أزمة حريات / كمال مضاعين

| نشر في سبتمبر 21, 2022 1:51 ص | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :

---

يعيش الاردن أزمة عميقة وهي أزمة الحريات بكل جوانبها ، وهذه الازمة الآخذة بالتعمق سوف تتحول عاجلاً ام آجلاً الى صراع يحكم ثنائية العلاقة بين الدولة والمجتمع، وسيؤدي حتما الى فقدان الثقه المطلقة بالدولة وبخطابها وبسياساتها .
شرعت الدولة القوانين التي تتماشى مع نهجها ، فتحول القانون من صيغة تحمي الجميع الى أداة لممارسسة سياسة التضييق ومصادرة حق ابداء الرأي ، وتحول قانون المحاكم والاعتقال الى الصيغة الوحيدة التي تلجأ له الدولة لاسكات الجميع ، وهي تعتقد واهمة أنها محايدة ، وأن موضوع الحريات أصبح من اختصاص المحاكم ومحكوماً بالقانون ، القانون الذي وضعته بيدها .
أنتهت ، ومنذ فترة طويلة ، كل قنوات الحوار بين الدولة والمجتمع ، فلا أطر للحوار ، ولا شخصيات رسمية تقود حوارا من أي نوع ، لا بل أن الحديث بالسياسة برمته قد انتهى ، فلا خطاب للدولة ، ولا تمارس الحكومه أي نوع من الخطاب المباشر أو غير المباشر مع الناس ، وهذا بحد ذاته دليل أزمة ودليل على أن الهوة تتعمق بين الدولة والمجتمع يوما بعد يوم .
غياب قنوات الحوار ، يؤدي فيما يؤدي الى تشتت الاصوات المعارضة ، ورفع سقف خطابها الى حدود التطرف وعدم الالتزام، وبغياب الرواية الرسمية ، وبظل انعدام الشفافية ، فأن الشارع يتجه الى متابعة هذا النوع من المعارضات على حساب المعارضة البرنامجية الرصينة التي لا تلقى من يحاورها بالجانب الرسمي.
لن تُحل المشكلة بارهاب كل صوت منفرد يغني على ليلاه ، ولن تُحل المشكلة أمنياُ أو قضائياً، فكلما سجنت معارضا ظهر معارضون آخرون بسقوف اعلى ، وكلما رشوت معارضا بالمال أو المنصب ظهر آخرون طامعون بنفس المعاملة .
الدولة ورجالاتها ووسائل اعلامها تخاطب نفسها بنفسها ، وتعرف أنه لا يصل للناس ولا يؤمن به الشارع ، والمعارضة الفردية تخاطب الشارع عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتعرف أن الدولة لا تسمعها ايضا ، ويبقى الطرف الذي من المفترض أن تفتح معه الدولة قنوات حوار هو الطرف المغيب ، وهو القوى السياسية البرنامجية المنظمة .
لا يمكن التعامل مع قضايا الرأي والتعبير ضمن المنظار الامني والقانوني ، فهذا لن يزيد الشارع الا تطرفا وفردية ، ولا يمكن لدولة أن تنطوي على نفسها بهذا القدر وكأنها تملك البلاد وحدها، فهذه وصفة لازمة ستتحول الى صراع عاجلاً أم آجلاُ .

---