| نشر في مايو 11, 2020 11:48 ص | القسم: آخر الأخبار, آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
فرض كورونا على الجميع التعامل مع التطبيقات الالكترونية سواء كان ذلك بعمليات التحليل المالي،تسديد الخدمات او المشتريات التي وفرتها بعض المواقع الالكترونية، التي كانت شائعة في مختلف دول العالم، قبل الجائحة واحتلت حيزاً لا بأس به بالمعاملات التجارية داخل الدولة الواحدة او خارج الحدود، حيث كسبت مواقع (علي بابا، امازون) شهرة عالمية بالاضافة الى تحقيقها أرباحا كبيرة،عكست نفسها على أسعار اسهم هذه الشركات في الاسواق العالمية، كما كان لشبكات التوصيل (Delivary) للسلع والبضائع حضوراً متوافقاً مع ذلك.
فيروس كورونا الزم الحكومات والافراد والشركات على التوسع في الاعتماد على هذه الشبكة بعد ان فشلت تجربة توزيع الخبز من خلال باصات النقل العام،مثلا، حيث اتجهت النية لدى الحكومة لتوزيع السلع الاساسية الاخرى بنفس الطريقه،!؟حيث استبدلتها مشكوره بالسماح للمواطنين بالتسوق سيراً على الاقدام.
الوقت ما زال غير كافٍ للحكم على تعود المواطنين او لجؤهم الى الاستخدام الاوسع لبطاقات الائتمان،سواء كانت الصادرة عن البنوك او الصادرة عن الشركات كزين مثلاً،التي اصبحت اكثر انتشاراً،مما وفرعلى المواطن وقتاً كان يقضيه في الدور او المسافة التي تفصل بين سكنه ونوافذ التسديد لدى الشركات، او من خلال التسوق الالكتروني الذي أصبح اكثر انتشاراً من قبل واكثر اتساعاً كما كان عليه قبل كورونا، بعد ان شمل هذا التسوق المواد الأساسية، الأدوية، الكهرباء والكثير من الفواتير الخدمية،مترافقاً ذلك مع انشاء كثير من شركات التوصيل لهذه المشتريات حيث دخلت اجراءات السلامة العامة والسرعة التي تتبعها هذه الشركات بالإضافة الى سعر التوصيل، موضوعاً للمنافسة فيما بينها.
في الجانب الاخر الزم فيروس كورونا كثير من المهن والعاملين بها الى العمل عن بعد، عبر تقنيات متعددة للتواصل بين الاشخاص،او تبادل الوثائق والبيانات والمعلومات ذات العلاقة بالخدمة،حيث سيؤدي ذلك الى تخلي كثير من الشركات والمؤسسات عن المكاتب او تقليص المساحة المطلوبة، لممارسة بعض هذه النشاطات،مما قد يؤدي الى تعميق ازمة سوق العقار الذي يعاني من عرض كبير للمكاتب ما قبل كورونا،والذي سيؤدي الى اضطرار كثير من هذه الشركات بعد تراجع دخول بعضها،بسبب اغلاق بعض المنشآت لأعمالها الى تسليم مقراتها او البحث عن مساحات اقل توفيراً للمال، واستثماراً في امكانية ان يمارس بعض الموظفين أعمالهم من بيوتهم،سواء من خلال التواصل مع العملاء مباشرة او التواصل مع الشركة عبر الانترنت دون الحاجة الى الحضور الى مقرها.
لا شك ان هذا الفيروس فعل بنا الكثير،وفعل ببيئة الأعمال الشيء الاكثر، فالبيئة الناظمة للعمل مستقبلاً وخاصة في قطاع الخدمات،ستكون مختلفة قطعاً وسيكون تأثير ذلك في قطاع الصناعة والزراعة اقل بكثير، باعتبار ان ميدان هذا العمل هو المصنع والحقل،الذي يتطلب
تواجداً لا غنى فيه عن الحضور والعمل الميداني،اما الخدمات بشكل عام سواء كانت خدمات مصرفية، تأمين، مهن مختلفة كالتدقيق،المحاماة والصحافة وغيرها الكثير،ستكون مجالات التعامل عبر الانترنت متوفرة، باستثناء خدمات الانترنت نفسها،التي ستزدهر لكنها ستحافظ على خاصية الاستغناء عن المقرات الواسعة والفارهة،والاكتفاء بمساحات ذات علاقة بالاجهزة ومتطلبات ادارتها فقط، حيث تصبح بطاقة الدوام البديلة، عندما يدخل الموظف على نظام الشركة على الحاسوب،حيث يتحدد بدء الدوام بالدقيقة والثانية، وستصبح البديل لتحديد ساعات الدوام، كما ان الموظفين لم يعودو بحاجة الى إجازات مثلاً،اذ ان الموظف قد يمارس عمله وهو في رحلة في بلدٍ اخر، وستحتسب له ساعات عمله اذا رغب بالالتحاق بالعمل او عندما يطلب منه صاحب العمل او رئيسه لتنفيذ بعض الاعمال، مما يوحي الى اننا ذاهبون الى عالم اكثر فكاكا من قيود ما قبل كورونا.
لا شك ان سوق العمل، انظمة الادارة وعلاقات العمل سواء مع صاحب العمل او مع موظفي الخدمات في أي دولة بحاجة الى تعديل، وبحاجة الى أخذ العبرة من الانظمة السياسية والاقتصادية التي حكمت عالمنا،وتفرض علينا الاستفادة مما مررنا به عالمياً ومحلياً، خاصة ما شهده العالم من تغييب للعدالة على اكثر من صعيد،سواء كان في الصحة، التعليم، الوظائف او كان في الانظمة الضريبية التي يتوجب ان تكون وسيلة لاعادة توزيع الثروة، جسر الفجوة بالدخول بين الافراد والشركات وتوجيه الاستثمارات نحو ما يحتاجه المجتمع من مشاريع خدمية او انتاجية ذات مساس بالغالبية العظمى من الناس.
Sorry. No data so far.