- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

الدولة عازف ومايسترو / كمال مضاعين

الاصل ، هو أن تتبنى الدولة كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان ، لان هذه الاتفاقيات هي حصيلة اتفاق دول العالم على وضع قوانين وبنود ولوائح لحقوق الانسان ، فهي بالاساس ثمرة تفاهمات دولية حتى وأن كان للدول العظمى اليد الطولى فيها .
وما أن تقُر هذه الاتفاقيات فأنها تصبح ملزمة لدول العالم ، ويجب التوقيع عليها تحت طائله الضغط المباشر او الضغط غير المباشر .
في الاردن ، وفي غالب الاحيان ، توقع الحكومة على الاتفاقيات الدولية ، دون ان ينتبه أو يلتفت للاتفاقيات التي وقعتها ، الى أن تحين ساعة المطالبة الدولية بالتنفيذ ، وهنا يبدأ ارتباك الحكومة وترددها بشرعنة هذه الاتفاقيات .
وفي كل مرة تبدو فيها الدولة مرتبكة يخرج علينا مجموعات سلفية او متزمتة اجتماعيا ودينيا عبر كل وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تهاجم الاتفاقيات وتكفرها وتتهم الغرب بأنه يسعى لتدمير البنية الثقافية لمجتمعاتنا هذه الجماعات التي لا تتحرك دون اتفاق خفي مع طرف ما في الدولة ، وذلك لسببين:ـ
ألاول هو أن الدولة أحيانا تريد أن تظُهر ( للبعض بالخارج ) أن تمرير وشرعنة الاتفاقيه كان مكلفا من الناحية الاجتماعية ، وان هنالك معركه تخوضها الدولة ضد المتزمتين ، وهي تستحق دعما ماليا أكبر ،
الثاني ، هو أن الطرف الذي يسعى لربط أنجاز شرعنة وتوقيع الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الانسان يريد ( نسب ) هذا الانجاز لنفسه أمام المحافل الدولية ، وأنه يخوض معركه طاحنة لصالح اتفاقيات حقوق الانسان وهو يستحق التقدير والاحتفاء أمام الكاميرت ، ولن يبدو أنه انجاز من انجازات دولة يمر عبر القنوات القانونية والشرعية .
مشكلة الاردن وسائر الدول العربية ، أن ليس هنالك شريك مدني أو اهلي للدولة ، الدولة تدير الحياة باكملها ، وتحتكر صنع القرار ، وقد ( تصنع ) طرفا وهميا تنسب له بعض الامور على عين الامريكان ليس اكثر وعندما تنتهي مهمته لا نعود نرى له أثراً سواء كان حزبا او هيئة أو مجموعات تنشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
الشريك المدني او الاهلي هو جزء اساسي من مقومات الدولة ، وله مهمات مدنية ويشارك بالتفاعل والنقاش والضغط ، وغياب هذا الشريك ( الذي تسعى الدولة بكل قوة وجدية لخنقه ) يؤدي الى الارتباك حين يتعلق الامر باتفاقيات تتعلق بالحياة المدنية والحقوقية ، فيبدو الامر بانه مؤامرة وأن الدولة انحازت للاتفاقيات وواجهت الحملات المضادة ، الى حد أن الدولة أصبحت تشبه الفرقة الموسيقية التي قادها منفردا ( توم وجيري) عازفا على كل الآلات ومايسترو ..