- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/ahali -

إعلان ناشطين في الحراك اللجوء السياسي يثير موجة جدل واسعة

الاهالي – أثار إعلان ناشطين في الحراك الشعبي الأردني طلبهما للجوء السياسي في بلدين أجنبيين جدلا ولغطا واسعا في الشارع الأردني، وسيطر على أجواء نخبه السياسية في عطلة العيد، فيما انقسمت آراء النشطاء والمعارضين بين معارض ومنتقد لفكرة طلب اللجوء، وبين “متفهم” لظروفها وأسبابها لدى البعض الآخر، وهو ما عكسته سجالات ونقاشات ومداخلات كثيفة شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي على مدى الأيام القليلة الماضية.

الجدل حول فكرة اللجوء السياسي لنشطاء من الحراك الأردني تسارع بعيد إعلان الناشط السياسي، والزميل الصحفي، علاء الفزاع، عبر صفحته الخاصة على “الفيسبوك” خلال عطلة العيد، لجوءه للسويد، مرجعا ذلك الى ما قال إنه “التعرض للاضطهاد والتضييق” في الأردن، بسبب نشاطه السياسي، الذي بدأ منذ ولادة الحراك الشعبي قبل نحو ثلاثة أعوام.
وجاء إعلان الفزاع لطلبه اللجوء في السويد بعد أسابيع قليلة فقط من إعلان الناشط في الحراك الشعبي عدي أبو عيسى، وعبر صفحته الخاصة على “الفيسبوك” أيضا، أنه لجأ سياسيا إلى الأراضي التركية، مبررا ذلك بـ”التعرض لاضطهاد وقمع” بسبب نشاطه السياسي في الأردن.
وفيما يستغرب مصدر حكومي خطوة الناشطين الفزاع وأبو عيسى، ويلفت الى أنهما “غير مطلوبين أمنيا، وغير محكومين بأي تهمة”، يناقش خبراء وسياسيون حالة الناشطين، مستبعدين أن يكون لهذه الخطوة “المفاجئة” و”غير المعهودة” في التاريخ الحديث للحراك الشعبي المعارض، أية تداعيات سياسية جوهرية على واقع العمل المعارض.
الناشط الفزاع برر خطوته، في تصريح عبر البريد الإلكتروني، لـ”الغد” أمس، بالقول “من الواضح تماما أن قوى الفساد تمكنت من استعادة المبادرة، مستغلة عدم رغبة الشارع الأردني في التصعيد ضدها، حيث لا يرغب الأردنيون في الإضرار بأمن الأردن في منطقة مضطربة”.
ويضيف: “قوى الفساد بدأت بحملة عنيفة ضد كل البؤر، التي قد تنطلق منها الاحتجاجات مستقبلاً، كما يحرك بعض الشخصيات دافع الانتقام من صحفيين ومعارضين وحراكيين، كانوا في طليعة المواجهة مع الفاسدين”، على حد قوله.
ويرفض الفزاع اعتبار خطوته باللجوء وخطوة أبو عيسى مقدمتين لموجة لجوء سياسي، من قبل معارضين أردنيين، في الفترة المقبلة. ويقول “هناك حالتان، لكل منهما ظروفها الخاصة تماماً، ولكن من الواضح تماماً، ارتفاع مستوى الاحتقان في البلاد، وسيؤدي ذلك، إن عاجلاً أم آجلاً، إلى ردود فعل مختلفة”.
ويضيف الفزاع أنه “سيستغل” ما قام به من طلب اللجوء، “لفضح قوى الفساد أمام المحافل الدولية، التي تهتم لها تلك القوى كثيراً”، رغم أنه يؤكد أن “المعارضة من الداخل هي الأساس”.
أما الناشط أبو عيسى فيعيد، في تصريح “عبر البريد الإلكتروني” لـ”الغد”، لجوءه لتركيا، الى “الخشية من المحاكمات العسكرية”، لافتا الى أنه كان ينتظر جلسة محاكمة، وقرار حكم، في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، حيث يحاكم بتهم إطالة اللسان، والتحريض على التجمهر، إضافة الى “خوفي من توجيه تهمة تقويض نظام الحكم أو تعرضي لاعتقال تعسفي” بحسب قوله.
ويقول “تعرضت للتعذيب والاعتقال، بسبب آراء سياسية”. ويضيف أنه سيقوم بـ”تعرية” جميع الممارسات، التي “تتنافى مع القانون الدولي وحقوق الإنسان، من خلال الوجود كلاجئ سياسي في تركيا”.
ووسط الجدل والانقسام الذي شهدته مواقف الحراكيين والناشطين السياسيين تجاه خطوة الفزاع وأبو عيسى، يعلق مصدر حكومي، طلب عدم نشر اسمه لـ”الغد”، على الخطوة بالقول “كل من أبو عيسى والفزاع غير مطلوبين أمنيا، وغير محكومين بأي تهمة، وبالتالي لا تنطبق عليهما صفة اللجوء السياسي”.
ويؤكد المصدر أن كليهما “لم يتعرضا لمضايقات، كما يدعيان”، ويتساءل “إن كانا تعرضا لمضايقات فلم لم يتقدما بشكاوى للأجهزة الأمنية أو القضاء”؟، ويقول “الأردن فيه مساحة واسعة للأطياف السياسية كافة، ومن يتعرض لمضايقات، توفر له الحماية، كما حدث مع العديد من قيادات المعارضة الأردنية”.
ويضيف المصدر “هناك شعور بوجود ميول لخلق بلبلة سياسية، ورغبة بالهجرة لدول أخرى، تحت غطاء الحريات السياسية، من قبل البعض”، على حد رأي المصدر.
المحلل السياسي الدكتور موسى الشتيوي يرى أن اللجوء السياسي، من حيث المبدأ، “يحدث عندما يكون هناك شخص، له نشاط سياسي، ويشعر بالخطر على حياته في بلده، أو يتعرض لقمع شديد”، رافضا القول بوجود هذه الظاهرة في الأردن.
يقول الشتيوي “لا توجد مؤشرات لوجود خطر على حياة أي معارض سياسي أردني”.
وحول الموقف الرسمي المطلوب تجاه حالات طلب اللجوء من أردنيين لدولة أجنبية، يرى الشتيوي أنه “من المفترض على الحكومة الأردنية أن تتأكد من التزام اللاجئين السياسيين في بلاد أخرى بعدم السماح لهم بالعمل ضدها”.
فيما يبين الخبير في القانون الدولي الإنساني الدكتور محمد الموسى أن اللجوء السياسي “يكون لشخص يفقد حماية دولته، بحيث يشعر بالخوف على حياته، ويكون له ما يبرر ذلك، بسبب رأي سياسي، أو معتقد ديني، أو انتماء لطائفة أو جماعة معينة”.
واللاجئ السياسي، كما يشرح الموسى، يخرج من بلده طلبا لحماية بلد آخر، لأن بلده أصبح مصدرا لاضطهاده، بسبب رأيه السياسي. مشيرا الى أن من شروط الموافقة على لجوئه السياسي “أن يقدم ما يبرر تعرضه أو شعوره بالخوف من القمع في بلده”.
ويرفض الموسى إصدار حكم على حالتي أبو عيسى والفزاع، وإن كانت تنطبق عليهما شروط اللجوء، ويقول “قد تكون هناك انتهاكات.. لكن يجب ألا تكون انتهاكات عامة لطلب اللجوء، بل انتهاكات بحقهم شخصيا”.
أما الباحث في شؤون الحراك محمد فرج، فيرى أن حالتي أبو عيسى والفزاع “لا تقدم مؤشرات سياسية، لوجود محاولات لتشكيل معارضة أردنية في الخارج”.
ويقول فرج إنه “من الأفضل لأي ناشط سياسي، ألا يبادر الى اللجوء السياسي، وذلك لعدة أسباب منها، أن الناشط السياسي يدب الحماس في الكثيرين من حوله، ولجوؤه سياسيا للخارج، يفقد الكثيرين الثقة به، وبموقفه السياسي وقضيته، الأمر الذي يعيد الحراك الى الخلف”.
كما يستغرب فرج الطرح القائل إن اللجوء السياسي يمكن من “إيصال أصوات اللاجئين السياسيين والمعارضة للمحافل الدولية”، فهذه، بحسبه، “ليست مشكلة بحد ذاتها، فمن يراهن على هذه المحافل، يعني أنه غير مؤمن بقوة التغيير الداخلي، وهو أمر فيه عودة للرغبة في التدخل الخارجي الذي ينتهك سيادة الدولة”.
من زاوية أخرى، يرى فرج أن الدولة “أوغلت أمنيا بحق الناشطين السياسيين، بحكم تراجع الحراك الشعبي، الأمر الذي يتطلب من القوى السياسية في الأردن، إعادة تنظيم نفسها، وهو ما يمنحها الضمانة ضد أي اضطهاد أو تضييق”.

غادة الشيخ – صحيفة الغد