| نشر في يوليو 3, 2013 1:45 م | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
تراهن أطراف دولية وإقليمية.. وفلسطينية على إحداث تغيير في الرأي العام الفلسطيني بالضفة والقطاع مع الحديث عن «تباشير» وشيكة «للسلام الاقتصادي» وقدوم الاستثمارات.
تعاقبت مؤخرا تصريحات وزراء ومسؤولي أحزاب إسرائيليين ، تحدث بعضها عن «موت حل الدولتين» فيما نعى آخرون مساعي وزير الخارجية الأميركية، جون كيري بشأن التسوية ونصب طاولة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
مقابل هذا، شكلت التصريحات التي شددت على عدم القفز عن ضرورة قيام دولة فلسطينية ظلا باهتا في المشهد السياسي الإسرائيلي، وأصحاب هذه التصريحات هم الحلقة الأضعف في الخريطة الحزبية وانعكاساتها في الكنيست الذي تمخضت عنه الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة. لكن حتى هؤلاء، دافعوا عن قيام الدولة الفلسطينية من زاوية رؤيتهم بأن قيام هذه الدولة يجب أن يحقق مصلحة إسرائيلية خالصة.
وفي كل مرة تصدر فيها تصريحات باتجاه تجاوز التسوية واعتماد الحل الإسرائيلي الخالص، وربط مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة بالاعتبارات الأمنية والتوسعية الإسرائيلية حصرا.. تقابلها تصريحات من أوساط مقربة من رئيس الحكومة نتنياهو تتنصل من تلك التصريحات وتؤكد تناقضها مع سياسات الحكومة.
عمليا، كانت السياسات الحكومية الإسرائيلية وتطبيقاتها بشأن التسوية، منذ انطلاق مسارها، هي رأس الحربة في مشروع إجهاض قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، ومنعت هذه السياسات الوصول إلى حل سياسي شامل ومتوازن للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
ويمثل رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بنيامين نتنياهو، نموذجا عمليا يعكس حقيقة الموقف الإسرائيلي الرسمي من التسوية وآفاقها. خاصة أنه قاد ثلاث حكومات تجاور فيهما مع إدارتين أميركيتين إحداهما في التسعينيات من القرن الماضي (1996 ـ 1999) في عهد بيل كلينتون، وفي الثانية والثالثة واكب ولايتي باراك أوباما، الرئيس الحالي للولايات المتحدة.
وإذا كان نتنياهو لم يستطع إكمال ولاية كاملة في تجربته الحكومية الأولى، إلا أنه بدا في تجربتيه اللاحقتين أكثر قدرة على إدارة الائتلافات الحكومية، واستثمر جميع تناقضات المشهد الحزبي في إسرائيل كي يطيل عمر حكومته، مستفيدا من انهيار وضعف الأحزاب المنافسة.
لكن الأهم، هو الخطاب السياسي الذي اعتمده في سياساته الحكومية وجوهره وضع خطوط حمراء على كل ما يمس السياسة التوسعية الإسرائيلية، وخاض تجاذبات حادة مع إدارة أوباما بشأن الاستيطان ورفض تجميده تمهيدا لإحياء المفاوضات مع الجانب الفلسطيني. وحتى عندما أعلن عن تجميد جزئي مؤقت للبناء الاستيطاني، دلت المعطيات بعد انتهاء فترة التجميد أنه لم ينفذ، بل على العكس ارتفعت وتيرة العطاءات الاستيطانية خلال تلك الفترة بشكل غير مسبوق.
وقطع نتنياهو، داخليا، الطريق على عدد من الأحزاب المعروفة بالتطرف اليميني، دينية كانت أم علمانية، وسار في طليعتها بما يخص «إعادة الاعتبار للصهيونية» وللسياسة التوسعية في إسرائيل، وشكل حكومته الثانية معتمدا على الأغلبية اليمينية في الكنيست التي تكرّست في انتخابات العام 2009، واستطاع إفشال محاولة تسيبي ليفني رئيسة حزب «كاديما» لتشكيل الحكومة في ذلك الوقت.
وبما أن رهان نتنياهو على المساحات الواسعة في تقاطع مواقف تل أبيب وواشنطن تجاه التسوية مع الجانب الفلسطيني كان صائبا، فإن تراجع إدارة أوباما عن مطلب تجميد الاستيطان، وتفهم الإدارة الأميركية مؤخرا لـ «استحقاقات التغيير الذي وقع على الأرض» سجل كانتصار لرئيس الوزراء الإسرائيلي؛ وتعزز موقعه على رأس الهرم السياسي والحزبي في إسرائيل.
ولقد عبرت تجربة نتنياهو «التفاوضية» خلال العام 2010، عن حقيقة الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها من خلال التسوية في حال أجبر على عبور مسالكها.
• فهو أولا يوافق على المفاوضات شرط ألا يرهن انطلاقها بإجراءات من قبيل تجميد الاستيطان أو الموافقة على حدود 4 حزيران /يونيو 1967.
• وبخصوص مستقبل الاستيطان، فهو برأيه شأن إسرائيلي داخلي، وصرح مرارا بأن البناء في الكتل الاستيطانية هو كالبناء في حيفا وتل أبيب؛ وأن هذه الكتل ستضم إلى إسرائيل مقابل نسبة عالية من تبادل الأراضي.
• ولكن الأهم أنه وضع القدس خارج التفاوض، فهي عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل.
• وهو يؤكد على الفيتو الإسرائيلي الدائم على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم.
وعبر نتنياهو عن طبيعة الحل الذي يريده، فهو حل اقتصادي من خلال ما أسماه «السلام الاقتصادي»، وجوهره «إنعاش» الاقتصاد الفلسطيني من خلال مشاريع (غير تنموية) من نمط الاستثمار في قطاعات السياحة والخدمات وغيرها..
وكان لافتا في هذا المجال، وعلى ضوء الجولات المكوكية التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركية، كيري، أنه وبالرغم من عدم توفر مقومات عودة المفاوضات، فإن «بوادر» الحل الاقتصادي بدأت تظهر بشكل تدريجي.
فقد تراجعت إسرائيل عن قرار تجميد لجنة التعاون الاقتصادي مع السلطة الفلسطينية وقررت تفعيلها.. وفي الوقت نفسه التقى وزيرا المال في كل من حكومتي السلطة ونتنياهو على أساس البدء بـ «إجراءات بناء الثقة» بين الجانبين.. ولكن المقصود هنا في المجالات المالية والاقتصادية في وقت يستعد فيه كيري مجددا للقدوم إلى المنطقة.
ويبدو ما يجري الآن استكمالا وتطبيقا لما تم تداوله في «دافوس» مؤخرا عندما تم التركيز على «الرافعة» الاقتصادية للتسوية في ظل تراجع الحل السياسي مع رفض بنيامين نتنياهو وحكومته الخوض في متطلبات هذا الحل واستحقاقاته بما يخص مرجعية المفاوضات وحدود الدولة الفلسطينية وقبل كل ذلك تجميد الاستيطان واعتماد القدس الشرقية المحتلة عاصمة لهذه الدولة.
وربما يجري الرهان من قبل أطراف دولية وإقليمية على خلق رأي عام «مؤيد» في الأراضي الفلسطينية المحتلة في حال تم ضخ أموال عبر استثمارات ومشاريع خدمية، وإمكانية ظهور بوادر انفراج اقتصادي في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة منذ سنوات عدة. لكن المؤشر الأبرز في هذا السياق، هو ما يدل على أن عملية التسوية بما فيها المفاوضات بدأت تتحرك ولكن من خارج منصة المشهد السياسي، ومن خلال دعم وتأييد أطراف مختلفة ترى مصلحتها في دفع عملية التسوية إلى الأمام بغض النظر عن أسسها وعما إذا كانت ستؤدي إلى حل متوازن وشامل أم لا.. وهو الاتجاه الغالب حيث يجري «تسكين» الصراع بدلا من البحث في أسس ناجعة لحله بما يضمن تجسيد الحقوق الفلسطينية وهو الشرط اللازم لقبول الشعب الفلسطيني بقواه السياسية الحية لأية نتائج عن التسوية.
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
أبريل 17, 2024 0
Sorry. No data so far.