- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/ahali -

خليها لبكرة.. بقلم – اسامة الرنتيسي

الحالة السياسية، والعامة، وأيضا الخاصة في البلاد تعمل ضمن نظرية “خليها لبكرة.. “، في تناغم مع السؤال اليومي الذي يُطرح عشرات المرات، ولا يجد إجابة من أحد، “وين رايحة البلد…”.

و”خليها لبكرة” نظرية من لا يعرف ماذا يفعل في أية قضية تطرح أمامه، وتسمعها من كافة المستويات، ومن شتى المتفائلين والمتشائمين.

إذا أردت طلبا من صديق في أية قضية كانت، خاصة أو عامة، وتلعثم في الوصول إلى إجابة، يبادر فوراً، ليقول لك “خليها لبكرة وبنشوف..”.

إذا وعدك مسؤول أو أي شخص لك عنده حاجة وتطلب منه المساعدة، ولا يستطيع تلبية طلبك، ولا يريد أن يعترف بعدم إمكانيته ذلك، فإنه ينسحب بوعد “خليها لبكرة…”.

و”خليها لبكرة..” تسمعها من الوزير والسياسي والاقتصادي ورجل الشارع وحارس العمارة، وتُسمعها أنت لزوجتك وأولادك وللبقال الذي تستدين منه، ولمحاسب المدرسة الذي لم تستطع أن تسدد له باقي أقساط أبنائك…

الحكومة أيضا تعمل ضمن نظرية “خليها لبكرة”، فهي تقوم الآن بحملة علاقات عامة وترويج لقرارها المرتقب برفع أسعار الكهرباء، حتى وصل الأمر برئيس الوزراء أن يعتبر القرار خدمة للوطن، وهو لا يعلم ماذا سوف يقع بعد القرار، وسوف “يخليها لبكرة” حتى يرى ردة الفعل.

ما بين “خليها لبكرة” و”وين رايحة البلد”، تشاهد حجم التجهم على وجوه الناس، وترى الترقب في العيون، والقلق من بكرة، والحيرة في الإجابة عن المستقبل.

“وين رايحة البلد” سؤال تصعب الإجابة عليه في ظل الضباب الذي يلف القضايا الاقليمية حولنا، ولا ندري أين سيمطر الغيم السوري الأسود، ولا أين تصل طاولة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعد أن تاهت مشاريع المصالحة في غياهب الجب، وكيف ينتهي الاحتراب الطائفي في شرقنا البعيد.

“وين البلد رايحة” في ظل القرارات التي تطبخ لأسعار الكهرباء والخبز، وفي أزمة المالية الخانقة، واعتلال العلاقة ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حتى بات لا يمكن أن تمر جلسة نيابية من دون مشاجرة، أو مذكرة لحجب الثقة، أو تقريص ما بين الحكومة والنواب، واستعارة مواقف سابقة للوم والتذكير.

“وين البلد رايحة” إذا كان حجم محاولات الانتحار بهذا الشكل، ففي يوم واحد، يحترق “اليتيم” ويموت سريرياً، ويحاول شاب إلقاء نفسه من جسر الداخلية، ويحرق لاجىء سوري قدميه انتقاماً من زوجته، والادهى أن يصل الانتحار إلى كهل يبلغ من العمر 76 عاماً يطلق النار على رأسه في الأغوار.

كيف يمكن الإجابة على سؤال “وين البلد رايحة” إذا كانت قضية بحجم الذي وقع في معان، متدحرجة منذ أسابيع، وحتى الآن لم يتم إحقاق القانون، وتحقيق العدالة، وإدامة الاطمئنان لسكان المنطقة، بعد تسويف رسمي، وانتظار حلول “الطبطبة”، وجاهات لم تحقق شيئا.

اقول لكم “خلوها لبكرة..” والدايم الله.