| نشر في يونيو 22, 2013 11:55 ص | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
دراسة الطب والهندسة تشكل حلما منذ زمن بعيد لنسبة كبيرة من خريجي الثانوية العامة وذوي المعدلات المرتفعة منهم على وجه الخصوص، نظرا لما يتحلى به الأطباء والمهندسون عموما من امتيازات مادية واجتماعية ومكانة مرموقة. إلا أن البطالة المزمنة لم تعد تستثني أيا من التخصصات التي كانت تسمى مميزة أو نادرة في سالف العصر والأوان، والدلائل كثيرة هذه الأيام على أن الطوابير تزداد طولا وعرضا بحثا عن فرصة تعيين تستعصي أحيانا على كل المحاولات والدرجات الأكاديمية المتقدمة!
نقابة المهندسين أعلنت صراحة أن نسبة البطالة بين منتسبيها وصلت إلى معدلات قياسية بعد أن بلغوا وفق أحدث الإحصائيات إلى حوالي مائة وثلاثة آلاف عضو من مختلف التخصصات الهندسية، وإذا ما أخذنا في الاعتبار أيضا أن ما يزيد على أربعين ألفا هم الآن على مقاعد دراسة الهندسة في الجامعات الرسمية والخاصة عدا عمن يدرسونها في الخارج، فإن الأزمة تزداد تعقيدا في مواجهة سيل من المهندسين الخريجين الذين سينضمون خلال وقت قريب إلى من سبقوهم ممن يتجرعون مر الشكوى، ويتقاسمونها مع ذويهم الذين أنفقوا عليهم الكثير من دون أن يجدوا فرصة عمل مهما تكن!
الأطباء قد يكونون أفضل حالا من المهندسين لغاية الآن في أن العمل في هذه المهنة الدقيقة ما زال متاحا في القطاعين العام والخاص، إلا أن نقابة الأطباء هي الأخرى بدأت تقرع أجراس إنذار متكررة من أن البطالة ستصل قريبا إلى أعضائها، ما دامت أعداد المقبولين تتزايد في الكليات الطبية المتوفرة حاليا داخل الأردن، حيث يقدر من هم على مقاعد الدراسة حاليا في التخصصات الطبية المتنوعة بحوالي سبعة آلاف طالب وطالبة، هذا عدا عما يصل إلى ثلاثة عشر ألفا من زملائهم في الخارج، ليصبح العدد الإجمالي ما يقترب من ضعف الأطباء الحاليين!
يبدو أن الأردن يدفع ثمنا باهظا منذ عقود لعدم مواءمة مخرجات التعليم العالي مع الاحتياجات الفعلية لسوق العمل، وأنه لولا استيعاب دول أخرى ومنها الخليج لإعداد من خريجي الجامعات الأردنيين على قلتهم لكانت الأزمة الراهنة أقسى من ذلك بكثير، وهي في طريقها إلى المزيد من الانعكاسات التي تهدد حتى المكاسب التي تحققت لبعض التخصصات المهمة، مع أن جهات مختلفة ومن بينها النقابات المهنية المعنية، سبق وأن أطلقت صيحات تحذيرية عديدة مما يجري في ميدان السياسات الجامعية من ممارسات لا تراعي الواقع، لكنها لم تجد آذانا صاغية على أي مستوى لتصل الأوضاع إلى حال لا يسر أحدا!
أن تضرب البطالة في أوساط المهندسين في الآونة الراهنة ثم من بعدهم الأطباء خلال فترة لن تطول كثيرا، يفترض أن يدعو إلى مراجعة شاملة لمجريات التعليم العالي في الأردن يمضي الزمن عليها سنة بعد أخرى، من دون تلمس الحقائق الدامغة كما هي على الأرض، لا في متاهات المعالجات النظرية المجزوءة التي تفرق المؤتمرات والندوات في “شطحات” هي الخيال بعينه الذي يتوهم إيجاد الحلول!
أبريل 14, 2024 0
مارس 11, 2024 0
يناير 20, 2024 0
يناير 14, 2024 0
Sorry. No data so far.