- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

افراط في الاعفاءات وتفريط في الايرادات / احمد النمري

توسعت الحكومة الحالية ممثلة في فريقها الاقتصادي، وبحالة متسارعة ومتتابعة وفي فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز السنة في اتخاذ سلسلة من قرارات الاعفاء الضريبي جزئيا او كليا، وايضا اعفاء لغرامات التأخير عن تسديد الاستحقاق الضريبي في مواعيده ، ولأكثر من قطاع ومجموعة متموّلين من القطاع الخاص.
فمنذ شهور قليلة، وبحجة دعم وتعزيز النشاط السياحي المتباطىء، اتخذت الحكومة قرارا بتخفيض النسبة العامة لضريبة المبيعات المفروضة على الفنادق والمنتجعات السياحية، ومن (١٦٪) الى (٨٪) خفضت هذه الضريبة بنسبة (٥٠٪) مرة واحدة كما أرفقت هذا التخفيض بتخفيضات أخرى في معدلات وقيمة رسوم التأشيرة ورسوم الدخول الى المواقع السياحية للمجموعات السياحية مشروطة بالاقامة لأيام او شراء التذكرة الموحدة، ومع تشجيع الحملات الترويجية والمشاركة في المعارض المحلية والخارجية، ودعوة فعاليات سياحية وصحفية اجنبية بالحضور الى البلاد وإطلاعهم على كافة الجوانب السياحية المتميزة في البلاد.
وقد سبق هذا الاجراء قرار آخر تضمن اعفاء الكثير من نشاطات مصانع المناطق الصناعية المؤهلة من ضريبة المبيعات، ومن رسوم استخدام عمالة اجنبية مستقدمة للاستخدام هنا، وبما يقارب ثلثي عدد العاملين الكلي في هذه المصانع او عدد العاملين الاردنيين فيها.
كما فاجأت الحكومة الكثيرين بقرارها المستغرب باعفاء المتخلفين عن دفع ما استحق عليهم من رسوم وضرائب مباشرة وغير مباشرة.
اعفاؤهم من تسديد «غرامات التأخير» عن الدفع في تاريخ الاستحقاق الضريبي بنسب تدرجت من ١٠٠٪ الى ٢٥٪ (اربع شرائح) لأن،جوهر هذا القرار يعني ان عاجلا او آجلا تشجيعا للمتخلفين على تكرار ذلك مستقبلا، كما يتضمن هذا الاعفاء المستغرب في جوهره ظلما لكافة المكلفين الذين اعتادوا على تسديد الاستحقاق الضريبي في موعده القانوني إن لم نقل دفعهم الى الامتناع بدورهم عن ذلك لاحقا ، وخلال نفس الفترة القصيرة من هذا العام ٢٠١٥، وفي شهر تموز منه أقدم مجلس الوزراء على اتخاذ قرار «اعفائي» آخر، وربما أخطر تضمن توسيع مساحة إعفاء رسوم تسجيل العقار السكني المشترى بحيث لا يزيد سقفه الاعلى من حيث المساحة عن (١٢٠) م٢ ، ويسري الاعفاء او يستفيد منه بالكامل على كافة الوحدات المشتراة التي مساحتها تقع في نطاق (١٥٠)م٢ ومعظمهم من المتموّلين القادرين.
وليس هذا فقط إذ بالاضافة الى ذلك جرى إعفاء الوحدة المشتراة التي تقع مساحتها بين ١٥٠م الى (١٨٠) م٢ بحيث تقتصر الضريبة على ما يعادل (٣٠) م٢ فقط منه ، وفيما كان الاعفاء في السابق على الوحدات التي مساحتها اقل من (١٢٠) مترا، مشروطا بان يتم الشراء من خلال شركة اسكان، توسع قرار الاعفاء الجديد ليجيز الاعفاء من خلال جهة فردية أيضا.
الافراط في توسيع قرارات الاعفاء سواء لغرامات التأخير في السداد الضريبي واكثر زيادة قرارات الاعفاء من رسوم تسجيل شراء العقار السكني بما يتوازى مع مساحات لا تزيد عن ١٢٠م٢ من شأنها التفريط في ايرادات ليست بالقليلة للخزينة العامة، مفروضة ومستحقة على متداولين اكثر قدرة وقد لوحظت مثل هذه الخسارة / التراجع الكبير في الايراد عندما تقرر في سنة ٢٠١٠ اعفاءات مماثلة او اكثر منها فيما لوحظ ارتفاع فوري في الايراد مع وبعد إلغائها في مطلع سنة ٢٠١٣.
ومن ثم فإن الاعفاءات الجديدة في سنة ٢٠١٥ ليست مقبولة لأنها تتضمن خسارة ايراد للخزينة في وقت تعاني فيه الموازنة من عجز كبير، كما انها ليست الاداة او الطريقة المطلوبة لمعالجة او لتحفيز وتنشيط اي تباطؤ او اختلال في القطاع العقاري، فإشكالية أو أزمة هذا القطاع ترجع الى العديد من الأسباب والعوامل المحيطة به سواء ناجمة عن ممارسات معظم فعالياته الفنية والادارية ، أو وتوالد كم كبير من الشركات الإسكانية الجديدة والصغيرة في الحجم والتي يصعب عليها الاستفادة من وفورات الانتاج الكبير او القبول بمعدل ربحية اكثر اعتدالا، والتي كانت السبب الرئيس لنشوء اشكالية الفائض في الوحدات السكنية المعروضة وتراجع الطلب عليها.