| نشر في نوفمبر 10, 2013 1:02 م | القسم: آراء ومقالات | نسخة للطباعة :
ثمّة كثير من الشبه بين محتويات تقرير أعدته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، وما تتبعه سلطات الاحتلال الصهيوني من أساليب تعذيب للمعتقلين الفلسطينيين .
مسمى التغذية القسرية، الذي ورد في التقرير الأمريكي، على سبيل المثال، بالنسبة لغير المطلعين على شؤون التحقيق في سجون الاحتلال، لا يظهر الخطورة الحقيقية الكامنة في استخدامه . لكن التجربة الواقعية تقول: إن الشهداء الفلسطينيين راسم حلاوة وعبدالقادر أبو الفحم وأبو جمال مراغة، استشهدوا أوائل الثمانينات تحت التعذيب بالتغذية القسرية، إذ كانوا مضربين عن الطعام، وحاولت إدارة السجن تغذيتهم قسراً عن طريق جهاز يسمى “الزوندا”، وهو مزود بأنبوب لإدخال الحليب عن طريق الفم، وفي حالات الشهداء الثلاثة، دخل الحليب في رئاتهم، فاستشهدوا .
جيد أن تلجأ دوائر تلك الدول للتقارير التنفيسية لتكشف ديمقراطيتها الحقيقية وإنسانيتها . آخر هذه التنفيسات، تقرير للجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ يؤكد أن أطباء وغير أطباء من العاملين في مجال الصحة تواطأوا في تجاوزات وسوء معاملة معتقلين في سجون “البنتاغون” و”سي آي إيه”، وأدرجت هذه الانتهاكات لحقوق الأسرى تحت مسمى “انتهاك واجباتهم الأخلاقية” .
التقرير يقول: إن “وزارة الدفاع” و”سي آي إيه” طلبتا من الطواقم الصحية بأن تتعاون في عمليات انتزاع معلومات بشكل ألحق ضرراً بالغاً بالمعتقلين لدى الولايات المتحدة، وأن العاملين الطبيين أسهموا في ابتكار وتيسير وتنفيذ أعمال تعذيب ومعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة للمعتقلين .
باسم الأمن القومي ينكث الأطباء العسكريون بالقسم الطبي، ويتم تحويل أطباء إلى أدوات للبطش من دون أدنى التزام أو احترام لأخلاقيات مهنة الطب . ومن الأساليب التي ثبت للجنة اتباعها، التغذية القسرية للمضربين عن الطعام في غوانتانامو وتقنيات الاستجواب الشديدة وأسلوب محاكاة الغرق . التاريخ الإمبريالي حافل بتعذيب السلطات لمعارضيها المعتقلين .
حصل هذا في تشيكوسلوفاكيا في الأربعينات، وكانت نتيجته إنتاج أحد أشهر رموز ضحايا التعذيب، وهو يوليوس فوتشيك، وحصل في سجون دول أمريكا اللاتينية إبان حكومات العسكريين، ومثالها تشيلي تحت حكم الجنرال بينوشيه، وما زال يحصل هذا في سجون ال “سي آي إيه” العلنية والسرية، وأبرزها في معتقلي أبو غريب في العراق وغوانتانامو المقام على أراض مستأجرة قديماً في كوبا .
سبق للجنرال الفرنسي مارسيل بيغار أن اعترف لإحدى القنوات الفرنسية بتعذيب قوات الأمن الفرنسي في الجزائر لمعتقلين، وخص بالذكر العربي بن مهيدي، وقال في اعترافه: إنه تعرّض طوال أسابيع وشهور لكل أنواع التعذيب إلى أن استشهد تحت التعذيب في الرابع من مارس/آذار ،1957 بعد أن أعطى درساً في البطولة والصبر، ولم ينبس ببنت شفة أمام جلاديه . ويعترف بيغار أنه رفع يده وأدى التحية للشهيد . وفي عام 2001 اعترف الجنرال الفرنسي بول أوساريس لصحيفة “لوموند” أنه هو من قتل العربي بن مهيدي شنقاً بيديه .
صحيح أن اعترافات المستعمرين تأتي متأخّرة، لكن يمكن أن تمنح بعض الواهمين بديمقراطية الاستعمار، بعض المنبّهات ليصحوا من أوهامهم، ذلك أن المستعمرين إن خرجوا من الباب يعودون من الشباك، ومعهم أساليبهم ذاتها .
يناير 10, 2021 0
ديسمبر 30, 2020 0
ديسمبر 08, 2020 0
يونيو 21, 2020 0
مايو 18, 2020 0
مايو 11, 2020 0