- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/ahali -

خبراء يشككون بجاهزية الحكومة لتطبيق قانون الأحداث الجديد

الاهالي – على الرغم من دخول قانون الأحداث الجديد، حيز التنفيذ، مع مطلع العام الجديد 2015، بيد أن خبراء “يشككون في جاهزية الحكومة لتطبيق القانون على أرض الواقع”، معتبرين أن “الفترة التحضيرية لم تكن كافية لتأهيل الأشخاص العاملين مع الأحداث وفقا للقانون”.
وينص القانون على عدة جوانب إيجابية، تتعلق بالأطفال، ممن هم في نزاع مع القانون، والأطفال المعرضين للخطر، لجهة رفع سن المسؤولية الجزائية إلى 12 عاما، واستحداث شرطة ونيابة عامة ومحاكم صلحية وبدائية للأحداث، فضلا عن تأكيده على “وجوب مراعاة المصالح الفضلى للطفل عند تطبيق وتفسير أحكامه وتسوية عدد من الجنح من قبل شرطة الأحداث بدون إحالتها الى القضاء”.
وصدر القانون الجديد في الجريدة الرسمية مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، على أن يدخل حيز التنفيذ بعد نحو شهرين من نشره في الجريدة الرسمية، ولكن لغاية الآن لم تصدر الأنظمة والتعليمات التنفيذية لتطبيقه، فضلا عن النقص في المباني والكوادر البشرية المطلوبة لتطبيقه.
ونفذت وزارة التنمية الاجتماعية، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” وبتنسيق مع مركز العدل للمساعدة القانونية، عدة دورات تدريبية للعاملين مع الأحداث، من قضاة ومراقبي سلوك، لتعريفهم بالقانون الجديد.
وتقول مديرة مركز العدل هديل عبد العزيز في هذا الشأن: “فعليا فإن الفترة التحضيرية التي تم تخصيصها لم تكن كافية، فالقانون حقق نقله نوعية في آلية التعامل مع الحدث، وهذا الأمر يتطلب عدة برامج تدريبية وتطبيقية، فضلا عن وضع أنظمة وتعليمات لتطبيقه”.
ورجحت عبد العزيز أن تستغرق الفترة المطلوبة لضمان تنفيذ القانون بشكل فاعل حوالي العام.
وكانت قاضية محكمة الاستئناف فداء الحمود، تعرضت في ورقة قدمتها في ورشة عمل مؤخرا، إلى أبرز سمات وتحديات قانون الأحداث، وبينت حينها ان القانون الجديد “اعتمد على الفلسفة الاصلاحية، بدلا من العقابية في التعامل مع الأحداث”، لكنها لفتت في ذات الوقت الى “صعوبة الانتقال الفوري من فلسفة الى أخرى”.
وشددت الحمود على أهمية وجود قضاء مستقل للأحداث، وهو الامر الذي وفره القانون الجديد، بحيث نص على “وجوب وجود 12 محكمة صلح أحداث على الأقل في كل محافظة، ومحاكم بداية إذا اقتضت الحاجة، بيد أنه ولغاية الآن لم يتم توفير مبانٍ لهذه المحاكم”.
وأكدت الحمود أهمية تفرغ وتخصص قاضي الأحداث للتعامل مع قضايا الأطفال فقط، نظرا لخصوصيتها واختلافها عن قضايا البالغين.
وتتفق عبد العزيز مع الحمود في الرأي، موضحة أنه “رغم وجود عدد من المباني المخصصة لقضاء الأحداث، لكن تلك المحاكم من حيث العدد غير كافية، كما أنه ورغم تدريب عدد من القضاة على قضاء الأحداث، لكن الأمر الأهم أن يكون هؤلاء القضاة مخصصين فقط للتعامل مع الأحداث الجانحين”.
من ناحيتها، تناولت الحمود إشكالية بند العقوبات غير السالبة للحرية، لافتة إلى أنه رغم أن القانون نص عليها لكنه لم توجد آليات لتطبيقها وتنفيذها.
وفي السياق توضح عبد العزيز أن “الجهة المختصة في متابعة تنفيذ العقوبة البديلة هو قاضي التنفيذ ولكن لغاية الآن لم تقم وزارة العدل بتخصيص قضاة تحت مسمى قاضي تنفيذ”.
من ناحيته، بين الخبير القانوني الدكتور محمد الموسى أن قانون الأحداث الجديد حمل عدة مضامين إيجابية تتعلق بتحقيق المصلحة الفضلى للطفل، والحد من العقوبات السالبة للحرية بحق الأطفال، عند الحكم في الجنح والمخالفات، كما أوجب مراجعة الأحكام الصادرة بحق الأطفال بصورة دورية، بغية التحقق من تحقيق العقوبة لغاياتها والإفراج المبكر عن الحدث بشروط، فضلا عن توفير المساعدة القانونية المجانية لغير القادرين من لحظة التحقيق مع الطفل.
لكن الموسى سجل عددا من الملاحظات على القانون، أبرزها أنه “ورغم تشكيله نقلة في مجال حماية الأطفال الذين هم في نزاع مع القانون، لكنه لم يتضمن نصوصا تخص الأطفال الضحايا والشهود”.
ومر القانون الجديد بـ”مخاض عسير ومناقشات ومراجعات متتالية” استمرت منذ العام 2006 لحين دخوله حيز التنفيذ في الثاني من كانون الثاني 2015.
وكانت وزيرة التنمية الاجتماعية ريم أبو حسان، اعتبرت في تصريحات صحفية سابقة، أن القانون تضمن تعديلات عدة، من بينها “الحرص على ارتباط الأحداث بمدارسهم من غير انقطاع”، إذ تبين أن
64 % من الأحداث مرتكبي الجنح والمخالفات (خاصة لأول مرة) هم من طلبة المدارس، وبالتالي فإن أي انقطاع لهم عن مقاعد الدراسة يسهم في تعزيز مسار جنوحهم وانحرافهم، سيما أن الجهل بالقانون يعتبر من أبرز أسباب الجنوح وارتكاب المخالفات.
ورفع القانون سن المسؤولية الجزائية للحدث “من سبعة أعوام إلى اثني عشر عاما، واستحدث إدارة شرطية متخصصة ومؤهلة للتعامل مع الخصائص الاجتماعية والنفسية للحدث، ومنح هذه الإدارة مجموعة من الصلاحيات الاستثنائية الضرورية للحد من جنوح الأحداث ومعالجة قضاياهم ببعديها الأمني والوقائي.
كما استحدث القانون نظام تسوية قضايا الأحداث لدى الجهات الأمنية والقضائية المختلفة بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني خاصة في المخالفات والجنح الصلحية البسيطة لغايات تلافي الدخول في الإجراءات القضائية.
كما عالج القانون “استحداث بدائل عن العقوبات تتمثل في التدابير غير السالبة للحرية مثل الإلزام بالخدمة للمنفعة العامة والتدريب المهني والاختبار القضائي” بالإضافة إلى التدابير السالبة للحرية.