- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

مطبات في الاقراض المصرفي… بقلم – احمد النمري

الاهالي – الإقراض أو التمويل المصرفي (منح التسهيلات الإئتمانية) للمقترضين أفرادا وشركات ومؤسسات صناعية وتجارية وخدمية، يحتل بأكثر من معيار نظري وعملي مرتبة متقدمة في سلم أهمية وحساسية وخطورة نشاطات وحدات الجهاز المصرفي تبعا لتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على أوضاع المصارف ونتائجها ومستقبل مسارها من جهة، ومن جهة اخرى من حيث انعكاساته على تكامل ونمو وتطور واتجاهات الاقتصاد الوطني بفروعه وقطاعاته المختلفة، وحيث تتوقف ايجابية او سلبية هذه التداعيات على مدى مصداقية وكفاءة منهاج إدارات المصارف العليا في أجواء وشروط توجيهات وسياسات نقدية ومصرفية متوازنة ومرنة يتبناها ويراقب ويتابع تطبيقها،وليست ليبرالية انفلاتية ضيّقة الأفق والمصلحة.
فيما يتعلق الأمر بالأردن يمكن رصد مجموعة من التشوهات والاختلالات في عمليات الإقراض المصرفي يمكن بيانها وإدراجها تحت العناوين التالية.
توسع في الإقراض المصرفي
خلافالإدعاءات سائدة بكون المصارف الأردنية متشددة او شحيحة في إقراضها، فإنه يلاحظ بعكس ذلك إفراطا في حجم كمية اقراضها وخاصة بالدينار في السنوات الخمس الأخيرة ومن (١١٣٧٠) مليون دينار في سنة ٢٠٠٨ الى (١٥٥٣٢) مليون في سنة ٢٠١٢،وبمعدل إرتفاع سنوي يبلغ (٨٣٢) مليون، كما بلغت نسبة الإقراض بالدينار الى الودائع بالدينار (٨٥٪) في  سنة ٢٠٠٨، (٨٧٪) في نهاية سنة ٢٠١٢، وهي نسب عالية وخطرة، كما لوحظ أيضا توسع في الاقراض بالعملة الأجنبية في فترة البحث من (١٦٢٤) الى (٢٢٩٨) مليون دينار وغالبا بتأثير تنامي دور جهات وفروع بنوك غير اردنية هنا.
التوسع في الإقراض المصرفي بأكثر ممّا يجب له تداعياته الخطرة على البنوك نفسها وعلى المقترضين، وعلى توليد ضغوط تضخمية في الاقتصاد الكلي والجزئي، وتفاقم حالة الفقر وامتداده.
وتشوّهات في توزيع الإقراض نوعيا.
السلبيات لم تقتصر على تنامي الحجم الكلي للإقراض عاما بعد عام بأكثر ممّا يجب، بل إنها تلاحظ وترصد أيضا في اختلالات واضحة في توزيعها حسب النشاط الاقتصادي وبميل واضح لصالح النشاطات العقارية والتجارية والخدمية والاستيرادية فعلى سبيل المثال وفي سنة ٢٠١٢ حظي قطاع التجارة العامة بنسبة (٢١٪) من إجمالي القروض الممنوحة، وقطاع العقار والانشاءات حصل على ما نسبته (٢٠،٥٪) من الإقراض الكلي، وبنسبة (١١،٣٪) لقطاع الخدمات والمرافق العامة، وما معدله (٢١،٥٪) لأغراض اخرى (معظمها قروض للأفراد ولتمويل مشتريات استهلاكية) فيما اقتصر نصيب تمويل الصناعة على (١٥٪) فقط من الإقراض (وليس كلها بالضرورة تنموية)، أمّا نصيب الزراعة (الضلع القاصر) فلم يتجاوز ما معدله (١،٤٪).
وأخرى في وقائع التمركز الإئتماني
إلى جانب التشوّهات المتعددة في توزيع الإقراض نوعيا فإن مثيلا لها ظهر في تمركز واضح في الإقراض لبعض الجهات المقترضة، وبقيم كبيرة تجاوزت في العديد من الحالات رأسمال الجهات المقترضة، بل أن مخاطر التمركز الإئتماني تظهر أكثر عند تحديد وتحليل الشبكة المترابطة لإقراض شركات تنضوي تحت مظلة شركة قابضة إضافة الى شركاء متنفذين فيها.
إقراض طويل الأجل وودائع بأجل أقصر
(٣٠٪) من الودائع المصرفية مودعة تحت الطلب، ومعظم ما تبقى منها مودع لمدة تقارب السنة في أحسن الحالات، بينما في المقابل إتسم حوالي (٥٠٪) من الإقراض بأنه لأجل يزيد عن السنة وربما لسنوات طوال كما هو الحال في الإقراض العقاري، وهذا التناقض في الأجل  بين الإقراض والودائع خطر ويجب أن يؤخذ في الحسبان باستمرار.
الإفراط في الاقراض بضمان عقاري
الكثير الكثير من وقائع الاقراض المصرفي الأردني تمت وخلافا للقاعدة الذهبية بأهمية ربطه وقياسه بمدى ملاءة وجدوى المشروع الممول، وأدبيات ، وقدرات إدارته وأصحابه، تقول خلافا لذلك، تمت نسبة عالية من الإقراض مقابل الحصول على رهن (ضمان عقاري) كان ولايزال مدخلا لتعثره وسببا لتداعيات خطيرة متعددة الجوانب لاحقا.
نسبة عالية للإقراض المتعثر
وهكذا تواصل الاتجاه التصاعدي في أعداد ومعدلات القروض الموصوفة بالمستحقة او المتعثرة او المشكوك فيها او المعدومة لتتجاوز نسبتها مؤخرا سقف (٨٪) من إجمالي الاقراض.
الأخطر من النسبة العامة في ارتفاعها واقع تجاوز هذه النسبة كثيرا والى درجة خطرة في أكثر من بنك، كما ان بعض الاقراض المتعثر يتم تغطيته أحيانا من خلال عمليات اعادة جدولة مفتعلة.
أمثال التشوهات والاختلالات والتجاوزات السابقة كانت في مقدمة الأسباب التي ساهمت في انفجار الأزمات الحادة لأجهزة مصرفية أميركية وأوروبية وآسيوية صعبة وكبيرة وأيضا على وقائع ومسارات اقتصادياتها.