- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

نتائج مؤتمر البرلمانات العربية: لم ترقَ الى مستوى غضب الشعوب العربية ضد مشروع ترامب – نتنياهو

الاهالي – البيان الختامي للاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في عمان بتاريخ ( ٨ / ٢/ ٢٠٢٠) تضمن المحددات والنتائج نفسها تقريبا الصادرة عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة بتاريخ ( ١ / ٢ / ٢٠٢٠) فقد صدر عن كلا الاجتماعين صيغة رفض لما يسمى بصفقة القرن وتأكيدات على الحقوق الفلسطينية والعربية، دون ان يقترن هذا الرفض بقرار لمجابهة هذا المشروع الاخطر على الوطن العربي في تاريخنا الحديث هذا على الرغم من ان الدول العربية : حكومات وبرلمانات ، هي المستهدفة اساسا وحصريا بهذا المشروع لحساب الدول الاستعمارية وحلفائها.
عودة الى نتائج مؤتمر البرلمانيين العرب، الذي كان من المفترض ان يعبر عن صوت الشعوب والمجتمعات التي انتخبتهم، فقد خلا البيان الختامي من اية اجراءات او قرارات تتعلق بمقاومة المشروع الذي تم رفضه، وشرح اخطاره حسب البيان الذي قال: ان “ صفقة القرن أشدّ فتكا وتنكيلا بالجسم العربي من وعد بلفور وخرائط سايكس بيكو”. كان من الطبيعي ان يصدر عن مؤتمر البرلمانيين والحالة هذه خطة مواجهة مباشرة لحماية الوطن العربي من اخطار المصادرة والتقسم والهيمنة، ولكن ما ورد في البيان لم يرق الى مستوى حتى الخطط الدفاعية:-
١ ـ على سبيل المثال القرار الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين ، لم يرد فيه اي اشارة للقرار الاممي ١٩٤ الذي ينص على عودة اللاجئين الى وطنهم وديارهم واكتفى بصيغة رخوة تنص على (حق العودة والتعويض وتتمسك بقرارات الشرعية الدولية كمرجعية في حفظ الحقوق عبر حل عادل وشامل )!!
فلماذا تجنب المجتمعون ذكر نص قرار ١٩٤ وهو الاقوى من بين قرارات الشرعية الدولية والاوضح فيما يخص التزام المجتمع الدولي بعودة اللاجئين؟!!
٢ ـ علنا نجد تفسير هذا التجاهل في القرار التالي لمؤتمر البرلمانيين الذي ينص على :” يتمسك المجتمعون بمرجعيات القرارات الأممية والمبادرة العربية للسلام كأساس لاستئناف اي مفاوضات سياسية”!!!
فهل لا زال البرلمانيون يعوّلون على مفاوضات مع العدو على اساس القرارات الأممية؟؟!!! في الوقت الذي اوضحت فيه وثيقة ترامب نتنياهو، بما لا يقبل الشك ان الجلوس على طاولة المفاوضات سيكون على اساس القبول بهذه الوثيقة وشروطها، اي ان المطلوب هو الاذعان والتوقيع على وثيقة ترامب نتنياهو وليس مسموحا التفاوض بشأن أي من بنودها التفصيلية المنتشرة على ١٨١ صفحة باللغة الانجليزية!!
هذا التجاهل والتضليل من جانب البرلمانيين العرب لم يعد مستساغا في الوقت الذي تتعرض فيه بلداننا العربية والقضية الوطنية الفلسطينية لأخطار وجودية.
٣ ـ في البند العاشر من نتائج المؤتمر، نجد نصا “يبحث عن اجراءات قانونية تضع حدا للاستيطان ومصادرة الارض” !!!
فهل لا يعرف البرلمانيون الاشاوس ان الاجراءات الاسرائيلية تجري على قدم وساق من اجل استكمال عمليات مصادرة الارض والضم والاستيطان، وان لجنة ثنائية امريكية اسرائيلية تلك هي التي وضعت خرائط تفصيلية لوثيقة صفقة القرن، تواصل عملها الآن من اجل استكمال الخرائط وبالتوازي مع بدء التنفيذ الذي سيكون موعده بعد اجراء الانتخابات الاسرائيلية مباشرة اوائل اذار القادم؟؟!! هل ان السادة البرلمانيين لا زالوا يبحثون عن وسائل قانونية للمقاومة، بعد عقود طويلة من الجرائم الصهيونية على الارض والتي لا يعير مرتكبوها اي اهتمام للشرعية الدولية والقانونية؟!!
٣ ـ للسخرية المرّة : فقد ورد في قرارات مؤتمر البرلمانيين ما يلي :ـ” يطالب المجتمعون من الجاليات العربية في كل دول العالم تنظيم سلسلة وقفات احتجاجية أمام المؤسسات الرسمية لتعرية الوجه البشع للاحتلال ايصال رسالة الرفض العربي على اوسع نطاق”.
لنلاحظ ان الدعوة موجّهة للبعيد وليس للقريب !! لماذا؟ ولماذا لا يوجه البرلمانيون الدعوة لشعوب بلدانهم من اجل التعبير عن غضبهما ورفضهما للصفقة الامريكية ـ الصهيونية؟! نحن لا نقلل من شأن ما يمكن ان تفعله الجاليات العربية في الخارج، ومعظمها يقوم بجهود وطنية هي محط تقدير واحترام ولكن الأولى والأشد تأثيرا، هو ما يمكن ان تقوم به الشعوب في ميادينها وساحاتها، والأهم أن لا تواجه تحركاتها بالقمع وسطوة السلطة التي تخشى على نفسها من السخط الشعبي الواسع على الانظمة السياسية.
٤ ـ القدس: العبارات الواردة حول القدس في البند الرابع والخامس والسادس من القرارات تؤكد على “استنكار القدس عاصمة موحدة للاحتلال وعلى الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية واهمية عدم العبث بالوضع القانوني كما هو وارد في قرارات الشرعية الدولية” لا بدّ وان المجتمعين يعرفون ان كل هذه الحقوق والثوابت في القدس قد انتهكت منذ زمن طويل اي منذ عام ١٩٦٧، وقد استمرت الانتهاكات حتى بعد اتفاقات اوسلو ووادي عربة، حتى وصلت الامور الى وضع خطير تماما في مدينة القدس بعد مصادرة معظم اراضيها وتهويد معظم السكان وعزل المدينة المقدسة عن محيطها وبناء ١٦ نفقا تحت المسجد الاقصى وحدائق توراتية يعبث فيها المستوطنون تحيط هي الاخرى بالمسجد الاقصى وكنيسة القيامة، بعد كل هذه الحقائق يضع المؤتمر حلا واحدا حسب ما ورد في النص الذي يقول “علينا واجب استنفار الجهود السياسية والقانونية لتحصين المدينة المقدسة من اي عبث عنصري او طائفي يهدد امن واستقرار المنطقة”!! انتهى النص، ولم ينته العبث بالمدينة المقدسة.
السؤال هو لماذا لم يتم استخدام السلاح القانوني والسياسي منذ عام ١٩٦٧؟؟ وهل ان هذا السلاح في مواجهة عدوّ مجرم استيطاني يمكن ان يجدي نفعا الآن على كل حال لا شك ان واضعي هذه القرارات يدركون كل هذا، ولكنهم لا يريدون التقدم نحو اية مواجهات : لا مع الانظمة السياسية ولا مع الادارة الامريكية ولا مع العدوّ الصهيوني الذي سحبهم الى بيت العنكبوت بعد الهرولة التطبيعية غير المحسوبة!
٥ ـ التطبيع مع الاحتلال : هل علينا ان نصدّق ما جاء في البند الحادي عشر الذي ينصّ على ما يلي : “ رفض مختلف اشكال التطبيع وتمسّك البرلمانات العربية بموقف الحزم والثبات بصدّ كل ابواب التقارب او التطبيع مع الاحتلال”!!! لاحظوا: القرارات اتخذت باجماع ممثلي الدول العربية، التي يقيم بعضها علاقات مباشرة مع الاحتلال بعد الاتفاقات الثنائية (كامب ديفيد، اوسلو، وادي عربة)، والبعض الآخر هرول بلا حساب لتطبيع علاقاته الاقتصادية والسياسية علنا وسرا .. ماذا على الشعوب العربية ان تفهم من هذا القرار؟؟ وهي ترى كل يوم اجراءات جديدة وزيارات متبادلة، ووسائل اعلام عربية تدافع عن وجود اسرائيل، وممثلي دول كانوا حاضرين في كرنفال البيت الابيض وكأن اصحابه لا يعلمون ما الذي جرى ويجري؟؟! في السياسات العربية التطبيعية المفتوحة على مصاريعها مع الاحتلال. حقا انه الفجور بعينه!!
أخيرا نقول : البرلمانات العربية وموازين القوى فيها تجعلها حليفة لحكوماتها، وهي غير مؤهلة للانتقال الى مستوى تكون فيه حجر الاساس لمشروع نهضوي تحرري عربي في مواجهة الاحتلال والسياسات الاستعمارية الامريكية في المنطقة . الشعوب والحركات الوطنية والجماهيرية وحدها ستكون القادرة على فعل ذلك ولو بعد حين