| نشر في أكتوبر 26, 2021 1:13 م | القسم: رأي الأهالي | نسخة للطباعة :
من الاخطاء السياسية الشائعة، عدم الربط بين معاهدة وادي عربة التي وقعها الاردن مع العدو الصهيوني عام ١٩٩٤، وبين ظاهرة التدهور المتواصل الذي حل بالبلاد على الصعد كافة، فالمعاهدة ليست نصوصاً جامدة، ولكنها تتضمن آليات تنفيذ لاتفاقات سياسية واقتصادية وثقافية، وهذه الاتفاقات اصبحت منذ ذلك الوقت تتحكم في ادارة مواردنا الاستراتيجية ، وتطرح أسساً جديدة في العلاقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة، غير تلك التي كانت قبل توقيع المعاهدة.
كان من النتائج المباشرة للمعاهدة أن تعثر برنامج التحول الديمقراطي الذي بدأ عام ١٩٨٩، بعد أن تم تضييق دائرة القرار واقتصارها على نخب محدودة جداً تتحكم في قرارات الحكومات ومجالس النواب، ونتائج هذا التضييق الى ابعد الحدود عكس نفسه على صورة أزمات حادة بسبب إقصاء معظم الفئات السياسية والاجتماعية، وتواصل هذه الازمات السياسية والاقتصادية والمالية دون توقف حتى يومنا.
المحاور الاستراتيجية الرئيسية في البلاد، تديرها أيضاً هذه النخب المشار اليها، دون أدنى اكتراث للتدهور المتواصل في مجالات: الصحة، التعليم ، العمل، النقل ، الغذاء والدواء، الضرائب، تسعير المشتقات النفطية ، المياه ، الغاز، . الخ.
وأينما تلفتنا، لا بد وأن نجد أزمة حادة تحل في كل مفاصل حياتنا اليومية دون طرح آفاق لحلول وطنية جادة.
ناهيك عن البعد الثقافي المتداخل والمشوش، والخطاب المنهك بسبب غياب معظم القيم الوطنية الراسخة وتآكلها يوماً وراء يوم .
فمع غياب الديمقراطية السياسية الجادة،ومطاردة الحريات العامة، تتفاقم ظواهر الفساد المالي والاداري وكذلك الفساد الثقافي الذي يدعو للتقوقع والانعزال، ويبتعد عن طرح الأسئلة الجوهرية والاضاءة على الاجابات الضرورية. فما الذي يدفع الآن جمهور غير قليل من المثقفين لهذا الجدل العقيم حول الهوية الوطنية؟
وما قيمة الحديث عن الهوية الوطنية اذا لم تتمسك بقواعدها الرئيسية متمثلة بالحفاظ على الاستقلال الوطني وحرية القرار السياسي والاعتماد على الاقتصاد الانتاجي، وحماية تاريخنا الوطني والقومي … الذي صنعه الاجداد على امتداد مائة عام…
ولماذا تذهب النقاشات الى الزواريب الفئوية الضيقة والتعصب الاقليمي البغيض، في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه الى حماية الحريات العامة، وانقاذ الاقتصاد الوطني، والتحرر من التبعية لقوى الليبرالية الجديدة التي هشمت أو تكاد مؤسسات الدولة وأحدثت انقساماً أفقياً خطيراً في المشهد الاجتماعي الاردني.
لنبحث عن الألغام الخطرة التي زرعتها معاهدة وادي عربة في ارضنا وهوائنا ومائنا واقتصادنا وثقافتنا، ثم نذهب باتجاه المهام الأصعب في إعادة بناء مشروعنا الوطني المستقل.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
مارس 20, 2024 0
فبراير 28, 2024 0
فبراير 13, 2024 0
Sorry. No data so far.