| نشر في يناير 25, 2017 1:15 م | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
الأزمات وحدها تكشف الفارق بين الهاوي والمحترف بالسياسة، ويبدو من أهم سمات (الهواة) بالسياسة هي تكرار ذات الخطاب النمطي مرات ومرات رغم المعرفة المسبقة والمؤكدة بأن الشارع لا يصدقه، ومن سمات الهاوي ايضاً، اللجوء لنفس الاجراءات كل مرة وبنفس الاسلوب وبنفس (الكشرة) التي تظهر على وجه المسؤولين لاظهار حجم الألم الذي يعانونه جراء رفع الاسعار او الاخفاق بالسياسات وكأنها ستكون للمرة الاخيرة.
بعضهم يعلم وأغلبهم لا يعلم، أن لا أفق لحل الأزمة الاقتصادية وفق الطرق القديمة، أو اعتمادا على حلفاء قدموا الدعم للاردن على مدار عقود، لسبب واضح وهو (انتفاء الحاجة التي كانت تبرر هذا الدعم)، وثانيا لظرف الحلفاء الصعب على المستويين الاقتصادي والسياسي، وهنا لا بد من التذكير بأن أصل المساعدات التي تقدمها بعض دول الخليج للاردن، كانت قد أقُرت مطلع الستينيات وذلك للتعويض عن المساعدات الانجليزية التي كان يحصل عليها الاردن، والولايات المتحدة هي من رعى هذا النقل وبسياق (ملء الفراغ) الناجم عن الانسحاب البريطاني من المنطقة (حسب الوثائق الرسمية الانجليزية).
نقطة ومن أول السطر، الولايات المتحدة سحبت الغطاء عن جميع الانظمة العربية دون استثناء منذ بداية الربيع العربي، وبعهد ترامب لن تستمر الولايات المتحدة بسحب الغطاء فقط عن الانظمة العربية، بل ستبدأ بممارسة الضغط عليها دون (التحسب) من احتمال انهيار بعض الانظمة العربية، وعليه، فإن (الهاوي بالسياسة) هو الذي ما زال يعوّل على الطرق والسبل القديمة لحل الأزمة، والتناسي أن حلفاء الأمس لم يعد لديهم القدرة أو (المبرر) لتقديم الدعم، ما دامت الولايات المتحدة لا ترغب بذلك.
إدارة أزمة 89، كانت أدارة محترفة، وكانت واعية تماما لمتغيرات تلك الحقبة (انتهاء الحرب العراقية – الايرانية، إنهيار الاتحاد السوفياتي، بوادر تسوية الصراع العربي – الاسرائيلي)، فأدرك صاحب القرار سريعا أن جوهر الأزمة هو العامل السياسي وليس الاقتصادي، وبدون الاسراع بعملية الاصلاح السياسي لا يمكن الخروج من (تبعات) الأزمة الاقتصادية، فتم فورا رفع الاحكام العرفية، واجراء انتخابات نيابية.. الخ.. من الإجراءات.
الحكومات المتعاقبة الآن هي حكومات هواة وليست حكومات إحتراف، وهذا أمر طبيعي ما دامت صفة السياسي قد انتفت عن الوزراء، ولم يعد هنالك سياقاً مفهوما لذهاب حكومة والإتيان بأخرى، وما دام الجزء المخفي من العملية السياسية يفوق بكثير الجزء المعلن منها.
الذين يدركون أن الأزمة بجوهرها هي أزمة سياسية واقتصادية، وأنها نهاية مرحلة تمر بها المنطقة، ويلجأون لنفس الحلول هم (هواة)، والذين لا يدركون عمق الأزمة وطبيعتها ليسوا هواة، بل هم أناس ليس لهم علاقة بالسياسة أصلا واهتماماتهم تنصب على خدمة اجندات منفعة شخصية، ولا يصلحون لمواقعهم ولا يستحقونها بالتاكيد.
الاحتراف، بل الاحتراف بمستوى رفيع، هو المطلوب الآن بظل هذا الكم من التعقيدات والتغيرات بالمنطقة، الحلول الابداعية والمبتكرة، واطارها العام هو الاصلاح، اصلاح من نمط جديد ونوعي، وترتيب سلم الاولويات لدى صانعي القرار،… الاحتراف هو اجراء الحسابات الدقيقة والجريئة.. ودفع الثمن حيث يكون مطلوبا..
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.