- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

الديمقراطية والحريات العامة /كمال مضاعين

تبدو الادارة الامريكية الجديدة مهتمة بموضوع الحريات العامه بالدول العربية ، بعدما تغاضت اداره ترامب السابقة عن ملف الحريات العامة بالعالم العربي مقابل دفع الاموال ( الاتاوات ) سواء بشكل مباشر أو غير مباشر .
الكل يعلم أن الحريات العامة بالعالم العربي هي آخر ما يمكن أن يُقلق الولايات المتحدة ، بل العكس هو الصحيح ، لان الولايات المتحدة هي التي تحمي الانظمة الفاسدة والديكتاتورية لانها أداة طيعه وقليلة الكلفة ، لا بل أنها تدفع للولايات المتحدة مقابل هذه الحماية ، سواءً بشكل مباشر أو عبر شراء السلاح الخردة ، وهذه الانظمة عينها تخدم الادارة الامريكية ليل نهار وبكل المواقع وبدون شروط أو تحفظات ، أذن لماذا هذا الاهتمام الامريكي المفاجىء بالحريات العامه ؟ .
أولا ، وقبل كل شيء ، وليس دفاعاً عن دكتاتورية الانظمة العربية الفاسدة ، فإن هدف وغاية الولايات المتحدة من التلويح بفتح ملف الحريات ببعض الدول العربية هو الابتزاز والضغط ، ولا تشترك الانظمة العربية بنفس الهدف والغاية من الضغط ، فمن ابتزاز المال والضغط من اجل جلب مزيد من الجهد لمواجهة ايران ، الى الضغط من أجل بعض الملفات الاخرى كما في الحالة الاردنيه والفلسطينية.
عموما ، هناك العديد من الدول العربية التي لجأت الى بعض الخطوات الاستباقية ، أو التوجهات التي قد ترضي الامريكان بخصوص ملف الحريات العامة ، منها اطلاق سراح بعض معتقلي الرأي ، ومنها الدعوة أو الاعلان عن تقليص أو تحجيم دور الاجهزة الامنية بالحياة العامة ، والحد من ظاهرة دخول الاجهزة الامنية بكل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والشخصيه والعشائرية والنيابية والبلدية والمرور والنشرة الجوية وعدد وفيات الكورونا …. الخ وقد يبلغ الامر حد التدخل بتعيين ( عرفاء الصفوف بالمدارس ) ، وهذا الحال لا يمكن اخفاؤه عن الامريكان ، لهذا تبنت توجها يقضي بتقليص دور الاجهزة الامنية والحد من تغولها .
الانحناء أمام العاصفة ، نعم ، لان الانظمة العربية( الخالدة) عايشت أكثر من ادارة أمريكية ، وهذه الانظمة تعتقد أن حماس أي ادارة امريكية جديدة تجاه ملف الحريات ، سرعان ما يبدأ بالتراجع بعد حين ، ولا بأس بان تتخذ بعض الانظمة العربية خطوات محدودة باتجاه الافراج عن بعض الحريات ، وبالحقيقة أن هذا التفكير فيه شيء من الصحة ، لان الادارة الامريكية بالتاكيد ليست جاده بموضوع الحريات ، لانها هي الحامي والراعي الرسمي والوحيد للانظمة الدكتاتورية بالعالم العربي .