- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/ahali -

كيري ودبلوماسية الشاورما … بقلم – أمجد عرار

وكالات الأنباء تذكّرنا بأن هذه الزيارة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمنطقة هي الرابعة . العنوان واحد: بحث سبل استئناف المفاوضات، وهو على كل حال عنوان لجولة كيري ومئات الجولات التي قام بها معظم مسؤولي العالم، حيث لم يبق سوى وزيري دفاع جزيرتي “ميكرونيزيا” و”أدورا” اللذين لم يلتحقا بدبلوماسية الحلقة المفرّغة المسماة “عملية السلام” . أوجه ما قاله كيري بعد مباحثاته مع بنيامين نتنياهو هو اعترافه بأن هذه العملية تقابل بالسخرية، ما يعني أنه لا يكتفي برصد التصريحات الرسمية، بل ربما يتابع التعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي .

من المؤكد أن كيري وهو يحزم حقائبه للزيارة الرابعة راجع عدد المرات التي زارت فيها الوزيرة السابقة كوندوليزا رايس المنطقة، لدرجة أنها جعلتنا نعتقد أن المكوك قد سرق اسمه منها، مع أن المكوك من دورته الأولى ينتج بعض القطب في عملية النسيج، أما مكوك الدبلوماسية حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية  فلا تشبهه سوى عملية طحن الماء .

لا يريد أي مسؤول عربي أو دولي أن يبحث عن السبب الحقيقي للفشل الدبلوماسي، لذلك يتحدثون بلغة العموميات ويعيدون وضع الإبرة على الأسطوانة ذاتها . أحد المسؤولين الفلسطينيين يتحدّث عن “خطة سلام” يقوم كيري بإعدادها . أي أن كبير الدبلوماسيين الأمريكيين، رغم أنه يطوي صفحة زيارته الرابعة، ما زال يعد خطّته، مع أنه يعرف المنطقة جيداً . إذاً، نحن ما زلنا في طور بيع الأوهام والتخدير والإيحاء بأن هناك “عملية سلام” ولا داعي للبحث في خيارات أخرى، وهذا منطق “بزنس” وليس ممارسة سياسة، حتى لو قيل إن الخطة لا تزال حتى الآن في مرحلة الإعداد والاتصالات مع كل الأطراف الفلسطينية و”الإسرائيلية” والعربية والأوروبية، وروسيا وجميع الأطراف الدولية المعنية بالسلام والاستقرار في منطقتنا . روسيا؟ وهل سمح لها أصلاً أن تشارك في عملية تسوية في منطقة باتت مغلقة لأمريكا ورعايتها التي تبعث على السخرية وتمتلك من المصداقية صفراً مكعباً؟

الأطراف المعنية بالاستقرار؟ من هي هذه الأطراف؟ ولماذا نضحك على أنفسنا؟ استقرار الشرق الأوسط الكبير لغة شمعون بيريز وليس عملية سلام . هو استقرار الفوضى الخلاقة المسجّل باسم كوندوليزا رايس، واستقرار الطائرات من دون طيار التي لا تخطئ في رؤية العناكب، لكنّها تقصف حفلة عرس، يحدّث كيري نسخة التخدير ويحقننا بعبارات عن النهج المنظم والحرص والصبر والإصرار و”جدية نتنياهو”، لرسم طريق يدهش الناس ويطرق كل “أبواب السلام”، وهذا عنوان أغنية للكبير وديع الصافي، ولو سمعها كيري لعرف أن كل أسلافه “حطوا العلّة فينا، وبيحكوا بالسلام” .

قد يكون كيري عبّر عن واقعية تميّزه عن غيره عندما هرب من المسار الدبلوماسي وخرج إلى شوارع رام الله لتناول شطيرة شاورما وكنافة فلسطينية بالفستق وبعض من القهوة العربية، بعيداً عن الأمريكية المعشّقة بالهيمنة، والتركية المعلاة بطموحات تفيض من كأس قديم .

يبدو أن كيري يعرف المنطقة جيداً، قرأ تاريخها وثقافتها أو بعضاً منه ووقعت عينه على قول العرب شعراً، وهو ديوانهم: يا ضيفنا إن زرتنا لوجدتنا . . نحن الضيوف وأنت رب المنزل . ولولا أنه يدرك معنى مثلنا العربي “لاقيني ولا تغديني”، لفضّل شطيرة جبنة تحمل اسمه .