- الأهالي - https://www.hashd-ahali.org/main/ahali -

البطاقة الغبية.. بقلم – جمانة غنيمات

الاهالي – الظاهر أن الحكومة ماضية في تطبيق رؤيتها حيال إصلاح آلية دعم الخبز، بحيث يوجَّه للأردنيين.
يدلل على ذلك طرح وزارة الصناعة والتجارة والتموين اليوم عطاء ‘البطاقة الذكية’.
قيمة الدعم النقدي السنوي الذي سيحصل عليه الفرد من خلال ‘البطاقة’، بحسب تقديرات الحكومة، ستقترب من 20 دينارا، وبمعدل 1.65 دينار شهريا، استناداً إلى أن الأردني يستهلك 90 كيلو غراماً من الخبز سنويا.
الخطوة تهدف، كما تبرر الحكومة، إلى إيصال الدعم لمستحقيه، والحد من الهدر الكبير والاستخدام غير المشروع للطحين المدعوم الذي يُتداول في سوق سوداء، عجزت الحكومات عن السيطرة عليها، ومحاسبة من يديرونها ويكسبون من ورائها أموالا طائلة.
الموقف من الخطوة متباين؛ فهناك من يرى فيها إهانة للأردنيين، في مقابل فريق آخر يعرف عيوب الآلية المطبقة الآن، إذ يباع الخبز حاليا بمبلغ 16 قرشا للكيلو غرام الواحد، مع أن الكلفة الحقيقية تبلغ 38 قرشا، وبحيث يذهب فرق السعر الذي يساوي قيمة الدعم، إلى جميع المقيمين على أرض المملكة بدون استثناء، ما يكلف الخزينة مبلغ 260 مليون دينار سنويا.وزير الصناعة والتجارة حاتم الحلواني، يرى أن قيمة الدعم المقدم لغير الأردنيين تتراوح بين 70-100 مليون دينار؛ إذ تؤكد بيانات رسمية أن 3 ملايين شخص من غير الأردنيين يستفيدون من هذا الدعم.
المعيقات التي ستواجه الحكومة، والتي يَلزَم أخذها بعين الاعتبار قبل تطبيق الآلية الجديدة التي تشهد رفضا شعبيا من حيث المبدأ، بدأ يتجلى بصورة سخرية؛ هذه المعيقات يتعلق أهمها بالرقابة على المخابز نفسها. إذ يشكو كثير من المواطنين من أن المخابز، ونتيجة ضعف الرقابة والتواطؤ أحيانا، لا تنتج كميات كافية من الخبز الذي تستهدفه الحكومة.كما أن ما لا يقل عن 25 % من المخابز لا تلتزم بمواصفات الجودة والوزن، بحسب ما يؤكد مسؤول مطلع، فكيف ستكون الحال بعد تفعيل استخدام ‘البطاقة الذكية’ التي يؤكد خبراء أن اعتمادها لن يحد من الهدر والتجاوزات في سوق الطحين المدعوم، بل هي ستفتح أبوابا جديدة للتلاعب.
المشكلة الأخرى ترتبط بكيفية إصدار البطاقات، في ظل عدم توفر قاعدة بيانات شاملة، خصوصا أن دعم الخبز سيشمل جميع الأردنيين، بغضّ النظر عن قيمة الدخل الشهري للأسرة.
هناك من يقول إن الحكومة تراهن على أن ‘عِفّة’ نفوس الأردنيين، ورفضهم للفكرة، سيحولان دون إقدام كثيرين منهم على تسلم ‘البطاقة’ للاستفادة من الدعم، ما يجعل كلف الخطة الجديدة أقل بكثير مما هو معلن، والذي تقدره بعض المصادر بحوالي 160 مليون دينار بعد اقتصاره على المواطن الأردني.
ويحذر آخرون من أن ‘البطاقة’ قد تصبح هي دائرة لسوق سوداء جديدة، تواجه الحكومة بعد سوق الخبز الرائجة حاليا.
‘البطاقة الذكية’ محاطة بكثير من السلبيات والتشوهات القادرة على تحويلها إلى ‘بطاقة غبية’، لاسيما أن فُرَصها في القضاء على التجاوزات محدودة.
وقد يبدو من المفيد والمجدي أن تلجأ الحكومة إلى تقديم دعم نقدي بدلا من ‘البطاقة’، لتجاوز كل التحديات السابقة.
قيمة الدعم قليلة، وبإمكان الحكومة زيادتها لتصل مبلغ 30 دينارا للفرد سنويا، وبحيث تنخفض الكلفة الكلية للدعم النقدي إلى حوالي 130 مليون دينار، الأمر الذي يساعد الحكومة على توفير 130 مليون دينار أخرى هي القيمة المتبقية من الدعم الذي تدفعه حاليا.
في الخطوة جزء سياسي بلا شك؛ فالخبز لا يقارن بالمحروقات. والإصرار الحكومي على تنفيذها، لا يعني أن ارتفاع الأسعار لن يطال المنتجات الأخرى لدى المخابز، الأمر الذي يحتاج إلى دراسة أعمق، تأخذ بالحسبان حساسية الخبز أو ‘العيش’ في المجتمع الأردني.