- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

الحريات العامة هي طوق النجاة

تستوقفنا حالة الحصار التي لا تنقطع على الاحزاب منذ استؤنفت الحياة السياسية على قواعد جديدة عام ١٩٩٢م، فالقوانين الناظمة لعملها: «قانون الاحزاب السياسية وقانون الانتخابات النيابية» جرى ويجري العمل على إعادة النظر في موادها وإخضاعها للتعديل مرة بعد اخرى وفقا للتوجه الرسمي المتمثل باغلاق المنافذ على الاحزاب والتضييق على حركتها، وتقليص فرصها بالوصول الى المؤسسات الوطنية والتشريعية منها بشكل خاص، ناهيك عن الانظمة والتعليمات والاجراءات الصادرة عن المؤسسات الرسمية تباعا والتي تدور جميعها في فلك المحاصرة والتضييق وعدم السماح للاحزاب التاريخية على وجه الخصوص بمغادرة المساحة الاجتماعية والسياسية المحددة لحركتها.
فكيف يصح هذا التوجه الرسمي المنغلق تجاه الاحزاب في نفس الوقت الذي يعلن فيه عن وجود خارطة طريق للاصلاح السياسي؟ لقد ادت سياسات المداورة والالتفاف على الحريات العامة وعلى الحقوق المنصوص عليها في الدستور الاردني الى حدوث اضرار اجتماعية جسيمة تمثلت في كبح ادوات الرقابة والنقد وحرية الرأي للسياسات الرسمية، كما ادت الى حدوث انقسامات واسعة ، واستقطابات حادة، وفراغ كبير في المجال العام، مما جعل مجتمعنا عرضة لاشكال من التفسخ وعدم احترام القيم وارتكاب الجرائم واستسهال الانحياز للاتجاهات والمنظمات الارهابية :فكريا وعمليا.
الحجج المستخدمة ضد الاحزاب السياسية تتمحور حول الادعاءات التالية: « ليس هناك احزاب برامجية والايديولوجيا تطغى على هوية الاحزاب» لنناقش هذه « التهمة»:!، من حيث المبدأ؟!.
فهل حقا ان احزابنا لا تمتلك برامج عملية :سياسية واقتصادية واجتماعية وليس لدى هيئاتها مهام عملية مباشرة استنادا الى هذه البرامج؟؟
نعتقد ان العكس هو الصحيح تماما، فالاحزاب اليسارية والقومية لديها تراث عميق في ادارة اهدافها وفق برامج عمل تجري مناقشتها على نطاق واسع ثم اقرارها والبناء عليها بمهام نضالية يومية.
ولكن الاتهام باق ومستمر، لأن البرامج المعتمدة لدى هذه الاحزاب والتي تستند الى مراقبة اداء السلطة التنفيذية ونقد سياساتها والدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم / كل ذلك لا يعجب اصحاب القرار، بل يتجاهلونه ولا يتعاملون معه ولا يرغبون باستمراره ايضا.
لم يحدث يوما ان استقصى كاتب صحفي او سياسي ممن يتنطحون دائما للتهجم على الاحزاب السياسية؟عن برامج الاحزاب وتقييم محتواها قياسا بالمصالح الوطنية العامة، فما هو الهدف اذن من مواصلة الضغط والتهميش والاستهتار بدور الاحزاب واهمية وجودها كعنصر رئيسي لا غنى عنه في ادارة ملف الاصلاح السياسي.
بدلا من اجراء الحوار مع الاحزاب واحترام مقترحاتها الكثيرة في مجال الحلول السياسية والاقتصادية للازمات الحادة التي تمر بها البلاد يتم الانصات والاستجابة القصوى لآراء المنافقين والانتهازيين الذين ورطوا البلاد بقانون الصوت الواحد والقائمة المفتوحة، وها هم الآن بعد دورتين برلمانيتين يصرحون علنا بان القانون لم يحقق الاهداف المرجوة منه؟!!
فهل هناك المزيد من القرارات الارتجالية التي لا تجيد الحسابات الوطنية الحساسة، في مثل هذه الظروف؟!!