- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/ahali -

دعوات لتحسين حالة حقوق الطفل

الاهالي – فيما يحيي العالم اليومين العالميين لحقوق الطفل وحماية الطفل من الإساءة، دعا خبراء إلى ضرورة اتخاذ مزيد من الخطوات التشريعية والإجرائية لتحسين حالة حقوق الطفل وحمايته، خصوصا مع حالة التراجع في عدد الجوانب الرئيسة بهذا المجال.
وكان الأردن شارك العالم أمس بإحياء اليوم العالمي لحماية الطفل من الاساءة، في وقت يصادف اليوم مرور 26 عاما على نفاذ اتفاقية حقوق الطفل الدولية التي صادق عليها الأردن، وسط ظهور تحديات جديدة، وتحديدا في قضايا الحماية من العنف، التعليم، عمل الأطفال وزواج القاصرات.
وقال الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة فاضل الحمود إن المجلس يعمل حاليا بالتعاون مع منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) على إعداد تقرير حول “وضع الأطفال في الأردن لعام 2016 ليكون بمثابة قاعدة بيانات ومعلومات تساهم في رسم السياسات المتعلقة بالطفولة، وتقييم وضع أطفال الأردن في مختلف القطاعات”، مشيرا الى أنه سيصار إلى إعداد هذا التقرير بشكل دوري بمشاركة الجهات ذات العلاقة.
واعتبر ان “الاختلالات في التشريعات الوطنية جزء من الاشكالية المتعلقة بحقوق الطفل وحمايته من الاساءة، لكن التحدي الآخر هو أن نهج العمل التشاركي غير مفعل بالدرجة المطلوبة، وغير مطبق كما يجب وتحديدا في حالات الإساءة”، موضحا ان التحدي ليس في التشريعات فحسب، ولكن أيضا في الحاجة لعمل مؤسسي تشاركي فاعل ومتعدد القطاعات.
وفي الجانب التشريعي، كشف الحمود عن أن المجلس يعمل حاليا على إعداد مسودة لقانون حقوق الطفل، وتم لهذه الغاية تشكيل لجنة فنية تضم مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية لإعداد القانون، متوقعا أن تصدر المسودة الاولية للقانون نهاية الربع الاول من العام المقبل، ليتم بعد ذلك السير بها في القنوات التشريعية المعنية.
وفي موازاة ذلك، أشار الحمود إلى مسودة قانون الحماية من العنف الاسري الجديد والذي عالج الثغرات والسلبيات في القانون النافذ، قائلا، “إننا بصدد عقد لقاءات مع النواب والأعيان واللجان المختصة بهدف مناقشة اهمية القانون والتسريع في إقراره”، لكن الحمود تطرق الى مسألة الوصاية الطبية للأم على اطفالها و “ضرورة تفعيل استخدام تقنيات الفيديو مع الاطفال الشهود في المحاكم واعتبارها اجراء الزاميا”.
وفي المقابل من ذلك، يبدي حقوقيون ومختصون “تخوفات من آلية تعامل المشرع وتحديدا مجلس النواب في القضايا التي تخص الأطفال والفئات الأكثر ضعفا، خصوصا أن أول مسودة لقانون حقوق الطفل في الأردن أعدت العام 1997 وتم رفعها من الحكومة إلى مجلس النواب العام 2004، لكنها بقيت حبيسة أدراج الأخير حتى العام 2008، عندما عادت الحكومة لتسحب القانون”.
وتشير المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الإنسان “ميزان” ايفا ابو حلاوة إلى ما وصفته بـ “اشكالية المشرع الاردني”، قائلة إنه في حين أقر الأردن قانون الأحداث منذ ستينيات القرن الماضي
ورغم صدور قانون جديد للأحداث في العام 2014 اشتمل على عديد من التعديلات الايجابية، “إلا أن قانونا لحقوق الطفل لم يقر لغاية اليوم”، معتبرة ذلك مؤشرا على ان “المشرع اعطى الأولوية لمعاقبة الطفل لا لحماية حقوقه”.
وإلى جانب قانون حقوق الطفل، هناك “العديد من التشريعات التي تتطلب مراجعة لتكون منصفة بحق الطفل، أبرزها قانون العقوبات الذي يتوجب مراجعة مسألة اسقاط الحق الشخصي في القضايا الواقعة على الحياة للأطفال داخل نطاق الأسرة”، بحسب ابو حلاوة التي تلفت إلى أن تعديلا على القانون تم في العام 2010 بحيث تم الغاء بند إسقاط الحق الشخصي في الجرائم الجنسية الواقعة على الطفل، “لكن المطلوب اليوم ان يسري هذا التعديل على الجرائم الواقعة على الحياة”.
وكانت مسودة قانون العقوبات للعام 2010 نصت على الغاء اسقاط الحق الشخصي في القضايا الواقعة على الحياة للأطفال داخل نطاق الاسرة، لكن مجلس النواب حينها رفض التعديل، فيما تخلو مسودة تعديلات قانون العقوبات الجديد والمنظورة امام مجلس النواب الحالي من نص يمنع اسقاط الحق الشخصي في هذه الحالات.
وتعتبر “المادة 62 من قانون العقوبات والتي تبيح الضرب التأديبي، وكذلك المادة 308 والتي تعفي الجاني من العقوبة في حال زواجه من ضحيته القاصر” تحديا آخر من وجهة نظر ابو حلاوة.
ويذهب استشاري الطب الشرعي والخبير لدى منظمات الامم المتحدة في مواجهة العنف هاني جهشان الى الاعتقاد أن “قانون العقوبات بشكله الحالي يضمن للجناة الإفلات من العقاب، ويتساهل معهم في حال كان الضحية طفلا”، مدللا على ذلك بالمادة 308 المتعلقة بتزويج الفتيات ضحايا الاغتصاب، وتخفيف العقوبة على جرائم الايذاء المفضي للموت إذا حصل داخل الاسرة، وضآلة العقوبة في بعض قضايا هتك العرض والتحرش مقارنة بحجم الأذى الذي يلحق بالضحية.
ووصف جهشان المادة 62 من قانون العقوبات التي تبيح للوالدين الضرب التأديبي لأبنائهما بأنها “شكل من أشكال السماح بالعنف ضد الأطفال”، مذكرا بعدد من القضايا التي لقي فيها اطفال حتفهم على ايدي احد والديهم تحت مبرر التأديب.
وكان الاسبوع الاول من العام الحالي شهد وفاة طفل (14 عاما) على يد والده، نتيجة ضربه بواسطة بربيش بهدف تأديبه.
ويلفت جهشان كذلك إلى المادتين 331 و332 من قانون العقوبات والذي يرى فيهما “انتهاكا لحقوق الطفل بالحياة وليس لهما داعٍ قانوني ولا ينطبقان على أي معلومات طبية”، وهما المتعلقتان بتخفيف العقوبة على الأم في حال قتلها لوليدها اتقاء للعار أو خلال العام الأول من حياة ابنها.
وإلى جانب قانون العقوبات تلفت أبو حلاوة إلى الاختلالات في قانون التربية والتعليم، فرغم أن القانون ينص على الزامية التعليم حتى الصف العاشر، لكنه “لا ينص على اجراءات بحق أولياء الأمور الذين يحرمون ابناءهم من التعليم، كما لا تتوفر آلية لضمان حق الطفل في التعليم والتحقق من حصوله على هذا الحق”.
ومع ازمة اللجوء السوري ارتفع عدد الأطفال خارج المدرسة، وبحسب تقرير للمنظمة الأميركية المعنية بحقوق الإنسان “هيومان رايتس ووتش” الى نحو 80 ألف طفل سوري، فيما تقدر دراسات أخرى عددهم بنحو 50 ألف طفل آخرين.
وترتبط مسألة التعليم بحسب ابو حلاوة “بشكل مباشر مع انخراط الأطفال في سوق العمل وهي اشكالية اخرى تتطلب العلاج”، مشيرة الى دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية أخيرا، قدرت “عدد الأطفال السوريين العاملين في الأردن بـ 76 ألف طفل، 60 ألفا منهم يعملون في مهن خطرة”.
وفيما “يختص قانون العمل بمخالفة المنشآت التي تشغل الأطفال، إلا أنه يبقى عاجزا عن التعامل مع فئة الأطفال العاملين خارج اطار المنشآت، كالباعة المتجولين، والاطفال المتسولين، ونابشي النفايات والعاملين في خدمات تنظيف المنازل”.
وينص قانون العمل على غرامة مالية تتراوح بين 300 و500 دينار، تتم مضاعفتها في حال كرر صاحب المنشأة المخالفة، لكن القانون لا ينص على اجراءات حماية للطفل.
وفي هذا السياق تقول ابو حلاوة “هذه التحديات في غالبها يجب ان يعالجها تعديل قانوني، أو ايجاد قانون جامع لقضايا حقوق الطفل بشكل تام ذلك ان قانون حقوق الطفل حاجة ماسة اليوم”.
وفي تقييمه لحالة حقوق الطفل بشكل عام في الأردن يؤكد جهشان أن “هناك ضعفا في برامج حماية وحقوق الطفل التي تتم بطريقة عشوائية بحسب الدعم المتوفر من الجهات المانحة لمؤسسات المجتمع المدني، وتتوقف بنفاد التمويل”.
ويرى جهشان أن معايير نجاح برامج وخدمات الوقاية والاستجابة من العنف ضد الأطفال “تتطلب ان تكون الوقاية هي المرجعية الرئيسية لجميع البرامج والخدمات المقدمة للأطفال المعرضين للعنف أو للمخاطر المسببة له، وأن تكون البرامج والخدمات قائمة على الاستجابة الشمولية متعددة القطاعات الصحية والقانونية والاجتماعية”.
ودعا الى أن تكون البرامج والخدمات “قائمة على الدليل العلمي البحثي (العلم المسند) وأن تكون التشريعات والبرامج والخدمات قائمة على مبادئ حقوق الطفل وحقوق الإنسان والمصلحة الفضلى للطفل”، مشيرا الى ان الخدمات سهلة النفاذ لجميع المواطنين في كافة أماكنهم الجغرافية، والبرامج الوقائية تستهدف جميع قطاعات المجتمع وأن تكون البرامج والخدمات متفقة مع إيجابيات الثقافة المحلية.