■ لم يذهبوا إلى ميناء العقبة الشهير، ليتدفأوا بشمس الربيع المبكر بعد شتاء قارص، ولا ليتزلجوا فوق مياه الخليج الأردني تجرهم الزوارق السريعة، ولا حتى ليصطادوا السمك في مياهه الهادئة.
ذهبوا إلى العقبة بدعوة أميركية، ليبحثوا ما في جعبة جهاز الشاباك، والأمان، والوكالة المركزية الأميركية للاستخبارات، من تقارير وأبحاث ودراسات عن الأوضاع في الضفة الفلسطينية، وخطر ذلك على المصالح المشتركة للتحالف الأميركي الإسرائيلي، ولوضع خطة عملية تؤدي إلى ما بات يسمى «خفض العنف» و«إنهاء التوتر» و«إعادة الأمن والاستقرار» إلى المنطقة (والمقصود بذلك المنطقة العربية وليس فقط الضفة الفلسطينية)، ورسم الخطط والآليات لتهيئة الوضع لاستقبال المشروع الأميركي الإسرائيلي للحل، المسمى مرة حلاً اقتصادياً، وتارة أخرى حل الدولتين الوهمي وكلها أسماء متعددة لمشروع واحد، يقفز عن الحقوق الفلسطينية، وعن المشروع الوطني الفلسطيني، ويهدف في خطوة «ضرورية»، لإجهاض كل أشكال النضال الوطني الفلسطيني، بالأساليب المختلفة، بالترهيب والترغيب، للقبول بما ترسمه الغرفة السوداء في سفارة واشنطن في القدس المحتلة.
رؤية أميركية
فالولايات المتحدة تلتمس أوضاعاً سياسية، لا تقبل أن يشاغلها أحد، عن همومها في أوكرانيا في مواجهة روسيا وفي أوروبا في مواجهة محاولة بعض «أطراف الاتحاد الأوروبي» التمرد على إرادتها، وفي المحيط الهادئ، في مواجهة الصين الشعبية، وكوريا الشمالية وفي منطقة الخليج العربي في مواجهة إيران بذريعة منعها من امتلاك القنبلة النووية ودرء خطرها على الأمن وعلى استقرار الجوار، وما بات يسمى السلم العالمي.
لذلك وضعت واشنطن خطة تبقي الملف الفلسطيني الأكثر التهاباً في المنطقة تحت السيطرة، بالتلويح بالوعود الكاذبة (مفوضية م. ت. ف في واشنطن أو القنصلية الاميركية في القدس المحتلة …) والتلويح بـ«حل الدولتين» وتخدير المشاعر بـ«الحل الاقتصادي».
الهدوء والاستقرار في الأراضي الفلسطينية «يشكل بالنسبة للولايات المتحدة شرطاً لازماً لتعزير دور تحالف أبراهام في إقليم الشرق الأوسط » بما هو تحالف عربي – إسرائيلي شريك مع الولايات المتحدة في هيمنتها على المنطقة، وضمان أمن مصالحها فيها، وبناء حلف في مواجهة طهران، وبقدر ما يتقدم «تحالف أبراهام» إلى الأمام، بقدر ما تفتح الطريق أمام برنامج نتنياهو وحكومته، باعتبار الأولوية تقع في «حل قضايا النزاع العربي – الإسرائيلي» أولاً، أي تعزير النفوذ والدور الإسرائيلي، وتغلغل دولة الاحتلال أكثر فأكثر في تفاصيل الحياة السياسية للنظام العربي (أو معظم أطرافه) بما يمكن إسرائيل من لعب دور فعال، في إعادة صياغة معادلات الصراع ومعادلات التحالف، وإعادة صياغة معادلات العداوة، ومعادلات الصداقة، وبحيث يولد اصطفاف جديد تقف على رأسه الدولة الأقوى (إسرائيل) تنتظم في طوابيره الأطراف الأقل قوة، أو الأطراف الضعيفة (الأنظمة العربية) وبحيث تتوارى القضية الفلسطينية خلف الأسوار، مخلية مكانها وللقضايا الأكثر أهمية لأنظمة عربية مطواعة ربطت مصيرها بمصير الهيمنة الأميركية على إقليم الشرق المتوسط.
وبذلك التقى مشروع «تحالف أبراهام» باعتباره ترجمة للإستراتيجية الأميركية مع إستراتيجية نتنياهو في أولوية «حل النزاعات» كما ترسمها إسرائيل (العرب أولاً) وبعد ذلك الفلسطينيون، وتتساند الإستراتيجيتان كل مع الاخرى ويصبح تقدم كل منها رهناً بتقدم الإثنين معاً.
فلا «تحالف أبراهام» يستطيع التقدم إلى الأمام، في ظل أوضاع فلسطينية ملتهبة، ولا «حل النزاع مع العرب أولاً» يمكنه أن يتقدم دون «تقدم تحالف أبراهام» واتساع دوائره وآفاقه، في ظل هذا تابعت الولايات المتحدة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بقلق شديد، خاصة مع مطلع العام الحالي، وفي ظل وجود حكومة إسرائيلية فاشية، أعلنت واشنطن رفضها التعامل مع بعض وزرائها، وقد رأت في مواقفهم تصعيداً للتوتر، وإضراماً للمزيد من النيران في أرجاء الضفة.
كما لاحظت الولايات المتحدة أن الإجراءات الأمنية العميقة لدولة الاحتلال، باتت عاجزة بمفردها، أن تخمد النيران، ودون مساعدة من السلطة الفلسطينية التي بدت محرجة أمام الأطراف كلها:
• أمام الولايات المتحدة، التي تعلق السلطة الفلسطينية الأمل على موقعها المركزي وشبه الوحيد في حل المسألة مع إسرائيل.
• في مواجهة إسرائيل، وقد بدت السلطة الفلسطينية عاجزة عن التوغل في الدم الفلسطيني، ومجاراة القمع الإسرائيلي المتصاعد، ما يمكن حكومة نتنياهو من اتهام السلطة بعدم القيام بما عليها من استحقاقات في ميدان «التنسيق الأمني».
• وأخيراً وليس آخراً، في مواجهة الشعب الفلسطيني نفسه، الذي رأى في السلطة طرفاً عاجزاً عن حماية شعبه، ودرء المخاطر عنه، وحفظ كرامته الوطنية، فانخفضت أسهم السلطة إلى الحضيض، ولم ينقذها في هذا المضمار تصريحاتها ونداءاتها إلى المجتمع الدولي للتدخل، بعد إدراك الشارع الفلسطيني حقيقة الأوضاع داخل المؤسسات الدولية، ومدى قدرة الهيمنة الأميركية على تعطيلها.
زاد من سوداوية نظرة الشارع إلى السلطة تلك الخطيئة المدوية في سحب مشروع القرار في مجلس الأمن، لإدانة الاستيطان والدعوة إلى وقفة لصالح بيان هزيل، في تراجع مكشوف أمام الضغوط الأميركية، وما تلا ذلك في نابلس، حين ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة دموية غير مسبوقة في 22/2/2023، سقط فيها 12 شهيداً وأكثر من مئة جريح، ارتجت لها الضفة الفلسطينية، فخرج سكانها، في منتصف ليل الجريمة بعشرات الآلاف إلى الشوارع يلبون نداء المقاومة ونداء الفدائيين «عرين الأسود» في مدينة نابلس، وهو ما جعل الولايات المتحدة تطرح حلاً من شقين:
• الأول: تخفيف الإنخراط الإسرائيلي في حفلات القمع الدموي، لاستعادة بعض ملامح القبول العربي والدولي لحكومة التحالف اليميني المتشدد والفاشي، والذي أثقلت أعماله الدموية حتى على السياسة الأميركية نفسها، ما اضطر عدد من كبار مسؤوليها لانتقاد بعض التصرفات الإسرائيلية علناً.
• الثاني: الضغط على الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية لتقوم بما «عليها أن تقوم به» في سياق التنسيق والتعاون الأمني، و«تحمل مسؤولياتها الأمنية» في أنحاء الضفة الفلسطينية، بديلاً عن قوات الاحتلال.
وبنشاط محموم، برئاسة وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن، ومساعدته لشؤون الشرق الأوسط بربارة ليف، والمبعوث الأميركي للقضية الفلسطينية هادي عمرو، ومستشار مجلس الأمن القومي في الإدارة الأميركية جيك سوليفان (صف عريض وتقيل من كبار المسؤولين) وجولات مكوكية، بين رام الله والقدس المحتلة، نجح الجانب الأميركي، وبالتشاور مع عمان والقاهرة، في هندسة مسار العقبة – شرم الشيخ، الذي عقد أولى اجتماعاته في ميناء العقبة الأردني في 28/2/2023.
رؤية عربية
لا يقل الجوار العربي عن الولايات المتحدة قلقاً، وهو يتابع تطور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من صعود لأعمال المقاومة الشعبية والمسلحة، واتساع رقعتها وانخراط شرائح اجتماعية وأطراف سياسية إضافية في فعالياتها النضالية ضد الاحتلال، واتساع الالتفاف الشعبي حول كل أشكال النضال مع قوات الاحتلال، وتحدي الحالة الجماهيرية العزلاء لقوات الاحتلال دون حساب لما قد تقدمه من تضحيات في الأرواح والمصالح الشخصية.
كما يشعر الجوار العربي بقلق شديد إزاء التصعيد الدموي لقوات الاحتلال، وانخراط المستوطنين بشكل «نظامي»، هذه المرة إلى جانب قوات جيش الاحتلال في أعمال عدوانية تجاوزت كل الاحتمالات، بما في ذلك إحراق القرى والبلدات الفلسطينية، وارتكاب المجازر الجماعية ضد أبناء المخيمات والمدن بذريعة مطاردة الفدائيين المسلحين، وتدمير البيئة والسطو على المزارع، وغير ذلك من أعمال التنكيل المسلح بالشعب الفلسطيني في ظل حكومة إسرائيلية، لا يتورع وزراءها عن رفع شعارات شديدة التطرف، تستعيد التراث الأسود للنازية الألمانية، في الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي والتمييز العنصري.
ويدرك الجوار العربي أن لهيب المقاومة الشعبية والمسلحة في الأراضي الفلسطينية، وأن ردود الفعل على المجازر الإسرائيلية، لن تقف عند حدود الأراضي الفلسطينية، بل من شأنها أن يمتد لهيبها إلى مناطق الجوار، وأن يمتد دخانها ليغطي سماء المنطقة، وللجوار العربي في هذا المجال تجارب عميقة، فلهيب الانتفاضة الأولى امتد حتى العواصم العربية نفسها، ما جعل إسرائيل دولة معزولة، دفع ذلك للبحث عن «حل سياسي» في مؤتمر مدريد، ومباحثات أوسلو. كذلك امتد لهيب الانتفاضة إلى خارج الحدود، ما دفع رئيساً عربياً، ليطلق نداء إلى الولايات المتحدة للإسراع في إخماد اللهيب خشية وصوله إلى الدول المجاورة، ولعل ذلك ما تجلى في لقاء وزيرة الخارجية الأميركية، مادلين أولبرايت، آنذاك، مع الرئيس عرفات للضغط عليه لوقف الانتفاضة، والتي خمدت نيرانها مع رحيلهم في 11/11/2004، وانتخاب الرئيس محمود عباس خلفاً له، ولا يختلف الوضع الحالي في سياقاته العامة، عما شهدته المنطقة من تداعيات كبرى تحت وطأة الانتفاضتين الأولى والثانية، ولعل التمايز الوحيد والمهم، أن حكومات الاحتلال، في زمن الانتفاضتين كانت ترى في «الحل السياسي» مدخلاً لإخماد نيران الانتفاضة، بينما لا ترى الحكومة الإسرائيلية الحالية، حلاً لإخماد المقاومة الشعبية إلا في المزيد من القمع والقتل والإعدامات والتنكيل، وسن القوانين الجائرة، شديدة التطرف في مواجهة الأسرى وعموم أبناء الشعب الفلسطيني.
وبالتالي، جاء مسار العقبة – شرم الشيخ، ليلبي حاجة لعدد من دول النظام العربي المقيدة باتفاقات التطبيع و«تحالفات أبراهام».
وبذلك شكل حضور بعض الوفود العربية غطاء سياسياً لمسار أمني، يتلخص هدفه في وضع الخطط والآليات لاجتثاث المقاومة الشعبية والمسلحة، وإخماد نيرانها، وإعادة ترتيب أوضاع السلطة الفلسطينية لتصبح قادرة على الإمساك بزمام الوضع الأمني، مع إسناد خلفي من قوات الاحتلال، والغرفة السوداء في سفارة الولايات المتحدة الأميركية في القدس المحتلة، حيث يقيم الجنرال مايك فنزل، الذي ورث المهام القذرة لسلفه الجنرال دايتون، ذي السمعة المشينة.
السلطة الفلسطينية
لا تستطيع السلطة الفلسطينية أن تغطي على ارتباكها السياسي الذي أدخلها في أكثر من مأزق، فبدت في حالة عجز، مجردة من القدرة على رسم استراتيجية سياسية واضحة المعالم، لمواجهة الحالة القائمة؛ الضغط الاميركي من جهة، والعربدة الإسرائيلية من جهة اخرى، وشبه اللامبالاة العربية من جهة ثالثة، وتراجع هيبتها وشعبيتها بين الفلسطينيين من جهة رابعة، في الوقت الذي تخوض فيه صراعاً انقسامياً مع حركة حماس، تعتبره ميدانها الرئيسي في الهم السياسي والأمني اليومي، إلى حد أنها ترفض أن ترفع حماس رأسها فوق الماء، في الضفة الفلسطينية.
السلطة الفلسطينية تقيم رهانها الإستراتيجي (إذا ما صحت تسميته بالإستراتيجي) على الوعود الأميركية بخطوات تعتبرها السلطة مكاسب سياسية لها، كإعادة فتح مكتب مفوضية م. ت. ف في واشنطن، أو إعادة فتح القنصلية الأميركية العامة في القدس المحتلة، والضغط على إسرائيل «لحماية» حل الدولتين، على حد تعبير الخطاب السياسي المرتبك للسلطة، و«فتح أفق سياسي» يمهد كما تدعي السلطة للوصول إلى «حل الدولتين».
هذه وعود قدمتها إدارة بايدن، حتى قبل وصولها إلى البيت الابيض، مما برر للسلطة في 17/11/2020 الإنقلاب على القرار الجماعي الفلسطيني في 19/5/2020 بالتحلل من «إتفاق أوسلو»، ورغم مرور أكثر من سنتين على دخول بايدن البيت الأبيض، وما زالت وعوده سحاباً يسبح في سماء الأكاذيب الأميركية، خاصة وأن تطورات الأوضاع العالمية، في ظل تصاعد الصراع في أوكرانيا، والمحيط الهادئ، سوف تغرق بايدن أكثر فأكثر في هموم لن تترك له الوقت الكافي للاهتمام بقضايا السلطة الفلسطينية، وفتح ملفات الوفاء بوعوده.
وهذا ما يضع السلطة في مواجهة حالة شعبية ناهضة، باتت على قناعة بأن السلطة في وضعها الراهن باتت عبئاً على الحالة الوطنية، وأنها فقدت الجوهر السياسي لبقائها، أي مرحلة انتقالية نحو قيام الدولة المستقلة، وأن «الجوهر» البديل لبقائها، كما اعترفت صحيفة «هآرتس» في 5/3/2023 هو حماية مصالح الطبقة الحاكمة في رام الله، ولو على حساب مصالح شعبها، وأنها باتت سلطة لا يهمها أن تدافع عن شعبها، حتى في ظل أوضاع مأساوية كالتي شهدتها بلدة حوارة، حيث فقدت السلطة وأجهزتها الأمنية ما تبقى لها من ماء الوجه.
وحين حاولت السلطة أن تجعل من التحرك السياسي والدبلوماسي بديلاً لدورها الميداني في حماية شعبها، وجدت نفسها أمام استحقاقات معقدة لم تستطع ان ترتقي إلى مستواها، وأن تنهض بما تمليها عليها من استحقاقات وطنية، فتحت الضغط الامريكي وافقت السلطة، على سحب مشروع القرار من أمام مجلس الأمن بإدانة إسرائيل واستيطانها، والدعوة لوقفه وتأكيد الحالة القانونية للضفة الفلسطينية (وفي القلب منها القدس) أرضاً فلسطينية محتلة، سحبت مشروع القرار، إرضاء للولايات المتحدة لصالح بيان هزيل يصدر عن مجلس الأمن.
وقد حاولت السلطة أن تغطي على انسحابها المخجل هذا بالأكاذيب، بالإدعاء أن دولة الامارات العربية هي من سحب مشروع القرار. لكن ممثل دولة فلسطين في الأمم المتحدة «رياض منصور» أصدر بياناً أكد فيه أن سحب القرار تم بموافقة دولة الإمارات العربية ودولة فلسطين، وأن الهدف من هذه الخطوة هو الحفاظ على وحدة الجبهة «الدبلوماسية» في وجه إسرائيل، في إشارة إلى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، برفع قضايا الاحتلال إلى المحاكم الدولية. وقد توالت الأحداث لتؤكد حجم المأزق والإرباك وحالة العجز في السلطة الفلسطينية، في مجزرة نابلس، بعد ساعات على الانسحاب من مجلس الأمن لصالح إسرائيل والولايات المتحدة. وجدت السلطة نفسها في انزلاقات بلا قعر. وكشف «استجداءها للشرعية الدولية» و«المجتمع الدولي»، فهي من جهة تطالب المجتمع الدولي والشرعية الدولية بالتدخل لحماية الشعب الفلسطيني (لتبرير عجزها عن فعل ذلك)، وهي من جهة أخرى، تعطل دور مجلس الأمن وتقطع عليه الطريق لإصدار أي موقف أو قرار لصالح القضية الفلسطينية، وفي إدانة دولة الاحتلال. نفاق سياسي، وازدواجية فاضحة في الأداء السياسي والدبلوماسي، ولعب بهلواني على الحبال، يهدد بالسقوط في الهاوية في كل لحظة.
جاءت الدعوة إلى العقبة – شرم الشيخ في هذا السياق المحموم. السلطة هرولت إلى العقبة رغم أنه مسار أمني، حوّل القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية أمنية، إذ تمحورت أهدافه، كما أكد جدول أعماله، على «خفض التصعيد» و«إنهاء التوتر»، والبحث في استعادة التنسيق الأمني، وتشكيل لجنة ثلاثية أميركية – إسرائيلية – فلسطينية، لدراسة وبحث قدرات السلطة وآلياتها للعودة إلى التنسيق الأمني، لتشكل بديلاً لدولة الاحتلال في «ضبط الوضع الأمني» في نابلس وجنين، وفي غيرها من المدن، وإنهاء «ظاهرة المسلحين».
السلطة تدّعي أن اجتماع العقبة كان سياسياً وأمنياً، وتحاول أن تستشهد بتركيبة الوفد الفلسطيني، بأنه كان سياسياً ولم يكن أمنياً. كان يتشكل من وزير شؤون الإدارة المدنية في حكومة السلطة (أي ضابط الارتباط الأعلى مع سلطات الاحتلال) ومن مدير جهاز المخابرات العامة، والناطق باسم الرئاسة الفلسطينية (لضرورات إعلامية معروفة) ومستشار رئيس السلطة (وهي مشاركة لا تنفي عن الوفد طبيعته الأمنية، فإلى جانب الأمنيين في المفاوضات الأمنية، يتواجد مستشارون سياسيون وقانونيون دون أن يفقد طبيعته الأمنية، بل على العكس من ذلك، فوظيفة هذا التواجد هو إسباغ «الشرعية القانونية والسياسية» على القرار الأمني).
بالمقابل كان الوفد الإسرائيلي وفداً أمنياً من الطراز الأول (مستشار الحكومة للأمن القومي، رئيس الشاباك، رئيس الإدارة المدنية لقوات الاحتلال ومنسق الاحتلال في الضفة الفلسطينية …).
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.