- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

تجارة الأردن الخارجية في مأزق

الاهالي – تجارة الأردن الخارجية إتسمت خلال الربع الأول من هذا العام سنة ٢٠١٣، وكمافي فترات وسنوات سابقة، بقدر كبير من التشوهات والاختلالات الخطرة، سواء في جانب الصادرات الوطنية والمعاد تصديره، وأكثر في مكونات البعد الاستيرادي المتركز في جانب كبير منه في سلع استهلاكية كمالية، ولتكون المحصلة تحقق وتسجيل عجز كبير ومتصاعد يشكل نسبة عالية مقابل قيمة الناتج المحلي الاجمالي تصل الى (٤١٪) منه.
فقيمة الصادرات الأردنية الكلية خلال الربع الأول لسنة ٢٠١٣ ارتفعت بنسبة (١،٩٪) مقابل الرقم المتحقق في الربع الأول من سنة ٢٠١٢ لتصل الى (١٣٤٢) مليون دينار موزعة بين صادرات وطنية ارتفعت بنسبة هامشية (٠،٥٪) لتبلغ (١١٢٩) مليون دينار وأخرى سلع معاد تصديرها ارتفعت بنسبة عالية بلغت (١٠٪) لتصل الى (٢١٣) مليون دينار.
صادرات الأردن الوطنية تتركز في عدد محدود من السلع وبالتحديد في الألبسة والمحيكات، وفي البوتاس، والأدوية، وفي الفوسفات والخضار، وفي مستويات متقلبة.
في مقابل الصادرات الكلية سجلت مستوردات الأردن المختلفة في الربع الأول من هذا العام هبوطا هامشيا بنسبة (٠،٣٪) لتصل الى (٣٧٥٣) مليون دينار موزعة بين فئات السلع الأساسية والكمالية ومن عشرات الأسواق الخارجية.
وكمحصلة بلغ العجز في ميزان الأردن التجاري في الربع الأول من سنة ٢٠١٣ (٢٤١١) مليون دينار وهو عجز بالغ الخطورة في حد ذاته وفي تداعياته المماثلة على عجز الحساب الجاري وجوانب اخرى اقتصادية واجتماعية.

أصدرت وزارة الزراعة مؤخرا تعليمات ترفض او تمنع بموجبها استيراد او دخول “دجاج مجمد” الى السوق الأردني والذي تقل مدة صلاحية انتاجه (عند التخليص عليه) هن نصف مدةالصلاحية المدرجة والمثبتة على بطاقة البيان الملصقة به.
وإذا كان البعد الصحي هو الدافع الأساسي لهذه التعليمات فإن له بعد آخر إضافي مباشر او غير مباشر ينطلق من ضرورة وأهمية دعم وتقدم الانتاج المحلي من الدواجن  وحمايته من الإغراق والمنافسة المضعفة له.
وفيما إحتجت نقابة تجار المواد الغذائية على تعليمات وزارة الزراعةمستندة على مبرر شكلي في الأساس (عدم صدور التعليمات من المؤسسة العامة للغذاء والدواء) لاحظنا في المقابل ترحيبا وتأييدا لتعليمات الزراعة من الاتحاد النوعي لمربي الدواجن الاردنيين نشر على صفحات الصحافة المحلية وتعهدت فيه ايضا بتوفير أي كمية من الدواجن المحلية المطلوبة وبأسعار معقولة المهم دائما دعم وحماية المنتج الوطني مع ضمان مواجهة اي محاولة لفرض حالات احتكارية سعرية او نوعية.

شطب او الغاء “بدل ايجار المثل” من نصوص القانون الأخير للمالكين والمستأجرين على أهميته لم يكن ولن يكون كافيا لإعادة التوازن والعدالة في العلاقة بين المالكين والمستأجرين، في العقارات السكنية كما في المحلات والمكاتب والمراكز التجارية والصناعية والخدمية والمهنية طالما لم يمس في جوهره إعادة حماية المستأجر من مخاطر الإخلاء، أي إطلاق حق الإخلاءللمالك كأساس وليس استثناء في نطاق أوضاع وشروط محددة.
وفيما تبلور مؤخرا قبول ورضى بمبدأ الحق للمالك في زيادة قيمة الجارة، وفي حدود معدلات التضخم المعلنة، فإن القانون الأخير الذي أقره مجلس النواب الحالي جعل موضوع زيادة الايجار من اختصاص مجلس الوزراء تأكيدا لما ورد في المشروع المقدم من الحكومة مكرسا نفس المفهوم الذي أدرج في متن المادة (١٧) من قانون رقم (١١) سنة ١٩٩٤.
ويذكر ان التشوّه والاختلال في العلاقة الثنائية قد تعمق بموجب قانون المالكين والمستأجرين المعدل رقم (٣٠) لسنة ٢٠٠٠.
والمفارقة ان قانون المالكين والمستأجرين رقم (٦٢) لسنة ١٩٥٣ كان أكثر توازنا وعدالة من القوانين اللاحقة له وكانت الخلافات او المنازعات بين طرفيه في أضيق نطاق فيما بينهم أو / و في المحاكم.

تواصل الاتجاه المتصاعد في قيمة ودائع الضمان (صندوق استثمار الضمان الاجتماعي لدى البنوك وبدون توقف ومن (٣١١) مليون دينار في سنة ٢٠٠٨ الى (٧١٥) مليون دينار في نهاية سنة ٢٠١٢ ، ولأكثر من الضعف وليستمر في موازاة ذلك زيادة الأهمية النسبية لهذا البند بإضطراد قياسا بأشكال استثمارية أخرى اكثر جدوى في أكثر من جانب.
أهمية السيولة النقدية أكيدة في نشاط المؤسسة، ولكنها إذا بولغ فيها فإنها تتحول سلبا الى شكل اكتنازي ضعيف المردود، وتعكس خللا في المسار والنهج الاستثماري للمؤسسة، فيما المستفيد الأبرز من تنامي ودائع الضمان هي البنوك التي تم الإيداع فيها، ورغم ان خيار لجوء المؤسسة الى الاستثمار في تأسيس بنك لها كان خيارا له جدوى أفضل لها، وللمؤمن عليهم وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية العامة وهو أمر أكدناه في الجريدة في أكثر من دراسة وتقييم الّا انه تم تجاهل وتنفيذ ذلك دائما وبدون أسباب مقنعة.

تحدثت أنباء صحفية عن قيام “الوحدة الاستثمارية ـ صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي” بإرسال مذكرة الى الطاقة النووية برغبتها في المساهمة او المشاركة في مشروع إقامة المفاعل النووي الأردني.
ما يدعو للإستغراب ان يسارع الصندوق الى ذلك حتى قبل ان تستكمل المناقشات حوله وقبل أن تتم كافة الترتيبات والشروط المتعلقة بالسلامة وجدوى هذا المشروع بما في ذلك اختيار موقعه والجهات الاخرى المشاركة والمنفذة له!!

إتجه الخط البياني لأسعار الأسهم المتداولة في بورصة عمان الى الهبوط خلال أيام الأسبوع المنتهي يوم الخميس الموافق ٣٠ / ٥ كما عكسه مؤشر أسعار الأسهم الحرة، وفي (٢٠٢٥) نقطة في بدايته الى (٢٠١٧) نقطة في نهايته، وبنسبة هبوط (٠،٤٪) وتحقق التراجع في اسعار أسهم قيادية وأخرى لأسهم كانت موضع مضاربة وبقيم سوقية تقل عن قيمتها الإسمية.

إضافة الى تعثر أكثر من شركة مساهمة عامة قائمة وتوقف نشاطها او معظمه، فإن تأسيس شركات مساهمة جديدة أو / و زيادة رأسمال شركات قائمة (عن غير طريق الرسملة) اتسم منذ سنوات بحالة تقترب من الجمود، واقتصر تسجيل الأوراق المالية الجديدة من قبل الهيئة تقريبا على سندات الخزينة الحكومية أو/ و أسهم المنحة الناجمة عن تحويل الاحتياطات والأرباح المدورة الى اسهم (الرسملة) التي بالكاد تزيد بعض الشيء الى قدرات الشركات وتعزيز مركزها المالي.
ومبنى المال على حاله
مبنى أسواق المال الضخم الذي بدأ العمل ببنائه منذ عدة سنوات توقف استكماله في مرحلة الهيكل العظمي وأيضا منذ فترة زمنية طويلة، وبعد ان انفق عليه ما يقارب (٧٠) مليون دينار فلماذا؟ ومن المسؤول؟ وحتى لا يقيد هدر المال ضد مجهول.

حكومة الدكتور عبدالله النسور السابقة سارعت في أيامها الأولى الى الاعلان عن عزمها على اجراء تقييم شامل لكافة عمليات وتطبيقات الخصخصة التي تمت في السنوات الماضية، ولتحديد أي ثغرات وتجاوزات محتملة في القيمة العادلة، وفي الأسباب الموجبة، ومدى سلامة قرارات الانفاق من عائداتها والمسؤولية وجوانب أخرى.
وكانت الصدمة التي لقيت الاستنكار والاعتراض قيام الحكومة بالاعلان عن تشكيل لجنة للقيام بهذه المهمة خلال ستة أشهر ، وليظهر انها شكلت من أعضاء محليين وأجانب يصنف معظمهم إن . لم يكن كلهم بأنهم من أصدقاء وأنصار متحمسين لنهج الخصخصة او مشاركين فيها هنا وهناك.
ورغم مرور ما يقارب الشهور الأربعة على تشكيلها ، فإنه لم يظهر حتى الآن أي تحرك لها في تنفيذ المهمة التي كلفت بها الى درجة وصفها من أكثر من جهة بأنها تعيش في سبات عميق وأن انشاءها لم يكن اكثر من مسكن مؤقت لموجة الاحتجاج والاعتراضات الواسعة على مجمل مسار ووقائع ما تم من خصخصات تعريفية لمرتكزات وقلاع اقتصادية أساسية في التعدين والاتصالات والنقل والكهرباء وقطاعات رئيسة أخرى.

الأزمة الاقتصادية والمالية المصرفية العامة التي انفجرت في أيلول سنة ٢٠٠٨ لا تزال مستمرة ومتصاعدة في العمق وفي الامتداد في الاقتصاديات الرأسمالية وخاصة الرئيسة منها.
فالانكماش أو النمو السلبي تعمق في اقتصاديات منطقة اليورو بنسب تراوحت بين (٠،٣٪) ، (٠،٥٪)، ورافق ذلك او كان من تداعيات ذلك بروز بطالة متزايدة في أعداد العاطلين عن العمل (١٩ مليون)، وفي المعدل العام الذي تجاوز سقف(١٢٪) من مجموع القوى العاملة ، وحيث تتواصل قرارات الاستغناء عن العاملين تباعا، ويخيم على أجوائها ايضا نسب عجز كبيرة في الميزان التجاري وفي الموازنة ، وأرقام ومعدلات مديونية عالية إقتربت في معظم أقطار اليورو من (٩٠٪).
الأزمة الاقتصادية والمالية استمرت وتصاعدت في منطقة اليورو رغم قرارات متتابعة للبنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة والى (نصف٪) فقط وفيما تجاوزت نسبة البطالة (١١٪) في كل من فرنسا وايطاليا، فانها قفزت الى معدلات فلكية عالية بلغت في البرتغال (١٧٪) وفي اسبانيا (٢٧٪) ونسبة مشابهة لها في اليونان.
في بلجيكا لجأت الحكومة الى بيع أحد البنوك المملوكة لها في خطوة ضمن خطوات أخرى لتقليص العجز في الموازنة، ولتخفيض مديونيتها الى أقل من ١٠٠٪ من ناتجها المحلي الاجمالي.

كما حدث في روسيا منذ أشهر عند قيام الحكومة الروسية بالطلب من الوكالة الأمريكية للإنماء الدولي(USAID) بوقف كافة أنشطتها ومغادرة البلاد في ضوء علاقات واتصالات ونشاطات مشبوهة لها ، إتخذت حكومة بوليفيا البوليفارية التقدمية بدورها نفس الموقف مؤخرا من هذه الوكالة، وطلبت منها وقف نشاطاتها ومغادرة الأراضي البوليفية، وحظي القرار البوليفي هذا بالتأييد والمساندة من معظم اقطار امريكا الجنوبية التي كانت في السابق تعاني من كونها الحديقة الخلفية المستغلة من كارتيلات الشركات الأميركية الكبرى.