| نشر في يونيو 3, 2015 5:55 م | القسم: آخر الأخبار | نسخة للطباعة :
الاهالي – خاص – بدعوة من التجمع الوطني الديمقراطي وصحيفة الاهالي ، أقيمت ندوة حوارية في مقر حزب الشعب الديمقراطي الاردني (حشد)، بعنوان دور الحركة الوطنية الاردنية في إنجاز الاستقلال.
وقدم المحاضران في الندوة : الاستاذ المحامي عمر مشهور حديثة ، والاستاذ المهندس أحمد سمارة الزعبي ورقتين هامتين، تناولت كل منهما فصولا من التاريخ الوطني الاردني، ودور أحزاب الحركة الوطنية، في مقاومة الانتداب البريطاني، والمشروع الصهيوني العنصري في وقت مبكر.
وقد لفت انتباه الحضور في هذه الندوة المتخصصة، درجة الاهتمام التي أولاها كل من المحاضرين الكريمين، في إعداد المداخلات ، خصوصا وانها تواكب المسار التاريخي لمرحلة ما قبل الاستقلال ١٩٤٦م في ظل ظروف دولية وعربية هيمن عليها الاستعمار ومشاريع التقسيم، في نفس الوقت الذي كانت تشهد فيه المنطقة العربية حالة من النهوض القومي العارم ردا على المشاريع الاستعمارية والاطماع الصهيونية.
لذلك فقد حظيت الورقتان بنقاش عميق من جانب الحضور الضيوف والرفاق المشاركين .
سنتناول في هذا العدد من صحيفة الاهالي نشر أبرز ما جاء في ورقتي العمل.
مقتطفات من كلمة المحامي عمر مشهور الجازي
«25 أيار عام 1946 ذكرى استقلال وطن .. وإحياء مسيرة. عندما نتحدث عن استقلال دولة كالأردن، فان الحديث يكون استثنائيا وفق كل المقاييس، لان الاردن دولة استثنائية من جميع النواحي . فمن ناحية الموقع والجغرافيا يتوسط الاردن بلاد الشام لا بل انه بمثابة القلب من الجسد لهذا الجزء من الوطن العربي ، فحدوده الجغرافية ببعدها السياسي هي الجمهورية العربية السوريه التي بخاصرتها الجمهورية العربية اللبنانية شمالا، والجمهورية العربية العراقية شرقا ، والمملكة العربية السعودية جنوبا ،اما غربا فتقع الاراضي العربية الفلسطينية المحتلة وبذلك يقع الاردن على اطول خط مواجهة مع الكيان الصهيوني الغاصب، ليكون الاردن بذلك حلقة الوصل فيما بين اوصال بلاد الشام من جهة وبين بلاد الشام والخليج العربي من جهة اخرى ،وهذا الموقع المتميز جعل للأردن دورا استثنائيا وخطيرا في كل ما يدور من احداث في تلك الاقطار فالأردن والأردنيين لعبوا دورا هاما في رفد جميع حركات التحرر في تلك الدول وساهموا في كل الثورات والمعارك التي دارت فيما بين ابناء بلاد الشام والمحتل في هذا العصر.
واسمحوا لي في هذا المقام أن أحدثكم عن الاستقلال من منظوري الخاص وهنا أنا لست بمؤرخ بل أنا مجرد قارئ للتاريخ:
أذكر أنني وفي احدى زياراتي لجنيف قمت كالعادة بزيارة المكتبة العربية هناك حيث أخبرني صاحب المكتبة وهو مناضل لبناني كان قد التحق بصفوف الثورة الفلسطينية بأن لديه كتب وهي جزء من تركة أحد المواطنين الأردنيين الذين توفوا هناك فقمت بشراء معظم هذه الكتب وكان من ضمنها كتاب معركة الحرية في شرق الاردن وأقوال رجال السياسة في سوريا الكبرى من تأليف الأستاذ محمد سيف الدين العجلوني طبعة عام 1947 وكم كانت سعادتي بالغة لما احتواه الكتاب من تاريخ وتوثيق لبيانات الحركة الوطنية الاردنية ومساعيها نحو الاستقلال والتحرر .
لا يمكن الحديث عن استقلال الاردن بعيدا عن إرهاصات الحرب العالمية الثانية وتقديم لمحة تاريخية عن هذه الفترة الحساسة التي مرت بها منطقتنا.
فكما تعلمون فإن الاردن حال اعلان الحرب العالمية الثانية بادر بالوقوف إلى جانب الحلفاء، هذا الموقف لم يكن متوافقاً مع موقف باقي الدول العربية فمصر على سبيل المثال لم تكن مستعدة لأن تذهب أبعد من اعلان نفسها حليفة غير محاربة، وكان هناك اعتقاد بأن الملك فاروق ورئيس وزراءه علي ماهر كانا متعاطفين مع دول المحور. وحاول العراق ان يقف موقف محايد من الصراع الدائر، حيث قام بتفسير المعاهدة البريطانية العراقية أضيق تفسير بصورة تختلف تماماً عن التفسير الإنجليزي مما ادى إلى نشوب حرب ما بين القوات العراقية والبريطانية عام 1941 إبان ثورة رشيد علي الكيلاني وهناك احاديث حول تعاطف الملك غازي مع الألمان. بشكل عام نظرت الدول العربية إلى هذ الحرب كفرصة ذهبية لاستكمال عملة التحرير التي بدأت في الحرب العالمية الأولى. وفي الواقع لم يكن للأردن اي خيار الا الوقوف مع بريطانيا في هذه الحرب .
خلال فترة الانتداب التي سبقت استقلال الاردن لم تكن البنية السكانية او الاقتصادية للأردن قابلة لإنشاء بنى تنظيمية سياسية مستقلة وحركة سياسية منتظمة حيث قدر عدد سكان الاردن عام 1938 بثلاثمائة الف نسمة وكان الجيش العربي خاضعاً لسيطرة بريطانيا الصارمة.
في ذكرى الاستقلال نستذكر هويتنا الجامعة فهويتنا الأردنية لها عدة ابعاد وثوابت أولها البعد الانساني وهو اساس البعدين الآخرين الثقافي والوطني فالهوية الاردنية هي هوية سياسية بامتياز تتضمن البعدين الثقافي والانساني لما يتضمن ذلك من موروث عروبي واسلامي، فهويتنا و وطنيتنا الأردنية هي الضامن الأساسي لوحدة الاردنيين وتعاضدهم هوية تسود فيها روح الكرامة لا روح الفتنة المختلقة، هوية يسودها التلاحم الأردني الفلسطيني وتعززها وحدة كافة أطياف المكون الأردني الجميل، هذه الهوية التي عمدها امتزاج الدم الواحد في ملحمة الكرامة الخالدة وفي غيرها من البطولات هي هوية تتحطم على صخرتها جميع أنواع المؤامرات والفتن وعلى رأسها مشروع الدولة اليهودية في «اسرائيل» وما يحمله هذا المشروع من أخطار تهدد وجودنا كدولة وكيان.
فالهوية هي الوعاء الكبير الذي يتضمن شخصية الفرد وهي التي تختزل مختلف الخصائص المشتركة فيما بين الافراد وفي أي مجتمع والتي ينبع عنها بالمحصلة « شخصية الأمة « أو « هوية الأمة فعندما نتحدث عن « الشخصية الاردنية « فإننا نتحدث عن كافة الأبعاد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والقانونية والاخلاقية والسياسية فهي لا بد ان تكون هوية جمعية عكس الاختلاف والتنافر فهي مسالة مركبة قائمة على أساس هذا التنوع النوعي.
ومنها تبرز ضرورة المساواة ما بين الأغلبية والأقلية في المجتمع وهذا لا يعني ابدا ان يكف العروبي عن الاعتزاز بعروبته أو الاردني بأردنيته والفلسطيني بفلسطينيته او الشركسي بأصوله النبيلة او ان يكف المسلم عن فخره بإسلامه والمسيحي عن كونه مسيحياً متديناً فمسؤولية الدولة أن تقف على مسافة واحدة من الأثنيات والمذاهب على اعتبارها متساوية في القيمة والحقوق . فالدولة ككيان سياسي عليها أن تقف على مسافات متساوية من جميع مواطنيها وترسخ ذلك في التربية والتعليم وسيادة القانون بشكل خاص.
وسندا لذلك لا يمكن للمرء أن يشعر بمواطنة كاملة إلا إذا اندمج كل الاندماج مع افراد المجتمع على الصعيد الاجتماعي والوطني ولا بد أن يشعر بأنه ليس ضحية لبرامج استثنائية اقصائية تؤسس للاستثناء كقاعدة وللعدالة الاجتماعية كاستثناء.
ولترسيخ المواطنة وتأسيسها على أسس سليمة لا بد من الاتاحة للمجتمع التصرف بحرية في ثرواته والتأكيد للمواطن بأن الدولة هي عالمه وأن القانون هو فضاء حريته .
وأستذكر هنا مقولة الحاضر الغائب هاني فحص رحمه الله حين قال:
«بأن المواطنة هي أن تتحول الأرض التي نقيم عليها إلى وطن، والإنسان الذي يعيش فيها ويشارك في صوغ حياتها إلى مواطن، ويوثق هذا الواقع في دستور ، تلك هي المواطنة، أي مشاركة المواطن الأصيل في صنع القرارات، وفيما يتيح له تكوين نظرة متوازنة إلى ذاته وبلده وشركاؤه في صفة المواطنة، على أساس المساواة في الحقوق والواجبات.»
وفي النهاية أقول لبلادي الأردن ما قاله كعب الأحبار عن مصر:
«من أرادها بسوء … قصم الله ظهره»
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. .»
مقتطفات من كلمة المهندس أحمد سمارة الزعبي
«انخرط الاردنيون باكرا في النضال ضد الاستعمار البريطاني والاحتلال الصهيوني لفلسطين ، ضمن مسارات متداخلة ، تنقلت بين تنظيم الاحتجاجات والتظاهرات داخل المدن والقرى الاردنية ، وتقديم المساندة للمقاومة في فلسطين ، وخوض معركة الكفاح المسلح مع المقاومين العرب حتى قبيل نكبة عام 1948 م ، وقد تجسد الوعي السياسي والشعبي للاردنيين بالعديد من التظاهرات والاحتجاجات والمؤتمرات ، تتلخص وتتكثف في الموقف الواضح الذي اعلنه الشيخ كايد المفلح العبيدات بعد عودته من دمشق وتقديم التهاني للملك فيصل وحكومته بمناسبة اعلان الاستقلال يوم 8 اذار عام 1920 ، يقول الشيخ لمن جاؤا لتهنئته بسلامة العودة من دمشق :-
( رغم البهجة الكبيرة باعلان الاستقلال ، الا انني ارى موت الحكومة قبل ان تحبو ، وان الاستقلال لن يطول ، والحلم ان تكون فلسطين عربية لن يتحقق الا بموتنا جميعا ، وخير الموت ان يكون فوق ارض فلسطين … المأساة قادمة ، فلا فائدة من سياسة الاستجداء ، فالموت بشرف اعظم من الجاه بذل واذلال ) واستشهد الشيخ بعد اربعين يوما من عودته من دمشق في معركة تلال الثعالب وسمخ في العشرين من شهر نيسان عام 1920 م .
تأثرالحراك السياسي في شرق الاردني بالاتجاهات القومية العربية التي كانت سائدة انذاك في المنطقة ، والتي كانت تطالب بالاستقلال ، وتحذر من تدفق الهجرات اليهودية الى فلسطين ، وتأطرت تلك المطالب في مقررات مؤتمرات وطنية ، عكست الهم الداخلي المناهض للانتداب البريطاني ، ومطالبة بدولة عربية واحدة ، مثل مؤتمر ام قيس ، ومؤتمر السلط ، ومؤتمر قم ، والانتفاضة الشعبية في الكورة بين عامي 1921 – 1922 م ، وانتفاضتي العدوان عام 1923م ، ووادي موسى عام 1926 ، وتوسع نطاق الحراكات الشعبية لتتوج بعقد المؤتمر الوطني الاول عام 1928م ، بمشاركة شعبية عريضة مثلت كافة المناطق من الشمال الى الجنوب ، مترافقا مع مظاهرات حاشدة عمت البلاد مطالبة بالغاء المعاهدة ، ورفض جعل فلسطين وطنا قوميا لليهود ، ثم تتالت المطالب السياسية في المؤتمرات المتتالية ، اذ طالب مؤتمر عام 1929 م بالاستقلال والوحدة العربية ، ورفض وعد بلفور ، ومقاطعة اليهود ومنع تسرب الاراضي اليهم ، فيما اكدت مؤتمرات 1932 ، 1933 على مخاطر الحركة الصهيونية واستهدافها لفلسطين والاردن معا .
على صعيد الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني والاحتلال الصهيوني في فلسطين ، فقد هاجمت مجموعات مقاتلة من كافة ارجاء البلاد المستعمرات الصهيونية ، وقدمت العديد من الشهداء الذين رووا بدمائهم الزكية ارض فلسطين ، فقد هاجمت مجموعات مقاتلة بقيادة اللواء علي خلقي الشرايري واديب وهبه المستعمرات الصهيونية في المطلة وتل حي وكفر جلعاد عام 1919م ، فيما خرج زعماء شمال الاردن من مؤتمر قميم الى مناصرة فلسطين عام 1920م ، وبموازاة ذلك استقبل ابناء شرق الاردن المناضلين الفلسطينيين ، ووفروا لهم المأوى والسلاح ، فيما اجتاز الحدود الى فلسطين مئات الاردنيين لنجدة الفلسطينيين في صدامهم ضد الاحتلال في ثورة البراق عام 1929م ، كما شكلت الثورة الفلسطينية الكبرى اعوام 1936 – 1939 م مفصلا هاما في تاريخ المشاركة النضالية الاردنية للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال ، وتمثلت هذه المشاركة بالمظاهرات التي عمت البلاد ، وجمع التبرعات ونقل الاسلحة والذخائر والمؤن والمقاتلين من سوريا والعراق وشرق الاردن الى فلسطين ، وصولا الى المشاركة المسلحة عملا بقرار اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني خلال لقاء عقد في ام العمد في حزيران عام 1936م .
من التأسيس الى الاستقلال
تسعون عاما مرت على بدء سريان الاتفاقية الاردنية – البريطانية ، وهو تاريخ اعتراف بريطانيا بما سمي انذاك « استقلال امارة شرق الاردن « في الخامس والعشرين من ايار عام 1923 م ، والتي تلكأت بريطانيا بتوقيعها حتى العشرين من شهر شباط عام 1928 م .
المعارضة الشعبية للمعاهدة برزت منذ ايامها الاولى ، فقد اجتاحت البلاد موجات من الاضرابات العارمة ، رافقها العديد من البرقيات الغاضبة ، ارسلها الشيوخ والزعماء المحليون للامير عبدالله ، ففي حزيران من عام 1928م ، قدم اهالي السلط عريضة موقعة من 116 شخصا تقدموا بها الى المندوب السامي ، عبروا فيها عن رفضهم الشديد للمعاهدة وعدم الاعتراف بها ، ورفض التجنيد الاجباري الذي يقوم على اساس التسلط الاجنبي وتعتبر ان حق التجنيد هو جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية ، ورفضت المذكرة رفضا باتا الاعتراف بمشروعية الاحتلال الاجنبي مهما كان ، وكانت اشد المظاهرات في مدينة اربد ، حيث نادى المتظاهرون بسقوط الحكومة ، وفي الرمثا اعلن الاضراب عن العمل والعصيان المدني ، وهاجم المتظاهرون مخفر الشرطة بالحجارة ، وشهدت عمان مظاهرات عديدة ، وكذلك الكرك ومعان والطفيلة والشوبك .
وعلى صعيد النشاطات الطلابية ، فقد امتدت المظاهرات عام 1935م، الى حرم الجامعة الامريكية في بيروت ، قادها الطلبة الاردنيون الدارسون هناك ، كما قامت في نفس العام مظاهرات طلابية انطلقت من مدرسة السلط الثانوية قادها الطلاب عبدالله التل وعبدالله العناسوة وعبدالرحيم العمد ومنصور الداوود واحمد ابو قورة وصلاح الدين ارشيدات ، وفي ايار من عام 1937م ، انعقد في عمان مؤتمر طلابي صدر بنهايته بيانا تضمن المطالب التالية :- تعديل المعاهدة وتاليف حكومة مسؤولة امام المجلس التشريعي واستنكار الصهيونية والاحتجاج على طروحات تقسيم فلسطين ، وقد ضم المؤتمر طلابا من مدارس عمان والسلط واربد والكرك ، وتم انتخاب محمد عودة القرعان رئيسا للمؤتمر وعبد الحليم النمر الحمود سكرتيرا للمؤتمر.
وفي الخامس والعشرين من شهر ايار لعام 1946 م ، اعلن المجلس التشريعي استقلال البلاد استقلالا تاما وعلى اساس النظام الملكي النيابي.
الغاء المعاهدة الاردنية – البريطانية وتعريب الجيش
ان الغاء المعاهدة ما كان ممكنا ، لولا وقوف الاحزاب القومية واليسارية والشخصيات الوطنية ، وراء حكومة النابلسي ، ووقوف ايضا مجلس النواب الذي كان معظم اعضائه ينتمون للاحزاب القومية واليسارية والوطنية … هكذا تحقق النصر ، وما كان له ان يتحقق الا بوحدة القوميين واليساريين والشخصيات الوطنية … فهل نستطيع اليوم …لا بل هل نحن قادرون اليوم على انجاز وحدة كما انجزها رفاق الامس … ونرى بام اعيننا الجماهير الاردنية تلتف حول برنامج قومي وطني ديموقراطي … بقيادة قومية يسارية وطنية .
.في الختام … اذا كان الانجليز قد خططوا لاقامة الامارة في شرق الاردن لتشكل فاصلا حيويا بين الكيان الصهيوني ودول المشرق العربي ، ولامتصاص الفائض السكاني في فلسطين ، أولتشكل هذه الامارة خط الدفاع عن الكيان الصهيوني ( وهذا شأنهم ) ، فان الاردنيين ومنذ سقوط الدولة العثمانية ، باشروا برسم الاطار العام والمحتوى لدولتهم المنشودة .»
مارس 20, 2024 0
مارس 20, 2024 0
مارس 20, 2024 0
Sorry. No data so far.