- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

عمان العاصمة الاغلى عربيا في تكاليف المعيشة وفي المرتبة ٢٩ عالميا / توفيق عاشور

تقرير صادم نشرته مؤسسة صحيفة الايكونوميست البريطانية في استقصاء شمل ١٣٣ مدينة حول العالم.
وحسب الاستقصاء فإن المدن والعواصم العربية كافة ، غابت عن المدن الخمسين الاولى عدا العاصمة عمان الأردنية.
البلاد كلها غارقة في لهيب التضخم والغلاء، وارتفاع تكاليف المعيشة لدرجة عالية، في ارقام قياسية مخيفة لا تتناسب أبدا مع معدلات الاجور السائدة، وانحدار مستويات المعيشة وارتفاع نسبة الفقر الى مقاييس لا تطاق، وتنذر باحتقانات اجتماعية ستنفجر في وقت ما، ولا تنتظر الا شرارة او حدثا دراماتيكيا.
نسبة عالية من المواطنين لا يصدقون كل ما تقوله الحكومة من احصاءات وبيانات حول نسبة التضخم ، والبطالة، او الميزانية العامة وعجزها الدائم، او كلفة الكهرباء واسعارها، او تسعير المنتجات النفطية استنادا الى سعرها في الاسواق العالمية في لندن ونيويورك، ولا يصدقون ان المنتجات المستوردة يتم شراؤها على هذا الاساس، والذي يبقى ذلك سرا من الاسرار يكتنفه الغموض، وشبهات الفساد والتنفيع، والسمسرة، والبيزنس، والصفقات المشبوهة، بحيث تصل الى بلادنا بأغلى الاسعار في العالم.
الاردن حليف استراتيجي لدول الخليج النفطية التي لا يكلف انتاج البرميل فيها بضعة دولارات، وبالامكان استيراد النفط ومنتجاته بأقل الاسعار منها.
يتساءل المواطنون ، لماذا لا تؤسس الحكومة شركة عامة لاستيراد النفط ومنتجاته، بدلا من الاعتماد على الوكلاء والسماسرة الذين يجنون المليارات، مع ما يرافق ذلك من انعدام الشفافية والاسرار، في ذلك القطاع الذي يكلف الخزينة المليارات سنويا.
كما لا يصدق الاردنيون أسطورة أن الاردن فقير بموارده، ويتساءلون هل عدم وجود نفط في بلادنا بكميات كبيرة، يفرض اعتبارنا دولة فقيرة؟.
ماذا عن دول اخرى في العالم لا تملك النفط بل تستورده بأضعاف ما نستورد، ولكنها قفزت في نموها وأصبحت تضاهي الدول المتطورة وتعيش شعوبها برفاهية يحسدون عليها، وايضا دول اوروبا عموما لا تملك النفط في معظم بلدانها، والحياة لديهم من اعلى المستويات في العالم.
والآن ما أسباب هذا الغلاء؟ انه سياسات الحكومات المتتالية. لقد سنت تلك الحكومات قانون المالكين والمستأجرين وأقره مجلس النواب وأضحى نافذا منذ سنوات، هذا القانون عوم أسعار الايجارات والعقارات ورفعها الى أسعار فلكية لا تتناسب أبدا مع الوضع الاقتصادي الهش للبلاد، ولا مع معدل الأجور السائد، كان قد تم استنساخ مواده من الدول المتطورة التي معدل الاجور فيها أضعاف ما لدينا، مما رفع أسعار العقارات والايجارات لأضعاف ما كانت عليه، وتسبب تطبيقه الى اخلاء عشرات ألوف المستأجرين الذين كانت رواتبهم وأجورهم أقل من كلفة الايجار.
إنها سياسة الافقار المتبعة من الدولة، من خلال إصدار قوانين لا تعكس العدالة، بقدر ما تعكس الظلم والقهر لصالح أقلية متنفذة.
كما أن سياسة الحكومات في فرض ضرائب ورسوم باهظة، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، وانتقال الدولة من دولة الرعاية الى دولة الجباية والخضوع لشروط المؤسسات المالية العالمية من أجل مزيد من القروض، وانعدام الكفاءة في ادارة الكثير من مؤسسات الدولة، والارتجالية في اتخاذ القرارات، وانعدم التخطيط العلمي المدروس، ادى الى الفوضى وهدر المال العام والفساد.
علي الحكومة أن تستمع لآراء الخبراء الاقتصاديين، كما يجب ان تأخذ برأي الاحزاب السياسية الحريصة على البلاد ونموها وازدهارها، وأن تكف عن الخضوع في سياساتها لإملاءات الخارج، واتباع سياسات وطنية لصالح غالبية أبناء الوطن، وليس لصالح الأقلية، وبناء اقتصاد انتاجي، وتحقيق نمو مستدام ، وتستطيع الحكومة الحصول على التمويل من خلال حشد موارد البلاد ( الكثيرة)، ومكافحة التهرب الضريبي، وشمول التكليف الضريبي لفئات واسعة وغنية.
إن هذا يحتاج الى ارادة سياسية حقيقية ومجلس نواب جديد يمثل كل فئات الشعب، واتباع نهج جديد وعدم الخضوع لإرادات الدول الاقليمية والخارجية.
إن القروض الخارجية التي تمنحها المؤسسات المالية الدولية، ما هي إلا استعمار جديد، يستنزف اموالنا ومدخراتنا، كما ان التجارة الخارجية وسيلة اخرى للسيطرة والابتزاز لأن ميزانها التجاري يميل لصالح الاطراف التي تعقد الحكومة اتفاقات تجارة حرة معها.