| نشر في مايو 26, 2021 11:12 ص | القسم: آخر الأخبار, آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
عبد الحليم قنديل/ كاتب مصري
كتب الكاتب المصري عبد الحليم قنديل مقالا مما جاء فيه:
القدس فوق كونها عاصمة الروح والصلوات، بدت كمركز وحيد مؤهل لاستعادة وحدة القضية الفلسطينية
وهكذا سقطت الحواجز تباعا، وعاد الشعب الفلسطيني للاندماج في سيرة كفاح واحد متصل، أظهرته وقائع الانتفاضة الثانية أواخر سبتمبر 2000، والانتفاضة الثالثة من أكتوبر 2015 إلى نوفمبر 2016، التي ارتقى فيهما شهداء الداخل رفقة شهداء الضفة وغزة والقدس، ثم بدا التحول المثير في تمام وضوحه مع الانتفاضة الرابعة الجارية حوادثها مع قيامة القدس الأخيرة، فالقدس فوق كونها عاصمة الروح والصلوات، بدت كمركز وحيد مؤهل لاستعادة وحدة القضية الفلسطينية، وهي الاختصار البليغ المكثف لتاريخ محنة الشعب الفلسطيني في مدينة واحدة، جرى احتلال قسمها الغربي عام 1948، ثم قسمها الشرقي في 1967، فوق إلهامها السحري كعاصمة أبدية لفلسطين، الذي يعيد القضية إلى أصولها، ويبدأ سيرة كفاح جديدة، تتحدى أوهام تصفية القضية الفلسطينية، وتوحي بأحلام تصفية كيان الاغتصاب الإسرائيلي نفسه، والتقدم إلى هدف بناء دولة ديمقراطية شاملة على كل أراضي فلسطين، وعلى مراحل إنجاز متلاحقة، وبأغلبية فلسطينية متكاثرة حاسمة، تفكك نظام «الأبارتايد» الصهيوني العنصري، وتستقطب فئات من التجمع الإسرائيلي نفسه، وبعمل مدروس متراكم، يستلهم سيرة الكفاح في جنوب افريقيا بالذات، وقد نجح في قص دابر نظام استيطاني متوحش، وعبر هبات غضب شعبي، يستطيعها كل الناس، مع الاستمساك بحق المقاومة المسلحة المشروع، حيثما ووقتما أمكن. ومما ينطوي على مفارقة ظاهرة، أن كفاح الشعب الفلسطيني يتطور، بينما الحركة الوطنية الفلسطينية القيادية في أزمة مقعدة، لا ترتقي فيها إلى مهمات المرحلة، وتعاني من الانقسام النكد بين رام الله وغزة، فوق استمرار خضوع بعضها لأوهام أوسلو وتوابعها، والبحث عن تسويات ظالمة، فوق أنها لم تعد ممكنة، ترفع شعارات خشبية من نوع دويلة الضفة وغزة، أو الخلافات حول انتخابات لا تجدي فتيلا، وصراعات تقاسم كعكة سلطة فلسطينية متلاشية الجدوى، ولا حل أفضل في ما نتصور، سوى بترك سلطة الحكم الذاتي المحدود لمصائر التحلل، والتركيز على تجديد الإطار الوطني الجامع، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كقيادة ميدانية للكفاح الوطني، مع تخلى القيادات التي هرمت عن كراسيها، وإتاحة الفرصة لأجيال جديدة عفية، تنسق الحركة والتفاعلات مع إطارات الداخل الفلسطيني، وتتبنى سياسة هجومية عنوانها «الدولة الواحدة» لا «حل الدولتين» غير المأسوف على شبابه، مع الوعي طبعا بضرورة خوض كفاح على مدى طويل نسبيا، قد يمتد إلى أواسط القرن الجاري، أي إلى وقت مرور مئة سنة على حرب النكبة عام 1948، وقتها لن يكون واردا بقاء «إسرائيل» على ما هي عليه، بسبب أثر الخلطة الفعالة، ما بين ثقل النمو السكاني الفلسطيني، وتطور أساليب الكفاح الجامع، مع الاستعداد البطولي لتحمل التضحيات، في ظل اختلال موازين القوى العسكرية، ومع اتساع آفاق تنمية المقدرة الفلسطينية، وبإبداع أجيال أفضل الشعوب العربية تعليما، وعلى نحو ما جرى بين حربي 2014 و2021 في غزة، وقفزات تكنولوجيا المسيرات والصواريخ المصنعة ذاتيا، ومضاعفة مدياتها، وبما جعل أغلبية سكان كيان الاغتصاب تحت تهديد النار، ومن دون التوقف كثيرا عند أسماء فصائل الصواريخ، فلا يصح اختصار قضية فلسطين في اسم حركة، أو فصيل، وكم من حركات جاءت وذهبت ليولد غيرها، والحق لا يعرف بالرجال، بل يعرف الرجال بالحق، لكن التحية واجبة لصناع توازن الردع الجديد، صحيح أن عدد شهداء فلسطين أكبر بما لا يقاس إلى العدد القليل من قتلى الإسرائيليين، وصحيح أن القدرة التدميرية لصواريخ الفلسطينيين لا تزال في بواكيرها، لكن آلاف الصواريخ الفلسطينية أثبتت مقدرة أعظم بمراحل هذه المرة، وشلت مظاهر الحياة في كيان الاحتلال، وأصابت الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين بالهلع العام، فوق التطور المبهر لترسانة سلاح غزة، وعجز جيش الاحتلال المرعوب من غزو بري، كان يجري في حروب سبقت، ولم يجرؤوا عليه هذه المرة خشية الاحتراق في أتون غزة.
يبقى التأكيد على ماهو مؤكد، وهو أن تحرير فلسطين مهمة الشعب الفلسطيني بالأساس، وهو قادر عليها بعون الله، فالمسألة الفلسطينية قضية تحرير وطني، لها باليقين أبعاد قومية جامعة لشعوب الأمة العربية بمسلميها ومسيحييها، وأبعاد حضارية ممتدة لأمم العالم الإسلامي، فوق طابعها الإنساني التحرري العالمي، وقيامة فلسطين أولا هي التي تغير الموازين، وتحرج المتخاذلين والمتواطئين، وتستعيد قوة الرأي العام المساند للحق الفلسطيني، وتعيد تشكيل مواقف أطراف المنطقة الأهم في أجواء الغليان، وعلى نحو ما بدا ملموسا مؤثرا في تطور الموقف المصري بالذات، وهذه قصة أخرى قد نعود إليها لاحقا.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.