| نشر في مارس 7, 2018 11:49 ص | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
الرفيقة ليلى نفاع / عضو اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي الاردني
منذ أن بدأ الاحتفال العلني بيوم المرأة العالمي في الأردن، حين التقت الحافلات التي تقل الرفيقات الشيوعيات من الضفتين في مدينة أريحا، عام 1956، وأنا مندهشة من تأثير الاحتفال بيوم المرأة العالمي على الرفيقات. زادت دهشتي وأنا أراقب حماس النساء، كل النساء، لهذا اليوم بعد أن أعلنته هيئة الأمم المتحدة يوماً عالمياً للنساء لنيل حقوقهن. وأصبحت قصة تضحيات النساء الأميركيات اللواتي طالبن ب8 ساعات عمل في عام 1858، على كل لسان. وكأن رابطة انسانية غير مرئية أخذت تشد من أزر النساء للوقوف في وجه جميع صنوف الاضطهاد والتمييز والعنف.
هل كان اضطهاد النساء أكبر من أي اضطهاد آخر حتى ولد كل هذا التعاطف والتضامن بين النساء؟ أعلم أن المفكرين الاشتراكيين، حتى قبل ماركس وانجلز، قد حللوا شكل الاضطهاد على النساء وتوصلوا إلى أن الموقف من مساندة النساء على التخلص من الاضطهاد “المزدوج” كما أشاروا، يحدد ما إذا كان الإنسان إنساناً وما إذا كان المجتمع تقدمياً أم لا. وما زالت مقولة الاشتراكي الفرنسي “سان سيمون “بأن درجة تقدم المجتمع تقاس بدرجة رفع الاضطهاد عن النساء”، تلازمني.
مع انجلز وكتاب “أصل العائلة” جاء التحليل العلمي لماهية اضطهاد النساء وكيفية سيطرته على المجتمعات. ومع لينين جاءت طرق الخروج من جميع أشكال العبودية ومنها “عبودية المطبخ” بالاتمتة والخروج للعمل الانتاجي وفتح الحضانات ورياض الأطفال من قبل الدولة، لإنه في عرف لينين أن الأمومة وظيفة اجتماعية وليست مسؤولية الأم والأب وحدهما.
وعلى هذا الأساس، تحولت قضية النساء، في القرن العشرين، لقضية حقوقية بامتياز وأندرجت بفعل النضال المتصاعد للنساء الرائدات إلى جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وطغت على أدبيات المفكرين الاجتماعيين وسادت في نصوص الاتفاقيات والعهود الدولية.
ولكن أكثر ما يحزننا هذه الأيام الانتكاسة في الثقافة المجتمعية تجاه قضية النساء إن كان ذلك بتأثير الاتجاهات الشعبوية ذات الطابع العنصري، في الدول التي شهدت تقدماً ملموساً تجاه الحقوق المتساوية للنساء في النصف الثاني من القرن العشرين، أو كان بتأثير الاتجاهات الدينية المتطرفة والتي سادت، وللأسف، في منطقتنا مع مطلع القرن الجديد.
في الوطن العربي، بلغ تأثير القوى المتطرفة مبلغاً لم يكن يخطر في بال. وأنصب مجرى التشدد على المجتمع ككل وبلغ الاضطهاد الموجه ضد النساء مبلغاً لم يسبق أن بلغه من قبل. والآن، تقف النساء تحت مطرقة تخاذل الأنظمة الحاكمة تجاه الحقوق المتساوية للنساء بسبب مراوغة سلطات رأس المال وسندان القوى المتطرفة التي تستند على القوى الرجعية لتمرير ثقافة مجتمعية تعيد انتاج اضطهاد النساء كما في سالف الأزمان.
وإلا كيف نفهم مجرى الأمور في الأردن تجاه حقوق النساء. الدستور الأردني هو الدستور الوحيد، حتى بين الدساتير العربية، الذي لا يربط “عدم التمييز” ب “النوع الاجتماعي” ويحصر عدم التمييز بالنسبة “للعرق والدين واللغة” في المادة السادسة منه. ونصوص الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، لا يجري تضمينها في التشريعات المحلية لاستخدامها في أروقة المحاكم، وكأن التوقيع على الاتفاقيات أمر شكلي لذر الرماد في العيون مع وقف التنفيذ.
لا تجد النساء سنداً لصد الموجة العاتية التي جاءت بها التيارات المتطرفة من جانب قوى الليبرالية الجديدة التي تنفخ في التيارات الرأسمالية الناشئة، والتي تقدم نفسها باعتبارها جزء من التحالف الطبقي الحاكم. وهذه القوى يعتريها الجبن أمام سطوة القوى العشائرية ذات النزعة الذكورية المتأصلة، وهي تأخذ الأرض أمام القوى الدينية المحافظة والمتشددة. والسلطة تبدي ارتياحاً تجاه المنظومة التشريعية الحالية التي تكرس اضطهاد النساء، بل وتسعى لانتزاع مكاسبها، أو افراغها عملياً من أي مضمون عملي.
حيال ذلك، لا يمكن أن نترك مكاسبنا عرضة للمساومة وظهورنا مكشوفة. من يتابع الحراك النسوي والنقاش الدائر، حالياً في البرلمان، حول قانون العمل وقانون الأحوال الشخصية يصعق بالنهج المتبع الخاضع للعقليات المتطرفة، من قبل أرباب العمل ومن قبل وزارة الأوقاف والتي يحابيها من يحابي ويقف إلى جانبها من يقف من البرلمانيين مسلوبي الإرادة.
لكن النساء الأردنيات عقدن العزم على الاستمرار في صوغ الاحلام والسير نحوها، بلا تردد وبلا مهادنة، معتمدات في ذلك تكاثف وتضامن الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية الأردنية التي تربط في برامجها ورؤاها ومواقفها بين تحرر المجتمع من شتى أشكال الاستغلال والاستبداد والتعسف، وبين تحرر المرأة من نير اللامساواة والغبن والتمييز على أساس الجنس، هذه القيم البالية التي تستمدها القوى الرجعية والمحافظة من موروث العصور الوسطى.
• نحن النساء، في يوم المرأة العالمي لهذا العام، نحلم بدستور يتضمن نصاَ على عدم التمييز حسب “النوع الاجتماعي” ويتضمن بنداً عن تكافؤ الفرص وبنداً عن الحقوق المتساوية للنساء والرجال.
• نحن النساء، في يوم المرأة العالمي لهذا العام، نحلم باستكمال المصادقة على جميع بنود “اتفاقية القضاء على جميع أنواع التمييز ضد المرأة” برفع التحفظات وإدماج أحكام الاتفاقية بالتشريعات المحلية.
• نحن النساء، في يوم المرأة العالمي لهذا العام، نحلم أن يتحول قانون “القضاء على العنف الأسري” شاملا للقضاء على العنف ضدّ النساء، بجميع أشكاله.
• نحن النساء، في يوم المرأة العالمي لهذا العام، نحلم بايجاد فرص عمل للنساء والفتيات حيث تبلغ نسبة المتعلّمات (أكثر من 60% من طالبات الجامعات) وتساهم النساء العاملات في كلّ أصناف النفقات الأسريّة.
• نحن النساء، في يوم المرأة العالمي لهذا العام، نحلم بالقضاء على السيطرة الأبويّة، ومظاهر التفرقة الصارخة التي تهدم أساس البنيان الديمقراطي.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.