| نشر في يوليو 20, 2022 10:17 م | القسم: آخر الأخبار, قضايا ساخنة | نسخة للطباعة :
الاهالي ـ وقائع وتطورات جسيمة رافقت زيارة الرئيس الامريكي وفريقه لدولة الاحتلال ثم ترؤس قمة جدة التي شاركت فيها دول مجلس التعاون الخليجي اضافة الى الأردن، مصر ، والعراق ، وذلك في ظل ارتدادات الزلازل الدولية والعربية التي لم تتوقف منذ الاعلان المشؤوم عن مشروع صفقة القرن عام ٢٠١٩،وما تلاها من اتفاقات تطبيعية واسعة عربية ـ اسرائيلية، واخيراً الحرب الدائرة في شرق اوروبا.
لن يتوقف الزمن عند هذا المشهد السياسي المتداعي فانكار الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني لا يعني الغاءها بل سيشكل هذا الانكار الفاضح والانحياز الامريكي السافر للاحتلال الصهيوني العنصري عاملاً اضافياً، تضاف الى مجموع عوامل النهوض الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال واستعادة الروح الكفاحية الاصيلة التي لا تغادر الاجيال الفلسطينية والعربية.
تضيء المقالات المنشورة حول مجمل هذه الاحداث على جوانب شتى حيث تتناول نتائج هذه الزيارة على المستويات الفلسطينية ، العربية والدولية.
ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية:
-لم يكن الأردن يوماً في مأمن من أطماع الاحتلال الصهيوني ومشروعه الاستيطاني الكبير
-إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة يعني الاستسلام العربي الرسمي للمشروع الاحلالي الصهيوني
الاهالي ـ تمخضت زيارة الوفد الرئاسي الأمريكي للكيان الصهيوني ولقاء القمة في جدة عن نتائج خطيرة تمثلت في محاولة احكام هيمنته على كامل مقدرات وطننا العربي الكبير واستكمال فصول المشروع الاستعماري المسمّى بالشرق الأوسط الجديد.
العناوين الرئيسية لنتائج الزيارة تمحورت حول: دمج «الكيان الصهيوني في المنطقة، وفقاً للاتفاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية والثقافية التي باتت تشمل معظم الدول العربية مع الكيان الصهيوني والسعي لانشاء هيكل إقليمي، كاطار سياسي وعسكري من المتوقع أن يحلّ تدريجيا محل الأطر السياسية العربية القائمة وعلى راسها جامعة الدول العربية وربما مؤسسة القمة العربية ايضاً.
إن إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة وفقا للاتفاقات متعددة المحاور يعني الاستسلام العربي الرسمي للمشروع الاحلالي الصهيوني على ارض فلسطين وفي الوطن العربي الكبير، ويعني العمل على تصفية الحقوق الوطنية الثابته و المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى راسها حق العودة الى الوطن وتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني وكنس الاحتلال ، بعد 74 عاماً من الكفاح الوطني الفلسطيني المتواصل ضد الاحتلال الاستيطاني العنصري على ارض فلسطين.
إن ما ورد في ما سمّي بإعلان القدس بتاريخ (14 / 7 / 2022)، يرقى إلى مستوى ارتكاب جريمة في وضح النهار ضد الشعب الفلسطيني، بدءاً بإنكار حقوقه الوطنية وإدانة مقاومته المشروعة ضد الاحتلال، ولم يبقى سوى إجراءات سحقه وانهاء وجوده كشعب حيّ، وما الفقرات الواردة التي تدين الإرهاب سوى دليل على صفاقة هذا التحالف الصهيوني الأمريكي الذي تجاهل الجرائم الممتدة والحروب والاحتلالات العسكرية والاغتيالات وكل اشكال الانتهاكات التي يرتكبها العدوّ الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال القائم عام 1948.
لم يكن الأردن يوماً في مأمن من أطماع الاحتلال الصهيوني ومشروعه الاستيطاني الكبير على كافة ارجاء الوطن العرببي «، فهو مستهدف لدور سياسي رئيسي في المرحلة القادمة ليشكل صلة وصل أساسية تربط بين الكيان الصهيوني والمنطقة العربية من خلال المشاريع الاستراتيجية المطروحة حول الطاقة والمياه والنقل، ومشاريع اقتصادية كبرى، النتائج المتوقعة ستكون وخيمة على استقلال وسيادة البلاد ومقدراتها الوطنية، حيث تختزن الذاكرة الوطنية حجم الكوارث التي مني بها الأردن بعد معاهدة وادي عربة 1994م.
في هذا السياق لا يتواني التحالف الصهيوني الأمريكي عن محاولات تغير وحرف بوصلة الصراع العربي الصهيوني في أن قضية العرب المركزية الأولى هي قضية فلسطين وفتح أبواب جديدة من الصراعات العربية والإقليمية وابقاء منطقتنا في حال إقتتال داخلي متواصل لتوفر بذلك الشرط الرئيسي من اجل تنفيذ مشاريع واطماع العدو الصهيوني وتأمين دور قيادي للكيان الصهيوني في المنطقة.
إن جميع القوى والأحزاب والمؤسسات الوطنية في البلدان العربية تقع عليها مسؤوليات تاريخية كبرى في هذه المرحلة التاريخية الفاصلة وليس قدراً محسوماً أن ينجح التحالف الصهيوني الأمريكي في تنفيذ مشروعة العدواني في منطقتنا، في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو التغيير والتحول نحو التعددية القطبية، إذ يمتلك الوطن العربي من الثروات والمقدرات ما يؤهله لأن يشكل أحد الأقطاب الرئيسية في العالم، دون تبعية ولا التحاق بأيّ من الأقطاب الدولية القائمة أو الناشئة ولكن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى قرار وطني مستقل وحرّ، بعيداً عن ضغوط الدول الاستعمارية الطامعة دوماً في الثروات العربية والموقع الاستراتيجي لمنطقتنا. إن مقاومة مشروع الشرق الأوسط الجديد، تحتاج إلى النهوض الوطني والقومي الشامل المؤسس على خطة كفاحية بعيدة المدى، ووحدة جميع قوى المقاومة في التصدي للإمبريالية الجديدة والزحف الصهيوني الاستيطاني.
وان أي رهان على تغيير في موقف الإدارة الامريكية هو خاسر لا محالة ولن يجد من الامة العربية سوى الرفض والإصرار على المقاومة بكل أشكالها.
لقد انتصرت الامة العربية فيما مضى من الحقب التاريخية على امبراطوريات كبرى وتحررت من الاستعمار الحديث بفضل مقاومتها التي لم تتوقف، وها هي الآن تعدّ العدّة للخروج عن السطوة الامريكية بعد إدراكها العميق لمخاطر الهيمنة الاستعمارية الصهيونية.
اصدرت عدد من الاحزاب الوطنية والتقدمية العربية موقفا موحداً، وذلك في سياق الرد على التطورات السياسية الاخيرة كما جاء في البيان التالي الموقع عليه:
ـ تتأكد يوميا علاقة التداخل والتكامل العضوي بين الامبريالية العالمية والصهيونية ، وفي الوقت الذي يعيش فيه الشعب الفلسطيني على وقع هجوم عدواني متواصل طاله في كل أماكن تواجده، هاهو بايدن رئيس الامبريالية الأمريكية يزور الكيان الصهيوني الغاصب ويصدر صحبة رئيس وزرائه “إعلان القدس للشراكة الإستراتيجية” لدعم أمن الكيان الصهيوني وتأكيد تفوقه الاستراتيجي في مجمل المنطقة، وهو ما تم اعتباره بمثابة “الالتزامات المقدسة للحزبين” الذين يتداولان حكم الولايات المتحدة الأمريكية (الحزبين الديمقراطي والجمهوري) بما ينزع أي وهم عن أي فارق في طبيعة الحزبين، وقد اعتبر أمن الكيان الغاصب جزء حيويا من أمن الولايات المتحدة ذاتها، علما وأن الزيارة تأتي في سياق التصدي لتداعيات الحرب الروسية/الاكرانية وخاصة من جهة الترفيع من إمدادات النفط والغاز لمواجهة أزمة الطاقة الناتجة عن الحرب. ولم يفت البيان توجيه التحية لجوقة دول التطبيع في أفق بعث “هيكل إقليمي” يجمع حلفاء الولايات المتحدة والكيان الصهيوني للبروز كقوة سياسية/اقتصادية موالية ومنخرطة في تطبيق أهداف الامبريالية بما فيها التصدي للمقاومة الوطنية الفلسطينية و التصدي لإيران لإحباط بروزها كقوة إقليمية. هذا و أكد الإعلان أن “دولة إسرائيل يهودية” كما جرّم كل مقاومة و مقاطعة لها .
إن الأحزاب والمنظمات الموقعة أدناه:
– تدين هذا الإعلان وتعتبره تأكيدا للطبيعة العدوانية للامبريالية الأمريكية التي لا تكف عن تقديم كل أشكال الدعم للكيان الصهيوني المحتل والغاصب.
– تعتبر هذا الإعلان بمثابة ضوء أخضر للكيان الصهيوني العنصري كي يواصل سياسة الاعتداء والاغتصاب لأرض فلسطين وشعبها، ودعما لسياسة التطبيع مع كيان اصطناعي في المنطقة من أجل ضمان وحماية مصالح الامبريالية والاستعمار في المنطقة من خلال وضع اليد على المقدرات والثروات وحرمان الشعوب من التحرر والانعتاق .
– تدعو كل القوى التقدمية إلى توحيد الجهود من أجل فضح التكامل العضوي والوظيفي بين الامبريالية والصهيونية وأنظمة العمالة العربية، وإسناد النضال العادل والمشروع بكل أشكال المقاومة للشعب الفلسطيني من أجل التحرير والعودة وبناء الدولة المستقلة الديمقراطية والعلمانية على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس العربية، وتطوير كل أشكال المقاطعة والمساندة والتضامن وفضح الصهيونية كايديولوجيا عنصرية استعمارية.
الأحزاب والمنظمات الممضية: ( القائمة مفتوحة)
1 – حزب العمال- تونس
2 – النهج الديمقراطي- المغرب
3 – حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني
4 – الحزب الشيوعي اللبناني
5 – حركة نستطيع- موريتانيا
6 – الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
7 – الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
8 – حزب الشعب الديمقراطي- الأردن
9 – حزب التحالف الشعبي الاشتراكي- مصر
10 – حزب العمال الاشتراكي (المجمد مؤقتا)- الجزائر (الأمين العام محمود الرشيدي)
11 – حزب القطب- تونس
12 – الحزب الاشتراكي- تونس
13 – حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد- تونس
14 – تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية
“إعلان القدس” ما الجديد؟
وسام ابو شمالة -الحرية
وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس وزراء العدو الإسرائيلي، يائير لابيد، وثيقة أطلق عليها “إعلان القدس للشراكة الاستراتيجية المشتركة بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، في 14 تموز/يوليو 2022، فهل حمل الإعلان مواقف جديدة من الولايات المتحدة تجاه حليفها الاستراتيجي “إسرائيل”؟، وهل هناك تحوّل في السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية عكسه الإعلان؟، وهل عبّر الإعلان عن تغيّر في رؤية الرئيس بايدن تجاه الشرق الأوسط وتجاه إيران والاتفاق النووي معها؟
يحرص الرؤساء الأميركيون من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على زيارة فلسطين المحتلة، وعقد لقاءات مع قادة العدو، يتخللها إطلاق تصريحات وإصدار بيانات وتوقيع وثائق “استراتيجية” كلها تؤكد على مضامين متشابهة، وغالباً مكررة.
تعيد أبرز تلك المواقف التشديد على العلاقة الفريدة والاستراتيجية التي تربط الولايات المتحدة بالعدو، والعلاقة غير القابلة للكسر بينهما، والالتزام الدائم بأمن العدو، والحفاظ على تفوقه العسكري النوعي، وتعزيز قدراته على ردع “أعدائه”، والتأكيد على العلاقة القائمة على القيم والمصالح والروابط المشتركة.
الأمر الذي يبيّن أن ما يسمى بـ “ إعلان القدس” الذي تضمن تلك العبارات لم يأت بجديد على صعيد التعهدات الأميركية “التقليدية” تجاه العدو، ما دامت لا تتعارض مع المصلحة الأميركية، فعلى الرغم من العلاقة الفريدة التي تربطهما، أكد العديد من المنعطفات التاريخية، أن ما يحرك السياسة الخارجية الأميركية، هو مصالحها، وليس أي شيء آخر.تعكس زيادة “جرعة” التأكيد على طبيعة العلاقة الاستراتيجية في “إعلان القدس”، زيادة القلق الإسرائيلي من التهديدات الخارجية، وحقيقة الدعم الأميركي المطلق للعدو، وانعدام اليقين تجاه مستقبل الهيمنة الأميركية على المنطقة، وصعود فاعلين دوليين وإقليميين على المسرح العالمي والشرق أوسطي، وبالأخصّ الفاعلين المناوئين للولايات المتحدة، روسيا والصين وإيران وحلفاءهم.
وفي الوقت الذي تراجع ملف الشرق الأوسط على الأجندة الأميركية، وتراجعت معه الثقة بعمق العلاقة الأميركية مع حلفائها في المنطقة، لا سيما العلاقة مع “إسرائيل” ودول الخليج، وهو الشك الذي تضاعف بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وتمسك إدارة بايدن بالعودة إلى عقد اتفاق نووي مع إيران، لإصلاح ما سمّته الإدارة الأميركية الخطأ الذي ارتكبه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وذلك على الرغم من التعهدات التي وردت في وثيقة بايدن/لابيد، بمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.
وحتى لو أضيفت كلمة “للأبد”، فهي تشير إلى اعتزام الولايات المتحدة على توقيع الاتفاق النووي خلال حكم بايدن، ولا تشير إلى الخيار العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب تشجيع خطوات التطبيع بين العدو ودول الخليج، وزيادة أوجه التعاون العسكري والاستخباري، لمواجهة “التهديدات” الإيرانية، وتحقيق توازن ردع في المنطقة.تخشى “إسرائيل” أنها في لحظة ما، ستواجه التهديدات الأمنية وحدها، وأن الولايات المتحدة لن تحارب بالنيابة عنها، وهي تدرك أن “إعلان القدس” لن يمنحها الأمن والاستقرار في المنطقة، فضلاً عن كونه لم يأت بجديد، وهي تدرك أن الرئيس جو بايدن يعاني من أزمات داخلية، بسبب غلاء الأسعار وأزمتي الوقود والطاقة، وتراجع شعبيته لدى الرأي العام الأميركي، ويخشى من هزيمة حزبه في الانتخابات النصفية الأميركية في تشرين الثاني /نوفمبر القادم.
أيضاً، يعاني بايدن من أزمات خارجية بسبب الحرب في أوكرانيا، وتداعياتها السياسية والاقتصادية، على الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والمنطقة، ويواجه تحديات عالمية تهدد النظام أحادي القطبية الأميركي، وسعي روسيا والصين ودول أخرى لإنشاء نظام متعدد الأقطاب، فبايدن لم يرد بهذا الإعلان إلا تحسين مكانته الداخلية، وكفّ “إسرائيل” عن مساعيها لعرقلة الاتفاق النووي مع إيران، والتماهي مع الرغبة الأميركية في خفض التصعيد في المنطقة. وفي المقابل، تحصل “إسرائيل”، على مواقف أميركية متقاربة تجاه القضية الفلسطينية، انطلاقاً من استمرار سياسات الإدارات الأميركية السابقة بإدارة الصراع وليس حلّه، وتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين العدو والسلطة الفلسطينية، ومواجهة حركات المقاومة في المنطقة، حماس، والجهاد، وحزب الله، وغيرها.الأمر الذي يؤكد أن “إعلان القدس”، لم يشر إلى سياسات جديدة تجاه القضية الفلسطينية، بل إلى مزيد من التراجع في الشكل وليس المضمون، إذ لم يعبّر بايدن عن دعم مسار “سلام” ومفاوضات تفضي إلى “حل الدولتين”، كما عبّرت عنه إدارات ديمقراطية سابقة، بل تحدث الإعلان عن قناعة أن هذا المسار أصبح غير واقعي في المدى المنظور، وأن المسار البديل هو “تكامل إسرائيل” مع دول المنطقة، الأمر الذي يؤكد أن رهان السلطة الفلسطينية على إدارة بايدن كان رهاناً خاسراً..
لم يأت “إعلان القدس” بجديد، على صعيد علاقة الولايات المتحدة بالعدو، إلا أن الجديد هو تراجع “التطبيل” الإسرائيلي للإعلان، فالعدو يدرك أن الولايات المتحدة لم تعد كما كانت، وأن الرهان عليها ليس مطلقاً، وأن مكانة “إسرائيل” داخل الولايات المتحدة تراجعت، ولم تعد مسألة إجماع أميركي.
وتحدثت أوساط فكرية وازنة، عن الخشية من أن تتحوّل “إسرائيل” من ذخر استراتيجي إلى عبء على الولايات المتحدة ومصالحها، كما عبّرت أوساط أخرى عن اعتقادها بأن حصول إيران على القنبلة النووية يسهم في تعزيز الاستقرار، ومنع الحرب في منطقة الشرق الأوسط؛ كونه يحقق توازن الردع، كما لم يأت الإعلان بجديد على صعيد الموقف من الاتفاق النووي الإيراني، بل هو يوحي باقتراب الاتفاق حوله، وتهيئة أطراف المنطقة للتعايش معه.
القضية الفلسطينية كانت شبه غائبة، في الإعلان، إلا من عبارة أكدت المؤكد، بأن مسار التسوية على أساس “حل الدولتين” مسار مغلق، والمتاح فقط هو دعم اقتصادي للسلطة، وتعاون أمني في المنطقة ضد محور المقاومة، وتعزيز مسار التطبيع، وهو المسار الذي لا يحتاج إلى دعم أميركي، لأن أطرافه أكثر تحمساً له من “الراعي” الأميركي.إن ما دفع بايدن إلى زيارة المنطقة ليس توقيع “إعلان القدس”، وإعلان دعمه المطلق لـ “إسرائيل”، ولا دعم مسار التطبيع، أو من أجل طمأنة حلفائه في دول الخليج، بل من أجل الحفاظ على المصالح الأميركية السياسية والاقتصادية، ولدواع حزبية داخلية.
الرئيس بايدن يسعى في زيارته العادية (ليس أكثر من عادية) إلى الحفاظ على رؤية إدارته تجاه الشرق الأوسط، من خلال العمل على خفض التصعيد والتوتر، وتهيئة الأطراف لتوقيع اتفاق نووي مع إيران، وتأكيد هيمنة الولايات المتحدة العالمية، وتحذير الأطراف من تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين، وتعزيز حظوظ الحزب الديمقراطي في انتخابات تشرين الثاني / نوفمبر القادم، وما دون ذلك فهو ما هو قائم بالفعل، عداء لقوى المقاومة، تهميش للقضية الفلسطينية، تأييد لمسار التطبيع، دعم لـ “إسرائيل” ما دامت تحافظ على المصالح الأميركية…
هل أعلنت زيارة بايدن بداية الافتراق العربي الأمريكي؟
الحرية / صالح عوض
هل أعلنت زيارة بايدن بداية الافتراق العربي الأمريكي؟ في التاريخ دروس بليغة تحمل استنتاجات دقيقة لاسيما عندما تسجلها وقائع أمة قوية كالعرب، وفي سجل هذه الدروس تبرز ملامح كل مرحلة وشروطها والقوى المؤثرة فيها وتفاجئ المتابع خصوصيات العرب في التعامل مع الوقائع فهم إن كانوا سريعي الكسر فانهم سريعو الجبر، وينبعثون في لحظة من الصعب التنبؤ بها ويتمكنون خلال سنوات قليلة أن ينجزوا مالا تنجز أمة سواهم في عقود او قرون وذلك لبروز أهمية القيم الإنسانية الراقية التي تتحكم في وجدانهم سواء كانوا في سيادة او تبعية، ولعلنا لو اكتفينا بنموذجين تاريخيين كموقعة ذي قار، والانتصار من بعد على الامبراطوريتين العظيمتين الفارسية والبيزنطية في آن واحد واحتوائهما نستطيع ان ندرك أهمية تنزيل الأفكار الخاصة في توحد مع القيم الخاصة لصناعة ارقى نموذج بشري.
بايدن يجدف ضد التاريخ
جاء بايدن الى البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدة في مرحلة تاريخية خاصة فبعد التناحر الذي كاد ان يودي بأمن الولايات المتحدة ونظامها السياسي جراء التنازع مع اليمين المتطرف بقيادة الرئيس السابق دولاند ترمب دخلت الولايات المتحدة تحديات خطرة سياسية واقتصادية وامنية فلقد استمر العجز في الخزينة وتراكم الديون كما جاء الانسحاب من أفغانستان ليعمق الروح المنهارة في المؤسسة الأمنية التي واجهت قبل قليل الهزيمة النكراء في العراق بعد حرب دفعت فيها الخزينة الرسمية تريليونات الدولارات إضافة لمثيلها التي انفقت في حرب أفغانستان، وفي ظل انقسام حاد في المجتمع الأمريكي وتفشي حالة الجريمة وروح العنصرية التي لم تعد عملا منفردا بل منظما في مليشيات عسكرية تنشر الجريمة والقتل في العديد من ولايات الدولة، الامر الذي يعني بوضوح ان النظام الاجتماعي والسياسي اصبحا في مهب الريح ولا زالت الأمور لم تحسم بعد مع اليمين الذي يكون قد اخذ وجهة اكثر تطرفا في ظل توعدات ترمب واقطاب اليمين،، اعتبر كثير من المسؤولين الامريكان والمحللون الاستراتيجيون انها خطوة مهمة تلك التي اتخذها ترمب للانغلاق على أمريكا ومراجعة الديون ومحاولة الخروج من الازمات الطاحنة، وواصل بايدن الخطوات التي اتخذها أوباما وترمب بالانسحاب من المشرق العربي وأفغانستان على اعتبار انها منطقة هشة يمكن التحكم فيها من خلال أنظمة تجد استقرارها وفق قرار امريكي ومن خلال تفسخ المجتمعات العربية في العراق وسورية واليمن وليبيا ولبنان فكان الانسحاب الأمريكي من المنطقة تحصيل حاصل للاقتراب من الصين وروسيا وكوريا الشمالية، تدرك إدارة بايدن .
ان المعركة الاقتصادية محتدمة بين الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الصيني
وقد تطور من شكله التقليدية الى انطلاق مشروع الصين في طريق الحرير الذي ضم عشرات الدول وعشرات الموانيء والمطارات وكان ذلك إيذانا بإخراج الاقتصاد الرأسمالي من كثير من الدول، كان صعبا على الامريكان المواجهة الكاملة والقطيعة الشاملة فلجأت الإدارات الامريكية الى اصدار حزم من العقوبات على الصين، إلا ان إدارة بايدن لاحظت تنامي الدور الروسي عالميا وتدخل روسيا في اكثر من مكان واقترابها من حقول النفط ومكامن التوترات وتدخلها لحسم الصراعات الداخلية في بعض الدول العربية، واظهرت القوة العسكرية الروسية قدرة فائقة على التعامل مع التكنلوجيا بشكل مكافئ للولايات المتحدة وقد نشرت روسيا شبكات صواريخها في اكثر من بلد عربي سورية والجزائر وربما أيضا السعودية ومصر وسواها، ومن الواضح ان الروس أخذوا في التحرك لاستعادة نفوذهم الذي تلاشى مع سقوط الاتحاد السوفيتي،، هنا بدأ الامريكان بشكل رئيسي يخططون لتطويق القوة الروسية او استنزافها واحباطها فكانت الخطوات المتلاحقة نحو ادخال أوكرانيا في المعسكر الغربي بما لها من حساسية خاصة لدى الروس ولم يكن الامريكان جادين في تلافي الازمة وتجنب الصراع العسكري، فلقد كانت طلبات الروس محددة ان يتلقوا ضمانات امنية من الامريكان في حال تم أي تحرك امريكي في اتجاه أوكرانيا، كان الرفض الأمريكي عبارة عن طلقة البداية للمعركة المفتوحة على الأراضي الأوكرانية، وفي ظل ادراك الروس ان المعركة ستشمل مناحي عديدة في العلاقة مع الغرب وتدرك اثارها على الاقتصاد العالمي وعلى الشعوب كان الروس يعدون منذ زمن ليس قصير لمثل هذا الاشتباك، حاولت أمريكا من خلال الاعلام والفن والامن ترويج روايات مختلفة عن الازمة الأوكرانية وقامت دبلوماسيتها بتحشيد غرب اوربا في دعم مادي وعسكري للقوات الأوكرانية،، وظنت الإدارة الامريكية في ظل ضجيج عملها الدبلوماسي والإعلامي والدعم المادي ومن خلال مؤتمرات إقليمية ودولية ظنت ان هذا سيرعب الروس ويردعهم عن القيام باي عمل يغير من المعطيات على الأرض،، هنا حصل ما لا تتوقعه الإدارة الامريكية،
ان الروس يتحركون بإيقاع هادئ ويضربون لشل الدولة الأوكرانية
وصحيح ان حربهم تتصاعد عنفا واتساعا لكن لابد من مراقبة انهم لم يدفعوا بكامل قوتهم في المعركة،، من الواضح ان اوربا تصرخ تحت وطأة الغلاء المتسبب عن شح موارد الطاقة وعجز الولايات المتحدة عن توفير المطلوب،، فجاءت الحرب الأوكرانية لتسجل ضربات عنيفة للاقتصاد الرأسمالي الغربي،، لم يكن بايدن يتصور ان دول الخليج التي رفع ترمب الغطاء عنها وتركها تواجه مخاطر امنية حادة ستقف على بوابة خزائنها تمنح بلا حساب، ولكن سريعا اكتشف الامريكان ان دول الخليج جنحوا نحو روسيا التي زودتهم لاسيما السعودية بسلاح نوعي ومتطور وبرزت المصالح المشتركة بين العرب وروسيا كما لم تبرز من قبل،، هنا بدا بايدن يسبح عكس التاريخ وعكس التيار،،
الروس والعلاقات العربية الإيرانية:
مما لاشك فيه ان التقرب من موسكو يضع العلاقة مع ايران على طاولة البحث والحلول، وهناك سلسلة من القضايا المشتبكة والتي تصطدم فيها سياسات دول الخليج وسياسة ايران بدءا من لبنان وسورية والعراق الى اليمن والبحرين،، ومن الطبيعي ان تتحرر دول الخليج من الخوف الذي يمليه ظهور قوة ايران واصرارها على امتلاك النووي السلمي، وذلك في ظل علاقات متطورة مع الروس الحلفاء الوحيدين لإيران وشركائها في ساحات مواجهة دامية كما حصل بسورية،، وقبل ان تظهر الازمة الأوكرانية ومنذ تخلت أمريكا عن تشكيل غطاء امني للسعودية كان التوجه للروس الذين لم يترددوا في تزويد المملكة بأسلحة استراتيجية وهذا من شانه ان يدفع الموقف السعودي الى البحث عن مصالح البلد، كما كان للدور العراقي أهمية كبيرة في تجسير العلاقة بين الرياض وطهران بعد ان اصبح واضحا ان العراق يخرج من عباءة الولاءات السطحية لهذه الجهة او تلك وبدأت القوى السياسية العراقية الفاعلة تعزز الروح الوطنية،، ومع بداية الحرب في أوكرانيا وانخفاض التزود بالوقود الروسي اصدر بايدن قراراته للمنطقة بان تزيد في ضخ النفط لتعويض النقص والايفاء لحلفائه الاوربيين بما وعد فأدار المسؤولون العرب الخليجيون له ظهورهم ولم يكترثوا بتصريحاته وكانت هذه بالنسبة للأمريكان ضربة عنيفة ما كان لها ان تحصل لو استمروا في مكوثهم في المنطقة وخلق توترات واستنفارات تربك المنطقة وتلجئها لطلب المساعدة من الامريكان، ولهذا جاء بايدن ليملأ الفراغ في المنطقة والمقصود بالفراغ في الثقافة الامريكية أي مكان لا يوجد فيه نفوذ حاسم للأمريكان،، من الواضح ان علاقات إيرانية عربية تسير نحو هدنة اقرب منها الى تهدئة، وتقوم روسيا بالإضافة للعراق بأدوار متكاملة لإخراج القلق والتوتر الأمني من المنطقة وبهذا يكون قد تم قطع الطريق على الدعاية الامريكية التحريضية،،
أخطاء بايدن القاتلة:
كانت زيارة بايدن للمشرق العربي عملية ضخمة أعد لها اتفاقيات وبيانات وخطابات متنوعة ومختلفة أحيانا حسب المنصة، وجاءت بعد أن حدثت تغيرات في علاقات الدول بناء على مصالحها، جاء بايدن مسبوقا بتصريحات تحدد مسار رحلته وما ينبغي ان يكون في الملفات الشائكة التي بها تكون السياسة الامريكية حققت انتصارا ضروريا في ظل ورطتها الخطيرة في أوكرانيا،، كان واضحا انه كان يريد تحقيق اهداف عدة من هذه الزيارة لكنه لم يكن على مستوى التطورات الحاصلة في المنطقة على ضوء ما يحصل في العالم، كان يريد توفير الدعم اليهودي في أمريكا له في الانتخابات البرلمانية الجزئية وكان يريد ان تضخ حقول الغاز والنفط العربي ما من شانه كسر التسلط الروسي في هذا الميدان، ولكي تستمر الخدعة تم الترويج لناتو عربي ضد الخطر الإيراني،، ولكنه وقع في خطأ الترتيب للأولويات ولم تسعفه استكشافات اجهزته الأمنية في معرفة المزاج العام المتولد في المنطقة العربية على ضوء احداث أوكرانيا.
فجاء الى المنطقة من بوابة إسرائيل
وانفرد بلغة قلما استخدمها رئيس امريكي مدحا وثناء على الدولة اليهودية الديمقراطية معلنا انه صهيوني وانه جزء من صناع الواقع الإسرائيلي مقدما دعما نوعيا للكيان الصهيوني، وعندما زار بيت لحم ليلتقي بالفلسطينيين لم يقدم أي تعهد بتسوية او تأكيد الاتفاقيات السابقة او القرارات الأممية، انتقل الى العرب المجتمعين في جدة والذين حمل كل منهم همومه الخاصة وهموم المنطقة والتي تركزت حول المخاطر الأمنية والمائية والعلاقات كما القضية الفلسطينية التي اعتبرها الحكام العرب أس الازمات كلها ولا يمكن تجاوزها،، كانت صدمة بايدن بالغة وهو يسمع من المسؤولين السعوديين انهم يمدون أيديهم للسلام وحسن الجوار مع ايران ويقومون بتقديم الشكر للعراق الذي يقوم بدور الوساطة، ويسمع بوضوح من دول الخليج انها لن تكون في حلف عسكري يستهدف ايران، وفي خلال لقائه بالحكام العرب في المؤتمر لم يتم التطرق من قريب او بعيد لمشروع بايدن في دمج إسرائيل بالمنطقة، وحتى ان ملف النفط والغاز لم ينل بايدن مراده بل ظلت الإجابة العربية عليه مضمنة احتمالات عديدة وهي في احسن احتمالاتها ستسمح بزيادة الضخ خلال شهرين، خطوة قصيرة لكنها كبيرة: بعيدا عن مزيد التفاؤل ولكن أيضا بعيد عن التقوقع في المواقف المسبقة نرى ان مؤتمر جدة كان على غير رضى الامريكان وان بايدن تلقى صفعة قوية أحبطت زيارته وانه لم يحقق أي من أهدافه المحلية والدولية وان شعبيته تدنت في الولايات المتحدة حسب استنباط للراي العام الأمريكي كما ان حلفاءه الاوربيين اصبحوا يبحثون عن طرق للخروج من الموقف الأمريكي تجاه روسيا وسياسة العقوبات، واما إسرائيل فلم تأخذ أكثر مما كانت وتنعكس عليها نتائج القمة بقلق وجودي مجددا بعد ان فشلت مؤامرة صنع الصراع الإيراني العربي بدلا عن الصراع العربي الإسرائيلي،،، انها خطوة قصيرة لا تكاد تخرج من دائرة الضعف المزمن ولكنها كبيرة لانها محاولة ورغم انها خجولة للخروج من سطوة الاملاءات الامريكية، وهي خطوة في وقتها وهي تعزز ثقة الأصدقاء الجدد الروس والصين بهم، وهي كذلك تضع حد للغط حول التطبيع والهرولة والانهيار العربي،،، من هنا يكون الموقف الخليجي الموسع لمصر والأردن والعراق ممهدا لارتفاع وتيرة الموقف لقمة عربية قادمة ستكون في الجزائر بحلول شهر نوفمبر القادم وخلال هذه الأشهر الأربعة القادمة ستكون حصيلة الصراع في أوكرانيا ذات اثر بالغ على ثبات الموقف الخليجي وتطوره، ومن الواضح ان استمرار أيام المعارك المتوسعة في أوكرانيا تكبد السمعة الامريكية خسائر عميقة كما تكبد الخزينة الامريكية خسائر ترهق المواطن والدولة،، كما ان اشهرا قادمة من الحرب يعني ان الاوربيين سيكونون اكثر ضيقا وضجرا من الموقف الأمريكي وسيجد بعضهم طريقه للتفاوض مع الروس،، وهكذا سيكون الموقف الدولي بعد الأشهر الأربعة القادمة يعني مزيدا من العزلة للموقف الأمريكي وبدأ ظهور عواره للجميع لاسيما في انتخابات البرمان الجزئية،، وهكذا سياتي مؤتمر القمة العربية القادمة ليشهد فك ارتباط جزئي على الأقل بين أمريكا وكثير من الدول العربية،، وسيكون المؤتمر في الجزائر قادرا على لأم التصدعات العربية وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية الامر الذي يعني ان الفلسطينيين سيستطيعون ان هم ادركوا المتغير وتحركوا بموجبات التغير ان يتقدموا خطوات جديدة في تصليب موقفهم الرخو وفرض شروط جديدة تتناسب مع التطورات وان غدا لناظره قريب،،،
أغسطس 02, 2022 0
أغسطس 02, 2022 0
أغسطس 02, 2022 0
أغسطس 02, 2022 0
أغسطس 02, 2022 0