- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/weekly -

لماذا ومن خلف تراجع الاحتجاجات العمالية ؟.. بقلم – مقبل المومني

الاهالي – غني عن القول أن وراء تراجع الاحتجاجات العمالية ما ورائه من أسباب تدعو إلى الدهشة والاستغراب مردها إلى أن الأسباب والمبررات والوقائع التي أدت إلى تصاعدها لا زالت على حالها بل تفاقمت وعلت حدتها واتسعت أخطاءها وتداعيات أسبابها خاصة بعد الفشل الذريع الذي وقعت فيه الخطط الاقتصادية التي يتم غالبا أعدادها خارج البلاد وبرامج التصحيح الاقتصادي المرتهنة التوجهات والقرار والتراخي الواضح من قبل الحكومات عن متابعة الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي تم وضعها في فترة تصاعدها وظلت حبيسة في الأدراج دون أن تكلف الحكومة نفسها أمر تنفيذها ووضعها موضع التطبيق وما آلت إليه السياسات الضريبية ورفع أسعار المحروقات ورفع الدعم عن الحاجات الأساسية التي أدت إلى إفقار كافة فئات الشعب وكانت سببا في تصعيدها وزيادة حدتها، هذا ناهيك عن أن قانون العمل الأردني المعمول به والذي لا زالت تعديلاته لدي مجلس النواب منذ سنوات دون أن يتم تعديله أو تغييره أو تقليص حجم ما تضمه مواده وبنوده من قيود وتضييق وعدم حماية للعمال ومن انحياز لصالح أصحاب العمل وإباحته الفصل والعزل والتسريح الكيفي وإعادة الهيكلة والتنظيم والذي يغطي ويحمي إجراءات صاحب العمل واعتداءاته الصارخة على العمال ويساهم فيما هو عليه من تزويد سوق العاطلين عن العمل بأعداد وفيرة.
هذا ولقد كانت الاحتجاجات العمالية تشكل المتنفس الوحيد الحقيقي للعمال ونقاباتهم نتيجة تعنت أصحاب العمل والحكومة عن معالجة أوضاعهم ونقص أجورهم وظروف عملهم الصعبة ولكنها كانت وبالإجمال اعتصامات منظمة ودقيقة وبعيدة عن الغوغائية وتحكمها معايير الالتزام بالقيم العمالية الداعية والمتطابقة مع متطلبات المصالح العامة والعليا للبلاد ولكنها وبفعل ما وجهت به فقد أصابت الكثيرين من العمال ويلات وانتكاسات وخلفت آلام وأحزان لدى الغالبية العظمى منهم فصلا وعزلا وقمعا وتنكيلا أخذت معها بالضمور والتقلص ولازالت تتناقص يوما بعد يوم، حيث أنه وفي التقرير المتخصص الصادر عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية ما يشير إلى انخفاض كبير في عدد الاحتجاجات العمالية لدرجة بلغ معها عدد احتجاجات عام 2014 فقط 474 فيما كان عددها في عام 2013 يناهز 895 احتجاجا في حين كان عددها في عام 2012 ــ 901 احتجاج ويبين أن أعداد الاحتجاجات في انخفاض دائم ويعزى أسباب هذا الانخفاض إلى التدخلات الحكومية التي تتصدى لها وتعمل على مناهضتها بكافة الوسائل والأساليب وتستقوي عليها بقانون العمل من حيث عدم قانونيتها وانتهاء بقمعها والاعتداء على منظميها بكل أشكال الاعتداءات اللفظية والبدنية والتوقيف عن العمل وإصرارها على عدم الاستجابة للمطالب مهما بلغت قيمتها هذا إضافة إلى موقف اتحاد نقابات العمال المنحاز ضد العمال واحتجاجاتهم والذي يقف دائما في مواجهتهم نظرا لما يتمتع به من حظوة وحماية من قبل الجهات الرسمية والحكومية التي تتغاضى عما يقوم به من فساد وتحمي وجوده على رأس قيادة الاتحاد عن طريق التلاعب في الأنظمة الداخلية للاتحاد العام ولنقابات العمال وتوكل إليه القيام بهذه المهمات لتعميق الهوة بين العمال ونقاباتهم.
وأخيرا فإنه قد يتبادر إلى ذهن من يرى ويسمع مثل هذا الانخفاض الحاد في الاحتجاجات العمالية يعتقد أن هناك تغييرا كبيرا قد جرى وتم من خلاله حل كل الإشكاليات التي اعتصم واحتج من أجلها العمال حتى أخذت في التقلص والتراجع وأنه قد يتفاجأ فيما بعد عندما يعرف أن القمع والالتفاف على قضايا العمال كان السبب المباشر في تراجع أعدادها.