- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

الاعتداء على مياهنا وطاقتنا الكهربائية هو اعتداء على سيادتنا الوطنية

الحرب على المياه، والسيطرة على منابعها في منطقتنا لم تبدأ الآن، بل بدأتها قوى الاستعمار الحديث منذ منتصف القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر، عندما ادركت «بريطانيا العظمى» ، أنها ستفقد السيطرة على قناة السويس : طريقها الأقصر الى الهند، فبدأت البحث عن البديل ، وكان قرارها في ذلك الوقت وتحديداً عام ١٩٣٨ عندما كانت «فلسطين والأردن» تحت سيطرة الانتداب البريطاني، بأن يتم تنفيذ مشروع «شق قناة من البحر الابيض الى البحر الميت» وذلك من اجل : «الاستيلاء على مصادر مياه الأردن وروافده وهي نهر بانياس السوري والحاصباني اللبناني»، اضافة الى عوامل عديدة اخرى، ولكن اللافت هو ما ورد في كتاب «فلسطين أرض الميعاد» الصادر عام ١٩٤٤ بأن «مشروع القناة سوف ينعش اقتصاديا وزراعيا وصناعيا حوالي اربعة ملايين يهودي من لاجئي اوروبا وبعد تدفق المياه من نهر الاردن واليرموك ووادي الزرقاء الى السهول والسفوح المحيطة»…!!! هذا اضافة لما ستجنيه بريطانيا من الموانيء التي ستنشأ في سياق المشروع.
ولم تتوقف الحروب على مياهنا بل تصاعدت واخذت أشكالاً وبنيت على اساسها خرائط الاستعمار الاستيطاني الصهيوني الذي قرر حدود دولته التوسعية ربطاً بالحدود المائية : «من النيل الى الفرات» كما حظي موضوع المياه في المشروع الصهيوني «باهمية مركزية» من اجل توفير كل العوامل المساعدة على توطين اليهود القادمين من بلدان العالم على الارض الفلسطينية، في هذا السياق قامت دولة الاحتلال بتحويل مياه نهر الاردن عام ١٩٦٤ الى النقب وذلك لأغراض اخرى شديدة الخطورة تتعلق بحاجة المفاعل النووي الاسرائيلي لمياه التبريد!! وتسيطر منذ الاحتلال عام ١٩٦٧ على جميع منابع المياه في الضفة الغربية .
الاردن لم يقف مكتوف الايدي، بل تحرك على مستويات عربية واسلامية ودولية في بداية الثمانينات واصدرت جامعة الدول العربية، ودول عدم الانحياز الـ ٧٧ وكذلك هيئة الامم المتحدة، قرارات قاطعة، بإلغاء مشروع قناة البحرين كونه يتعارض مع القوانين الدولية (١٩٨٤) وقال القرار في حيثياته «ان القناة ستسبب في اضرار على الاردن لا يمكن اصلاحها»، وفي المذكرة التي وجهها الأردن عام ١٩٨١ الى مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية، جاء ما يلي: «ان مشروع ربط البحر الابيض بالميت سيساعد في تطوير مفاعلات اسرائيل النووية التي تعمل على تصنيع القنابل الذرية والذي من شأنه أن يساعدها على تثبيت احتلالها للاراضي العربية».
بعد تجميد هذا المشروع في ضوء الاعتراضات الاردنية والعربية والدولية، بدأ طرح مشروع ربط قناة من البحر الاحمر الى الميت وذلك عام ٢٠٠١ وتبنت دولة الاحتلال هذا المشروع الذي» سيضيف الى مساحة اسرائيل اكثر من ١٧٤٧كم٢ من اراضي الاردن،والضفة الغربية وقيمت الدراسة الاسرائيلة بأن قيمة الارض تساوي ٤٦ مليار دولار» .
التتبع التاريخي يؤكد بأن الحرب على المياه والهيمنة على مصادرها هي جزء اصيل في المشروع الاستعماري الصهيوني المدعوم بالكامل من جانب الادارة الامريكية.
المخاطر كبيرة، والتصدي لما سمي باتفاق النوايا:( المياه مقابل الكهرباء) هي مهمة وطنية بامتياز تقع على عاتق جميع ابناء هذا الوطن ومؤسساته الرسمية والشعبية، خصوصاً وأن البدائل الوطنية متوفرة دون حاجة لتعريض بلادنا الى كل هذه المخاطر.