- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

الازمة الاقتصادية قبل كورونا وبعدها

الاهالي – احمد النمري
الاشهر الاربعة الاولى من العام الحالي سنة ٢٠٢٠ شهدت توسعا وتعمقا متصاعدا من الاختلالات والتراجعات والازمات في بنية وهيكلية ومسارات الاقتصاد الاردني، في معظم فروعه وجوانبه، في ابعاده الانتاجية من زراعة وصناعة، كما في غالبية قطاعاته الخدمية والمالية، وبحدة غير مسبوقة جعلت جانبا منه مثل السياحة الوافدة فتدهورت لتقترب الى درجة الشلل الكلي، وبانعكاسات اجتماعية ثقيلة الوطأة بالغة السوء.
الانتكاسة كانت ولا تزال واضحة تماما في قيمة الانخفاض الحاد وفي معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي، ومن نسبة نمو بحدود (٢٪) خلال سنة ٢٠١٩ الى انكماش فعلي بنسبة (٣،٤٪) خلال الثلث الاول من سنة ٢٠٢٠ “تقديرات دولية توقعت انكماشا اعلى بنسبة (٥٪) سنة ٢٠٢٠ وبأكثر من تقدير وزارة المالية الاردنية . وخلال الفترة الزمنية القصيرة هذه من سنة ٢٠٢٠ هبطت قيمة الايرادات المحلية في مالية الحكومة الاردنية بما يقارب (٦٠٢) مليون دينار قياسا بما كانت عليه في نفس الفترة من سنة ٢٠١٩، وايضا قياسا بما تم تقديره في موازنة سنة ٢٠٢٠، وربط وتقييد ذلك نتيجة تباطؤ الاقتصاد المتزايد من جهة، وبسبب قرارات حكومية بتأجيل او/و مطالبات استحقاقات ضريبية، او/ والسماح بتأجيل سداد اقساط اقتراض او دفعات متحققة على خدمات حكومية وغير حكومية مقدمة من جهة اخرى.
العجز الفعلي في الوضع المالي الاردني الحالي تصاعد بتسارع ليصل الى (٥٪)، وليكون ذلك مدخلا وسببا لتسارع ارتفاع حجم “ المديونية الحكومية الكلية الى ما يزيد عن (٣٠،٢) مليار دينار، ولم تنف الحكومة ذلك، واعلنت عن توجه لها لاقتراض محلي جديد اولا بموجب اصدار سندات خزينة بقيمة (٥٥٠) مليون دينار، وثانيا اقتراض آخر بقيمة (٢٥٠) مليون دينار، وبأجل لمدة سنتين، ما سيؤدي الى مزيد من التورم في حجم المديونية لتتجاوز في متوسط معدلها سقف (١٠٥٪) من الناتج المحلي الاجمالي، وليتضخم ايضا عبء خدمتها الشهري والسنوي “سداد الاقساط+ قيمة الفائدة”.
العديد من المحلات والشركات والمنشآت والمرافق التجارية والصناعية والخدمية توقفت عن النشاط، واستغنت، واستغنت جزئيا او كليا عن شرائح متزايدة عاملة لديها، ليضيف ذلك خسائر اضافية لم يتم احتسابها حتى الآن، وان كان من المتوقع ان تكون قيمتها مرتفعة وثقيلة على اكثر من صعيد ، وخاصة في الارتفاع المتصاعد في اعداد العاطلين عن العمل، والى ارتفاع النسبة العامة للبطالة فوق معدلها الحالي البالغة (٢٠٪)، وما يرافق ذلك او يتوازى مع ذلك تفاقم معدلات الفقر بشقيه المطلق والمدقع ليتجاوز كثيرا النسبة المعتمدة حاليا البالغة (١٥،٧٪) وهي عالية ومرهقة وبأكثر من معيار.
الحالة المستمرة لبروز واشتداد وباء “الكورونا” منذ بداية هذا العام كان لها وسيكون لها تداعيات سلبية مأزومة على اختلالات وتراجعات تتحكم في مسار وواقع الازمة المتفاقمة في الاقتصاد الاردني في معظم قطاعاته الى جانب الاسباب والعوامل الاساسية السابقة المتصلة بمجمل التوجهات والمسارات السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية المدرجة والمعتمدة في نهج اقتصادي رأسمالي جديد مفرط في انفتاحه واختلاله. والتي تظهر وتتأكد ايضا عند رصد وتحليل قياسي لمسارات ووقائع اقتصادية سابقة وخاصة تلك التي تحققت خلال الاشهر العشرة الاولى من سنة ٢٠١٩.
ثنائية التحليل والتقييم
وهي ثنائية تتبع في القراءة وفي الرصد والتقييم المقارن لوقائع واتجاهات ومكونات الازمة في الاقتصاد الاردني بفروعه ، منها ما يتصل بفترة الكورونا، واخرى ترتبط بما كانت عليه قبلها.
ولذلك، ومن اجل عرض واظهار تحليلات وقياسات موضوعية لجذور وتداعيات ومعالجات الازمة الاقتصادية والمالية والنقدية يتطلب الامر ان لا يقتصر الحديث والتحليل فقط للازمة واسبابها وتداعياتها التي تفاقمت مع وبسبب ظهور وامتداد الوباء الكوروني في سنة ٢٠٢٠، بل ان يرافق ذلك او يرتبط ذلك ايضا بتقييمات لجوانب ازمة عامة احاطت بالاقتصاد الاردني قبل ذلك نتيجة توجهات وسياسات وتطبيقات ليبرالية مفرطة في انفتاحها واختلال توازناتها الانتاجية وعدالتها الاجتماعية.
ثنائية ومعادلة صعبة، ولكنها ضرورية بالتأكيد في التوضيح والتحديد والتقييم المستمر في اطارها، وباوسع مشاركة وطنية ديمقراطية في الاعداد والتنفيذ، ومع الاخذ في الاعتبار، وبقدر الامكان، اظهار التأثيرات الخارجية الاقليمية والدولية الحادة عليها.