| نشر في مايو 23, 2013 12:13 م | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
عجيبٌ حرصُ إِسرائيل على سمعتِها، وطريفٌ في نتائج لجانِ تحقيقٍ تُشكّلها عندما تثور ضجةٌ بشأن جرائم يرتكبُها جنودُها أَو شرطتُها أَو عصاباتُها المستوطنون. والجديد في هذا الخصوص أَنَّ بنيامين نتانياهو تسلم، الأُسبوع الجاري، تقرير لجنة تحقيقٍ رسميةٍ بشأن قتل الطفل الفلسطيني، محمد الدرة، في غزة قبل 13 عاماً، بينما كان يحتمي بأَبيه وراءَ برميل، أَشهرته الصورة المدوية، والتي التقطها المصور طلال أبو رحمة، وبثتها، أَول مرة، القناة الفرنسية الثانية. انتهت اللجنة إِلى أَنها لا تستطيع تحديد من قتل الدرة، بسبب أَنها لا تعرف أَنَّه قُتل (!)، وقد يكون مات لاحقاً، لكنَّ أَيَّ إِسرائيليٍّ لم يُطلق النار عليه. واستحقّت هذه النتيجة، الموضوعية بحسبِ صحفٍ عبريةٍ، من نتنياهو، احتفاءً كبيراً لدى تسلمه تقرير اللجنة، فقال إِنَّ قضية الدرة شهَّرت بإسرائيل، في مثالٍ على نزع شرعيَّتها تعيشُه طوال الوقت، وزاد على أُزعومته هذه بخلاصةٍ (ثمينة؟!)، هي أَنَّ هناك سبيلاً واحداً لمحاربة الكذب، هو سبيل الحقيقة. ولا يدري المرءُ ماذا يفعل حين قراءةِ هذا التدليس، هل ينشغل بكشفِ تهافته، أَم يسخر منه ويمضي إِلى ما هو جدّي، فالمزحةُ، هنا، سمجةٌ في تحقيق لجنةٍ شكلها مجرم حربٍ معروف، اسمُه موشيه يعلون، قبل أَنْ يتولّى وزارة الحرب في حكومة نتانياهو الراهنة.
سخر المراسل التلفزيوني الفرنسي، شارل أَندلان، من “موضوعيّة” اللجنة التي أَطربت اليمين الإسرائيلي، لأَنها “كشفت الحقيقة الضائعة منذ 13 عاما”، وقال إِنَّ اللجنة المذكورة لم تتّصل به، في تقصّيها هذه الحقيقة، سيّما وأَنه صاحب التقرير المثير الذي أَقنع العالم بقتل محمد الدرة برصاصٍ إِسرائيلي. وفي البال أَنَّ غزارة الموضوعية في تقارير لجان التحقيق الإسرائيلية بشأن جرائم جنود العدو صارت توجب جهداً فلسطينياً، إِعلامياً وحقوقياً وقانونياً، يعملُ على حمايةِ الحقائقِ المؤكدة في هذه الجرائم من التمييع الممنهج، والذي تنشط فيه إِسرائيل بهمّةٍ ملحوظة. ومنه، للتذكير، أَنَّ لجنة التحقيق الرسمية بشأن قتل تسعة أَتراك على سفينةٍ في عدوان إِسرائيلي، مصوّرٍ ومشهور، حمّل المتضامين القادمين إِلى قطاع غزة مسؤولية استفزاز جيش الاحتلال. أما الاستهانة بحياة الصحافي البريطاني، جيمس ميلر (34 عاما) عند قتله برصاص جنديٍّ في رفح، فتبدّى بقرار جيش الدولة العبرية عدم ملاحقة المشتبه باقترافِه الجريمة في 2003، قبل أَيامٍ من قتل الناشط البريطاني، توم هورندال (22 عاما)، برصاص إِسرائيليٍّ في رفح أَيضاً، والذي لم يقبل أَيُّ ممثلٍ عن الجيش المذكور القدوم إِلى لندن للإدلاءِ بشهادةٍ في تحقيقٍ بريطاني في الجريمة. أَما الأَميركية راشيل كوري (26 عاما)، فقد أُودع قاتلها عمداً بمسنناتِ جرافةٍ كان يقودُها ثلاثة شهور سجناً. وهذه الوقائع عيّناتٌ دالةٌ على “الموضوعية” الإسرائيلية، البالغة الحرص على “الحقيقة” و”العدالة”.
ربما يكون محمد الدرة محظوظاً بأَنَّ قتله صار قضيةً عالمية، بفضل سلطة الصورة التلفزيونية في عالم القرية الكونية، على غير مئاتِ الأَطفال الفلسطينيين الذين استهدفتهم جرائمُ قتل إِسرائيلية منذ نشأة الكيان الغاصب، بل قبل ذلك، حيث دشَّنت العصابات الصهيونية الأولى هذه الجرائم، وكان منها قتل 11 فلسطينياً في بالرصاص، بينهم امرأَة وبناتُها الصغيرات الثلاث، ذات ليلة في تموز 1947. … نظنُّ حمايةَ الرواية الفلسطينية في قتل الدرة صار واجباً ضرورياً، كما حمايتُها بشأن محدلة التمويت الإسرائيلية، منذ قبل قتل تلك المرأة وبناتها إِلى يومنا هذا.
يناير 10, 2021 0
ديسمبر 30, 2020 0
ديسمبر 08, 2020 0
يونيو 21, 2020 0
مايو 18, 2020 0
مايو 11, 2020 0