| نشر في يونيو 9, 2013 1:24 م | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
حلت قبل أيام الذكرى السنوية ال 46 لمصيبة حرب 1967 كحدث مفصلي ومصيري في تاريخ الأمة وشعوبها، عموماً، وفي حياة الشعب الفلسطيني، خصوصاً . إذ لئن كان “وعد بلفور”، ،1917 هو ما مهد الطريق لوقوع النكبة، ،1948 فإن حرب 1967 هي ما أدى إلى تعميق هذه النكبة واستمرارها، بوصفها حدثاً تاريخياً قلب حياة الشعب العربي الفلسطيني-بالمعاني كافة- رأساً على عقب . أما لماذا؟
تصير خسارة الحرب هزيمة – فقط – عندما يتم التسليم السياسي بنتائجها . وخسارة العرب لحرب العام ،1967 ظلت – فعلاً – مجرد “نكسة” طوال فترة الرد السياسي عليها بشعار “لا صلح لا مفاوضات لا اعتراف”، فضلاً عن اقتران ذلك باستئناف الطور المعاصر للثورة الفلسطينية مع الثبات على هدف “التحرير والعودة”، وبإطلاق “حرب الاستنزاف” التي شكلت – بكلمات قادة الكيان- “أقسى حروب “إسرائيل” وأكثرها كلفة”، وببدء الإعداد والاستعداد لحرب العام 1973 التي كسرت، بمعزل عن بؤس الاستثمار السياسي لإنجازها الميداني، أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” .
لكن خسارة تلك الحرب أخذت تتحول إلى هزيمة منذ بدأ الارتداد السياسي على هذا النهج في إدارة الصراع، واستبداله بنهج المفاوضات الثنائية المباشرة برعاية أمريكية، أي مفاوضات “الأرض مقابل السلام”، المرادفة للتسليم بنتائج النكبة التي بوقوعها صارت الأرض والسيطرة عليها محور الصراع، وأصبحت عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها جوهر القضية الفلسطينية التي تبقى “قضية العرب الأولى”، وجوهر الصراع الذي فرضته أبشع عملية تطهير عرقي، وضع المؤتمر الصهيوني الأول خطتها، (1897)، بينما رعت تنفيذها دول الاستعمار الغربي بدءاً بوعد بلفور:”إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين”، (1917)، وصولاً إلى “وعود” جون كيري، ،2013 بانتزاع الاعتراف ب”إسرائيل” “دولة للشعب اليهودي”، المساوي للإقرار بما حققه المشروع الصهيوني على أرض فلسطين من استيطان وتهويد وتفريغ وتغيير للهوية وتزوير للتاريخ .
لقد شكل اختزال القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 عبر اعتماده أساساً لمفاوضات “الأرض مقابل السلام”، فاتحة مسار نهج تراجعي في إدارة الصراع، كنهج لم يسفر إلا عن “معاهدة كامب ديفيد” المذلة، ،1979 “واتفاق أوسلو” الكارثة، ،1993 و”معاهدة وادي عربة” المتسرعة، 1994 . وكانت المفارقة هي القبول بالرعاية الأمريكية لعقود من مفاوضات “الأرض مقابل السلام” الثنائية المباشرة . هذا علماً أنه كان للولايات المتحدة – منذ البدء – موقف معادٍ للقضية الفلسطينية، حيث لعبت دوراً أساسياً في صدور وعد بلفور، ووقوع النكبة، وشن حرب ،1967 كأحداث مفصلية مصيرية في حياة الشعب الفلسطيني، والأمة، عموماً، بل، و”صنعت الشرق الأوسط كما نعهده اليوم”، بكلمات المفكر الفلسطيني وليد الخالدي الذي يعلل استخلاصه بالقول:
“في سنة 1917 كان ثمة مباركة هامشية لوعد بلفور من طرف الرئيس الأمريكي ويلسون . وفي سنة 1948 كان هناك الضغط العنيد العميق الأثر الذي مارسه الرئيس الأمريكي هاري ترومان على بريطانيا المفلسة والمنهكة من الحرب، والذي أدى إلى إنهائها انتدابها على فلسطين بالطريقة التي انتهى بها، وكانت نتيجته النكبة . أما في سنة 1967 فقد كان دور الرئيس الأمريكي جونسون دوراً حاسماً في الجوهر والشكل والتوقيت من حيث تبنيه بالكامل، وبحذافيرها وأهدافها، الاستراتيجيا “الإسرائيلية” القائمة على إرساء مفاوضات ما بعد وقف القتال من أجل التوصل إلى تسوية سلمية على خطوط وقف إطلاق النار ذاتها، وهي الخطوط التي أوجدتها حرب 5 يونيو/حزيران 1967 الصاعقة، بحيث ظل أي تقدم سياسي بيد القوة العسكرية الطاغية وبشروطها إلى يومنا هذا” . (مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد ،93 شتاء ،2013 ص8) . ما معنى هذا الكلام؟
ثمة حاجة إلى إجراء مراجعة سياسية فلسطينية، بالمعنى الإستراتيجي والشامل للكلمة، وبالاستناد إلى دروس مرحلة ما بعد هزيمة ،1967 مسيرة ومآلاً، من حيث:
مسار التراجع الرسمي العربي، ومنه الفلسطيني، في إدارة الصراع صار اليوم أشد خطورة، ما يستدعي إعادة الاعتبار للمستوى الشعبي . والشعوب العربية المنتفضة، هي، وإن كانت – لأسباب مفهومة – غير منشغلة – مؤقتاً- بقضية فلسطين وكفاح شعبها، إلا أنها ستكون – بلا ريب أو شك – على غير هذا النحو على المدى البعيد، وربما المتوسط .
استمرار تهويل قدرات “إسرائيل” الناجم من هزيمة 1967 لن يفضي إلا إلى إنتاج ذرائع العجز عن مواجهتها، المساوي لنسيان أو تناسي دروس الصمود الأسطوري في بيروت، (1982)، وإسقاط “اتفاق 17 أيار”، (1983)، والانتفاضة الفلسطينية الشعبية الكبرى، (1987)، وطرد الاحتلال عن أرض الجنوب اللبناني دون شرط أو التزام، والانتفاضة الفلسطينية الثانية، (2000)، والصمود الشعبي الأسطوري في غزة في مواجهة عدوانيْ 2008 و2012 .
تقديم التنازلات ل”إسرائيل” يفتح شهيتها إلى المزيد منها . فالاعتراف بوجودها وأمنها، ك”دولة” غير محددة الحدود، وتمضي قدماً في سياسة الاستيطان والتهويد والتفريغ والعدوان، شجع قادتها على المطالبة بالاعتراف بكيانهم “دولة للشعب اليهودي” . وبدايات تطبيع العلاقات معها، شجّع قادتها على المطالبة بالتطبيع العربي الشامل والكامل كشرط لاستئناف المفاوضات .
في كل مرحلة كانت الوحدة الوطنية ناظماً، كان الفعل أكثر نجاعة وجدية . ودروس التوحد الوطني في تجارب الصمود في بيروت والانتفاضتين الأولى والثانية غنية عن الشرح على هذا الصعيد .
في كل مرحلة كان العامل الوطني الفلسطيني موحداً وفاعلاً ومبادراً وثابتاً، كان الدعم العربي الرسمي والشعبي أكثر جدية وعمقاً وزخماً .
أبريل 24, 2024 0
أبريل 24, 2024 0
أبريل 24, 2024 0
أبريل 22, 2024 0
مارس 11, 2024 0
يناير 20, 2024 0
Sorry. No data so far.