- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

ملاحظات أولية للنقاش في الندوة السياسية بعنوان: القضية الفلسطينية إلى أين؟

الاهالي – في قاعة المركز المجتمعي المسكوني التي دأبت هيئة إدارتها على استضافة شخصيات سياسية وثقافية وأدبية، تحدثت الرفيقة الامين الاول للحزب في ندوة سياسية بمناسبة مرور ٤٨ عاما على هزيمة حزيران ١٩٦٧م، وفيما يلي مقتطفات من المداخلة التي قدمت وتلاها نقاش واسع أسهم فيه الحضور بحيوية كبيرة.٠

قبل ثمانية واربعين عاماً, دخلت القضية الوطنية الفلسطينية والمنطقة العربية برّمتها طوراً تاريخيا جديداً, فرضه الاحتلال الصهيوني الثاني لما تبقى من ارض فلسطين, والجولان وسيناء, وأعقب هذا الاحتلال رد وطني فلسطيني بنشوء المقاومة المسلحة على اساس برنامج سياسي مجمع عليه, يعبّر عن الاماني الوطنية للشعب الفلسطيني في التحرير والاستقلال والعودة وتقرير المصير. وفي اطار تنظيمي جبهوي جامع للتيارات الفكرية والسياسية للفصائل بتلاوينها. وسرعان ما حظيت حركة المقاومة. بالتفاف شعبي عربي واسع, لا بل انخرطت اعداد واسعة من فئات الشباب العرب في حركة المقاومة الفلسطينية.
الرد الرسمي العربي كان مختلفاً, حيث تحولت اتجاهاتها إلى تكريس الدولة الامنية وتوقفت فيها مشاريع الحداثة والتنمية, وتراجع دور التنوير, وصودرت السلطات الثلاث وجرت عمليات سيطرة على السلطة والمال وموارد الدولة خارج القانون.
كل ذلك وقع بعد هزيمة حزيران 67, حيث انقلبت الانظمة السياسية على نفسها في الوقت الذي احرزت فيه في الخمسينات والستينات من القرن العشرين انجازات كبرى في الحقول الاجتماعية والاقتصادية والعلوم والفنون وشهدت عدد من البلدان انتصار حركات الاستقلال وجلاء القوات الاجنبية كما في مصر, تونس, الجزائر, المغرب, العراق, السودان والاردن, وحركة تأميم واسعة لمصادر الثروة الوطنية واصلاح القطاع الزراعي: ( مصر, سوريا, العراق, الجزائر واليمن الجنوبي).
ولكن وبعد هزيمة 67 فقد توقفت مشاريع الحداثة والاصلاح, واتجهت الانظمة السياسية نحو تعزيز الدور الامني للدولة على حساب الدور التنموي وتراجع المشروع النهضوي والتنموي تراجعاً حاداً.
عودة إلى القضية الوطنية الفلسطينية, والسؤال الحائر إلى أين؟ ربما استطعنا إنارة بعض العناصر الضرورية في هذه المرحلة من التاريخ, حيث تشهد تراجعاً كبيراً وسط هذه الصراعات الدموية في البلدان العربية المحيطة, والزلازل السياسية الكبرى التي تشهدها منطقتنا والاقليم. وفي مواجهة عدوّ واحتلال استيطاني مثل العدو الصهيوني, فإن التراجع الذي تشهده القضية الفلسطينية, يقابله مزيد من السياسات والخطط العدوانية من جانب العدوّ الصهيوني.
واستناداً إلى أن حقيقة الصراع وجوهره مع هذا العدوّ تقوم على قاعدتين اساسيتين: الأرض, والشعب. فالمشروع الصهيوني بنى استراتيجيته منذ البداية على اساس احتلال الارض وإقامة دولة عنصرية, وطرد الشعب الفلسطيني بالقوة وإحلال مجموعات من اليهود محل اصحاب هذه الارض. ولا زال المشروع بمقوماته قائماً على نفس القواعد حتى يومنا, ويجري التعبير عنه في السياسات والممارسات الاسرائيلية, بمحاولات محمومة للإقرار بيهودية الدولة من جهة, والاستمرار في الاستيلاء على الارض ومواصلة الاستيطان من جهة اخرى. وفي اطار الصراع الجاري والذي لم يتوقف بين المشروعين الصهيوني الاحلالي والفلسطيني العربي التحرري, فإن المشروع المناهض للاحتلال يقوم على اهداف تحرير الارض من الاحتلال وعودة اللاجئين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة تعبيراً عن الهوية الوطنية الفلسطينية المستقلة.
أعود للإضاءة على عدد من القضايا الرئيسية الراهنة…
1- تعيش القضية الفلسطينية أزمات مركبة لأسباب متعددة اهمها: حالة الانقسام الذي تشهده حركتها والذي يخشى من أن يكون مدخلاً لحلول تصفوية وانقسامية بدلاً من الحلول الوطنية. لدينا الآن نظامان سياسيان, في كل من غزة والضفة, وبدأت التسريبات العلنية, حول نشوء نظام إمارة في غزة, وحتى الآن لم تجد كل المحاولات التي جرت من اجل استعادة الوحدة الداخلية, وبالتأكيد فإن كلاً من الفصيلين الرئيسيين يتحملان المسؤولية الاساسية عن استمرار هذا الانقسام الذي تدعمه وتغذيه جهات إقليمية ودولية ايضاً.
2- الأستيطان المتواصل في الضفة الغربية بما فيها القدس: كان عدد المستوطنين قبل اتفاق اوسلو 105 ألاف, الآن عددهم يزيد عن المليون في الضفة, منهم حوالي ربع مليون في القدس وحدها.. من المهم الاشارة الى موضوع الاغوار / حيث اعلنتها اسرائيل في اعقاب الاحتلال عام 67 مباشرة منطقة عسكرية وعزلتها عن بقية مناطق الضفة الغربية, كانت هذه المنطقة تشكل ما نسبته 7 % منن مساحة الضفة, والآن اصبحت مع عمليات استيلاء واسعة على الاراضي المحيطة تشكل ما نسبته 27%. أقامت فيها عدد من المستوطنات الامنية. منطقة الاغوار تحتوي على ثلثي المياه الجوفية, وهي السلهّ الغذائية الاهم بالنسبة للضفة الغربية.
3- يهودية الدولة: يعتبر هذا الموضوع ركيزة اساسية في المشروع الصهيوني الذي اعلن عنه في مؤتمر بال – سويسرا – عام 1897م, كما ورد في ما يسمى بوعد بلفور عام 1971, وفي قرار التقسيم رقم 181 عام 1947. وبدأ حديثاً يثار في السياسات الرسمية الاسرائيلية بهدف الاقرار بيهودية الدولة من الجانب العربي والفلسطيني بكل ما يعنيه ذلك من إضفاء الشرعية على الدولة الصهيونية وادانة كل فعل مقاوم للمشروع الصهيوني سابقاً وحاليا ولاحقاً. كما أن مثل هذا المشروع يعني انكاراً لحق عودة الفلسطينيين إلى وطنهم وديارهم, وتهديداً للفلسطينيين المقيمين على راض وطنهم.
4- وقعت مكاسب سياسية هامة للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي, شعبيا ورسمياً: الاعتراف بالعضوية المراقبة في الامم المتحدة عام 2012, والاعترافات المتتالية من قبل البرلمانات الاوروبية بالدولة الفلسطينية وحملات المقاطعة التي لا تنتهي على جميع المستويات الاكاديمية والاقتصادية وغيرها احتجاجا على الاستيطان ووحشية الاحتلال. آخرها كان البارحة عندما تقدمت منظمة العفو الدولية بطلب من مجلس الامن الدولي بأدراج اسرائيل على قائمة العار بسبب الحروب الوحشية ضد الشعب الفلسطيني. الا أن مثل هذه المكاسب الهامة لا تجد من يستثمرها لصالح احراز تقدم في تحقيق الاهداف الوطنية بسبب واقع الانقسام من جهة واتفاق اوسلو ونتائجه والسياسات الرسمية للسلطة والتي درجت على تقديم التنازلات بلا مقابل ودون احراز أية مكاسب!!
الأوراق الفلسطينية الرابحة لا يستهان بها, واولها القدرة الكفاحية الهائلة للشعب الفلسطيني وصموده الاسطوري واستعداده غير المحدود لمقاومة الاحتلال, فهذه هي الورقة الرابحة الاولى, التي لا تجد من يستثمرها أو يقييم لها وزناً في السياسات الجارية. والدليل على ذلك ما جرى في اتفاق اوسلو / والمفاوضات التي تلتها.
5- لا بد من تصويب الوضع اولاً واساساً على المستوى الوطني الفلسطيني باستعادة الوحدة الوطنية الداخلية, وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني بكل عناصره, وللمقاومة بكل أشكالها ضد الاحتلال, ووقف المفاوضات العبثية التي لن تقدم شيئاً, لا بل يجري الاستفادة منها أسرائيلياً بتوسيع الاستيطان وفرض حقائق جديدة على الارض.
عبلة محمود ابو علبة
الامين الاول
لحزب الشعب الديمقراطي الاردني « حشد «