| نشر في فبراير 16, 2016 12:22 م | القسم: فكر وثقافة | نسخة للطباعة :
الاهالي – لا يضطلع الكاتب دائما بمهام فريدة، لكن أحيانا يضعه التاريخ والبقعة الجغرافية التي يولد فيها أمام تحديات تتجاوز الوظائف الجمالية والفكرية للكتابة.
في بعض الأحيان تتحول الكتابة إلى ذاكرة والذاكرة إلى هاجس.
رحل الإثنين الكاتب الفلسطيني سلمان ناطور الذي عاش حياته مع هاجس الذاكرة.
“سادن الذاكرة”، “ناطور الذاكرة” من بين الأوصاف التي استخدمها من رثوه من الكتاب والمريدين.
“إن فقدنا الذاكرة، أكلتنا الضباع”، كتب في أحد نصوصه.
وللذاكرة في حياة الشعب الفلسطيني دور فريد.
عام 1948 أسدلت الستارة على جزء من هذا الشعب، أصبحت مدنه وقراه جزءا من دولة وليدة هي “إسرائيل”، تتحدث لغة أخرى، وتبني ثقافة أخرى وتتوجس من وجودهم بين ظهرانيها.
عزل هذا الجزء من الشعب الفلسطيني تماما عن بقية العالم العربي، عن منبع اللغة التي يتحدثها، وروافد الثقافة التي شب عليها.
كان يمكن أن يغتربوا عن لغتهم وثقافتهم، وكانت هناك أمثلة على هذا في التاريخ الحديث، لكن هذا لم يحدث.
الكتاب في الطليعة
شهدت العقود الأولى من حياة الفلسطينيين في كنف “دولة إسرائيل” معاناة كبيرة، حيث بقوا يعيشون لسنين طويلة في ظل قوانين الطوارئ، ويتعرضون للتضييق وتقييد الحريات.
من رحم هذا الوضع برز كتاب وشعراء عرفهم العالم لاحقا لأن بعضهم أصبحوا نجوما على مستوى العالم العربي بل والعالم: محمود درويش، سميح القاسم، إميل حبيبي، توفيق زياد، ثم لاحقا برز كتاب شباب كان من أهمهم سلمان ناطور.
كان الكتاب والشعراء المذكورون ينتمون للحزب الشيوعي الإسرائيلي “راكاح”، الذي اضطلعت صحيفته الصادرة باللغة العربية “الاتحاد”، بفضل هؤلاء الكتاب الذين كانوا يكتبون فيها ، بمهمة الحفاظ على الهوية العربية لثقافة الفلسطينيين الذين علقوا بين حدود الدولة الجديدة.
وكانت هناك أيضا مجلة الجديد، التي عمل الكاتب ناطور في تحريرها.
بعد مرور ما يربو على العقود السبعة نستطيع أن نقول إن الذين وضعوا نصب أعينهم الحفاظ على الهوية الثقافية العربية لفلسطينيي الداخل قد نجحوا في ذلك.
اللغة العربية الفصحى تدرس في المدارس، وتستخدم في وسائل الإعلام العربية، ويستخدمها الكثير من الكتاب الذين ولد بعضهم بعد عام 1948 وشقوا طريقا نحو التميز الأدبي، ومنهم سلمان ناطور.
أصبح الكتاب الجدد جزءا عضويا من المشهد الثقافي الفلسطيني، وازدهرت دور نشر متخصصة في نشر وترويج الثقافة العربية، منها “مكتبة كل شيء” و “دار راية”، وكذلك كانت هناك دار نشر عربية في مدينة عكا ازدهرت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي هي “دار الأسوار”.
“ناطور الذاكرة”
ولد سلمان ناطور عام 1949 في دالية الكرمل جنوب مدينة حيفا، وعمل في الصحافة، حيث عمل في تحرير القسم الثقافي في جريدة “الاتحاد” التي تصدر في حيفا ومجلة الجديد، كما أدار معهد إميل توما المختص بالدراسات الفلسطينية والإسرائيلية في حيفا.
صدر له حوالي ثلاثين كتابا بينها اربعة كتب للاطفال وخمس ترجمات عن العبرية.
من أهم رواياته رواية بعنوان “أنت القاتل يا شيخ”، صدرت عام 1976، و تتطرق لخدمة أبناء الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها في الجيش الإسرائيلي، وهي قضية حساسة تشغل الفلسطينيين.
ومن أهم كتاباته الساخرة نصوص في كتاب يحمل عنوان “كاتب غضب”.
كتب أيضا قصصا للأطفال، منها “دقدوق” و”فقسوسة”.
ومن المسرحيات التي كتبها ووجدت طريقها إلى الخشبة في الناصرة مسرحية “هزة الغربال” و “موال” و “المستنقع”.
شارك في الكثير من الفعاليات الثقافية ومعارض الكتب العربية والفلسطينية، كان آخرها معرض الدار البيضاء في شهر فبراير/شباط من العام الماضي.
كان ناطور، كالنجوم الأوائل، مشغولا بهاجس الهوية والذاكرة، وكرس للموضوع الكثير من كتاباته وأبحاثه ومقالاته ومحاضراته.
أبريل 14, 2024 0
يوليو 10, 2023 0
مارس 04, 2017 0
نوفمبر 24, 2016 0
Sorry. No data so far.