| نشر في مايو 17, 2017 11:19 ص | القسم: رأي الأهالي | نسخة للطباعة :
لم تنفصل يوما السياسات الاقتصادية عن التوجهات السياسية في متابعة التسلسل التاريخي للسياسات الاقتصادية في البلاد منذ أواخر الثمانينات في القرن الماضي وحتى يومنا…
لا بد لنا من الربط بين المسارات التي بدأت منذ ذلك الوقت ثم تتبع محطاتها الرئيسية، وصولا الى ما تفرضه هذه السياسات الرسمية الآن على الشعب الاردني، حيث تتجلى بوضوح بالغ عملية الربط بين الاستهدافات السياسية وبين السياسات الاقتصادية، ويخطئ تماما من لا يربط بين القاعدتين الاساسيتين اللتين تتحكمان بمنطق ادارة شؤون الدولة الاردنية وتحديد تحالفاتها البعيدة والمتوسطة المدى…
ــ فقد شملت عمليات خصخصة القطاع العام منذ أوائل التسعينات معظم المرافق الاقتصادية الكبرى والرابحة، مثل شركات مناجم الفوسفات، والبوتاس، والاسمنت، والكهرباء، وميناء العقبة وأراضيها، والملكية الاردنية، وشركة الاتصالات، وحتى غابات دبين. كما شملت عمليات البيع والتأجير شركات استراتيجية مهمة اخرى مثل مؤسسة النقل العام وسلطة المياه وسكة حديد العقبة وعدد آخر من البنوك والمصانع.
كان لتطبيق هذه السياسات الاقتصادية في البلاد آثار اجتماعية عميقة أدت الى إحداث تفاوتات واحتلالات طبقية كبرى، كما أقصت فئات اجتماعية واسعة عن حقها في الاستفادة من ثروات بلادهم وفيما بعد تم اقصاؤها عن المشاركة في القرار السياسي. ولم تجد كل الضغوطات الخشنة منها والناعمة في ثني الحكومات عن مواصلة هذا الطريق الخطر، الأمر الذي أسس لما هو أخطر، وهو الذي نشهده الآن مجسدا سواء في السياسات الاقتصادية المباشرة والاجراءات التي تقررها المؤسسات الرسمية، او انها تأتي في نطاق المشروع السياسي التقسيمي الكبير الذي يتم الاعداد له وتنفيذه على الارض في منطقتنا العربية.
ــ وهكذا فقد أقرت قبل أشهر مجموعة من المشاريع العملاقة التي سيتم تنفيذها على الارض الاردنية، بحيث تم اخراجها من سيطرة الحكومة ووضعها تحت سيطرة مؤسسات خاصة مثل صندوق الاستثمار والذي صدر بموجب تشريع خاص… هذه المشاريع الملفتة في نوعيتها وضخامتها وكذلك في المضامين السياسية التي تحملها:
“مشاريع سكك الحديد، مشاريع انبوب النفط والغاز، مشاريع النقل والطاقة والثروة المعدنية والربط الكهربائي”، وهذه المشاريع جميعها منصوص على اسمائها في قانون صندوق الاستثمار ومن المعروف ان القانون سيبيح للشركات التي تملكها دولة الاحتلال بالاستثمار في الاردن مستفيدة من كل المزايا المنصوص عليها مثل الاعفاءات الضريبية والحصانة القانونية…الخ.
ــ وتأتي الآن خطة التحفيز الاقتصادي الاردني 2018 – 2022، التي أعلنت عنها الحكومة للسنوات الخمس القادمة وتسعى من وراء اطلاقها كما اعلنت الى “استعادة زخم النمو الاقتصادي واستغلال الامكانات الكامنة للتنمية في الاردن عبر استراتيجيات اقتصادية ومالية موزعة قطاعيا”، كما أعلن عن ان هذه الخطة ستغطي قطاعات اقتصادية حيوية مثل الصناعة والتجارة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة…الخ، على ان توضع لها أليات وتشريعات اقتصادية جديدة.
وعند مطالعة الخطة الاقتصادية المعلن عنها: نكتشف انه قد أفرج فجأة عن التنقيب على الغاز والبترول / في الاردن وهي الثروات الكامنة التي لم تكن تسمح السياسات فيما مضى بالاقتراب منها، هذا اضافة الى مشاريع اخرى تتعلق بقطاع النقل وسكك الحديد. واذا ما وضعنا هذه الخطة على اللوحة نفسها لنستعرض اتفاقات الغاز والمياه مع دولة الاحتلال ثم استعرضنا ما يخطط له العقل الاستعماري الغربي من تقسيم وإعادة تشكيل للجغرافيا السياسية بما يتناسب والمصالح الاقتصادية والسياسية العليا للقوى الامبريالية وحلفائها المحليين في المنطقة العربية، فعلينا اذن ان نستنتج بأن السياسات الاقتصادية والمشاريع المنبثقة عنها تصب مباشرة في المشروع السياسي المعادي الكبير قيد التنفيذ.
ان مواجهة التحديات الكبرى الجديدة بحاجة الى فتح آفاق كبرى للنضال تتوحد فيها كل القوى ذات المصلحة الوطنية والقومية والاجتماعية ويتفتح فيها الوعي السياسي على ما هو أعمق بكثير من اطلاق الشعارات المكررة منذ عشرات السنين.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
مارس 20, 2024 0
فبراير 28, 2024 0
فبراير 13, 2024 0
Sorry. No data so far.