- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

السياسة الخارجية الأميركية.. بين الإنعزال والتدخل

فهد سليمان / نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
في أصول نزعة الإنعزال
1783-1829( )
1-■ منذ أن نالت استقلالها عام 1783 وحتى نهاية ق 19، أي على امتداد ما يتجاوز المئة عام بقليل، اعتمدت الولايات المتحدة سياسة خارجية تقوم على عدم التدخل في شئون العالم (خارج الأميركيتين)، وهو ما سمي بالسياسة الإنعزالية- Isolationisme، تمييزاً لها عن السياسة التدخلية- Interventionisme.
أصل نزعة الإنعزال هذه، نجدها موثقة في «رسالة الوداع» التي وجهها أول رئيس أميركي، جورج واشنطن– George Washington (1789-1797) إلى الشعب الأميركي، قبل انتهاء ولايته بشهور قليلة (19/9/1796)، أوصى فيها باعتماد سياسة خارجية تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأوروبا، وسياساتها عموماً، وأكد على عدم الإنخراط في تحالفات إلا عند الضرورة القصوى، وبنية مغادرتها بعد انقضاء الظرف الذي أملاها. وقد عنى هذا، بحكم الموقع الذي كانت تحتله أوروبا (ومن ضمنها روسيا) في قيادة العالم بلا مُنازع، وما انفكت ترسخه حتى نهاية ق 19، أن المُخاطب من خلال أوروبا هو العالم القديم، أي العالم الفاعل في الإقتصاد، والأمن، والعلوم، والتكنولوجيا، والسياسة الدولية عموماً.
■ من جهته، أكد توماس جيفرسون– Thomas Jefferson، الرئيس الثالث (1801-1809) هذا المنحى في السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الخطاب الإفتتاحي لولايته الأولى (4/3/1801)، عندما شكر الأقدار التي شاءت أن تحمي أميركا، بـ «جدار» المحيط الأطلسي، من فوضى أوروبا واضطراباتها، مشيراً إلى أن هدف سياسته هو إحقاق السلام وازدهار التجارة وتوطيد الصداقة مع جميع الأمم، دون الدخول بتعقيدات التحالفات مع القوى الأوروبية وصراعاتها- entangling alliances.
■ الرئيس الخامس، جيمس مونرو- James Monroe (1817-1825)، هو أول من عمم عقيدة إنعزال الولايات المتحدة عن أوروبا، على أميركا اللاتينية بأسرها، لقطع الطريق على مساعي إسبانيا بدعم من دول «التحالف المقدس» (روسيا، النمسا، بروسيا، فرنسا) لاستعادة سيطرتها الإستعمارية على الدول التي انعتقت منها (الأرجنتين، تشيلي، كولومبيا، المكسيك)، فاعترف بها دولاً مستقلة، وألحق اعترافه في 2/12/1823 بإعلان «عقيدة مونرو» تحت شعار «أميركا للأميركيين»، تضمنت توجيه إنذار إلى القوى الأوروبية (بما فيه روسيا) مفاده اعتبار الولايات المتحدة أي عمل يرمي إلى إعادة السيطرة الإستعمارية على دول أنجزت استقلالها في أميركا اللاتينية، أو الإستيلاء على مستعمرات جديدة فيها، تهديداً للأمن القومي للولايات المتحدة، التي– بالمقابل- لن تتدخل في الشؤون الأوروبية، بما فيه مستعمراتها القائمة في الكاريبي وجنوب أميركا.
■ إذن، تبلورت عقيدة إنعزال أميركا عن العالم القديم، على يد ثلاثة رؤساء من صف «الآباء المؤسسين» (الستة)، في سياقات مفصلية: واشنطن-1796؛ جيفرسون-1801؛ مونرو-1823؛ وانتقلت هذه العقيدة السياسية من التخصيص (الولايات المتحدة) إلى التعميم (القارة اللاتينية)، واضعة نصب الأعين حماية استقلال الدول الناشئة في اللاتينية من عودة الإستعمار القديم إليها، كما وحمايتها من غواية إقحام نفسها في صراعات أوروبا الداخلية، وتناقضاتها.
2-■ عقيدة انعزال العالم الجديد عن العالم القديم باتجاهيها: لا تدخل من العالم في شؤون القارة، ولا تدخل من القارة في شؤون العالم، انطلقت أيضاً من أولوية بناء الذات في قارة بكر ذات كثافة سكانية ضعيفة، وبمساحات شاسعة غير مسكونة أصلاً، قارة تختزن من الخيرات ما يفيض بأضعاف مضاعفة عن احتياجات سكانها، و«زاخرة بالمناطق الخصبة الصالحة لاستيعاب الآلاف من الأجيال القادمة» (جيفرسون في الخطاب الإفتتاحي لولايته الأولى)؛ وأخيراً، قارة تقترب مساحتها (42,8 مليون كم2 تساوي 31% من مساحة اليابسة في العالم) من مساحة آسيا – القارة الأم (44,4 مليون كم2 تساوي 32,6% من مساحة اليابسة في العالم).
■ إذا كان ما تقدم يندرج في إطار أولوية عملية «بناء الأمم» بمنأى عن التدخلات الخارجية، فهو ينطبق بشكل خاص على الولايات المتحدة التي تشكلت، بداية، من 13 مستعمرة (تحوَّلت فيما بعد إلى 16 ولاية من أصل 50)، وواصلت توسعها في ق 19 بوتيرة مذهلة، بطرق ووسائل شتّى، جمعت ما بين شراء مناطق شاسعة من دول عظمى (لويزيانا عام 1803 من فرنسا، ما أدى إلى مضاعفة مساحة الولايات المتحدة في حينها؛ ألاسكا عام 1867 من روسيا، بمساحة 1,7 مليون كم2 تساوي 17% من المساحة الحالية للولايات المتحدة)؛ وانتزاع مناطق بالحرب (من المكسيك بين 1846-1848، ومن إسبانيا– 1898)؛ وتنازل دول بعينها (بريطانيا، إسبانيا، المكسيك) بطرق متعددة عن مناطق؛ هذا دون أن ننسى استيطان وضم أراضي شاسعة تعود إلى السكان الأصليين، ما أدى إلى طردهم، والتنكيل بهم، وحصرهم بالنتيجة في معازل… وبفعل كل هذا، استمرت الولايات المتحدة بالتمدد طيلة ق 19، وآخر ما ضمته إليها كانت جزر هاواي في العام 1898 (التي تحوَّلت، ومعها ألاسكا عام 1959، إلى الولايتين 49 و50 من الإتحاد).
■ بناء الولايات المتحدة كدولة وأمة استدعى اجتراح منظومة فكرية، قيمية، أيديولوجية، بمرجعية دينية طهرانية متزمتة، تضطلع بتسويغ مشروع توسعي استيطاني بأبواب مُشرَّعة على كل الإتجاهات، وبكل الجرائم التي كان يرتكبها. من هنا، نشأ قاموس مصطلحي خاص بالحالة الأميركية، استخدم صيغ على غرار: الإستثنائية الأميركية التي تعني احتلال الولايات المتحدة مكانة خاصة ومتميّزة بين سائر الأمم؛ الأمة التي لا يمكن للعالم أن يَستغني عنها؛ الأمة التي تحمل للعالم رسالة الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ الخ..
ولعل «عقيدة تكليف من القدر»- Manifest Destiny، تختزل معظم هذه المفاهيم والمصطلحات، وتُجملها بصيغة التكليف الرباني للولايات المتحدة بالتوسع على كامل مساحة أميركا الشمالية، وهي العقيدة التي احتلت مكان الصدارة في التعبئة الأيديولوجية على امتداد ق 19، بوظيفة حفز التوسع غرباً نحو المحيط الهاديء.
■ توازى الانعزال كعقيدة سياسية مع أيديولوجيا رسولية مسيانية، تُسَوِّغ استخدام العنف، وتبرر منطق القوة وتسنده بمنطق الحق الآتي من علٍ. لذا، ومع تنامي قوة الولايات المتحدة، لم تكن سوى مسألة وقت، حتى تنتقل سياسة العنف بمنطق القوة، من دائرة الولايات المتحدة في سياق مشروع بناء الأمة والدولة، إلى دائرة الجوار القريب، ما أضفى على مقولة «أميركا للأميركيين»، التي عَنَت بداية، حماية دول القارة اللاتينية من الاستعمار القديم، أضفى عليها تدريجياً معنى «الحديقة الخلفية» للولايات المتحدة. وهذا ما وقع، عندما بدأت السياسة الخارجية الأميركية في نهاية ق 19، تنتقل من الإنعزال إلى التدخل، فاكتست صفة الإمبريالية■
من الإنعزل إلى التدخل
1897-1921
1-■ مع رئاسة وليم ماكنلي- William Mckinley (1897-1901)، وبالتوازي مع تعاظم قوتها الإقتصادية، وبناء أسطول حربي كبير لحماية الأمن القومي للبلاد والتجارة الخارجية، تحوَّلت الولايات المتحدة إلى قوة إمبريالية منافسة لنظيراتها في العالم، قوة باحثة عن أسواق جديدة لتصريف فوائضها الزراعية والصناعية. وفي هذا الإطار، تمخضت الحرب الأميركية – الإسبانية (1898) عن هزيمة الأخيرة، ما نجم عنه استيلاء الولايات المتحدة على جزر هاواي + جزيرة غوام + الفيليبين (منصة الإنطلاق نحو السوق الصينية العملاقة) في المحيط الهاديء؛ إلى جانب بورتوريكو في البحر الكاريبي، ذات الموقع الإستراتيجي المثالي لحماية مشروع قناة بنما قيد التحضير.
■ بحربها ضد إسبانيا، افتتحت الولايات المتحدة مرحلة دخولها القوي إلى حلبة السياسة الدولية، على قدم المساواة مع القوى العظمى في ذلك الحين، وتحوَّلت البحرية الأميركية (الأسطول الحربي) إلى واسطة قوة وسيطرة من الطراز الأول، فبات مركز القرار السياسي في واشنطن يجمع، بين يديه، مقومات القوة ووسائطها في آن، لتنفيذ سياسة إمبريالية تدخلية فاعلة، أي: مقومات القوة التي تشمل الإقتصاد، والكتلة السكانية الوازنة، والمساحة الممتدة، والموقع الجيوستراتيجي المتميّز، المطل على المحيطين؛ كما ووسائل القوة القائمة على ميزة القدرة على الإنتشار العسكري السريع بواسطة البحرية، على قوس واسع في أرجاء العالم.
2-■ استمرت هذه السياسة بدينامية أعلى مع رئاسة تيودور روزفلت- Theodore Roosvelt (1901-1909) صاحب «عقيدة العصا الغليظة»، التي لخصها كما يلي: «تكلم بنعومة، واحمل عصا غليظة، وستصل بعيداً في مسعاك»، حيث العصا الغليظة تعني البحرية، التي اعتبر روزفلت مواصلة بنائها وتقويتها إحدى ركيزتي السياسة الخارجية لبلاده (إلى جانب «عقيدة مونرو»)، كما ورد في خطابه أمام الكونجرس في بداية ولايته (12/1901)، ما جعل الولايات المتحدة في نهاية عهده (1909) تحتل موقع القوة البحرية الثانية في العالم (بعد بريطانيا العظمى)، كما جعلها تصعد إلى مصاف القوة العالمية.
■ «إمبريالية» روزفلت قامت على ضمان التفوق العسكري الأميركي في حوض الكاريبي، ما استوجب إضافة ملحق – Corollary إلى «عقيدة مونرو»، في كانون الأول(ديسمبر) 1904، نص على تولي واشنطن وظائف أمنية (شُرَطية) في الفضاء الكاريبي، تتضمن المراقبة على سلوك الممسكين بالسلطة في دوله؛ ما ترتب عليه – بالنتيجة – اعتماد سياسة تدخلية منفلتة من عقالها، نذكر من ترجماتها إنشاء قاعدة غوانتنامو البحرية في كوبا (1903)، أعقبه بعد سنوات الإنزال البحري على شواطئها (1906)؛ فرض الرقابة الجمركية على جمهورية الدومينيكان (1905)…، دون أن ننسى ما اقتضاه شق مشروع قناة بنما (1904-1914) من دعم لحركة انفصالية تم استحضارها على عجل، إنشقت بالحرب عن كولومبيا (1903)، وأسست دولة جديدة (بنما) في أميركا الوسطى.
■ كان روزلت ينطلق من أن الإلتزام بتطبيق «عقيدة مونرو»، يمر عبر توفير القوة اللازمة لذلك، أي على ميزان القوى. من هنا، موقعية البحرية في سياسته كواسطة ردع للنزوع الأوروبي التدخلي في شئون القارة، الذي تعزز في أواخر ق 19 بانضمام ألمانيا إليه، ألمانيا الباحثة لنفسها عن «مكان تحت الشمس» (أي عن مستعمرات في آسيا، وأفريقيا، وأميركا اللاتينية). على هذه الخلفية، اشتق روزفلت من عقيدة حماية دول القارة من مطامع أوروبا، التبرير لسياسته التدخلية، ما عنى أن «عقيدة مونرو» ينبغي – في المقام الأول – أن تخدم مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، قافزاً عن واقع، ومتجاهلاً حقيقة، أن السيطرة الأميركية على دول الكاريبي، كانت مكروهة ومرفوضة من مواطنيها، بقدر ما كانت مكروهة ومرفوضة السيطرة الأوروبية.
3-■ إثر وصوله إلى البيت الأبيض بعد انقضاء ولاية روزفلت، اعتمد وليم تافت- William Taft (1909-1913) سياسة شعارها «دبلوماسية الدولار» القائمة على توظيف الرأسمال الأميركي في التنمية الإقتصادية، في خدمة مصالح الولايات المتحدة في العالم. غير أن هذه السياسة – بمضمون إمبريالية الدولار– لم تنجح في الصين، حيث اصطدمت بمصالح الدول الإستعمارية الأخرى، وأتت الثورة الصينية (1911) فيما بعد، لكي تنهي المشاريع الإقتصادية والإستثمارية الأميركية.
أما في أميركا الوسطى، حيث تحول هذا المسعى إلى شعار «الدولار بدلاً من المدفع» (الترجمة الحرفية للشعار، هي: «الاستعاضة بالدولارات عن قذائف المدافع»)، فقد قادت التطورات في نيكاراغوا، في نهاية المطاف، إلى الزج بقوات المارينز (1912)؛ وكذا الأمر في هوندوراس، وفي جمهورية الدومينيكان؛ لا بل – أكثر من ذلك – فقد ساهمت هذه السياسة – إلى جانب عوامل أخرى – بتفجير ثورة إجتماعية في المكسيك (1910). وبالمحصلة، وإن عززت هذه السياسة سيطرة الولايات المتحدة، وأكدت نفوذها في أميركا الوسطى، فإنها – بالمقابل – ألحقت خسائر فادحة بهيبتها، وأدت إلى اهتزاز الثقة فيها.
4-■ ابتعد وودرو ويلسون- Woodrow Wilson (1913-1921) عن سياسة سلفه تافت، ومحورها الإمبريالية بواسطة دبلوماسية الدولار، لصالح سياسة أخرى مستوحاة من مباديء الديمقراطية، وطبقها بالفعل عندما رفض الإعتراف بحكومة الإنقلاب العسكري في المكسيك، وساند بالسلاح المعارضة الإصلاحية، ليجد نفسه متورطاً في حرب أهلية استغرقت أكثر من سنتين ونصف السنة (4/1914-12/1916)، قبل أن يتمكن من سحب قواته والخروج منها(!).
■ ويبقى الحدث الأهم، هو مشاركة الولايات المتحدة، بدءاً من 6/4/1917، في الحرب العالمية الأولى (1914-1918) التي شكلت أوروبا مسرح عملياتها الأهم، أي بعد أكثر من سنتين ونصف السنة على اندلاعها. أما السبب المباشر (من بين أسباب أخرى، يضيق المجال عن ذكرها) للدخول الأميركي في الحرب، التي جعلت واشنطن تغادر «حيادها» المعلن، فهو مواصلة ألمانيا إغراق السفن المدنية المتوجهة إلى بريطانيا، ما ألحق خسائر فادحة بالمدنيين، ومن ضمنهم ذوو التابعية الأميركية، الأمر الذي تسبب بتوليد رأي عام معادٍ لألمانيا، حيَّد، أو احتوى – بأقله – المزاج العام المعارض للمشاركة في الحرب الدائرة رحاها في أوروبا على خلفية النأي بالنفس عن الصراعات الأوروبية المتأصلة عميقاً في الوعي الأميركي، لا بل في العقيدة السياسية الحاكمة، التي تعود بجذورها إلى «وصايا» الآباء المؤسسين (واشنطن، جيفرسون، مونرو،..)، كما سبقت الإشارة.
■ بعد أن اعتمد ويلسون شعار «السلام بدون نصر» مع اندلاع الحرب، في إشارة إلى تجنب جني المكاسب الإمبريالية الإقليمية، التي يؤسس فيها النصر العسكري المحقق لحرب لاحقة (كما أسست حرب 1870 لحرب 1914-1918)؛ وبعد أن طالب الإكتفاء بايصال ألمانيا إلى منعرج التماس وقف إطلاق النار (Armistice)، أي ما قبل حد الإستسلام (Capitulation)؛ اعتبر ويلسون أن الولايات المتحدة تدخل الحرب من موقع الشريك لدول التفاهم (Entente)، وليس من موقع الحليف، لمعرفته بالأهداف التوسعية الإمبريالية التي يسعون إليها.
■ في 8/1/1918، أعلن ويلسون النقاط الـ 14 الشهيرة، ومن بين أهم نقاطها الحد من الأسلحة، ونبذ الدبلوماسية السرية، وحق تقرير المصير للشعوب، وإقامة «عصبة الأمم» لتجنب الحروب اللاحقة، وضمان السلام العالمي.
في 3/10/1918 طلبت ألمانيا وقف إطلاق النار والسلام على قاعدة النقاط الـ 14، فبلغ ويلسون ذروة نفوذه (السياسي المعنوي) عالمياً. وفي 11/11/1918 تم التوقيع على وقف إطلاق النار، وبين كانون الثاني(يناير) وأيار(مايو) 1919 تم عقد مؤتمر السلام في باريس، الذي توج بمعاهدة فرساي، التي نص أحد بنودها على إنشاء «عصبة الأمم». غير أن مجلس الشيوخ الأميركي رفض هذه المعاهدة (في 19/11/1919 و19/3/1920)، بما فيه المشاركة في عصبة الأمم، على خلفية التحسب لاحتمال التورط في نزاعات عسكرية قد تترتب على عضوية العصبة. وبهذا، تكون الولايات المتحدة قد انسحبت سياسياً من أوروبا، بعد أن ساهمت بحسم حربها عسكرياً، مسجلة إنكفاءً أعادها إلى تقاليد الإنعزال في السياسة الخارجية. لكن الولايات المتحدة، الدولة الرأسمالية المتعاظمة قوة، والإمبريالية موضوعياً، لم يعد بإمكانها العدول عن نهج الإنفتاح على العالم بسياسة تدخلية فاقت بأشواط كل ما سبقها، إنما بعد عقدين من الزمن■
… يتبع في العدد القادم