- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

قضايا الفساد (قضية التعزيم ـ الدفع الآجل) نموذجا / توفيق عاشور

أثيرت هذه القضية منذ منتصف العام الماضي، ولا زالت تداعياتها مستمرة الى الآن، ملابساتها، قام بعض المواطنين في قضاء وادي موسى، والارياف التابعة، في بيع بعض ممتلكاتهم (أراضي ـ عقارات ـ سيارات ـ ذهب الخ) الى تجار واصحاب أموال، بسعر اكثر من سعر السوق ٢٠٪ فأكثر، مقابل شيكات آجلة لعدة شهور، وذلك باقناع وتحريض من هؤلاء التجار، قام بعدها المشترون ببيع هذه الممتلكات مقابل مبالغ نقدية بسعر أقل من سعر السوق ٢٠٪ ـ ٢٥٪ وتصرفوا بتلك الاموال حسبما يريدون. عندما آن وقت دفع الشيكات، امتنع الموقعون عليها تسديد التزاماتهم، شعر المواطنون انهم تعرضوا لعملية نصب واحتيال، فقاموا باحتجاجات واسعة مطالبين برد أملاكهم او دفع قيمة الشيكات تدخلت الاجهزة الادارية والأمنية في المنطقة، لأن عدد المواطنين المنصوب عليهم بالآلاف، فقامت باحتجاز بعض النصابين والحجز على أملاكهم، لم تستطع تلك الاجهزة التغاضي عن الموضوع والطلب من المواطنين مراجعة القضاء لتحصيل حقوقهم، حتى لا تحصل تداعيات امنية لا يمكن السيطرة عليها، ثم شكلت (هيئة لمكافحة الفساد) في المنطقة، ونسبت لها مدعي عام، وطلبت من المواطنين المتضررين التقدم له بدعاويهم، تقدم حوالي اربعة آلاف متضرر، ورفض حوالي الفان التقدم بالشكاوى لأسباب مختلفة.
تم تحصيل حوالي ٤٣ مليون دينار للكثيرين ، عن طريق اجراء تسويات خارج نطاق المحاكم والقانون، وتم اسقاط دعاوى الحق العام عن المحتالين، بحجة ان القانون يسمح بذلك، وذلك كله حسب محاضرة لرئيس هيئة مكافحة الفساد المشكلة في المنطقة، محمد العلاف، ألقاها في جامعة الحسين في معان.
تدل هذه القضية على مدى سذاجة بعض المواطنين لكسب المال بطرق سهلة، ودون تفكير، علما ان مثل هذه القضايا تكررت خلال العقدين الماضيين وبطرق مختلفة، وضاع فيها مئات الملايين من الدنانير على اصحابها الذين استثمروها في شركات استثمارية وهمية، مقابل ارباح خيالية ولمدة قصيرة، اختفت الأموال،وهربت للخارج مع المحتالين الذين فروا تهربا من الملاحقات القانونية.
السؤال الآن: اين كانت اجهزة الامن التي لا تخفى عليها خافية، ولماذا لم تقم بواجباتها في فضح وكشف هؤلاء المحتالين وملاحقتهم ، وتحذير الناس منهم ، منذ بداية تأسيس شركاتهم الوهمية، الا بعد وقوع آلاف المواطنين في حبائلهم وقتها؟! ثم لماذا إسقاط الحق العام بحقهم في تلك القضايا، اذا ما تم استرجاع الاموال. ان التراخي في إنفاذ القانون، سيسهل على ضعاف النفوس القيام بذلك مستقبلا.
بعد هذه القضايا أخذت دوائر الأمن تحذر المواطنين من بعض قضايا الاحتيال بالنشر بوسائل مختلفة، هذا ليس كافيا ، بل يجب الملاحقة، وتنفيذ دعاوى الحق العام على الجميع، ودون استثناء، والقوي قبل الضعيف، ومهما كان للمحتال من نفوذ او إسناد عشائري وعائلي، حتى يأمن المواطنون على حياتهم وأموالهم، وتسود دولة القانون والمؤسسات.
والآن ماذا عن الفساد في القطاع العام، الذي لم نعد نسمع عنه منذ فترة في ظل هذه الحكومة، التي افتخر رئيسها بذلك أمام وسائل الاعلام.
ربما بعد اجراء الانتخابات النيابية القادمة، وتشكيل الحكومة، قد نسمع عن قضية او قضايا، سينبشها بعض المتضررين من سياسات هذه الحكومة.
إن الفساد صنو للنظام الرأسمالي، ومرتبط به في عروة لا فكاك لها، حتى في الانظمة الرأسمالية المتطورة ، نسمع دائما عن قضايا فساد، آخرها وثائق بنما ، فكيف في مثل بلادنا؟!.