| نشر في سبتمبر 14, 2021 1:34 م | القسم: آخر الأخبار, عربي ودولي | نسخة للطباعة :
خليل ابو غوش
عضو اللجنة المركزية ـ حشد
لطالما اعتقدت الامبريالية الاميركية بأن دول امريكا الجنوبية تمثل الحديقة الخلفية للبيت الابيض، وأن كل ما يمكن ان يحدث في هذه الدول يجب ان يمر عبر دهاليزهم وموافقة دوائرهم العنصرية، ولذلك كانت وما زالت تناصب العداء لكل عملية تحررية تتم في هذه الدول التي تتكوّن منها اميركا اللاتينية.
ففي مؤتمر بنما لدول اميركا اللاتينية عام ١٨٢٦ أصر سيمون بوليفار على عدم دعوة الولايات المتحدة الاميركية وقال في ذلك إن ما يحدث في حال دعوة الولايات المتحدة هو أن “الاسد سيدخل الى الحفل ليلتهم المجتمعين”
لقد كانت نبوءة وإستشراف المستقبل لدى الثائر العظيم سيمون بوليفار قبل مائتي عام صادقة ودقيقة عندما حدّد طبيعة العلاقة التي ستسعى الولايات المتحدة الاميركية لفرضها على دول أميركا اللاتينية. حيث أشار لذلك في رسالته في ٥ آب ١٨٢٩ الى الكولونيل باتريك كامبل سكرتير المفوضية البريطانية في كولومبيا في ذلك الوقت حين قال فيها “ يبدو أن الولايات المتحدة الاميركية ستغرق القارة الاميركية بالويلات بإسم الحرية”
وامتداداً لهذا الارث البوليفاري العظيم يجدّد القائد الثائر / نيكولاس مادورو/ ذات الموقف من أميركا وهو الذي يسير على خطى الرمز النضالي العالمي وصاحب الشخصية الكارزمية / هوجو تشافيز/ حين قال في كلمته في حفل تقليده الوشاح الرئاسي وأدائه اليمين الدستوري كرئيس منتخب “ الاصفر والازرق والاحمر، ألوان مشتركة بين أعلام فنزويلا وكولومبيا والإكوادور، إنها ألوان علم الجيش الذي حررها جميعاً، إنه جيش سيمون بوليفار ، لا جيش كابتن أميركا” قالها رداً على تصريح صحفي للرئيس الكولومبي/ إيفان دوكيه/ عندما كان يعقد مؤتمراً صحفياً مع وزير خارجية أميركا ترامب في حينه/ مايك بومبيو/ في مطلع ٢٠١٩، حيث عمل على خلط الاوراق وتشويه صورة الرمز سيمون بوليفار حين قال “أن مؤسسي الولايات المتحدة الاميركية الاوائل قدّموا دعماً محورياً لحركة الاستقلال في كولومبيا بقيادة سيمون بوليفار”
ومنذ اكثر من قرنين من الزمان ما زالت الامبريالية الاميركية تنشب أظفارها في دول اميركا اللاتينية كما في بقية بقاع الارض، وتستعمل قوّتها العسكرية والاقتصادية لإحكام سيطرتها على مقدّرات الشعوب وإدخال المجتمعات في صراعات داخلية ليتسنّى لها تمكين حلفائها وإبقائهم في سدّة الحكم ليقوموا على خدمة مصالحها. اذ تستعمل دولة كولومبيا كقاعدة انطلاق لإحكام الحصار على فنزويلا والحكومة البوليفارية فيها، مع أنه لا يوجد خلافات او تاريخ عدائي بين هاتين الدولتين، وقد كانت فنزويلا وكولومبيا من ضمن الدول التي حرّرها سيمون بوليفار إضافة الى الاكوادور وبيرو وبوليفيا، وعمل على توحيدها سياسياً واقتصادياً بما يتلائم مع طموحات شعوبها المقهورة والمسلوبة ويتعارض مع النهج الاستعماري المفروض عليها. حيث ان مفهوم وجوهر الصراع او الصراعات في القارّة اللاتينية هو بين نهجين اثنين لا ثالث لهما، الاول هو نهج الأقليات الحاكمة في تلك الدول والمرتبطة بالمستعمر والممثلة لمصالحه باعتباره السيد الأوحد لتلك البلاد ، والنهج الثاني يمثله تلك الحركات الوطنية التي تعمل على استعادة ثروات البلاد وجعل الغالبية العظمى من أهل البلاد سادة أنفسهم أحراراً غير تابعين.
وارتكازاً على هذه القاعدة الاستعمارية في التعامل مع الدول والشعوب التي تتوق لنيل حريتها وامتلاك ثرواتها ، نرى الولايات المتحدة تعمل على حصار كوبا منذ انتصار ثورتها بقيادة القائد الملهم / فيدل كاسترو/ وحتى الآن، وانقلابها الذي نفذّته CIA وكالة الاستخبارات الاميركية ضد الرئيس الليندي وحكومته الشرعية في تشيلي عام ١٩٧٣ ومحاربتها للثورة الساندينية في نيكاراغوا وتآمرها على بوليفيا والسلفادور، نراها تستعمل ذات الاسلحة في حربها التي تشنّها على فنزويلا، مستعينة وداعمة بنفس الوقت لمعارضة تريد من خلالها إعادة حكم الاوليغارية الفاسدة كي تعيد لها نفوذها على تلك البلاد، حيث دفعت بتلك المعارضة لتشكيل حكومة انتقالية تنازع السلطة الشرعية صلاحياتها ، واستولت هذه المعارضة وبدعم من أميركا على أصول وممتلكات فنزويلا في الخارج وخاصة في الولايات المتحدة والتي تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، وتقوم اميركا كذلك بالتهديد بتدخل عسكري مباشر عن طريق كولومبيا وتعمل على تشديد الحصار الاقتصادي باستخدام كل انواع الضغط على حلفائها في العالم لإحكام الحصار على القلعة البوليفارية الصامدة بحكومتها وشعبها العظيم الذي يتحدّى ويواجه امبراطورية الشر الممثلة بالولايات المتحدة الاميركية، اذ عملوا كذلك على تخريب منشآ استخراج البترول وذلك بعدم السماح باستيراد قطع غيار لتلك المنشآت مما أدّى الى تعطيل عملية الاستخراج برمّتها مع ان قنزويلا تعدّ من اكبر الدول المنتجة للنفط في العالم وتمتلك احتياطاً هائلاً منه. ولم تتوقف اشكال الضغط على القلعة البوليفارية من قبل اميركا، فقد عملت على حرمان فنزويلا من المطاعيم المضادة للكورونا، جائحة العصر، ولولا العلاقات الطيبة لفنزويلا مع روسيا والصين مما سهّل وصول المطاعيم لكانت فاجعة كبرى تكبّدها الشعب الفنزويلي الطيّب.
وشعوراً بالمسؤولية وحرصاً من حكومة الجمهورية البوليفارية الفنزويلية على مصلحة شعبها وحماية لدستور الجمهورية والقانون فقد وافقت على اجراء حوار مع المعارضة الموحدة في البلاد للخروج من الازمة التي سببتها الهجمة الامبريالية وتمهيداً للانتخابات العامة التي ستعقد في تشرين الثاني ٢٠٢١، حيث ستكون انتخابات شاملة للمجالس المحلية والمحافظين والنواب ، وسيتم تتويجها بانتخابات رئاسية في ٢٤ كانون الاول ٢٠٢١، وقد خرج الطرفان بمذكرة تفاهم بهذا المضمون، وقد كان الحوار منعقداً في مدينة مكسيكو في المكسيك وتحت رعاية النرويج وبمشاركة كل من هولندا وروسيا الاتحادية.
أملنا كبير بانتصار النهج التحرري الوطني فهو الضامن الوحيد لمصالح وطموحات الشعب الفنزويلي الصديق.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.