| نشر في مارس 14, 2018 12:12 م | القسم: آخر الأخبار, إقتصاد | نسخة للطباعة :
احمد النمري
بقيت ضريبة الدخل في الاردن، ولفترة زمنية طويلة وحتى سنة ١٩٩٥ تتسم بقدر كبير مطلوب من التصاعد في شرائح دخل المكلفين بها، وايضا في تصاعد المعدلات المعتمدة على كل شريحة، وصولا الى عدالة اجتماعية نسبية في قدرة تحمل المكلف بدفعها، ولحاجة الخزينة (الموازنة) لحصيلتها، تأكيدا وتطبيقا لما نصت عليه بوضوح المادة (١١١) من الدستور الاردني.
وبالفعل ما سبق من مرتكزات وقواعد روعيت وأخذ بها بوضوح في بنود ومواد قانون ضريبة الدخل الاردني رقم (١٢) لسنة ١٩٦٤، واستمرت واعتمدت في معظمها في بنود ومواد قانون ضريبة الدخل رقم (٥٧) لسنة ١٩٨٥ الذي حل محله، كما روعيت ايضا في احكام ولوائح منظمة ومطبقة له، وكما في بعض التعديلات التي اجريت عليه، ولتكون ضريبة الدخل الضريبة المحورية والرئيسة في نطاق المنظومة الضريبية الاردنية الكلية.
في تسعينات القرن الماضي ساد في الاردن ولا يزال نهجا اقتصاديا رأسماليا ليبراليا جديدا يتماشى الى حد كبير مع توجهات ونظريات حكومة تاتشر البريطانية، والرئيس الاميركي ريغان ومبادىء مدرسة شيكاغو الاقتصادية، وكان لهذا المتغير تداعيات سلبية متتابعة على مفهوم ومضمون وتفاصيل التوجهات والسياسات والتطبيقات الضريبة الاردنية، وتعديلات في الاهمية النسبية لمكونات المنظومة الضريبية، في اتجاه تعظيم وتثقيل الرسوم والضرائب غير المباشرة مقابل تقليص وتقزيم الاهمية المحورية للمباشر منها وخاصة قلبها المتمثل في ضريبة الدخل.
ففي سنة ١٩٩٤ تم بطلب وضغط من صندوق النقد الدولي، تبني وتشريع ضريبة جديدة غير مباشرة بعوان «ضريبة المبيعات» وبرقم (٦) لسنة ١٩٩٤، والتي استمر تضخيمها، وبلا تقف منذ ذلك الحين وحتى الآن، من حيث النسبة ونطاق السريان لتصبح الضريبة الاكبر ، ولكن الاسوأ في تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، وليصل حجمها مؤخرا الى ما يزيد عن (٦٧٪) من اجمالي الحصيلة الضريبية الكلية.
وفي المقابل، وفي ارتباط مباشر بنفس النهج الليبرالي جرى في سنة ١٩٩٥ تعديل تقزيمي كبير في المرتكزات الاساسية لقانون ضريبة الدخل رقم ٥٧ لسنة ١٩٨٥ المتصلة بالحد من التصاعدية في شرائح الدخل، كما في الحد ايضا من تصاعدية المعدلات المقررة على الشرائح.
تخفيضات قياسية في الشرائح والمعدلات
مرة واحدة وباختصار وبموجب القانون المعدل رقم ١٤ لسنة ١٩٩٥ لقانون ضريبة الدخل رقم ٥٧ لسنة ١٩٨٥ جرى بالنسبة للافراد تخفيض شرائح الدخل من (١٢) شريحة مأخوذ بها في القانون الاصلي الى (٦) شرائح فقط في القانون المعدل الجديد وبنسبة تخفيض (٥٠٪) الى جانب تقليص مدى المعدلات العليا التي تحسب الضريبة على اساسها من (٤٥٪) الى (٣٠٪) فيما بقي معدل الحد الادنى بحدود (٥٪).
فيما تقرر التخفيض مرة واحدة في معدلات الاشخاص الاعتباريين (الشركات) في الحد الاعلى وحسب القطاع الذي تنشط فيه، من (٥٠٪) الى (٣٥٪) لشركات البنوك والمؤسسات المالية، ومن (٣٨٪) للشركات الصناعية الى (١٥٪) وللشركات الاخرى من حوالي (٤٠٪) الى (٢٥٪).
التخفيضات المشابهة استمرت لاحقا ومنها ما تم بموجب القانون المؤقت رقم ٢٥ لسنة ٢٠٠١ الذي تم بموجبه تخفيض الحد الاعلى للضريبة على دخل شركات التأمين والاتصالات من (٣٥٪) الى (٢٥٪) الى جانب مزايا وتسهيلات اجرائية اضافة الى اجراء تقليص حاد وكبير في عدد شرائح الدخل من (٦) شرائح الى (٢) فقط ما شطب بدرجة كبيرة السمة او البعد التصاعدي لضريبة الدخل الاردنية وحيث تم ذلك وللغرابة بموجب تشريع قانون جديد مؤقت لضريبة الدخل برقم (٢٨) لسنة ٢٠٠٩ حيث لم يكن هنا اي ظروف استثنائية تبرره كما ان المنطق يستبعد كليا اصدار قانون الضريبة بصيغة مؤقت نظرا لحساسية مضمونه وموضوعه الذي يتطلب نقاشات وحوارات وتقييمات ومشاركات موسعة على اكثر من صعيد.
والمؤسف انه تم ايضا اجراء ضغوط واسعة من اجل تمرير اقرار قانون ضريبة الدخل الاخير لسنة ٢٠١٤ في البرلمان بمجلسية النواب والاعيان، وقد تضمن القانون سقفا واسعا لاعفاء دخل الافراد «١٢ الف للاعزب، ٢٤ الفا للمتزوج مهما كان عدد افراد اسرته» وهو اعفاء في جوهره يستفيد منه بشكل رئيسي عدد محدود من اصحاب الرواتب والدخول العالية.
وتوازى مع التخفيضات والتقليصات في ضريبة الدخل صدور اكثر من قرار بالغاء ضريبة مباشرة ومنها ضريبة التوزيع التي كانت مفروضة بنسبة (١٠٪) وضريبة الرسملة بنسبة (١٦٪) فيما جرى استبعاد فرض الضريبة المباشرة على الشركات وعلى الارباح الرأسمالية الى جانب اعفاءات اخرى واسعة منحت بمبرر وحجة «تحفيز وتشجيع الاستثمار والمستمثرين»
وتبعا لما تقدم تقلصت حصيلة ضريبة الدخل حاليا الى حوالي (٢٠٪) من اجمالي الايراد الضريبي الكلي مقابل (٦٧٪) لحصيلة ضريبة المبيعات.
المطلوب اعادة الاعتبار الى بعدي تصاعد وعادلة ضريبة الدخل في اي قانون جديد متوقع لها.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.