- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/ahali -

معان.. المأزق اقتصادي.. بقلم – أسامة الرنتيسي

منذ سنوات، والاعلام والسياسيون والتقارير الرسمية والشعبية واللجان على مختلف تصنيفاتها، تحفر في «ازمة معان»، وتخرج بنتائج: معان خاصرة رخوة للدولة الاردنية.

هذا التشخيص بات يحمل اجماعا شعبيا ووطنيا، لكن لم يتم بشكل فعلي وعملي وضع معالجات جذرية لهذه الخاصرة الرخوة، وبكل تأكيد؛ فإن المعالجات الامنية ليست هي المطلوبة على الاطلاق.

في معان بطالة قد تزيد عن غيرها في المحافظات الاخرى، وفيها متعطلون من العمل، تظاهروا اكثر من مرة وفي اكثر من موقع، وفيها فقر وحياة معيشية صعبة تشبه حجارة الصوان المعاني، كل هذا وغيره من المشكلات الاقتصادية اساس اي احتجاج، سلميا كان ام عنفيا.

فلا تستغربوا زيادة اعداد المشاركين في اي احتجاج في معان، لان العاطل من العمل جاهز دائما لاي احتجاج، ولا تستغربوا زيادة اعداد الغاضبين والمتطرفين والسلفيين الذين يخرجون من مدينة معان، فكل الاجواء المحيطة بهم تساهم في الوصول الى هذه القناعات.

تصدرت معان أمس واجهة الاعلام، وكانت صور الاحتجاجات فيها الابرز على وسائل الاعلام جميعها، الالكترونية والاعلام الحديث، وتطور الامر الى بيان شديد اللهجة من بلدية معان، والى اجتماع امني حكومي مصغر في معان، كل ذلك لا يعالج المشكلة، بل قد يؤججها لا سمح الله. ما يحل المشكلة هو الوقوف عندها بحزم واتخاذ قرارات تعالجها من جذورها، وهي مشكلة اقتصادية معيشية مطلبية، واضحة للعيان.

سنوات مضت على صندوق تنمية المحافظات، (وكانت & سباقة في التبرع له) لا يزال من دون تفعيل وبرامج واضحة، ومشروعات منتجة في المحافظات. فعلى الذين يتباكون على صعوبة الاوضاع الاقتصادية في البلاد ــ لان كل الاموال التي جمعوها من خيرات هذه البلاد ــ ان يفتحوا خزائنهم قليلا، ويتبرعوا لصندوق تنمية المحافظات، قبل ان تصل الامور الى مرحلة تكون فيها المعالجة صعبة ومستحيلة.

وعلى السياسيين والممثلين على الشعب ـ وهم في الاصل ممثلين عنه ـ ان يبتعدوا قليلا عن المراهقة السياسية والتكسب الشعبي، وأن يتوقفوا عن صب الكاز على النار، لان هذا الخطاب لا يعالج مشكلة بل يؤزمها.

من معان وقبل اكثر من عشرين عاما، انتقلت البلاد من مرحلة الاحكام العرفية الى الولوج نحو بوابات التغيير الديمقراطي، لكن العقلية الامنية ما زالت وبعد كل هذه السنوات لم تتغير كثيرا، ليس فقط بالوسائل والادوات بل بالفكر والممارسة.

لا نريد ان تقع اخطاء في معالجة الاوضاع في معان، نحتاج الى عُقّال البلاد، في الحكومة والاجهزة الامنية، وفي التمثيل الشعبي كي يتعاملوا مع الحالة المتطورة في معان بعقلية اصلاحية، وضبط الخلل من جذوره.

ما سوف يقع من اخطاء، لن تصلحه لجنة تحقيق لمعرفة المتسبب في الحدث، وانما تصلحه عقلية جديدة تنظر الى دور جديد للامن، بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية في زمن التغيير وسهولة الاحتجاج.