- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/ahali -

انهيار 31 منزلا بأقل من 8 أشهر بالغور الشمالي

الغور الشمالي – تتعرض منازل في لواء الغور الشمالي للانهيار في ظاهرة بدت تضع مئات الأسر بحالة خوف دائم بعد أن سجلت حوادث الانهيار رقما اعتبر “مقلقا”، إذ انه تم تسجيل انهيار 31 منزلا في المناطق الممتدة من شمال اللواء إلى جنوبه في اقل من ثمانية أشهر العام الماضي، فيما هذا الرقم قد لا يكون شاملا لجميع هذه الحوادث، بسبب عدم تسجيل عائلات اخرى لانهيار منازلها.
ويرجع الخبراء هذه الانهيارات التي كان آخرها يوم الخميس الماضي واسفرت، وفق احصائيات رسمية عن وفاة و 23 إصابة، إلى اسباب متعددة أهمها طبيعة التربة الطينية الرسوبية التي تتشكل منها المنطقة، واقلها انتشار الحفر الامتصاصية بالمنطقة.
الظاهرة التي قد تؤشر إلى وجود خلل، ما تزال تبريراتها من قبل الجهات المعنية يشوبها عدم الدقة لغياب الدراسات الكاملة عن المنطقة، إذ تعلل تقارير الجهات المعنية التي تقوم بالكشف على المنازل التي تعرضت للانهيار، اسباب الظاهرة بضعف البناء “ضعف التسليح” أو قدمه إذ أن بعض المنازل بنيت بستينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى موقع البناء وقربه من الأودية ومهارب المياه.
وبحصر ما خرجت به تقارير الجهات المعنية مع الفترة الزمنية التي شهدت خلالها حوادث الانهيار، والتي لا تتجاوز 5 أشهر، تبقى حلقة مفقودة تثير تساؤلا حول أسباب انهيار 30 منزلا في مدة قصيرة لا تتجاوز ربما 8 أشهر.
ويشير مصدر في مديرية الدفاع المدني باللواء أن المديرية تتابع حوادث انهيار المنازل بالغور الشمالي بالكشف على المنازل المنهارة بعد اسعاف المصابين في حال وجود إصابات، وتقديم الاسعافات واخلاء الجثث في حال وجود حالات وفاة.
وأكد أن عملية الكشف تتم بالاشتراك مع عدة جهات مختصة، منها البلديات ومتصرفية اللواء ومديرية التنمية الاجتماعية والأمن العام.
وتابع انه وبعد الكشف من قبل الجهات المعنية يتم رفع التقرير إلى الجهة المختصة لاتخاذ الإجراء المناسب.
وبين أن معظم التقارير أكدت أن أسباب انهيار المنازل تعود لضعف البناء ومواقع المنازل القريبة من الأودية ومهارب المياه.
غير أن رئيس بلدية طبقة فحل محمد سعود الخشان يرى أن انهيار المنازل في المناطق التابعة للبلدية أصبح ظاهرة تؤرق العديد من السكان وخصوصا في الآونة الاخيرة، إذ شهدت منطقة المشارع والزمالية والحرواية ومنطقة قليعات انهيار العديد من المنازل منها منازل حديثة واخرى ذات البناء القديم، ما الحق بالعديد من الأسر خسائر اعتبرها “فادحة” إضافة إلى تشتت بعض الأسر.
ويوضح الخشان أن بعض الأسر تنهار منازلها ولا تراجع أي دائرة معنية، ما يعني أن الأرقام التي سجلتها احصائيات الدوائر الرسمية حول حوادث الانهيار غير دقيقة، مبينا أن الرقم يفوق الـ 30.
ويعتقد أن اسباب الانهيار قد تكون فنية كنقص في كمية المواد اللازمة لعملية البناء كالإسمنت والحديد، أو الرمل، وقد تكون اسباب تعود إلى عمر البناء وموقعه، غير انه يضيف سببا آخر يصفه بـ “القنبلة الموقوتة” وهو الانتشار المهول للحفر الامتصاصية في لواء الغور الشمالي والتي تهدد المواطنين اساسات البناء، إذ تتسرب مياه هذه الحفر إلى جوانب المنازل وتحدث تصدعات جانبية وبعد ذلك تمتد إلى السقف وفجأة يسقط المنزل على الساكنين.
وأكد أن البلدية طالبت وزارة المياه والمنظمات العالمية بضرورة ايجاد صرف صحي في المنطقة تفاديا لوقوع العديد من المشاكل البيئية في المنطقة كانهيار المنازل أو انتشار الأمراض الجلدية جراء انتشار الحشرات إضافة إلى الروائح الكريهة وخصوصا في فصل الصيف، غير أن عدم توفر التمويل اللازم يحول دون ذلك فيما تنتظر الجهات المعنية الدعم من اجل تنفيذ فعلي لمشروع الصرف الصحي.
وأكد الخشان أن حوادث الانهيار لا تقتصر على فصل الشتاء بل ان فصلي الربيع والصيف شهدا حوادث انهيار لمنازل غير أن فصل الشتاء ترتفع فيه الحوادث بسبب عدم قدرة الحفر الامتصاصية على استيعاب كميات المياه المنسابة من المنازل ومن مزاريب سطوحها ومن جوانب الشارع الرئيس، مشيرا إلى أن البلدية تقوم بالاشراف على تلك المنازل ورفع التقارير إلى الجهات المعنية لاتخاذ الاجراء المناسب.
وبين أن من تلك الإجراءات تقديم مساعدة مالية متواضعة، مؤكدا أن عملية ترميم المنزل المنهار مكلفة جدا تفوق قدرة المواطن في الغور.
من جانبه يرجع الخبير الجيولوجي الدكتور محمود التميمي والذي يعمل استاذا في قسم علوم الارض والبيئة في جامعة اليرموك ظاهرة انهيارات المنازل إلى طبيعة التربة الرسوبية
وغير المتماسكة في مناطق الاغوار.
وأشار إلى أن الحفر الامتصاصية تعد عاملا مهما ايضا من العوامل التي تؤدي إلى انهيار هذه المنازل، لان عملية بناء الحفره بالعادة تكون غير صحيحة ومفتوحة، مشيرا إلى أن عملية البناء يجب ان تكون صندوقا مسلحا من أربع جهات خوفا من عملية التسريب إلى المياه الجوفية والمنازل المجاورة، وخصوصا اساسات البيت.
اما الخبير الجيولوجي الدكتور نبيل سيف الدين والذي يعمل استاذا في قسم علوم الأرض والبئية فيقول إن لكل منطقة حيثياتها ولكل انهيار بيت تفاصيله، مشيرا إلى أن الحفر الامتصاصية تعدا سببا رئيسيا من ضمن الاسباب.
وأكد أن الجامعة ستقوم بزيارة المنطقة لعمل الدراسات وتحديد الاسباب والخروج بالتوصيات من خلال التعاون مع الجهات المعنية.
فيما يشير مصدر في وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن منطقة الاغوار كاملة تقع ضمن ما يعرف بـ بالحفرة الانهدامية الممتدة من جنوب البحر الميت إلى شمال الأردن.
وبين أن طبيعة هذه المنطقة تشهد حركات الصدع العربي على الحفر الانهدامية وهذا يضع المنطقة في خطر.
وتابع ان نوعية التربة بالمنطقة تحتوي على المعادن الطينية ما يجعلها سببا للانتفاخ أو الانكماش اعتمادا على وجود أو عدم وجود المياه، وذلك يخلخل تركيبة التربة وقد تؤثر على اساسات الابنية ويعود ذلك حسب موقع البناء.
واستبعد المصدر أن تكون اسباب انهيار المنازل عائدا إلى ضعف المواد المستخدمة بعملية البناء بقدر ما يكون السبب ناتجا عن طبيعة التربة، مؤكدا أن الحفر الامتصاصية قد تكون خطرا آخر على الابنية نتيجة تسرب مياهها إلى التربة وتشربها وبالتالي انتفاخها فيما يشكل موسم الصيف الحار بالمنطقة جفاف لهذه التربة ما يعمل على انكماشها وهذه الحركات تضع الابنية في خطر.
ودعا إلى ضرورة اجراء دراسة شاملة وتحديد دقيق لاسباب انهيار المنازل تفاديا لمزيد من حوادث الانهيار.
المواطن محمود الخطيب، أحد الأشخاص الذي تعرض منزله إلى الانهيار بشكل مفاجئ، فيما احتاجت عملية الترميم الى مبلغ 4 آلاف دينار فيما المفارقات وفق تأكيده عدم تحديد السبب الرئيس وراء حادثة الانهيار.
يقول الخطيب ان سقف أحد الغرف بالمنزل انهار فجأة وتعرض ابنه لإصابة في وجهه في ذات اليوم الذي كان يعتزم اجراء مقابلة من اجل العمل بإحدى الشركات، موضحا ان ابنه لم يقبل بالوظيفة بسبب التشوه الذي لحق بوجهه.
وأكد الخطيب منزله جديد وانه اعتمد في عملية البناء على الطريقة التقليدية وهي الاستعانة “بمعلم البناء” الذي حدد كميات الطوب والحديد والاسمنت، مشيرا إلى انه لم يستعن بمهندس معماري جراء الكلفة المالية لذلك.
وطالب محمد خالد والذي تعرض منزله قبل نحو يومين للانهيار بضرورة اعتماد مهندس معماري في عملية البناء من خلال تواجده في البلدية، وان تكون الأجور مناسبة لأهالي المنطقة جراء ظروفهم المالية الصعبة.
سالم أبو صبح اتجه نحو حل كان يعتقد انه جذري وذلك بنقل الحفرة الامتصاصية القريبة من منزله إلى مكان بعيد غير أن المنزل وفق تأكيده ما يزال يشهد تصدعات قد تؤدي إلى انهيار مفاجئ، معتقدا ان انتشار الحفر الامتصاصية باللواء بشكل واسع يضع غالبية المنازل في دائرة خطر الانهيار.
وطالب من الجهات المعنية ضرورة العمل على انشاء صرف صحي في المنطقة للحد ظاهرة تصدع وانهيار المنازل التي تهدد سكانها وتعرض حياة الأطفال للخطر.
اصحاب هذه المنازل یعمدون رغم قلة حيلتهم على إعادة طلاء الجدران بشكل سنوي وصیانة الارضیات التي عادة ما تتشقق.
تشير أم حمد إلى أن الأمور لم تتغیر رغم المطالبات المتكررة بإیجاد حل جذري للمشكلة التي یعاني منها عشرات السكان بالمنطقة، موضحة أن المشكلة تظهر بشكل أكبر خلال فصل الشتاء لأن الحفر الامتصاصية لا تستوعب كمیات المیاه المتدفقة الیها ما یدفع بالمياه إلى السطح وبعدها إلى جدران المنازل.
وتبین انها اضطرت الى دفع مبلغ 6 آلاف دینار لإعادة بناء جدران منزلها من جدید بعد تعرضه للانهيار، موضحة ان جمیع ابناء المنطقة یعانون أوضاعا معیشیة صعبة، ورغم ذلك فإنهم یضطرون الى حفر الصرف الصحي بشكل مستمر الأمر الذي یكبدهم مصاریف تثقل كاهلهم.
وفي الوقت الحالي، تعيش العديد من الأسر حالة من التشتت بعد ان تعرضت منازلها إلى الانهيار وتسببت بوقوع خسائر عديدة، إذ لجات بعض الأسر إلى الجمعيات الخيرية كمأوى لها لحين ايجاد حل لمنازلهم والبعض الاخر استعان بالأقارب خوفا على صغارهم فيما تحول الظروف المالية وحالة الفقر التى يعانون منها من صيانة منازلهم.
ويؤكد مصدر من مديرية التنمية الاجتماعية ان دور التنمية الاجتماعية يقتصر على الاشتراك بعملية الكشف، وتقوم المديرية بتقديم الخدمة العاجلة وهي توفير المأوى والذي قد يكون في الجمعيات أو المدارس أو المساجد إذ لا يوجد منازل تابعة للمديرية تمكن كوادر المديرية من ترحيل المتضررين في حال وقوع أي كارثة طبيعية، وتوفير المواد الاساسية من المأكل والملبس، والمشرب.
وتعمل المديرية على دراسة الحالة الاجتماعية لتلك الأسر التي انهارت منازلها وفي حال انطبقت تعليمات مديرية التنمية الاجتماعية عليها تقوم المديرية بعمل الصيانة اللازمة.
ولحين تحديد اسباب ظاهرة انهيار المنازل بشكل دقيق تبقى مئات الأسر في دائرة الخطر تترصد أي تحرك مفاجئ لجدران منازلها، فيما يعتبر وقت النوم الاشد خطرا، وتبقى وحدها العناية الالهية تحرس أرواح أسر بأكملها.

الغد