| نشر في أكتوبر 8, 2017 1:14 م | القسم: آراء ومقالات, إقتصاد | نسخة للطباعة :
لم نذهب بعيدا عندما وصفنا في السابق ، ونصف الآن قانون ضريبة الدخل القائم بأنه مختل وغير متوازن وسيء في العديد من مواده وأحكامه ومرتكزاته واهدافه واتجاهاته، وبأنه الأسوأ في تكوين ومسار المنظومة الضريبية الاردنية المباشرة اذ أتى نتاج سلسلة متراجعة من التعديلات والتغييرات السلبية التي دفع في اتجاهها منذ اواسط تسعينات القرن الماضي نهج وطاقم صندوقي ليبرالي جديد، تعديلات وتغييرات تمت بموجب قوانين معدلة على نصوص ومضمون قانون ضريبة الدخل رقم (٥٧) لسنة ١٩٨٥، وبعد ذلك من خلال الغاء القانون رقم (٥٧) نفسه بموجب قانون مؤقت رقم (٢٨) لسنة ٢٠٠٩ «مخالف لنص المادة ٩٥ من الدستور الاردني التي تشترط توفر حالة الضرورة الملحة التي لا تحتمل التأخير … الخ» كما ان القانون المؤقت هذا افتقد لجانب كبير من مدى كفاية الشرائح التصاعدية في الدخل، وفي نسب الضريبة عليها «شريحتين فقط مقابل (١٢) شريحة مدرجة في القانون الاصلي رقم ٥٧ لسنة ١٩٨٥ «
المفارقة ان قانون ضريبة الدخل الحالي لسنة ٢٠١٤ تم إقراره في أجواء تخويفية تحذيرية من قبل حكومة النسور عند مناقشته في البرلمان للاسراع بإصداره لتجنب ضغوط وعقوبات صندوقية وخارجية لها تداعياتها الصعبة!!، وقد تضمن القانون الحالي تشوهات واختلالات أسوأ في العديد من بنوده وخاصة في جانب تجريده بدرجة اكبر من مرتكز تصاعديته الدستورية أي تصاعد المساهمة (التكليف الضريبي) حسب تصاعد شرائح ومستويات دخل المكلفين أفرادا وهيئات اعتبارية ليكون التصاعد مدخلا أساسيا للمساواة والعدالة الاجتماعية.
النص الدستوري في التكليف التصاعدي
نصت المادة «١١١» من الدستور الاردني بهذا الصدد على ما يلي.» لا تفرض ضريبة أو رسم إلا بقانون. ولا تدخل في بابها أنواع الأجور التي تتقاضاها الخزانة المالية مقابل ما تقوم به دوائر الحكومة من الخدمات للأفراد او مقابل انتفاعهم بأملاك الدولة، وعلى الحكومة أن تأخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، وأن لا تتجاوز مقدرة المكلفين على الأداء، وحاجة الدولة الى المال.
نحو زيادة شرائح الدخل المتصاعدة
ومن ثم فإن الاستناد الدقيق لنص ومضمون المادة (١١١) من الدستور الاردني،وأيضا الى نتائج التغييرات السلبية السابقة في تقزيم او شطب معظم شرائح الدخل المتصاعدة في قوانين الضريبة الأخيرة، يتطلب الأمر عند التوجه الى وضع مسودة لمشروع قانون جديد لضريبة الدخل التأكيد على إعادة الاعتبار لمبدأ التصاعدية والعدالة الاجتماعية من خلال زيادة عدد شرائح الدخل المتصاعد، وأيضا وبتعريفات (نسب) متصاعدة محسوبة بدورها على شرائح الدخول المختلفة.
وإذا كان من الصعب عمليا العودة الى اعتماد (١٢) شريحة دخل للأفراد كما كان عليه الحال في قانون ضريبة الدخل رقم (٥٧) وقبله في قانون الضريبة رقم (٢٥) لسنة ١٩٦٤، فإنه بدلا من ذلك يمكن ان يكون عددها في قانون جديد بحدود (٦) شرائح وبتعرفات متصاعدة موازية تحددها دراسات ومناقشات موسعة شفافة، فيما تكون الشرائح للأشخاص الاعتباريين بحدود (٤) شرائح دخل، وبتعريفات متصاعدة وبسقف يصل الى (٤٠٪) لشريحة الدخل الاعلى .
تصاعدية الضريبة مدخل للعدالة ووفرة الحصيلة
تصاعدية ضريبة الدخل بشرائحها المعتمدة من شأنها الوصول الى تحقيق مبدأ قدرة المكلفين على الأداء (الدفع)، وعدالة توزيع العبء، وتوفير الكفاية في الحصيلة، ولتستعيد هذه الضريبة مركزها القيادي السابق ووقوفها على قمة المنظومة الضريبية الاردنية الى جانب تقليص اهمية ضريبة المبيعات الانكماشية اقتصاديا وغير العادلة اجتماعيا.
الحد من الاعفاءات او حتى وقفها
التوجهات والسياسات الاقتصادية والضريبية الليبرالية الجديدة تبنت اعتماد سلسلة من قرارات اعفاء أطراف ونشاطات متعددة من دفع الضريبة جزئيا او كليا، وبحجة، وتحت مظلة شعارات وادعاءات «تحفيز وتنشيط الاستثمار والمستثمرين، او / و تدعيم صناديق استثمارية، ، أو/ و انشاء وتعزيز مناطق تنموية وحرة وخاصة، وكان من شأن هذه الاعفاءات الواسعة «البعض يعتبرها أقرب الى الاعطيات او انها شكل من أشكال التهرب الضريبي» التسبب في تشويه الضريبة وافقادها العديد من مرتكزاتها ودورها المنشود، وتتلاشى اهمية وجدوى الاعفاء من الضريبة اقتصاديا في انها تتم بعد استكمال الانتاج التنموي والخدمي وبعد تحقق الدخل وليس قبله.
وأخيرا يجب ان يتضمن قانون الضريبة المنشود وانظمته بنودا تعزز وتوسع عملية المتابعة والمراقبة الحثيثة للوصول الى تحديد حجم « الوعاء الضريبي» الاقرب الى الدقة من جهة، والتي تمنع او على الاقل تحد من حالات «التهرب الضريبي والاحتيال والفساد» بتغليظ العقوبة من جهة اخرى في اجواء ومناخات اوضاع ديمقراطية سياسية واقتصادية موسعة ومتقدمة على اكثر من صعيد وموقع.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.