- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

المؤتمر الوطني الثاني (11/ 3/ 1929) والثالث (25/ 5/ 1930)

من كتاب د. عصام محمد السعدي
الحركة الوطنية الاردنية
١٩٢١ ـ ١٩٤٦

تثمن ادارة صحيفة الأهالي، الجهد الوطني الكبير الذي قام به د. السعدي في إعداد بحث متميز حول دور الحركة الوطنية في تلك الاعوام الصعبة إن توثيق هذه السيرة التاريخية استنادا الى الانجازات الهامة للشعب الاردني وحركته الوطنية المنظمة في ذلك الوقت هو شأن سياسي واجتماعي وثوري بامتياز، وعلينا جميعا أن نحرص على الإسهام الجاد في تقديمه للأجيال الشابة … وذلك أضعف الايمان. لقد نظمت الاحزاب الوطنية الاردنية في تلك الحقبة التاريخية المشار اليها ستة مؤتمرات ، سنعرضها بالتتالي بادئين بالمؤتمر الوطني الأول. خلال سنوات 1925 – 1927 عاشت الجماهير الاردنية حالة خمول سياسي عام، بعد ان تسنى لحكومة الامارة وسلطات الانتداب قمع حالات التمرد والانتفاض الشعبي واخراج الاستقلاليين من البلاد بموجب الانذار البريطاني (آب 1924)، ساعد في ذلك فرض السيطرة السياسية والمالية والعسكرية على البلاد

توترت العلاقة ما بين اللجنة التنفيذية للمؤتمر من جهة والحكومة الاردنية ودار الاعتماد من جهة ثانية، وأخذت حكومة الامارة التي اتهمتها اللجنة التنفيذية بدفع المعتمد البريطاني الى أخذ موقف متشدد حيالها، تلجأ الى أساليب عرفية في الضغط على قادة العمل الوطني من أجل التنازل عن مواقفهم السياسية، خاصة بعد الدور النشط والناجح الذي لعبته اللجنة التنفيذية في مقاطعة الانتخابات وفضح اساليب الحكومة في جمع المجلس النيابي واقرار الاتفاقية الاردنية – البريطانية
وقد شكلت مؤسسة المتمر الوطني خندقا شعبيا حصينا لزعماء البلاد الوطنيين، ومصدر قوتهم، لمواجهة السياسات المحلية والبريطانية في البلاد، فهو الذي منحهم الصفة التمثيلية الشعبية وفي هذه المناخات دعا حزب اللجنة التنفيذية الى عقد المؤتمر الوطني الاردني الثاني، بعد حصوله على الترخيص الرسمي بالعمل
افتتح المؤتمر الوطني الثاني في قاعة فندق حمدان في العاصمة الاردنية عمان في _2/12/1929) برئاسة حسين الطراونة، بخطاب ألقاه سكرتيره العام طاهر الجقة باسم اللجنة التنفيذية، شرح فيه حالة البلاد وما آلت اليه من اضطهاد وفقر وتلاه نجيب ابو الشعر، عضو المجلس التشريعي، الذي دعا الى اجراء انتخابات جديدة للمجلس التشريعي، وتأليف حكومة وطنية مسؤولة أمام المجلس ثم ألقى سليم البخيت خطابا هاجم فيه بريطانيا لتدخلها في «كل كبيرة وصغيرة» في شؤون البلاد، الأمر الذي جعل أهالي البلاد يعتقدون انهم يحكمون مباشرة من قبل السلطات البريطانية، ثم تبعه برهم سماوي ومحمود الخالد الغرايبة والمحامي صالح الصمادي وسعيد العاص، فطالبوا بالغاء المعاهدة واستقلال البلاد والسعي الى الوحدة
وقد اتخذ المؤتمر القرارات التالية:

أولا: في المجال الداخلي:

1 – السعي وراء الاستقلال التام أسوة بباقي البلاد العربية
2 – السعي لتشكيل حكومة وطنية تحوز على ثقة الشعب
3 – السعي لتخفيف الضرائب عن كاهل المكلف الاردني بما تتحمله حالته المالية
4 – السعي لتوسيع المعارف مع ارسال بعثات علمية على نفقة المعارف الى الجامعات العربية
5 – تأييد النواب المدافعين عن حقوق البلاد في المجلس التشريعي
6 – السعي لتحقيق بنود الميثاق الوطني
7 – تعديل القوانين المجتمعة، والغاء القوانين الجائرة، كقانون وضع الجرائم وقانون النفي والابعاد وقانون العقوبات المشتركة، مع السعي المشترك لتعديل الاتفاقية الاردنية – البريطانية، بما يتلاءم مع مصالح البلاد السياسية والاقتصادية وصون سيادتها القومية
8 – السعي وراء اعفاء (ضرائب) البقايا المتأخرة من السنين السابقة، رحمة بحالة المكلف الاردني المرهق
9 – الاحتجاج على وعد بلفور المشؤوم الذي وان صح سيكون ضربة قاضية على البلاد العربية كلها، مع استنكار التصرفات القاهرة التي تستعملها السلطة في فلسطين في الاحوال الحاضرة
10 – تأييد اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الاردني مع شكرها على ما قامت به وتقوم به من الاعمال الجليلة لخدمة البلاد
12 – السعي للوحدة العربية
ثانيا في المجال الخارجي:
أقر المؤتمر الثاني القرارات التالية، وطلب الى اللجنة التنفيذية إبلاغها الى عصبة الأمم:
1 – ان الحكومة البريطانية لم يتصرف ممثلوها في شرقي الاردن تصرفا ينطبق على روح عهد جمعية الامم بالنسبة لحقوق السكان ومصالحهم وضمان حرياتهم المشروعة
2 – ان مشروع المعاهدة المعروضة على شرق الاردن قد أجمعت البلاد على رفضه رفضا باتا لمخالفته أماني البلاد القومية وميثاقها الوطني ووعود انجلترا الخاصة للعرب، واعهدات الحلفاء بالمحافظة على حقوق الامم الضعيفة اثناء الحرب العامة
3 – ان المجلس التشريعي الض‭\‬ذي يُدعى على الاسس وبالطرق المار ذكرها لا يمثل بلاد شرقي الاردن، بل هو يمثل أشخاص اعضائه فقط، ومقرراته لا تعبر عن رغائب الامة ولا تلزم البلاد في شيء، بل تعتبر مقرراته جزءا من أجزاء التسلط البريطاني غير المشروع
4 – ان شرقي الاردن تعتبر ميثاقها القومي أصلا في المطالبة بحقوقها الاستقلالية المشروعة ووضع دستورها على اساس السيادة القومية، وهي تتنصل من كل مسؤولية تقع في البلاد من جراء تعنت ممثلي بريطانيا العظمى في خروجهم عن روح عهد جمعية الامم ازاء الشعب وفي تقديرهم ان استرقاق الشعوب لم يعد جائزا في القرن العشرين بعد جهادها العام في سبيل التحرير، وبعد ان كانت انجلترا نفسها أول من نادى بابطال رق الافراد، بل انها تعتبر الحكومة البريطانية وحدها هي المسؤولة عن التقهقر الاقتصادي والاجتماعي لا يسعها السكوت عليه
5 – باسم الحضارة الانسانية نلفت (نظر) جمعية الامم المحترمة الى جميع الحقائق المتقدمة التي يوقعها ممثلو بريطانيا العظمى باسمها ونرجو اليها ايفاد لجنة حيادية نزيهة للنظر في هذه الامور وتحقيق صحة هذه الشكوى المؤيدة بالوثائق الرسمية
ويلاحظ ان قرارات المؤتمر الوطني الثاني في المجال الداخلي جاءت تكرار لبعض بنود الميثاق الوطني، وبعضها الآخر يأتي تفسيرا لبعض مواده الاخرى، على ان ما يلفت النظر في قراراته انه أكد على مسألة الوحدة العربية والسعي من أجل انجازها، وهو ما أغفله المؤتمر الوطني الاول او تناساه، ومما يؤخذ عليه انه عجز مثل سلفه عن تحديد الوسائل اللازمة لتحقيق قراراته وأهدافه
تأتي قرارات المؤتمر الوطني الثاني في المجال الخارجي تطورا ملموسا في شكل الممارسة السياسية الشعبية، فقد جاء نقل المعركة مع الكولونيالية البريطانية الى ساحة جمعية الامم على خلفية اغلاق دار الاعتماد في عمان وحكومة الانتداب في فلسطين الطريق أمام اي حوار مع اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الاردني، وجاءت القرارات بشكل شكوى لدى جمعية الامم من ممارسات الحكومة البريطانية وأجهزتها (دار الاعتماد وحكومة الانتداب) السياسية والادارية والاقتصادية والتشريعية

المؤتمر الوطني الاردني الثالث (25/5/1930)

خيمت أجواء الخلاف بين اعضاء اللجنة التنفيذية على الاستعدادات التي جرت لعقد المؤتمر الوطني الثالث، ويبدو ان مصالح بعض شيوخ وزعماء البلاد الخاصة، كانت تقف خلف معظم مواقفهم، ونجاح الحكومة في شق صف المعارضة التي انتظمت في صفوف مؤسسة المؤتمرات الوطنية، وكسبها عدد من اعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني كان وراء تباين الآراء والاجتهادات والمواقف التي كانت مجتمعة سببا في تعثر عمل اللجنة ونشاطها في الفترة التي سبقت انعقاده وفي هذه الاجواء انعقد المؤتمر الوطني الثالث في اربد يوم (25/5/1930) تحت شعار «مناقشة الحالة السياسية الشاذة التي تجتازها البلاد والظروف التي تمر بها»
وقد فرضت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عاشتها جماهير البلاد منذ انعقاد المؤتمر الوطني الاول عام 1928، نفسها على مواقف اعضاء اللجنة التنفيذية، وتجلى ذلك بشكل بيّن في مناقشات المؤتمر وخطب زعمائه، وتركيزهم على الحالة الاقتصادية والسياسية العامة للبلاد، انسجاما مع شعار المؤتمر الرئيسي فقد اشار سكرتير اللجنة التنفيذية للمؤتمر طاهر الجقة في خطابه الى الاحوال السياسية والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وما وصلت اليه الحكومة من ضعف واستسلام لدار الاعتماد، وأوضح عيوب المجلس التشريعي وما جره على البلاد من اضرار بسبب توقيعه على الاتفاق الاردني البريطاني الذي رهن مقدرات البلاد للاستعمار البريطاني، بعد ان شرح عيوب النظام السياسي القائم
كان من أبرز خطباء المؤتمر الذي حضره نحو الفي شخصية سياسية واجتماعية، مصطفى وهبي التل الذي ألقى خطابا سياسيا حماسيا عالج فيه أحوال البلاد السياسية والاقتصادية، وربط على نحو واع بين «التعمد الحكومي في ايقاع وتعميق هذه الأزمات وبين سياسة الحركة الصهيونية» التي «يظهر ان هناك نيات مقصودة عن طريق الصكوك والعقود» لمد نفوذها الى البلاد، في اشارة الى مسألة محاولة الامير عبد الله وبعض الشيوخ تأجير أراضيهم للوكالة اليهودية واقترح على المؤتمر لمعالجة ذلك مشاريع القرارات التالية:
ــ ان يقرر المؤتمر عدم مشروعية الحكومة الحاضرة، التي تتحمل مسؤولية ما آلت اليه البلاد من تدهور سياسي واقتصادي
ــ ان يقرر المؤتمر استصراخ العالمين العربي والاسلامي للعناية بإنعاش شرقي الاردن إنعاشا اقتصاديا، وللحد من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها الجماهير الاردنية، وما سببته من مجاعات لحقت بمعظم فئات الشعب
ــ ان يقرر المؤتمر ان الارض في شرقي الاردن ليست الا على نوعين «أراض مملوكة وأراض موقوفة» ولا وجود اطلاقا لأراض أميرية او محلولة وذلك بهدف التعامل مع الاراضي الاميرية كأراضي وقف لا يجوز للأمير التصرف بها، وذلك لقطع الطريق على الامير عبد الله الذي أعلن رغبته في تأجير الاراضي الاميرية، وانتشار اشاعات عن تأجير أراضي غور الكبد للوكالة اليهودية
وبعد المداولة في كافة المواضيع التي أثيرت قرر المؤتمر ما يلي:
أولا: تشكيل حكومة دستورية مسؤولة أمام مجلس نيابي منتخب انتخابا حرا وصحيحا، وكل حكومة تألفت على غير هذه الاسس في شرقي الاردن فهي غير مشروعة، لأن ما هو مشهود في البلاد اليوم من «الاضطرابات والإبهام السياسي والفوضى الادارية والخبط القضائي والأزمات الاقتصادية المستحكمة انما هو نتيجة محتمة لهذا الوضع السياسي الشاذ الذي عليه البلاد الاردنية» مصدره الاساسي الحكومات المتعاقبة
ثانيا: لا تعترف الامة بمشروعية المجلس التشريعي الذي ألفته الحكومة غير المشروعة ولا تتقيد بمقرراته
ثالثا: لا تعترف الأمة بالتصرفات التي وقعت والتي ستقع من أية سلطة كانت قبل تأليف الحكومة النيابية المنشودة والتي تنال ثقة الشعب وتتمتع بالسيادة والسلطان القومي
رابعا: تبلغ صورة عن قرارات المؤتمر الوطني الثالث هذا للمراجع المختصة
خامسا: يلتئم المؤتمر الوطني الاردني بعد ثلاثة شهور في المنطقة الجنوبية، للتداول في اقرار الطرق الاجرائية بالصورة السلمية المشروعة لتنفيذ أحكام مقررات المؤتمر الثالث، فيما اذا لم يعتنى بها ممن يعنيهم الامر العناية الكافية
يلاحظ من خلال مقررات المؤتمر انها تكرار لمقررات المؤتمرات الوطنية السابقة، كما انها لم تكن بمستوى المرحلة تلك، ويبدو ان المؤتمر لم ينجز مهامه وانه فشل في اتخاذ قرارات جوهرية، كما انه لم يتمكن من اقرار وسائله وأدواته النضالية، ويمكن ملاحظة ذلك من قراره الاخير، فالمؤتمرات الوطنية تعقد عادة كل سنة، ومعنى عقد المؤتمر الرابع بعد ثلاثة شهور يؤشر على حجم الخلافات التي عبرت عن نفسها في المؤتمر بصور متعددة، من بينها رفض عدد من اعضائه التوقيع على قراراته، وهو ما عرّض آلية الاجماع التي درجت عليها المؤتمرات السابقة للانهيار، وقد تعمقت حالة الخلاف بين اعضاء اللجنة التنفيذية بإصرار الفريق المعارض للجنة التنفيذية للمؤتمر بزعامة الشيخ مثقال الفايز على الانشقاق عنها وتشكيل حزب سياسي
وقد انعكست بلا شك حالة الخلاف تلك على النشاطات السياسية للجنة التنفيذية، ويبدو انها انشغلت بخلافاتها ومحاولات رأب الصدع بين قادتها، فلم تتح فرصة القيام بدورها السياسي داخليا، واقتصرت نشاطاتها على التضامن مع جماهير فلسطين، وذلم بالدعوة الى التظاهر إثر حكم الاعدام في حق ثلاثة من الفلسطينيين أيام 15 و16 و17 حزيران 1930 وكان أضخم هذه المظاهرات التي اجتاحت البلاد ما شهدته مدينة اربد، بقيادة زعمائها وأعيانها قادة اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الاردني
اضافة الى حضور وفد من اللجنة التنفيذية جلسات لجنة البراق الدولية، وتقديمه مذكرة باسم أهالي شرقي الاردن الى اللجنة، تضمنت احتجاج جماهير البلاد ورفضهم لكل المحاولات الرامية لاعطاء البراق لليهود
رأى الامير عبد الله انه من بين ابرز الخاسرين من حالة الانقسام في مؤسسات المؤتمرات الوطنية التي منحته السند والشرعية الشعبية من خلال قراراتها المتكررة بالاخلاص له ولأعقابه من بعده، وكان الامير خلال السنوات العشر التي أعقبت تأسيس دولة الامارة عام 1921، قد بذل جهودا كبيرة في البحث عن مظلة وسند اجتماعي / سياسي محلي، غير انه فشل كما رأينا في الفصل الثاني، وجاءت المؤتمرات الوطنية لتوفر له مثل تلك المظلة، الأمر الذي دفعه لبذل جهود كبيرة من أجل اجراء مصالحة بين اعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني وجماعة مثقال الفايز (الحزب الحر المعتدل) الموالية للحكومة، فقام بزيارات لمعظم اعضاء اللجنة التنفيذية، وأغدق من خلال زياراته الألقاب على عدد كبير من شيوخ العشائر في محاولة للتأثير عليهم، وقد تكللت محاولات الأمير بالنجاح، اذ قام حسين الطراونة رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني في (تشرين الثاني 1930) بتوجيه الدعوة لأعيان البلاد للاجتماع في منزل مثقال الفايز لاجراء مصالحة بين الطرفين، وتقريب وجهات النظر بينهما، وحضر الاجتماع الذي عقد في (10 تشرين الثاني / نوفمبر 1930) نحو مئة شخصية، طلب منها مثقال الفايز عدم «مزج المسائل الشخصية بالمسائل العامة»، كما تمنى على الحضور الاتحاد ورص الصفوف، ثم تحدث حسين الطراونة وأبرز اضرار التشرذم والانقسام وأعرب عن اعتقاده بحسن نية الموالين للحكومة في اشارة الى مثقال الفايز وجماعته، ودعاهم الى «الانضمام لإخوانهم الوطنيين حتى تكون البلاد كتلة قوية متراصة… لإرغام الحكومة على تنفيذ ما قررته الأمة في مؤتمراتها»، ثم ألقى عدد من الزعماء كلمات اخرى صبت بذات الاتجاه، واختتم الاجتماع بطلب سكرتير اللجنة التنفيذية طاهر الجقة ان يقسم الحضور يين الاخلاص للوطن ففعلوا.
ويبدو ان فريق مثقال الفايز بدعم من الأمير عبد الله قد نجح في التأثير على اعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني وزعزعة مواقفهم، خاصة عندما استجابوا لدعوة مثقال الفايز لحضور اجتماع يعقد في منزله في (12 كانون الثاني / يناير 1931) حضره الموالون للحكومة والمعارضون لها، وقرر الطرفان تأليف وفد للتفاوض مع الامير عبد الله بغية تشكيل حكومة شعبية مسؤولة أمام مجلس نيابي، هدفها «تخليص البلاد من الحالة السيئة التي وصلت اليها».
وقد استجاب الامير عبد الله لدعوة الوفد، وأمر بتشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ عبد الله السراج، قامت باسترضاء المعارضة السياسية، فعينت طاهر الجقة سكرتير اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني وأحد ابرز نشطائها رئيسا لبلدية عمان في (آذار / مارس 1931) في حين أبعدت بعض زعماء المعارضة الذين رفضوا التعاون مع حكومة السراج، وقد أثار ذلك حفيظة عدد من المثقفين الاردنيين وعلى رأسهم مصطفى وهبي التل الذي شن هجوما قاسيا على طاهر الجقة من على صفحات جريدة الكرمل، وانتقد بشدة اعضاء اللجنة التنفيذية ولا سيما رئيسها حسين الطراونة. ووصف التل المعارضة بالعجز، واتهمها بالرياء والتظاهر، وتساءل عما حققته طوال السنوات الثلاث من حياتها «هل تبدل حرف من أحرف المعاهدة؟ هل خفت وطأة المجاعة؟ هل امتنعت حتى المظالم الفظيعة التي تحملها فوق طاقة حتى البهائم وليس البشر؟ هل حيل بين محلولية دونم واحد من الاراضي؟ هل احيط الانجليز علما حتى بأنصع المصائب التي يرتكبها بعضهم باسم انتدابهم في شرقي الاردن»؟.
وقد انعكست الحالة تلك على نشاطات اللجنة التنفيذية ودورها المعارض خلال عام 1931، ساعد على ذلك بقاء مظتهر انشقاق جبهة المعارضة قائمة برغم كافة الاجراءات الوقائية والعلاجية التي قامت بها الحكومة والامير، مما دفع الصحافة الفلسطينية الى اتهام اللجنة التنفيذية للمؤتمر بأنها «نامت نومة أهل الكهف، ولم يسمع لها صوت، ولا يحس لها أثر»، ولم يصدر عن اللجنة التنفيذية خلال عامي 1931 – 1932 غير بيان واحد بتاريخ (3/2/1932). عبر عن تأييد اللجنة التنفيذية لمطالب الجماهير الاردنية في استبدال الموظفين المستعارين من خارج ابناء البلاد لرفضهم التجنس بالنسية الاردنية، وأشار البيان الى ان الدعوة هذه ليست اقليمية لأن الاردن كان ولا يزال معقلا للعرب والعروبة.