| نشر في يناير 6, 2021 12:37 م | القسم: آخر الأخبار, قضايا ساخنة | نسخة للطباعة :
مقدمة:
الأزمات الطاحنة التي تعصف بالبلاد منذ بداية العام 2020 وعلى مختلف الصعد, جاءت حصيلة مكثفة لمجمل السياسات الرسمية التي انتهجها الحكم على امتداد عقود من الزمن, حيث غاب مشروع التنمية الوطنية الشاملة, لتحلّ محله سياسات التبعية والالحاق بالمراكز الرأسمالية العالمية. وقد اثبتت التطورات السياسية والاجتماعية فشل هذا النهج في التصدي للمشكلات والأزمات الناشئة في البلاد, وعجزت المؤسسة الرسمية عن إيجاد حلول وطنية للاستعصاءات الاقتصادية والسياسية في ظل استمرار هيمنة سياسات الاحتكار والاقصاء واستنزاف ثروات البلاد وتدمير اركان الاقتصاد الوطني.
لم تتوقف الحركة الجماهيرية – بكل مكوناتها السياسية والنقابية – عن التصدّي لهذا النهج ومخاطره الماثلة للعيان, الا أن الحكومات المتعاقبة واجهت المطالب الشعبية بإنكار تام, وانقطعت سبل وقنوات الحوار تدريجيا, بالتزامن مع استصدار قوانين: تحدّ من الحريات العامة وتحديداً حرية التعبير عن الرأي, وأخرى من أجل فرض قيود جديدة على مؤسسات الحركة الجماهيرية, والأحزاب السياسية.
هكذا دخلنا العام 2020 بلا بوصلة آمنة, فالبلاد غارقة في الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وفوق كل هذا داهمتنا أزمة وباء كورونا لتكشف عن مزيد من الاخلالات في المنظومتين الصحية والتعليمية, وتؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع المعيشية بعد أن توقفت عجلة الاقتصاد وتضاعفت اعداد العاطلين عن العمل, وأصبحت الأوضاع العامّة تنذر بكوارث كبرى اذا لم يتم اعتماد استراتيجية جديدة: تستند الى إعادة بناء السياسات الاقتصادية على أسس جديدة واجراء مراجعات جادّة وشاملة للمرحلة السابقة بكل اخفاقاتها واختلالاتها.
الأوضاع الداخلية
أ-الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
نسلط الضوء عل عنصرين أساسيين, يشكل كل منهما معياراً دقيقا للحقوق الديمقراطية بكل مفرداتها:
أولهما: مدى تأثير انسحاب الدولة وغياب دورها المركزي في إدارة الشأن الاقتصادي وتقليص مسؤوليتها إلى الحدود القصوى في رعاية الخدمات الرئيسية في الصحة, والتعليم, والعمل. وذلك منذ بدأت المؤسّسة الرسمية في تطبيق هذه السياسات أواخر الثمانينات واوائل التسعينات – وحتى يومنا.
أسست هذه الاستراتيجية المعتمدة في إدارة البلاد, الى تفشي ظواهر التمييز وغياب العدالة والمساواة على نطاق واسع, بعد أن وجد الغالبية العظمى من المواطنين انفسهم خارج نطاق رعاية الدولة, واصبحوا نهباً لقوانين القطاع الخاص في ظل تقليص الضمانات الحياتية التي كان يوفرها القطاع العام. كما استفحلت ظاهرة الفوارق الطبقية بين قلة ممن يملكون وكثرة محرومون من الحقوق الطبيعية. وشيئا فشيئاً تضاءل دور مؤسّسات الدولة حيث دخلت طور الترّهل وتدني مستوى الأداء وادى ذلك إلى تراجع ثقة المواطنين بمؤسّساتهم الرسمية, وانتشرت على نطاق واسع ظواهر الفساد الإداري والمالي والاعتداء على الممتلكات العامة للدولة: ((الماء والكهرباء)). وفي مواجهة الاحتجاجات الشعبية الواسعة في وجه هذه السياسات, زادت حدّة القبضة الأمنية, واستحدثت قوانين وتشريعات جديدة, للسيطرة على الاحتجاجات والحدّ من حرية الرأي والمطالبات المتكررة باستعادة الحقوق الديمقراطية.
لم يقتصر تأثير استراتيجية انسحاب الدولة من دورها المركزي على الوضع الاقتصادي بل كان له ابلغ النتائج السلبية على الحريات العامة في البلاد وعلى تراجع قيم العدالة والمساواة والحقوق الطبيعية للمواطنين, واتبعت سياسات وإجراءات تجاه المؤسسات النقابية والجماهيرية أدت إلى تهميش دور هذه المؤسسات في الدفاع عن حقوق المواطنين والقطاعات التي تمثلها. وتعرّضت النقابات العمالية والمهنية والمؤسسات الجماهيرية والتمثيلية الأخرى لتدخلات واسعة, طالت أنظمتها وانشطتها ونتائج انتخاباتها ومراقبة كل تحركاتها, والخلاصة هي محاصرة هذه المؤسسات وتفريغها من مضمونها ودورها في الدفاع عن حقوق قطاعاتها.
ثانيهما: التطاول على مبدأ الفصل بين السُّلطات
السلطات الدستورية الثلاثة هي الضمانات الرئيسية للدفاع عن حقوق المواطنين, في حال الالتزام الصارم باستقلالية كل منها وفق الصلاحيات المنصوص عليها, أما وقد جرى التطاول على هذا المبدأ الدستوري, فقد اصبحت الحقوق الديمقراطية للمواطنين: السياسية والاقتصادية والاجتماعية مهددة وبعيدة عن الحماية القانونية التي تضمنها المؤسسات الدستورية الثلاثة.
• السُّلطة التشريعية: جرى العمل للسيطرة عليها منذ إقرار قانون الصوت الواحد عام 1993 وصولاً إلى قانون القائمة المفتوحة المعمول به حالياً. فالقانون الذي يتحكم في تركيبة مجلس النواب يعتبر الأداة الرئيسية لتدخل المؤسّسة الرسمية في توجيه مساره والتحكم في طبيعة قراراته وإقصاء من تشاء من القوى السياسية والاجتماعية عن المشاركة فيه. وقد اصبح شائعاً في الأوساط الشعبية أن الغالبية العظمى من أعضاء مجلس النواب يمتثلون لأوامر وتوجيهات تصدر لهم للتصويت على كافة القوانين والقرارات الصادرة عن المجلس.
• السلطة القضائية: ليست في منأى عن هذا التدخل, وقد اقيل مؤخراً مجموعة من القضاة الكفؤين ممن يتميزون بالنزاهة والاستقامة دون اية مسوغات قانونية وبحجة (( إعادة الهيكلة وترشيق القطاع العام ))!!, وصدر عن هؤلاء القضاة مذكرة احتجاجية واسعة ضد هذا الاجراء المتعسف ومخالفته للمواد (97,27) من الدستور والتي تنصّ على استقلالية القضاء.
كما تعتبر أوامر الدافع الصادرة بموجب قانون الدفاع تجاوزاً لدور السلطات التشريعية والقضائية.
• السلطة التنفيذية (الحكومة واذرعها): وفق النص الدستوري فالحكومة هي صاحبة الولاية العامة حسب المهام التنفيذية المنوطة بها, الا ان السلطة التنفيذية فقدت هذه الصلاحية منذ زمن, في نفس الوقت الذي تتغول فيه على صلاحيات وحقوق مجلس النواب.
هذا الوضع سيبقى قائماً, طالما أن الحكومات يجري تعيينها, وليس هناك نصّ دستوري لأن تكون حكومة برلمانية منتخبة.
• أدى مصادرة دور السلطات والتدخل في تسيير شؤونها التفصيلية إلى إضعاف دورها في الحياة العامة وإلى توالد الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون انقطاع مما أحدث شرخا واسعا بين المواطن ومؤسسات الدولة بعد أن تراجعت بصورة حادّة الحقوق الديمقراطية للمواطنين.
في مواجهة التحديات الكبرى السياسية والاقتصادية إنّ العودة إلى الخيار الديمقراطي واستعادة السلطات لدورها واستقلاليتها وإعادة الاعتبار لدور المؤسّسات الجماهيرية في الدفاع عن مصالح قطاعاتها الاجتماعية, هو الخيار الذي يمكن أن يعمل على تصويب الخلل القائم في العلاقة بين المجتمع والمؤسسات العامة في الدولة.
ب- الاستثمار السياسي لقانون الدفاع
بدأ العمل بتطبيق قانون الدفاع بسبب انتشار وباء كورونا بتاريخ ( 15 / 3 / 2020 ). وبموجبه صدرت ولا تزال تصدر أوامر دفاع تناولت القضايا الاقتصادية والصحية والتعليمية في إطار التقليل أو الحدّ من مخاطر الوباء. الآن وبعد مرور ما يقارب التسعة اشهر على تطبيق القانون, يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
فاقمت ازمة الوباء من الازمة الاقتصادية الحادّة التي بدأت ملامحها بالظهور قبل انتشار الوباء ويظهر ذلك جليا في ارقام البطالة ونسب الفقر والمديونية وانعكاس كل ذلك على تردي الأوضاع المعيشية في البلاد.
وجاءت ازمة الوباء لتضيف تكاليف إنسانية ومعيشية جديدة باهظة ولا تزال التهديدات قائمة مع استمرار انتشار الوباء والتراجع المستمر في قدرة مؤسسات الدولة على مواجهتها. في هذا السياق قدمت عدد من مراكز الدراسات تقارير هامة ودقيقة حول وضع القطاعات الاشدّ تأثراً بالجائحة ليتبين حجم الاخلالات الفادحة والمتراكمة منذ عشرات السنين في مؤسسات الصحة والتعليم والعمل. حيث اصبح نهج الاعتماد على الذات وتنمية مقومات الاقتصاد الوطني ضرورة وجودية وليس خياراً.
صحيح أن الخطاب الرسمي اكد في اكثر من مناسبه خلال هذه الجائحة على التوجه نحو النهوض بقطاعات الزراعة والصناعة تحديداً والاعتماد على الذات, الا اننا لم نشهد اية إجراءات في هذا السياق.
إن القرارات المتعلقة بحزم الحماية الاجتماعية وانشاء صناديق التعويضات وزيادة اعداد المنتفعين من المعونة الوطنية: لا يمكن أن تحل المشكلات الكبيرة الناشئة عن الاغلاقات والحجر وكل ما تتطلبه إجراءات الوقاية من الوباء, بل ان العودة إلى اعتماد استراتيجية جديدة في إدارة الاقتصاد والصحة والتعليم: هو الذي يفتح الباب نحو تصويب المسارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية جميعها.
ناهيك عن الشكاوي المريرة لصغار المنتجين وكثير من الفئات المثقلة بالهمّ المعيشي والتي لم تستفد من هذه الصناديق والمنح, كما تفتقر آليات عمل هذه الصناديق الى الشفافية والافصاح الضروريين.
• الإجراءات التي طبقت بناء على أوامر الدفاع, كانت في معظمها منحازة لأصحاب رؤوس الأموال على حساب العمال وصغار الموظفين: (« أمر الدفاع رقم (6) نموذجا « وموظفي القطاع العام الذين أوقفت الزيادة على رواتبهم مدة ( ثمانية اشهر ) كذلك الإجراءات المتعلقة بالقروض والتعويضات التي تعاملت معها البنوك واستفاد منها فقط كبار المستثمرين وليس تجار الطبقة الوسطى وصغار المستثمرين).
– في جانب الاقرارات الضريبية (( أمر الدفاع رقم 10 )), فقد تم تطبيقه أيضا بصورة انتقائية وما يشبه تصفية الحسابات, ولم تمتد اليد إلى عشرات من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة المتهربين من الضرائب.
• على صعيد آخر, فقد تمّ توظيف قانون الدفاع لمزيد من انتهاك الحريات العامة واستعيدت الأنماط السلطوية والاستبدادية: اغلاق نقابة المعلمين واعتقال قيادتها ثمّ صدور قرار بحلها, وتشكيل لجنة مؤقتة بديله لمجلس نقابة الأطباء المستقيل بدلاً من اجراء انتخابات, اعتقالات لصحفيين, واعتقال الأمين العام لحزب الوحدة ومحاولة تقديمه للمحاكمة على خلفية حرية الرأي والتعبير, وأخيراً صدور أمر الدفاع رقم (21) المتعلق بعمل المحامين.
• من جهة أخرى, فقد تمّ التعامل مع قرار منع التجمعات والاستحقاقات الانتخابية بصورة انتقائية ولا تتناسب والإجراءات الصحية والوقائية المطلوبة, ففي الوقت الذي أقر فيه اجراء الانتخابات النيابية (( جرت بتاريخ 10/11/2020)), فقد تمّ تأجيل انتخابات النقابات المهنية وعدد من المؤسسات الشعبية الأخرى. وهناك كثير من الإجراءات التي لا تنسجم مع متطلبات الوقاية من الوباء.
• منذ بدء الجائحة طالبت الأحزاب السياسية والعديد من القوى النقابية واهمها نقابة الأطباء بضرورة مشاركتها في كل المهام الطارئة المترتبة على ازمة الوباء ووفق الشروط التي تمليها المؤسّسات الصحية المعنية, الا أن جميع أوامر الدفاع والإجراءات المنبثقة عنها اتخذت ضمن حلقة ضيقة جداً بعيداً عن مشاركة المؤسسات الجماهيرية, وحتى القرارات الاقتصادية والأخرى المتعلقة بإجراءات المحاكم لا زالت تؤخذ بعيداً عن مجالس غرف الصناعة والتجارة والنقابات المهنية, بما فيها نقابة المحامين التي اعتبرت الإجراءات الأخيرة الصادرة عن وزير العدل هو تعدّ على مواد الدستور الأردني.
• من المتوقع أن تشهد الحقوق: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية – مزيداً من التراجع في ظل استمرار تفعيل قانون الدفاع, والنتائج المترتبة على تردي المستويات المعيشية والحريات العامة, والتعليم والصحة, وعدم قدرة المؤسسات المعنية على النهوض بالأوضاع العاّمة في ظل أوضاعها الراهنة.
ج- النظام الصحي وأزمة الوباء
• جاءت ازمة الوباء في أسوأ توقيت للنظام الصحي رغم إمكاناته الكبيرة والنوعية قبل تدخل صندوق النقد الدولي الذي أدى إلى هجرة كثير من الاخصائيين الاكفاء بسبب قلة الرواتب, ومعاناة العديد من المستشفيات الحكومية بسبب الصعوبات المالية.
فمنذ التزمت الحكومة بتعليمات صندوق النقد الدولي, بدأ الانهيار التدريجي في القطاع الصحي وأصبحت تكلفة الرعاية الصحية عن طريق شراء التأمينات أو زيادة المستشفيات الخاصة ورفع تكاليفها.
– لقد خسر القطاع الطبي في هذه الجائحة عشرات من الأطباء المخلصين الذين توفوا أثناء تأدية واجبهم دون أن تتوفر الإمكانات المطلوبة لحمايتهم!!. كما أن عودة النظام الصحي إلى طبيعته لا يمكن أن تتم دون عودته إلى مسؤولية الدولة, ورفع يد الخصخصة التي دمرّت مؤسسات هذا القطاع الحيوي, ودوره في حماية صحة الأردنيين وحقوقهم, خصوصاً بعد أن كشفت هذه الازمة عن درجة الاستغلال التي يتعرض لها المواطنون من قبل المحتكرين (وتجار الحروب) كما ظهر ذلك في ارتفاع أسعار وتكلفة العلاج من الوباء في المستشفيات الخاصة واحتكار صناعة مستلزمات الوقاية.
د- النظام التعليمي وأزمة الوباء
أغلقت المدارس والجامعات في وقت مبكر منذ بدء انتشار الوباء حيث طال القرار اكثر من مليوني طالبا وطالبه على مقاعد الدراسة, ولم تكن المؤسّسات التعليمية جاهزة للتعامل مع التطبيقات الالكترونية لعدة أسباب, من بينها عدم توفر التجهيزات التكنولوجية في نسبة عالية من المدارس, خصوصاً في المناطق الفقيرة والنائية, إضافة إلى أن شبكة الانترنت لا تغطي هذه المناطق, وغالبا ما تفتقر العائلات لوجود أجهزة الكترونية لتلبية التعليم عن بعد.
الجامعات كانت تعاني من أزمات كبيرة ومتداخلة, قبل وقوع الوباء, وقد كشفت الازمة عن تراجع وعدم استعداد لدى معظم الجامعات في الانتقال للتعليم عن بعد واستخدام المنصات الالكترونية. وفي تقرير صادر عن وزارة التعليم العالي, تبين أن 78% من مجموع طلية الجامعات فقط يملكون أجهزة الكترونية و 59% فقط يمتلكون اشتراكات انترنت.
• إن استمرار إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات, سيؤدي حُكماً إلى خسائر تعليمية باهظة وسيتحمل نتائجها جيل الطلبة الحالي, واذا كان تطبيق هذا الاجراء ضروريا للحدّ من الوباء, فإن البديل المطروح: التعليم عن بعد, ليس متاحاً للجميع على ذات السوية. فالمستويات تختلف نوعياً بين منصّات التعليم المخصصة للمدارس الحكومية وهي غير كفؤة ولا تلبي الحدود الدنيا المطلوبة, وبين منصات التعليم المخصصة للمدارس الخاصة ذات التكلفة العالية. وحسب ارقام وزارة التربية والتعليم فإن 11,5% من الطلبة لم يسجلوا اطلاقاً في منصة «درسك» وهؤلاء يشكلون ما يقارب الـ 180 ألف طالبا وطالبه, فيما يتابع 55% من الطلبه المنصة بشكل يومي. الانقطاع عن التعلّم عن بعد يشمل غالبا الطلبة الصغار وأبناء العائلات الفقيرة ولذلك فمن المتوقع أن تنشأ مشكله التسرّب من المدارس وارتفاع نسبة عمالة الأطفال وجنوح الاحداث, وتراجع كبير في الجهود والمستويات التعليمية المتحققة خلال السنوات السابقة, مالم تتدارك المؤسسات والوزارات المعنية الأمر وتقوم بفتح المدارس ضمن إجراءات التباعد والوقاية, ووضع نظام تعليم يتناسب وهذه الظروف الطارئة, والأهم هو توفير تغطية شبكة الانترنت وأجهزة الكمبيوتر لجميع الطلبة في جميع المحافظات, وتقوية البنية التحتية للوفاء بالعملية التعليمية.
• الحاجة ماسة لإعادة النظر بالنظام التعليمي برّمته وفي جميع مراحله وإدخال إصلاحات إدارية ومنهجية على قاعدة العدالة والمساواة والحق في التعليم الذي يجب ان تكفله الدولة ضمن الحقوق الطبيعية المنصوص عليها في الدستور.
ومهما طال او قصر زمن الوباء, فالتطبيقات الالكترونية يجب أن تجد طريقها لجميع المدارس والجامعات على نفس المستوى وفي جميع المحافظات, وللضرورات العلمية أيضا التي يجب أن تكون متاحه لجميع الطلبة دون تمييز.
موازنة 2021 إصرار على نفس النهج الحكومي
خلافاً للضرورات القصوى التي تمليها ظواهر الازمة الاقتصادية والمالية الحادّة في البلاد, فقد جاء مشروع الموازنة 2021 المطروح من الحكومة على مجلس النواب, ليؤكد في بنوده وارقامه على نفس التوجهات المعمول بها, ويتبنى نفس السياسات الاقتصادية الفاشلة التي كانت سببا رئيسياً في الوصول إلى المأزق الراهن الذي فاقمته ازمة كورونا.
قبل أن يطرح مشروع الموازنة الجديدة, فقد أظهرت الأرقام الرسمية المعلنة, جملة من الحقائق التي كان يجب أن تشكل سببا كافيا للإقلاع عن السياسات السابقة والشروع في اصلاح اقتصادي وطني ينقذ البلاد من الاخطار القائمة والمتوقعة, مثل الارتفاع الحاد لنسبة المديونية وتراجع الإيرادات العامة وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب:
– بلغت نسبة المديونية العامة إلى الناتج المحلي حسبما اعلن رسميا بتاريخ (نيسان ٢٠٢٠) ١٠١,٧٪ وبقيمة ٣١,٣٩٥ مليار دينار اردني، وهذه نسبة مرتفعة جدا ومتجاوزة الحدود الآمنة للوضع المالي وفق المعايير الدولية.
– تراجعت الايرادات العامة للدولة المكونة من ايرادات ضريبية وغير ضريبية في العام ٢٠٢٠ بأكثر من مليار دينار اردني، بسبب الهبوط الحادّ في التحصيلات الضريبية وعوائد المحروقات والايرادات الجمركية. وذلك في ظل الاوضاع الاستثنائية واجراءات الاغلاق الشامل، وتوقف الحركة التجارية، وقد ادى ذلك الى ان تبلغ قيمة العجز الفعلي نهاية عام ٢٠٢٠، ملياران و ١٤٦ مليون ديناراً اردنيا.
– بلغت نسبة البطالة العامة بين الشباب حسب تقرير دائرة الاحصاءات الصادر بتاريخ (30 / ١1 / ٢٠20)، ٢٣,٩٪ وبارتفاع مقداره ٤,٨ عن الربع الثالث من عام ٢٠19 في ظل الانعكاسات بالغة التأثير للحقائق اعلاه على الاوضاع المعيشية للمواطنين تشتد الحاجة الى معالجات جادّة للازمات المركبة المستعصية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، مثل معالجة الخلل في الهيكل الضريبي الذي اخل بالسياسات الاقتصادية وتسبب في رفع كلفة الانتاج وارهق الفئات الوسطى والفقيرة. في هذا السياق فقد ورد في خطاب الموازنة ان الحكومة «لن تقدم على زيادة الضرائب» !!!
بينما كان المطلوب هو إعادة التوازن للهيكل الضريبي وإعفاء السلع الاستهلاكية ومدخلات الصناعة والزراعة من ضريبة المبيعات للنهوض بالإنتاج الوطني والاعتماد على الذات وفرض ضرائب تصاعدية على سلع الرفاهية بما ينسجم مع المادة 111 من الدستور, بحيث يتم تصويب الخلل القائم وضمان أن تؤدي السياسة الضريبية إلى أن يدفع الأغنياء للخزينة اكثر مما يدفع الفقراء ومتوسطو الدخل.
كان من المتوقع أيضاً أن تتجه موازنة 2021 إلى معالجة ازمة الزراعة والأمن الغذائي, حيث يعاني هذا القطاع من اختلالات جوهرية بعد اشتراطات صندوق النقد الدولي واتفاقية التجارة الحرة التي أدت إلى العبث بحصة الزراعة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقود الثلاثة الماضية وغياب التشريعات الحامية للأرض الزراعية. فليس هناك أي معنى لرفع شعار الاعتماد على الذات دون النهوض بقطاعي الزراعة والصناعة وتحريرهما من قيود الاشتراطات التي فرضتها الاتفاقات مع المؤسسات المالية الدولية.
فالمشكلة الاقتصادية وكما يقول الخبراء والمختصون تكمن في التكلفة العالية للمنتجات السلعية والخدمية على حد سواء, بسبب الارتفاعات الباهظة لضريبة المبيعات على مدخلات الإنتاج الزراعية والصناعية وارتفاع أسعار المستوردات على حساب المنتوجات المحلية.
في ظل هذه الظروف الحرجة، جاءت موازنة ٢٠٢١، دون أن يوجد فيها ما يشير الى رؤية جديدة في معالجة الاختلالات والازمات القائمة وكل المؤشرات تدل على ان السياسات التي ستنبثق عن هذه الموازنة ستكلف المواطنين ـ والفئات الوسطى والفقيرة ـ مزيدا من الاعباء المعيشية في ظل ارتفاع نسبة الدين وعدم القدرة على تحمله إلاّ على حساب جيوب الفقراء والارتفاع المتواصل في التكاليف الحياتية.
الانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر / تشرين ثاني 2020
ملاحظة: اصدر حزبنا قراءة اولية حول الانتخابات النيابية, ونشرت في صحيفة الأهالي / العدد ((1289)) بتاريخ (( 26 / 11 / 2020 )).
كرست نتائج الانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر والتي جرت بتاريخ 10 / 11/ 2020 حالة التراجع الحادّ في الحياة السياسية والاستئثار التام بالسلطات الدستورية في البلاد, حيث اُستبعدت القوى الحزبية والسياسية المنظمة المعارضة أو تم تحجيمها, بعد تدخلات فظة ومكشوفة رافقت مسار التحضير للانتخابات وادت إلى وجود مجلس نواب يسهل التحكم في قراراته من قبل المؤسسة الرسمية.
لم تنجح أي من الأحزاب القومية واليسارية أو الشخصيات المحسوبة على هذا الاتجاه في الوصول إلى البرلمان. وفاز من القوى السياسية المنظمة: عشرة نواب لحزب جبهة العمل الإسلامي: خمسة حزبيين وخمسة مستقلين أصدقاء لهم, وخمسة لحزب الوسط الإسلامي, ونائب واحد عن حزب زمزم, ونائب واحد عن حزب الجبهة الأردنية الموحدة.
وحسب آخر تقرير لراصد, فقد بلغت نسبة النواب الجدد في البرلمان التاسع عشر 75% أي حوالي مائة نائب من اصل 130 وهؤلاء فازوا على أسس واعتبارات جهوية ولا علاقة سابقة لهم بالعمل السياسي المنظم.
– بينما انخفضت نسبة الحزبيين من 24% في المجلس الثامن عشر إلى 9% في المجلس الحالي…
– وارتفعت نسبة المتقاعدين العسكريين في المجلس الحالي التاسع عشر إلى 17% فيما كانت نسبتهم في المجلس الثامن عشر 14%.
– وتراجعت نسبة النساء في البرلمان التاسع عشر, حيث فازت 15 امرأة فقط على الكوتا المخصصة للنساء بينما كان عدد النساء في المجلس الثامن عشر: ((15 على الكوتا + 5 فزن على التنافس ).
الدلالات البليغة على النسب والأرقام الواردة أعلاه تؤكد عزم المؤسسة الرسمية على إعادة هيكلة المؤسسة التشريعية على أسس تضمن تفريغها من الدور المناط بها وإلحاقها تماماً بالمؤسسة الرسمية, دون اية عراقيل تذكر.
إضافة لعزل القوى السياسية المنظمة, فقد تمت محاصرة, والاطاحة برموز وشخصيات وطنية برلمانية, كان لها صوت معارض وحضور سياسي هام داخل المجلس وفي الحياة العامة.
• تميزت الاجواء السياسية التي سبقت اجراء الانتخابات النيابية، بالعودة إلى المناخات العرفية في ظل العمل بقانون الدفاع، واستثماره في التضييق على الحياة السياسية في البلاد. الا أنّ اللافت للنظر كانت الاجراءات التي استهدفت القوى المنظمة في البلاد: النقابات المهنية والاحزاب السياسية، وقد سبق في هذا التقرير وتمت الاشارة إلى النقابات المهنية، أما بالنسبة للأحزاب السياسية، فالإصرار الرسمي على بقاء القانون نفسه دون تعديل رغم المطالبات الواضحة بأجراء تعديلات جوهرية عليه لفتح المجال أمام توسيع التمثيل السياسي والاجتماعي، ثم صدور ما سمي بنظام التمويل للأحزاب السياسية، بديلا للسابق: شكلت مؤشرات سلبية في علاقة المؤسسة الرسمية مع الاحزاب السياسية.
• عبرت أوساط شعبية عن موقفها بمقاطعة الانتخابات إمّأ احتجاجاً على السياسات القمعية أو خوفا من الوباء والذهاب إلى صناديق الاقتراع. من بين القوى السياسية أعلن حزب الشراكة والإنقاذ فقط مقاطعته للانتخابات النيابية.
• لم تحدث أية مهرجانات او مسيرات أواي شكل من اشكال التجمعات التي اعتادت الحركة الجماهيرية والسياسية على تنظيمها. وربما شكلت ذريعة التدابير الوقائية عاملاً مطمئناً للسلطة التنفيذية التي لا شك وانها تستهدف الإبقاء على هذا الوضع لأطول فترة ممكنة.
• مشاركة الأحزاب السياسية: صدرت في وقت مبكر مواقف عدد واسع من الأحزاب السياسية, تعلن فيها نيتها المشاركة في الانتخابات. ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية والقومية صدر عنه موقف باسم الائتلاف: بتاريخ ( 25 / 8 / 2020 ), وذلك بعد أن أعلنت الأحزاب التالية وبالترتيب موقفها من المشاركة تباعاً وفي فترات زمنية متباينة: حزب الحركة القومية, حزب البعث العربي التقدمي, الحزب الشيوعي الأردني, حزب الشعب الديمقراطي الأردني «حشد», حزب البعث العربي الاشتراكي, ثم حزب الوحدة الشعبية.
– وقد جاء في بيان الائتلاف ما يلي:
(( قرر ائتلاف الاحزاب القومية واليسارية بكل مكوناته المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ترشيحا وانتخاباً, وعلى اسس تضمن تشكيل قوائم وطنية باسم الائتلاف على قاعدة برنامج سياسي وطني ديمقراطي يعبر عن تطلعات شعبنا نحو التقدم والتغيير)).
كما صدر عن اللجنة المركزية لحزبنا بيان بتاريخ (15 / 8 / 2020 ) أعلن فيه موقفه من المشاركة في الانتخابات وفق المحددات التالية:
• ((يشارك الحزب في الانتخابات النيابية ترشيحا وانتخابا للمجلس التاسع عشر. وذلك على قاعدة الشراكة مع الاحزاب القومية اليسارية والقوى والشخصيات الوطنية, استناداً إلى برنامج وطني ديمقراطي تقدمي, يعبر عن الهوية النضالية للحزب, ويترجم خبرته الكفاحية الطويلة على امتداد عقود من الزمن.
ويتبنى الحزب موقفاً يدعو إلى العمل على تشكيل قوائم وطنية في عدد من الدوائر الانتخابية ببرنامج موحد وذلك مع الاحزاب والقوى والشخصيات)).
– قوائم الائتلاف: شكلت خمس قوائم ائتلافية في الدوائر التالية: عمان الأولى, عمان الثانية, عمان الثالثة, مادبا, اربد, وشاركت في هذه القوائم أحزاب كل من حشد, الشيوعي, الوحدة, البعث الاشتراكي, والحركة القومية ومن خارج الائتلاف حزب حصاد, والديمقراطي الاجتماعي.
في الوقت الذي توصلت فيه احزاب الائتلاف ولأول مرة الى الترشح ضمن قوائم مشتركة، الا انها لم تنجح في تعميم هذا النموذج على مشاركتها في الدوائر المختلفة كما لم تضع ضوابط ضرورية لتشكيل القوائم.
واجهت قوائم الائتلاف اثناء الحملة الانتخابية اجواء سلبية من قبل المرشحين التقليديين واصحاب النفوذ الاجتماعي والمالي وتعمدت بعض وسائل الاعلام التقليل من اهمية ودور الاحزاب السياسية وجرى تناول البرنامج الانتخابي الذي اعتمدته بالنقد من قبل شخصيات محسوبة على المؤسسة الرسمية. في الوقت الذي تميزت فيه احزاب الائتلاف بطرح برنامج شامل خلافا للقوائم والمرشحين الآخرين الذين اعتمدوا على المال الاسود وشراء الاصوات او على قواعدهم الاجتماعية والجهوية.
• الحملة الانتخابية التي خلت من التجمعات الجماهيرية واللقاءات السياسية الواسعة والمهرجانات ـ كما هو معتاد ـ، سادتها ظواهر سلبية اخرى ليست جديدة ولكنها مورست على نطاق واسع: تلك هي ظاهرة شراء الاصوات الانتخابية بصورة مكشوفة، وتحت سمع وبصر الجهات الرسمية، ولعل ما جاء في طعون المرشحين / غير الفائزين/ من الوقائع حول هذا الموضوع/ ما يؤكد ان تشجيع هذه الظاهرة تم برعاية رسمية.
• تم تزويد الاحزاب السياسية بجزء من المبلغ المرصود للانتخابات النيابية وفق الشروط المحددة، قبل اجرائها بيومين!!! وكان للتأخير في تلبية هذا الاستحقاق أثر سلبي بالغ على تعثر الحملة وتلبية متطلباتها في الحدود الدنيا.
• عدم توافق احزاب الائتلاف في جميع الدوائر التي ترشحت فيها باستثناء الدوائر الخمسة المشار اليها كان له انعكاسات سلبية كبيرة على سمعة الاحزاب وجديتها في تنفيذ قرار الائتلاف. وقد جرت اتصالات كثيفة بهذا الخصوص ومحاولات للحد من هذا الاتجاه دون جدوى. وكانت احد النتائج السلبية والمؤلمة هو تكريس ظاهرة الانقسام والتمزق في الحركة الجماهيرية الأردنية.
• تدنت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات إلى أقل من 30% وحسب الهيئة المستقلة للانتخابات فقد وصلت نسبة المشاركة إلى ( 29,90% ), ولم يكن ذلك مفاجئاً في ظل الازمة السياسية والوبائية التي تعاني منها البلاد, والشكوك الواسعة في الأوساط الشعبية حول التدخل في الانتخابات والتحكم في نتائجها سلفاً.
• وصلت اعداد الطعون الانتخابية المقدمة إلى القضاء, من قبل مرشحين 61 طعنا: وهذه المرة الأولى التي يصل فيها هذا العدد من الطعون وفي معظمها يمتلك أدلة على شراء الأصوات والتلاعب بمحتويات الصناديق ووقائع كثيرة حول أساليب التدخل في مسار ونتائج الانتخابات النيابية, مع ذلك فقد صدر مؤخراً قرار قطعي من محكمة الاستئناف بردّ الطعون جميعها شكلاً ومضموناً!!
ملاحظة: لم تقدم الأحزاب اليسارية والقومية أية طعون.
• الضرورات الوطنية تقتضي أن تبادر الأحزاب اليسارية والقومية إلى اجراء مراجعات عميقة, تتطلبها طبيعة المرحلة السياسية الانتقالية, والمهام المناطة بالحركة الجماهيرية, وعدم التسليم بالسياسات والإجراءات العرفية التي تمارسها السلطة التنفيذية الرسمية, بتجاهل واستخفاف بمصالح وحقوق الغالبية العظمى من المواطنين.
إن الشروع في هذه المراجعات على طريق إعادة بناء الحركة الجماهيرية واستعادة روافعها الرئيسية متمثلة بقواعدها الشعبية المنظمة ووحدتها المؤسسة على برنامج عمل وطني ديمقراطي انقاذي, وحماية تراثها الكفاحي العريق من التبديد والاستمرار في النضال من اجل الدفاع عن مصالح المقهورين والمعذبين وانتصاراً للعدالة والمساواة هو الذي يفتح الباب نحو استعادة دور الحركة الجماهيرية والحقوق المهدورة للمواطنين.
صفقة القرن: مواصلة تنفيذ الرؤية الصهيونية – الامريكية
لم يغب شبح صفقة القرن عن المشهد السياسي العام, رغم الازمة النوعية التي شملت العالم اجمع منذ بداية العام الحالي, بل استمر تطبيق فصولها تباعاً, خصوصاً تلك المتعلقة بالتطبيع العربي – الإسرائيلي:
– بتاريخ 13 / 8 / 2020 صدر بيان ثلاثي امريكي إسرائيلي اماراتي حول التوصل إلى ما سمّي (( باتفاق سلام بين إسرائيل والامارات)), وقدم المسؤولون في الامارات تبريراً لإعلان الاتفاق (بانه جاء من اجل وقف مخططات الضمّ الإسرائيلية لأراض فلسطينية)!!, لكن قادة الاحتلال نفوا ذلك فوراً بالقول (( بموجب هذا الاتفاق فقد انتهت فكرة الأرض مقابل السلام))!!.
– وبتاريخ 23 / 10 / 2020 أعلن نحو صادم الاتفاق بين السودان ودولة الاحتلال مقابل ما سميّ بشطب السودان عن لائحة الدول الراعية للإرهاب, والتخفيف من أعباء ديون السودان, وإقامة مشاريع مشتركة في مجالات المياه والزراعة والطاقة وتطوير الإنتاج الصناعي.
– كما أعلن بتاريخ 10 / 12 / 2020 عن تطبيع العلاقات بين المملكة المغربية ودولة الاحتلال مقابل توقيع الإدارة الامريكية مرسوماً يقرّ بسيادة المغرب على الصحراء الغربية, ومن اجل ما سمّي بتطوير علاقات مبتكرة في المجال الاقتصادي والتكنولوجي.
– ومن المتوقع أن تستكمل دول عربية أخرى حلقات التطبيع وفق إشارات واضحة جرى الإعلان عنها مسبقاً مثل: السماح للطيران الإسرائيلي بالتحليق فوق الأجواء السعودية, والزيارة السابقة التي قام بها نتنياهو لسلطنة عمان في تشرين اول 2019.
تنذر هذه الوقائع وما سيتلوها, بمرحلة تاريخية جديدة, يتم فيها إعادة ترتيب وهيكلة أوضاع الدول العربية, وعلاقاتها التحالفية, وفق متطلبات استكمال مشروع إسرائيل الكبرى والهيمنة الشاملة على مقدرات وسيادة البلدان العربية, والجديد في هذا الامر أن المشروع يتم تنفيذه بالتحالف المعلن مع أنظمة سياسية عربية, حيث من المتوقع أن تسخرّ مقدرات بلدانها في سبيل خدمة الأهداف التوسعية الصهيونية على نحو لم يسبق له مثيل.
• ليس صحيحا القول ان مشروع ترامب نتنياهو قد انتهى مع نهاية عهد ترامب بعد الانتخابات الامريكية الأخيرة, ذلك ان الوقائع التي فرضها هذا المشروع منذ الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال بتاريخ (6 / 12 / 2017) ومروراً بوقائع الضم والاستيطان وحتى التطبيع, والفصول الأخرى المعروفة المتعلقة بقضية العودة واللاجئين الفلسطينيين, تحمل مقومات استمرارها في ضوء سياسات:
– نهب الأرض والضم والاستيطان الإسرائيلية للأرض الفلسطينية.
– واستمرار حالة التفكك في الحركة الوطنية الفلسطينية ورهاناتها الخاسرة على المفاوضات…
– وفي ظل هشاشة الأنظمة العربية العاجزة عن حماية بلدانها وشعوبها بعد عقود من سياسات الاستبداد والافقار وغياب المشروع التنموي.
الأنظمة العربية التي وقعت على اتفاقات التطبيع والتي ستوقع, لا تمتلك اية مشاريع وطنية أخرى للنهوض بأوضاع بلدانها, وجاء توقيع بعضها بعد نتائج الانتخابات الامريكية ((المملكة المغربية)), ممّا يعني أن الاتفاق مع دولة الاحتلال هو خيار للنظام السياسي وليس خضوعاً فقط للإدارة الامريكية.
فما هي عناصر الاشتباك الأردنية مع صفقة القرن وأين يقع مكمن الخطر على المصالح الوطنية الأردنية المتداخلة بقوة التاريخ والجغرافيا والمصالح القومية المشتركة مع القضية الوطنية الفلسطينية؟؟
يتضمن الإعلان السياسي لصفقة القرن انتهاكات واسعة للسيادة الوطنية الأردنية, لأنه ينطلق من تصورات متطرفة لنظرية الأمن الإسرائيلية على حساب كل ما يتعلق بما يسمى بملفات الوضع النهائي: بدءاً بترسيم الحدود وإجازة ضمّ غور الأردن الغربي وشمالي بحر الميت مروراً بضمّ المستوطنات والقدس الشرقية.
الخطر الذي تمثله رؤية ترامب نتنياهو على المصالح الوطنية الأردنية, يأتي اساساً من كون صفقة القرن تعدّ المرحلة الأخيرة لتطبيق مشروع إسرائيل الكبرى, حيث تعتبر الأردن وفق الرواية الصهيونية جزءاً من هذا المشروع الاحتلالي العنصري. كما ان هناك عناصر اشتباك مباشرة في هذه الصفقة مع القضايا الوطنية الفلسطينية, نورد عناوينها بإيجاز شديد:
1- الدولة الفلسطينية المستقلة
تتنكر صفقة القرن لحق الشعب الفلسطيني في وجود دولة مستقلة قابله للحياة, والمطروح نصاً هو كيان فلسطيني ما, موزّع على أراضي متقطعة في الضفة الغربية ومتداخلة مع المستوطنات ولا تربطها أي حدود مباشرة مع الأردن, وهذا يعني – إن قيض له التطبيق- عدم إمكانية استمرار هذا الكيان بسبب افتقاره لمقومات الحياة الطبيعية, الامر الذي يفتح الباب واسعا على مرحلة جديدة, يتم فيها إرغام الأردن على توفير سبل الحياة الضرورية لاستمرار هذا الكيان المشّوه!! كما سيفتح مجدداً على مشاريع مشبوهة يرفضها الأردنيون والفلسطينيون: «الفدرالية والكونفدرالية» والتوطين والوطن البديل.
2- اللاجئون وحق العودة:
تستبعد الخيارات المطروحة في صفقة القرن حق عودة اللاجئين إلى وطنهم ودياريهم وتُلقي بهذا العبء التاريخي الذي تتحمل مسؤوليته أساسا الدول الاستعمارية, على الدول المضيفة أو دول أخرى عربية واجنبية. هذا الحل – إن قيض له ان يطبق – فستكون له آثار سياسية واجتماعية سلبية كبرى على الأردن بصفتها اكبر دولة مضيفة للاجئين.
3- الأمن والحدود والمياه:
يشتبك الأردن مع جميع هذه الملفات, التي سمّيت في اتفاقيات أوسلو ووادي عربه, بملفات الحل النهائي. أبقت معاهدة وادي عربه الخط الحدودي مع الضفة الغربية بطول 97 كم دون ترسيم إلى حين الوصول إلى حل يكفل قيام الدولة الفلسطينية المجاورة للأردن ولكن إجراءات الضم الإسرائيلية لأراضي الغور وشمالي البحر الميت أبطلت بالضرورة هذا الخيار, لا بل إن إقرار واشنطن بحق إسرائيل في ضمّ شمالي البحر الميت, من شأنه الاخلال بكل الاتفاقات التي تناولت موضوع المياه واراضي الغور. مما يجعل أي كيان فلسطيني في المستقبل, غير مجاور للحدود الأردنية ويفصله عنها سيطرة إسرائيلية محكمة.
4- القدس:
أقرت المبادرة الامريكية بالسيادة الإسرائيلية على أحياء القدس الشرقية بما فيها المقدسات الإسلامية والمسيحية, وهذا يعني أن الرعاية الأردنية للاماكن المقدسة سيتحول الى مصدر ابتزاز للأردن وورقة تفاوض لانتزاع مزيد من التنازلات وإثارة الفتن بين الأردن وأطراف عربية.
الحركة الجماهيرية
تمرَ الحركة الجماهيرية الأردنية ومؤسساتها في مرحلة انتقالية صعبة, لعلّ ابرز سماتها هو تراجع دورها الأساسي في الدفاع عن الحقوق الديمقراطية والمعيشية للقطاعات الاجتماعية التي تمثلها, وغياب دورها الوطني المعهود أمام التحديات الكبرى التي تواجه البلاد.
في الآونه الأخيرة اشتدّت القبضة الأمنية على المؤسّسات وتكثفت التدخلات في سياساتها ومهامها, وقد أدت هذه الإجراءات إلى احتواء العديد من المؤسسات الجماهيرية وتحييد دورها في الدفاع عن مصالح وحقوق المواطنين, ومحاولات لم تتوقف من اجل أن تتحول هذه المؤسسات الى رديف للمؤسسة الرسمية, بدلاً من القيام بدورها الرقابي لحماية مصالح الفئات الاجتماعية التي تمثلها, وهناك سلسلة طويلة من الوقائع في أوساط الحركة العمالية والشبابية والطلابية والنسائية والمهنيين تؤكد على مواجهة المطالب الديمقراطية المشروعة بأساليب القمع أو الرفض والمماطلة وقد وصل الامر في ظل قانون الدفاع إلى التهديد بالحلّ والالغاء, والتحايل على الاستحقاق الانتخابي: ((نقابة المعلمين, نقابة الأطباء)) ورفض تشريع نقابات عمالية مستحقة (عمال الزراعة).
واذا كانت المؤسسة الرسمية تتحمل المسؤولية الرئيسية عن هذا الاختلال الكبير في العلاقة بين المؤسسة الرسمية والمؤسسات الشعبية المنتخبة فإنّ ما تعانيه الحركة الجماهيرية من انقسامات, يشكل هو الآخر سببا رئيسياً في ضعف دور وتأثير مؤسساتها. إن الافتقار لتوفر شرط الوحدة الداخلية بين قياداتها أدى أيضا إلى تمزّق قواعدها الاجتماعية وزعزعة الثقة بالقيادات المنتخبة.
كما تتزامن الحملات الرسمية المكثفة التي تستهدف إضعاف واحتواء مؤسسات الحركة الجماهيرية مع تلك التي تستهدف محاصرة الأحزاب السياسية وتهميش دورها وإقصاءها عن المشاركة في السلطة التشريعية تحديداً.
• تلقي هذه الأوضاع بمسؤولية كبيرة على جميع مكونات الحركة الوطنية الأردنية السياسية والنقابية الشعبية: القطاعية منها والجغرافية, وذلك من اجل حماية ليس فقط وجود المؤسسات, وانما تمكينها من الاضطلاع بدورها الوطني والديمقراطي في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
إن فك الحصار المفروض على العمل المنظم: السياسي منه والمطلبي, يستلزم توفير المقومات الضرورية للاستنهاض, وذلك بفتح حوار جادّ بين جميع المكونات, وصولاً إلى وضع أسس تنظيمية وبرنامجيه تعمل على توحيد الحركة الجماهيرية وإعادة إحياء دورها وطنيا وديمقراطياً.
في هذا السياق لا بدّ من التركيز على ضرورة إحياء الثقافة الديمقراطية داخل المؤسسات الجماهيرية نفسها, والعمل على تعديل أنظمتها الداخلية على قاعدة الإقرار بالتعددية والتمثيل النسبي, بعيداً عن الأنظمة المعمول بها حالياً والتي تكرس منطق الغلبة, والاستئثار والتفرد فبدون دمقرطة القوانين الناظمة لعمل المؤسسات الجماهيرية, من غير الممكن إحداث تطوير جادّ في علاقاتها الداخلية اولاً وفي علاقتها مع قواعدها الجماهيرية ثانياً.
استخلاصات ومهام سياسية
تشهد المرحلة الراهنة على انعطافات سياسية حادّة في المنطقة العربية والاقليم, كما تشير الوقائع والدلالات إلى التوجه نحو إعادة هيكلة النظام السياسي العربي برمته, ومحاولة إرغام وتطويع المجتمعات للقبول بالمشروع الصهيوني الأمريكي الجديد وتوفير متطلباته وشروطه. ولكن هذا المشروع التصفوي ليس قدراً محتوماً, (قبل وبعد الانتخابات الامريكية) لأنه يصطدم بالضرورة مع المصالح الحيوية المباشرة للمجتمعات والشعوب العربية, ومع تراث كفاحي طويل للشعوب العربية والشعب الفلسطيني ضد الاستعمار وضد الاحتلال. الا أن النهوض الشعبي المقاوم أيضاً لن يأتي هكذا تلقائياً ووفقا لحسابات تتعلق بالمقاربات التاريخية, خصوصاً في ظل الاختلالات الفادحة في موازين القوى لغير صالح قوى التحرر والقوى الوطنية والديمقراطية. لذلك تقع على حزبنا وأحزاب الحركة الوطنية مهمة تعزيز بناء الحركة الوطنية من خلال إجراء حوارات واسعة بشأن أوضاعها وتصويب مكامن الخلل فيها وتفعيل دور القوى السياسية المنظمة في أوساط الشعب والدفاع عن هموم ومصالح الفئات الاجتماعية المختلفة وتحديث آليات التواصل والعمل بينها.
– هذا إضافة لضرورة العمل على ترميم التصدّعات القائمة في العلاقات البينية بين الأحزاب والقوى والفعاليات السياسات المختلفة, والتوافق من خلال الحوار على توحيد قواها الدفاع عن وجودها وعن دورها الوطني, في مثل الظروف الصعبة الراهنة.
• في مواجهة استهداف القوى المنظمة: أحزابا ونقابات ومؤسسات جماهيرية مختلفة, لا بدّ من إجراء مراجعات جادّة تستلهم التجارب المختلفة وتستبعد تماماً التشكيك بقدرة الأحزاب على مواصلة دورها المطوب استناداً إلى صحة توجهاتها الوطنية وصلابة كوادرها وتراثها العريق في الدفاع عن الحقوق الوطنية والديمقراطية.
لا بدّ هنا من اليقظة, والانتباه لما يجري في الأطر الوطنية والصديقة للأحزاب السياسية. حيث تعرضت هي الأخرى لمناخات التلوث في المفاهيم الوطنية, وبدأنا نسمع اصواتاً تدعو إلى استبعاد الأحزاب السياسية والمطالبة بإحلال التيارات المعوّمة محلها أو بديلاً عنها, فسياسة استهداف القوى المنظمة لن تستثني أحداً حتى لو بدأت بالأحزاب السياسية أولاً, ثم ان الطريق إلى مواجهة سياسات احتواء الحركة الجماهيرية والمؤسسات التاريخية فيها لن تكون بالهروب إلى الوراء بل بالعمل الجادّ على توحيد قواها ومعالجة واقع الخلل وتبني مطالب القطاعات الاجتماعية المنهكة والمهدّدة والدفاع عنها وفتح حوارات ديمقراطية بعيدة عن التعصّب الفئوي.
• اثارت التقارير السنوية الصادرة عن المؤسسات الرقابية (شبه الحكومية) مؤخراّ اهتماماً واسعاً في الرأي العام: تقرير ديوان المحاسبة, المركز الوطني لحقوق الانسان, المجلس الاقتصادي والاجتماعي, وهيئة مكافحة الفساد. المطلوب هو الدفع باتجاه ان تشكل مضامين هذه التقارير أداة بيد القوى الوطنية والديمقراطية للمطالبة بالإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد بكل اشكاله, كما يجب أن تشكل هذه التقارير أداة تستنير بها السلطة التنفيذية, وتعمل على تنفيذ استحقاقاتها الأهم في محاسبة الفاسدين والمقصرين, وتطوير آليات الرقابة الداخلية للحيلولة دون وقوع الفساد الإداري والمالي.
• ضرورة العمل على تعزيز دور الأطر الوطنية والمؤسسات الجماهيرية المختلفة والدفاع عنتها وتفعيل أنشطتها في أوساط الناس والانتساب المكثف لها والعمل على تعديل أنظمتها الداخلية, وتقديم نماذج وحدوية وديمقراطية داخلها.
2 / 1 / 2021 اللجنة المركزية
لحزب الشعب الديمقراطي الأردني «حشد»
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.